الإثنين 02 ديسمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

صوت الضمير.. كتب أمريكية تدافع عن الحق الفلسطينى: ما يحدث فى غزة «إبادة جماعية»

غزة
غزة

 

على الرغم من قمع الأصوات المؤيدة للفلسطينيين فى الولايات المتحدة والغرب وطردهم من وظائفهم، ومواجهتهم تهديدات بسبب التحدث علنًا عن القضية الفلسطينية، إلا أن التعاطف مع فلسطين يتزايد فى جميع أنحاء العالم منذ بدء القصف الإسرائيلى الدامى على غزة. ويخشى المؤيدون للحق الفلسطينى أن يصبح الأمر أسوأ، لكنهم على استعداد للدفاع عن آرائهم داخل بلادهم، حتى لو أدى ذلك إلى معاقبتهم ماديًا ومعنويًا، وللكشف عن بشاعة الإبادة الجماعية الإسرائيلية ضد 2.3 مليون فلسطينى فى غزة، يصدُر كتابان أمريكيان جديدان يتناولان حقيقة مجازر الاحتلال والدعم الغربى غير الإخلاقى ضد فلسطين.

«ضد المحو: ذاكرة فوتوغرافية لفلسطين قبل النكبة»

يصدر الكتاب الأمريكى «ضد المحو: ذاكرة فوتوغرافية لفلسطين قبل النكبة» «Against Erasure: A Photographic Memory of Palestine Before the Nakba»، ٢٠ فبراير الجارى، لدار النشر «هايماركت بوكس» وهو من تأليف الصحفية الإسبانية تيريزا أرانجورين، والمصورة الإسبانية ساندرا باريلارو، وتقديم الشاعر الفلسطينى محمد الكرد.

الكتاب يقدم مجموعة فريدة ومذهلة من صور فلسطين فى أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وشهادة على حيوية المجتمع الفلسطينى قبل الاحتلال، ويروى قصة، باللغتين الإنجليزية والعربية، عن أرض مليئة بالناس- أناس لديهم عائلات وآمال وأحلام وارتباط عميق بوطنهم- قبل إنشاء دولة الاحتلال فى عام ١٩٤٨، المعروف لدى الفلسطينيين بالنكبة.

ويوضح الكتاب أن إنكار الوجود الفلسطينى كان منطلقًا أساسيًا للصهيونية، التى سعت ليس فقط إلى إخفاء هذا الوجود، بل أيضًا إلى محو ذاكرته، لكن الوجود يترك آثارًا، وبصمة فلسطين التى كانت باقية، حتى فى غياب المطرودين عن أراضيهم، تظهر فى أنقاض قرية لم يعد اسمها يظهر فى الخرائط، أو فى رسم المناظر الطبيعية المفقودة، أو فى كلمات الأغنية، أو فى الصور الفوتوغرافية من ألبوم العائلة. الصور الفوتوغرافية الموجودة فى كتاب «ضد المحو» هى آثار لذلك الوجود الفلسطينى التى لم تُمح، وهى شهادة ليس على الحنين إلى الماضى، بل على قوة المقاومة الفلسطينية وتشبثها بالأرض التى يحاول الاحتلال الإسرائيلى والغرب طردهم منها وتصفية القضية الفلسطينية.

«ضد المحو: ذاكرة فوتوغرافية لفلسطين قبل النكبة» لا يعد بمثابة تذكير بتاريخ شعب فلسطين فحسب، بل أيضًا بالنضال الذى لا يموت ضد محوه، فهو تقدير للقوة العاطفية للذاكرة غير القابلة للنسيان، ويعيد القارئ إلى ماضى الفلسطينيين قبل النكبة، عن طريق الصور الفوتوغرافية التى تعد بأكملها تعبيرًا عن ثقافتهم وتقاليدهم ومبادئهم وأسلوب حياتهم النابض بالحياة.

وتتكشف الحقيقة من خلال صور مذهلة لأرض فلسطين، والتى تظهر حياة الفرح والجمال والمثابرة والمقاومة، وسوف تطارد الصور باستمرار العديد من الأشخاص الذين لم يستوعبوا بعد الألم والخوف اللذين يشعر بهما شعب حى كان يتمتع ذات يوم بحياة مُرضية وطبيعية.

ويصدر الكتاب فى وقت تتكشف فيه الإبادة الجماعية الإسرائيلية ضد ٢.٣ مليون فلسطينى فى غزة، والتى تم تمكينها من خلال الدعاية العنصرية واللا إنسانية وكذلك من خلال الأسلحة والأموال الغربية والتواطؤ الاستعمارى، حيث بات من المهم أكثر من أى وقت مضى أن يتذكر العالم القمع وراء العنف، والتواطؤ وراء الإبادة الجماعية الإسرائيلية للفلسطينيين. 

ويقدم الكتاب من خلال صور فوتوغرافية حقيقية، لمحة عن حياة الفلسطينيين قبل النكبة، والتدمير الأولى للوطن الفلسطينى الجميل لإبراز صورة «الصحراء» المزيفة التى تحتاج إلى مستوطن مستعمر لجعلها تزدهر.

وفى مواجهة هذه المرحلة المؤلمة بشكل مؤلم من النكبة المستمرة من الغزو الاستعمارى الاستيطانى القاسى والمتعصب بطبيعته، أصبح الاحتفال بالتراث الفلسطينى والجذور الثقافية وحب الفلسطينيين للحياة والحرية والعدالة أكثر ضرورة من أى وقت مضى.

ويعد كتاب «ضد المحو» عرضًا مذهلًا للمقاومة الفلسطينية والفرح والإصرار القوى للشعب الفلسطينى، وكحجة من خلال الصور، فإنه يوثق الوجود المزدهر للعائلات والأطفال والمجتمعات الفلسطينية بأكملها قبل النكبة، مما يوضح ارتباط الفلسطينيين القوى بالوطن، والذى لا يزال مستمرًا.

الكتاب المكون من ٢٤٠ صفحة مليئة بالصور هو شهادة على المدارس التى كان يدرس فيها الأطفال الفلسطينيون ذات يوم، وبساتين البرتقال التى زرعها جدودهم، فالكتاب ليس نظرة إلى الماضى فقط ولكن هو وسيلة للخلق والاندفاع نحو مستقبل العودة إلى الأرض التى تم طردهم منها على مسمع ومرأى من العالم أجمع.

وفى تلك اللحظات التى يتم فيها تجريد الحياة الفلسطينية بلا رحمة من إنسانيتها فى خدمة إبادة جماعية إسرائيلية تلوح فى الأفق، فإن الدفاع النقدى عن الإنسانية وسط هذه الفظائع هو التأكيد المستمر على أنهم شعب كان لديه ثقافة وأرض قبل أن تتم سرقتها بعنف، ولذلك «ضد المحو: ذاكرة فوتوغرافية لفلسطين قبل النكبة»، ليس كتابًا مختلفًا وموجعًا للقلب فحسب، بل إنه تذكير سياسى بأن العالم لا ينكر حياة الفلسطينيين فحسب، بل يعمل مع الاحتلال الإسرائيلى على محو تاريخهم بأكمله.

الكتاب يقدم للقارئ الحقيقة عن طريق الكشف عما كان عليه الفلسطينيون قبل النكبة، وقبل مجازر غزة عام ٢٠١٤، وقبل الإبادة الجماعية الإسرائيلية الحالية، أو الأهم من ذلك، فإن العالم يحتاج إلى مزيد من التأكيد على الإنسانية الفلسطينية، وأن يقف مرة واحدة ضد المحو ويُضفى طابعًا إنسانيًا على سياساته قبل فوات الآوان.

غزة

«القضية الفلسطينية: لماذا تهم ولماذا يجب أن تهتم»؟

يقدم دان كوفاليك، المحامى الأمريكى الشهير، شهادة مهمة عن التزوير الإسرائيلى والغربى لما يجرى على الأرض الفلسطينية المحتلة من خلال كتابه الجديد الذى يحمل عنوان «القضية الفلسطينية: لماذا تهم ولماذا يجب أن تهتم»، « The Case for Palestine: Why It Matters and Why You Should Care»، والمتوقع صدوره فى ٢ أبريل المقبل لدار النشر «سكاى هورس».

يرصد كوفاليك كيف تأسست دولة الاحتلال الإسرائيلى فى عام ١٩٤٨، وفى حين أن فلسفة الصهيونية التى دعت إلى إقامة وطن لليهود فيما كان يعرف آنذاك بفلسطين تعود إلى عام ١٨٩٧، فإن إنشاء إسرائيل فى عام ١٩٤٨ كان مبررًا بسبب ما يسميه الإسرائيليون بـ«المحرقة الرهيبة» التى ارتكبتها ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية. 

ويقول كوفاليك، فى كتابه الذى يقع فى حوالى ١٦٨ صفحة، إن العديد من المدافعين عن إنشاء إسرائيل، يريدون من العالم أن يصدق أن تأسيسها كان عملية سلمية على أرض بالكاد كانت مأهولة بالسكان، ولكن هذا أبعد ما يكون عن الحقيقة، بل إن إنشاء إسرائيل كان مصحوبًا بما يعرفه الفلسطينيون بالنكبة، وهى العملية التى تم فيها طرد ٧٠٠ ألف فلسطينى بعنف من أراضيهم ومنازلهم، ومنذ ذلك الوقت، واصلت حكومات الاحتلال الإسرائيلى اغتصاب المزيد والمزيد من الأراضى من الفلسطينيين الذين تصورهم زورًا على أنهم شعب بلا تاريخ وبلا ثقافة. وكانت الحكومات الإسرائيلية قاسية وإجرامية بشكل خاص مع سكان غزة، الذين يشكل ٧٠٪ منهم لاجئين من نكبة عام ١٩٤٨، لقد حولت إسرائيل غزة إلى ما يسميه البعض سجنًا عملاقًا فى الهواء الطلق محاطًا بالأسلاك الشائكة. 

ويؤكد كوفاليك أنه فى هذا السياق تشهد غزة حاليًا العنف المأساوى الإسرائيلى، وهو عنف على نطاق لم تشهده فى هذه الأرض منذ نكبة عام ١٩٤٨، وفى الواقع، يطلق العديد من الفلسطينيين على هذه «النكبة الثانية»، حيث يبلغ عدد ضحاياها حوالى ١.٥ مليون نسمة، فقد نزح حوالى مليون فلسطينى بالفعل وقتل الآلاف منهم.

ولفت الكاتب إلى أنه يتم إنجاز كل هذا العنف والدمار والإبادة الجماعية من قبل إسرائيل بدعم عسكرى ودبلوماسى حاسم من الولايات المتحدة والغرب، كما يتم تسهيل هذه النكبة الثانية من قبل الصحافة العالمية الموجهة، التى تقلل من شأن ما يعتقد الكثيرون أنه عنف غير مسبوق وإبادة جماعية ضد الشعب الفلسطينى، بل وتبرره المنصات الإعلامية الغربية.

ويرى كوفاليك أن كتابه يأتى فى ذلك الوقت الذى يحتاج القارئ فيه إلى معرفة الحقيقة وسط تلك الأخبار المزيفة، على أمل أنه إذا قيلت الحقيقة، فيمكن وقف هذا العنف والتهجير قبل فوات الأوان؛ قبل أن تختفى غزة.