الإثنين 30 يونيو 2025
المحرر العام
محمد الباز

فاطمة ناعوت تكتب: العصافير

العصافير
العصافير

■ العصافيرُ التى طارتْ

■ وتركتْ فى قلوبِ الأمهاتِ

■ ثقوبًا

■ لا تنامْ،

■ مشغولةٌ هذا المساءْ

■ بغزلِ فساتيِن عُرسٍ

■ للبناتِ الطيباتْ.

■ الأمهاتُ

■ اللواتى يبكينَ صغارَهنّ،

■ هلا أخبرتْهن الحورياتُ

■ أن القلوبَ الصغيرةَ

■ لا تعرفُ الحَزَنَ

■ فى حضرةِ الله؟

■ العصافيرُ

■ تفرحُ بالطيران

■ وتضحكُ

■ حين تمسُّ وجوهَها

■ زخّاتُ الغَيْمِ الباردْ

■ وقطراتُ المطرْ،

■ تفردُ الأجنحةَ النحيلةَ

■ وتصعدُ صوبَ العُلا

■ لتخترقَ السماءَ

■ ثم تحُطُّ رِحالَها

■ عند موطئِ العَرْشِ العظيم.

■ تنتظرْ

■ حتى تأتى الملائكةُ بالخيوطِ واللؤلؤ

■ وتعلِّمُها الحورياتُ

■ كيف يُطرّزنَ الثوبَ أبيضَ

■ من غير سوءْ.

■ العصافيرُ التى غادرتْ عالمَنا على عجلٍ

■ يليقُ بمن يتوقُ للفردوسْ

■ لا تعبأُ بأحزانِ الأرضيين

■ ولا تكترثُ لدموع اللواتى حملنَ الأجِنّةَ

■ وَهْنًا على وَهْنْ،

■ ولا تُصغى للثوّارِ إذا انتفضوا

■ ضد مصّاصى الدماء

■ ذوى الأصابعِ الأربعة

■ والإبهامات المبتورة

■ أو ضدَّ سائقِ شاحنة

■ نامَ

■ وترك الموتَ يعجنُ الكرّاساتِ والأقلامَ،

■ والأحلامَ

■ تأكلها النيرانُ التى بلا قلبٍ،

■ وزغبَ ريشٍ

■ سقطَ من أجنحةٍ بريئة.

■ العصافيرُ

■ لا تختصمُ الحكوماتِ الكسولْ

■ ولا تعترفُ بالذين يُطلقون اللِّحَى

■ ثم يقتلون.

■ العصافيرُ

■ لا تقرأ مانشيتاتِ الصُّحُفِ الغَضْبَى

■ ولا تغضبُ من الشاشاتِ

■ إذا نسيتْ أنْ تعلّقَ شارةً سوداءْ.

■ العصافيرُ مشغولةٌ

■ بإرسال طائرِ «السَّلوى»

■ برسالةٍ عاجلة

■ إلى الطبيبِ الذى يسكنُ الغاباتِ البعيدة

■ لكى

■ يحملَ سَلّتَه الخوصْ

■ ويتجوّلَ فى المراعى والوديانْ،

■ ليجمعَ قطراتِ المَّنِّ الحمراءْ

■ ويخلطَها بحبّاتِ اللوز

■ والكَرْزِ

■ والعنبْ،

■ فيصنعُ أكاسيرَ حياةٍ

■ تُصلِحُ الأجنحةَ المتكسّرة

■ لعصافيرَ نازفةٍ

■ لم تَطِرْ

■ مع الطائرين.

■ وقتَ يكتملُ البَراءُ

■ تهمسُ عصفورةٌ فى أُذُنِ الفتى:

■ عروسُك تنتظرْ

■ عند شاطئ النهرِ البعيد

■ «حابى»

■ وأنا ورفيقاتى فى العُلا

■ نطرِّزُ لها فستانَ الزفافْ

■ من الساتان

■ والدانتيل

■ أبيضَ

■ شهدًا،

■ فاذهبْ إليها

■ ولا تتأخرْ،

■ فمن أجلِ عُرسِكما

■ طِرنا نحن

■ إلى الله.