السبت 27 يوليه 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

أدباء الإسماعيلية.. الإبداع المقاوم على أرض المواجهة والصمود

الاسماعيلية
الاسماعيلية

الإسماعيلية تلك المدينة القابعة فى حضن قناة السويس حيث تقع فى المنتصف تمامًا؛ شمالها بورسعيد وجنوبها السويس، تم إنشاؤها عام ١٨٦٣ لتكون مركزًا إداريًا للتحكم فى حركة الملاحة، وتمر على المدينة الهادئة «باريس الصغرى»، كما كانوا يطلقون عليها فى ذلك الوقت، العديد من المحطات المهمة التى غيّرت من شكلها وبالطبع من التركيبة السكانية، وتشهد المدينة مثلها مثل بقية محافظات القناة اندلاع الحروب بداية من المقاومة الشعبية فى ١٦ أكتوبر ١٩٥١، ثم معركة الشرطة الشهيرة ٢٥ يناير ١٩٥٢، و«حرب المئة يوم» التى انتهت باندلاع ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢، ثم جاء قرار الرئيس الراحل جمال عبدالناصر فى ١٩ أكتوبر ١٩٥٩ لتصبح الإسماعيلية محافظة مستقلة وتنفصل عن محافظة القناة، التى كانت تضم بورسعيد والإسماعيلية، كل هذه السنوات لم تكن هناك أى ملامح إبداعية أدبية واضحة، ربما كانت هناك كتابات لعدد من الأدباء، ومنهم الراحل أبوهندية ومحمد حسن بيومى فى الزجل، وأحمد حسن الشرقاوى، وعلى عبدالعزيز فى المسرح، وفى الرواية والمسرح الكاتب الكبير محمود دياب، والدكتور على الراعى وغيرهم.

الملامح الحقيقية لحركة أدبية منظمة بدأت بإنشاء «نادى أدباء الإسماعيلية» فى مارس ١٩٦٣، وكان تابعًا آنذاك للجمعيات الأهلية بوزارة الإرشاد، وبدأ على يد مجموعة من الكتّاب والمثقفين منهم الصحفى والكاتب الراحل فتحى رزق؛ مدير تحرير جريدة أخبار اليوم والمراسل العسكرى لها، ومعه كل من الروائى الراحل فؤاد طلبة؛ موجه اللغة الإنجليزية فى التربية والتعليم بالإسماعيلية، والراحل سامى عمارة وهلال السعيد وهما من مؤسسى جريدة القناة المحلية والتى تصدرها المحافظة منذ ١٩ فبرير ١٩٦١ وحتى الآن، وشاركهم التأسيس الأديب والكاتب محمد صدقى بجريدة الجمهورية، واستمر «نادى الأدباء» فى إقامة الندوات والأمسيات حتى وقعت هزيمة يونيو ١٩٦٧، وتم التهجير فتوقفت أنشطة النادى ثم استأنف نشاطه بعد العودة فى العام ١٩٧٥، لتبدأ مرحلة جديدة برئاسة الكاتب والروائى فؤاد طلبة، ثم يتعاقب على رئاسة النادى الشاعر الراحل ثناء الحمد بدوى وكان يرأس تحرير جريدة القناة، وضم النادى عددًا كبيرًا من الكتاب الأوائل الذين يعتبرون من مؤسسى الحركة الثقافية.. وفى عام ١٩٨٣ أصدر نادى الأدباء العدد الأول من مجلة «سنابل الأدبية»، ثم صدر العدد الثانى فى أبريل عام ١٩٨٦؛ مواكبًا لاستضافة الإسماعيلية «مؤتمر أدباء مصر فى الأقاليم» فى دورته الثانية؛ برعاية من الدكتور عبدالمنعم عمارة محافظ الإسماعيلية فى ذلك الوقت، والدكتور عبدالمعطى شعراوى رئيس قطاع الثقافة الجماهيرية «الهيئة العامة لقصور الثقافة حاليًّا»، وانعقد المؤتمر برئاسة الناقد الكبير الدكتور عبدالقادر القط. 

بعد المؤتمر تغيرت ملامح الحركة الثقافية بظهور «مجموعة مجلة الشباك الأدبية» والتى أسسها الكاتب الصحفى والروائى نحاس راضى، لتضم مجموعة من الكتاب الشباب فى ذلك الوقت؛ ويعتبرون حاليًا فى صدارة المشهد الثقافى، لينتقل النادى معهم لمرحلة أخرى بضم مجموعة الشباب الجدد، وتتغير الكتابة تمامًا فى كل المستويات؛ من الكتابة الكلاسيكية القديمة للكتابة الحديثة بمستوياتها المختلفة.. وفى نهاية الثمانينيات يتوقف «نادى الأدباء» تمامًا، ويحل محله «نادى أدب الإسماعيلية» التابع للهيئة العامة لقصور الثقافة، وبعد سنوات من تأسيس النادى تستضيف الإسماعيلية فى سبتمبر ١٩٩٢ «مؤتمر أدباء مصر فى الأقاليم» فى دورته السابعة، برئاسة الدكتور على الراعى أحد أبناء الإسماعيلية، وتستمر المسيرة بين الحضور والغياب؛ فترات مزدهرة ومليئة بالنشاط الثقافى وأخرى خاملة، حسب مجالس الإدارات التى تتعاقب على النادى وفقًا للوائح أندية الأدب.

بشكل عام هناك ملامح واضحة للحركة الأدبية بالإسماعيلية، ويمكن تأطيرها كالتالى: مرحلة أولى تتمثل فى الكتابة المقاومة، والتى برزت بفعل الحرب بداية من عام ١٩٥١، وتمثلها أغانى السمسمية التى قدمتها فرق متنوعة بالمدينة، ثم فرقة «الصامدين» بقيادة الراحل سالم على والمطرب فوزى الجمل من عام ١٩٦٨ وحتى ثمانينيات القرن الماضى، ثم أدب الحرب ما بعد هزيمة ٦٧ وحتى أكتوبر ١٩٧٣، ومن أهم الأسماء التى ظهرت فى تلك الفترة الشاعر حافظ الصادق الذى كتب معظم أغانى فرقة الصامدين، وآخرون. 

وعلى مستوى السرد كان هناك عدد قليل من الكتّاب، منهم «محمد عبدالله عيسى، نحاس راضى، فؤاد طلبة، سعيد سلام، شوقى متولى، محمد الوكيل، محمود بدوى الشريف، محمد رمشة، سلمى الموافى، فردوس ندا، مصطفى العربى، رمضان غازى، مصطفى جمعة وغريب موسى». 

ثم تأتى المرحلة الحديثة التى ما زالت مستمرة حتى هذه اللحظة؛ ففى شعر العامية «عبده المصرى، مدحت منير، محمد يوسف، محمد المصرى، إبراهيم عمر، محمد حلمى، فادية شرارة، وعواطف عبدالرحمن».. وبعدهم بقليل «خالد حريب، حمدى سليمان، جلال الجيزاوى، فايز الجبالى، أسامة مرسى، حسن عب الشافى، أحمد أبوالمعاطى، رمضان عبدالوهاب، هشام الحلو، مجدى مرعى، خالد خليل، خالد حجاج، السيد إمام، شوقى عبدالوهاب، أحمد خليفة، حسن السيد حسن، خالد صالح، السيد أحمد إبراهيم»، وكاتب هذه السطور.. وعلى مستوى السرد «الراحل محمد عيسى القيرى، عبدالحميد البسيونى، صفية فرجانى، عبدالنبى شلتوت»، وآخرون. 

ثم يأتى جيل الشباب بمجموعة من الكتّاب، منهم «الراحل جمال عبدالمعتمد، شريف سمير، أحمد عادل، فتحى نجم، صلاح نعمان، أحمد عليوة، منصور عبدالمقصود، محمد فوزى أحمد، محمد محروس، شادية الملاح، هدى عبدالله، هدى نور، عمرو حسن، إسراء سالم، جمال حاتم، خالد صالح، بدر خليفة، أبوزيد عبدالله، سيد بدر الدين، أحمد نجم، محمد على النجع، أشرف الكردى، مصطفى صوار، ممدوح عبدالهادى، عبدالله نظير، عبدالعزيز إمام، محمود الشامى، تامر السيد، فهمى عبدالله، محمد حسان، على منوفى، محمد رجب، أكرم حسن، فوزى سعد، شيماء الغياتى، سمير عبد المحسن». 

وفى مدينة القنطرة ظهرت أسماء ما بين القديم والحديث، منهم «على نظير، أحمد إسماعيل، إبراهيم حفنى، أحمد مطاوع، أحمد الخويلدى، فاطمة البيك، عبدالحليم سالم، هيثم عمران، إبراهيم الجهينى، أحمد عبدالعظيم، هانى البريدى، محمد راضى الخواجة، وصباح عبدالعظيم»، وآخرون.

ولعبت المؤسسات الثقافية دورًا مهمًّا فى ظهور عدد كبير من الأدباء الشبان من خلال النشر الإقليمى؛ فبرغم ما عليه من التحفظات إلا أنه أنتج شعراء مهمين على مستوى التجربة الشبابية التى لم يتناولها النقد حتى الآن. 

ولا شك أن تأسيس عدد من المنتديات الأدبية والصالونات يعد حافزًا على تفعيل المشهد الأدبى والإبداعى، ومن تلك المنتديات «النقابة الفرعية لاتحاد كتاب الإسماعيلية» برئاسة الدكتور أسامة سليم وكيل كلية الآداب بجامعة القناة، وهناك أيضًا أسرة «إضاءات نقدية وإبداعية» برئاسة الكاتب والشاعر أحمد إسماعيل، وصالون «هشام الحلو» برعاية الشاعر هشام الحلو، وصالون «الأهل» برعاية الشاعر وليد فؤاد شاهين، كما يوجد ثلاثة نوادى أدب تتبع الهيئة العامة لقصور الثقافة؛ «الإسماعيلية، القنطرة شرق، التل الكبير».. ورغم كل هذا الزخم فى الفعاليات الثقافية إلا أنه ما زالت هناك مشكلة فى إنتاج نصوص إبداعية جيدة، خاصة فى فئة الشباب الذين تأثر معظمهم بالكتابات الجماهيرية المستهلكة والمنتشرة عبر السوشيال ميديا ومواقع التواصل الاجتماعى، بينما ما زال قلة منهم يقدمون نماذج جيدة فى فنون السرد.