السبت 27 يوليه 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

يوسف القدرة يكتب: كرغيفٍ يحترقُ على النار

غزة
غزة

يمكننى أن أكتب قصيدة 

بالدم النازف 

بالدموع، بالغبار فى صدرى، 

بأسنان الجرافة، بالأشلاء، 

بحطام البناية، بعرق الدفاع المدنى 

بصراخ النساء والأطفال، 

بصوت الإسعافات، بحطام شجرة أحبُّها 

بكل هذه الوجوه التى تتفقد مفقوديها 

بصوت الطفل «أنس» تحت الركام «أنا لسه عايش» 

بجثث لا ملامح لها، 

بالانتظار والانتظار والانتظار!

يمكننى أن أكتب قصيدة بالخذلان المدوى، 

بالصمت العارى، 

بالحياد اللزج، بالعجز المفضوح

بالانبطاح لأمريكا 

ماذا يمكن أن تفعل قصيدة؟!!

إنّنى أشمُّ الوجودَ كرغيفٍ يحترقُ على النار

وألمسُ الهواءَ كمركبٍ صغيرٍ غارقٍ فى طوفان

وأسمعُ الأبديّة فى شخيرها من نوم ثقيل

وأرى الفراغَ ينتفضُ على الأرصفة بين خطوتين

هكذا يصير مذاق الحياة.. اشتهاء فى عتمة الأسئلة!

فى الخيمةِ

خاء.. خذلان تامْ

ياء.. يأس يرتجفْ

ميم.. موت مؤجل

وفيها تاء مربوطة بأمل يحترق!

كان كل شىء يخصنا جميلًا، 

الأمكنة، 

زاوية الكاميرا، 

لون السماء فى غروبها

تحديقات الغرباء

وامرأة فى أواخر العمر

ومراهق فى بدايات المغامرة..

وكنت أحبك.. وأحبك أكثر من قدرة التقاطة

على حصر المعنى.

ومع ذلك..

ونحن بعيدون.. ومختلفون على المعنى بيننا

ومتفقون على المسافة..

تجمعنى بك صورة

تتجلّى فى احتراق الذاكرة والبلاد! 

النجاةُ من الموتِ سقوطٌ حرٌّ. 

وكلَّما محونا مسافةً من الحزنِ 

أيقظتْ العتمةُ فينا سربًا من الغموضِ 

يطيرُ بنا حيثُ يشاء 

ويتركنا للسقوطِ الحرِّ ذاتهُ فى الهباءْ! 

أعصرُ وقتى بندمٍ جائرٍ 

وأُشكِّلُ ميناءً للدهشةِ 

معلِّقًا السؤالَ القديمَ فى الفراغْ. 

أسوقُ الصباحَ إلى ليلهِ 

والليلةُ أُمنية الشهيد.

٢٤ أكتوبر ٢٠٢٣