فاطمة ناعوت تكتب: العصافير

■ العصافيرُ التى طارتْ
■ وتركتْ فى قلوبِ الأمهاتِ
■ ثقوبًا
■ لا تنامْ،
■ مشغولةٌ هذا المساءْ
■ بغزلِ فساتيِن عُرسٍ
■ للبناتِ الطيباتْ.
■ الأمهاتُ
■ اللواتى يبكينَ صغارَهنّ،
■ هلا أخبرتْهن الحورياتُ
■ أن القلوبَ الصغيرةَ
■ لا تعرفُ الحَزَنَ
■ فى حضرةِ الله؟
■ العصافيرُ
■ تفرحُ بالطيران
■ وتضحكُ
■ حين تمسُّ وجوهَها
■ زخّاتُ الغَيْمِ الباردْ
■ وقطراتُ المطرْ،
■ تفردُ الأجنحةَ النحيلةَ
■ وتصعدُ صوبَ العُلا
■ لتخترقَ السماءَ
■ ثم تحُطُّ رِحالَها
■ عند موطئِ العَرْشِ العظيم.
■ تنتظرْ
■ حتى تأتى الملائكةُ بالخيوطِ واللؤلؤ
■ وتعلِّمُها الحورياتُ
■ كيف يُطرّزنَ الثوبَ أبيضَ
■ من غير سوءْ.
■ العصافيرُ التى غادرتْ عالمَنا على عجلٍ
■ يليقُ بمن يتوقُ للفردوسْ
■ لا تعبأُ بأحزانِ الأرضيين
■ ولا تكترثُ لدموع اللواتى حملنَ الأجِنّةَ
■ وَهْنًا على وَهْنْ،
■ ولا تُصغى للثوّارِ إذا انتفضوا
■ ضد مصّاصى الدماء
■ ذوى الأصابعِ الأربعة
■ والإبهامات المبتورة
■ أو ضدَّ سائقِ شاحنة
■ نامَ
■ وترك الموتَ يعجنُ الكرّاساتِ والأقلامَ،
■ والأحلامَ
■ تأكلها النيرانُ التى بلا قلبٍ،
■ وزغبَ ريشٍ
■ سقطَ من أجنحةٍ بريئة.
■ العصافيرُ
■ لا تختصمُ الحكوماتِ الكسولْ
■ ولا تعترفُ بالذين يُطلقون اللِّحَى
■ ثم يقتلون.
■ العصافيرُ
■ لا تقرأ مانشيتاتِ الصُّحُفِ الغَضْبَى
■ ولا تغضبُ من الشاشاتِ
■ إذا نسيتْ أنْ تعلّقَ شارةً سوداءْ.
■ العصافيرُ مشغولةٌ
■ بإرسال طائرِ «السَّلوى»
■ برسالةٍ عاجلة
■ إلى الطبيبِ الذى يسكنُ الغاباتِ البعيدة
■ لكى
■ يحملَ سَلّتَه الخوصْ
■ ويتجوّلَ فى المراعى والوديانْ،
■ ليجمعَ قطراتِ المَّنِّ الحمراءْ
■ ويخلطَها بحبّاتِ اللوز
■ والكَرْزِ
■ والعنبْ،
■ فيصنعُ أكاسيرَ حياةٍ
■ تُصلِحُ الأجنحةَ المتكسّرة
■ لعصافيرَ نازفةٍ
■ لم تَطِرْ
■ مع الطائرين.
■ وقتَ يكتملُ البَراءُ
■ تهمسُ عصفورةٌ فى أُذُنِ الفتى:
■ عروسُك تنتظرْ
■ عند شاطئ النهرِ البعيد
■ «حابى»
■ وأنا ورفيقاتى فى العُلا
■ نطرِّزُ لها فستانَ الزفافْ
■ من الساتان
■ والدانتيل
■ أبيضَ
■ شهدًا،
■ فاذهبْ إليها
■ ولا تتأخرْ،
■ فمن أجلِ عُرسِكما
■ طِرنا نحن
■ إلى الله.