الجمعة 06 يونيو 2025
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

الفتى الذى أعاد رسم الحركة الشعرية بعد موته 2 .. الكبار يرقصون فوق جثة على قنديل

حرف

- شباب الشعراء حاولوا مواجهة حالة التجريف الثقافية

- سيد حجاب تعامل مع الشاعر على قنديل باعتباره الشاعر الذى كان قادمًا بقوة ولكن ضربات القدر أخذته على الجانب الآخر من الحياة

- جابر عصفور انتصر بقوة للشاعرعلى قنديل واعتبر أنه بذرة أمل للمستقبل الشعرى فى مصر ولن يمنع رحيله توقف ذلك المستقبل

فى الملف الذى أعده الشاعر حلمى سالم فى العدد ١٧٥ من مجلة الكاتب، شهر أكتوبر عام ١٩٧٥، وكتب مقدمة الملف، وأبرز فيه السمات الشعرية والفنية التى نشأ عليها، وتربى فيها على قنديل، وظلّ يطورها فى عمره القصير جدًا «٢٢ سنة»، وفى الوقت نفسه فإن تلك السمات لا تخص على قنديل نفسه فقط، بل هى سمات جيل كامل، وهو الجيل الذى راح يعبّر عن نفسه بعد نكسة ١٩٦٧ بطرق مختلفة وعديدة، وفى مجالات السرد والشعر والمسرح والنقد والدراما والتشكيل والموسيقى، ومع انطلاق أشكال التعبير تلك بعد ١٩٦٧، ظهرت مجلة جاليرى ٦٨، والتى ترأس تحريرها الكاتب والناقد والمترجم إدوار الخراط، وكان صديقًا ليوسف السباعى، وكان يعمل معه فى الاتحاد الأفروآسيوى، أى أنه كان قريبًا من السلطة الثقافية والسياسية التى دعمت المجلة أدبيًا وماليًا، وصدر عددها الأول فى مايو ١٩٦٨، وراح الأدباء يعبرون عن أنفسهم فى المجلة بقدر ما من الثقافة والعمق، بشرط ألا يتعدوا الخطوط الحمراء، وظلّت الحياة الثقافية تتطور، وتنمو فى اتجاهات شتى، حتى تكونت أشكال مختلفة وجديدة من ذائقة المبدعين، وبدأت عناصر التمرد الفنية والفكرية والأدبية تبرز بقوة، وبدأ الأدباء الجدد فى كل مجالات الكتابة يصدرون كتبًا سردية وشعرية، كما أسلفنا القول إن جمعية «كتاب الغد» أصدرت دواوين تركت أثرًا بالغًا فى الحركة الشعرية المصرية آنذاك، منها ديوان «مدخل إلى الحدائق الطاغورية»، للشاعر عزت عامر، وكان الديوان باكورة إصدارات الجمعية، وتصدرته مقدمة جاءت بدون توقيع، ولكن كان من المعروف أن كاتبها هو الناقد الكبير إبراهيم فتحى، كما أن إبراهيم فتحى أيضًا كتب تذييلًا نقديًا للديوان، رصد فيه الملامح الفنية التى يتسم بها ديوان عزت عامر، تلك الملامح والسمات التى اعتبرها انقلابًا فى حركة الشعر المصرية، وكان ذلك صحيحًا، لأن قصائد الديوان اعتمدت من الناحية الشكلية والبنائية والأسلوبية منهج قصيدة النثر، وكان ذلك المنهج، بتلك الكيفية، جديدًا على الحياة الشعرية فى مصر، وصدر الديوان فى عام ١٩٧١. أما الديوان الثانى فهو «وش مصر» للشاعر زين العابدين فؤاد، ذلك الديوان الذى يعدّ علامة فارقة فى مسيرة شعر العامية المصرية بعد صلاح جاهين وفؤاد حداد، كما أنه كان انطلاقة كبيرة، وخطوة واسعة حققها الديوان، وسار على نهجه شعراء الموجة الجديدة من شعراء السبعينيات، وصدر الديوان فى العام ١٩٧٢. كما أن الجمعية أصدرت ديوانًا ثالثًا لأحد الشعراء الذين انتموا إليها بقوة، ولكنه لظروف عديدة أنهى حياته فى أغسطس ١٩٧٤، وصدر ديوانه «مختارات من أشعار أحمد عبيدة» بعد رحيله مباشرة.

جابر عصفور

كانت كل تلك الممارسات بمثابة إرهاصات لتكوين ذائقة متمردة جديدة ومختلفة، ومن ثم جاءت مقدمة الشاعر حلمى سالم جامعة بذكاء، ومفندة باختصار، بعض ما حدث وانتهت إليه الحركة الشعرية المصرية، وبدأ حلمى مقاله على أن على قنديل واحد من الموجة الشعرية الطالعة، وأحد تجسداتها البارزة، واتسم المقال بقدر من التعميم اللغوى والحماسى، مثل: «إن الإصلاحية الشعرية» لم تعد قادرة على تقديم حل ملائم لمشكلة تطور القصيدة، لقد آن الوقت لثورية شعرية جذرية، «إن هذه الكهربائية الجديدة، بدأت ترى أنه قد حان وقت التأكيد الشجاع على أن الشاعر الذى لا يرتبط بحركة شعبه الصاعدة، وبحركة شعرية معبرة بجدلية راقية ومعقدة عن الاستمرارية التاريخية، شاعر لن يبقى فى ضمير أمته لبرهة من الزمن».

واسترسل حلمى سالم فى سرد سلسلة مقولات من المدونة الشعرية العربية تارة، ومن التراث الشعرى النقدى تارة أخرى، ولكن الأفكار التى طرحها حلمى كانت تتسم بالبريق، وكان يرددها رهط من شعراء تلك المرحلة الأولى من عقد السبعينيات، المرحلة التى كانت تتسم بكثير من الأفكار الرومانسية والكلية، والتى كانت تعتمد على تراث نقدى من النظرية الماركسية عند مفكرين مثل هنرى لوفيفر وروجيه جارودى وغيرهما، كما أن كتبًا كثيرة كانت شبه مقررة على جيلنا، منها «الشعر والتجربة» لأرشيبالد ماكليش، و«واقعية بلا ضفاف»، و«ماركسية القرن العشرين» لروجيه جارودى، و«ضرورة الفن» لأرنست فيشر، هذا على المستوى النقدى الأوروبى، ولكن كانت بعض كتابات لأدونيس بدأت تتسلل إلى جيل الموجة الطالعة الجديدة كما أطلق عليها حلمى سالم، ومن خلال ذلك التسلل راحت الجملة الأدونيسية النقدية تتكرس فى كتابات الشعراء الشباب، ولو راجعنا كل الكتابات والمتابعات النقدية التى كان يكتبها هؤلاء الشباب سنجد أن هناك اختلاطًا وامتزاجًا بما كان يطرحه أدونيس، خاصة فى كتابه المهم «زمن الشعر»، الذى أتى على غراره كتاب «زمن الرواية» للدكتور جابر عصفور، وكأنه رد متأخر على ما طرحه أدونيس فى مطلع عقد السبعينيات، وكان هناك كتاب آخر فى النقد الشعرى، وهو كتاب «شعرنا الحديث إلى أين؟» للدكتور غالى شكرى، وكان قد صدر فى عام ١٩٦٨، لكى يضع كثيرًا من النقاط النقدية المحذوفة فى الحياة الثقافية العربية والمصرية بالطبع، وقد أفاد ذلك الكتاب كثيرًا من الشعراء الشباب فى مصر، لكى يتعرفوا على تاريخ الشعر الحديث ومدارسه فى ذلك الوقت.

ولأن الملف كان متعجلًا، وكأنه جاء كبيان مبكر للإعلان عن حركة شعرية طالعة بدأت تعبر عن نفسها بأشكال مختلفة، فجاءت مواده متعجلة أيضًا وسريعة وعامة وقاصرة للحديث عن أحلام عامة، دون تحديد أفكار ملموسة. وكما جاءت مفردات حلمى سالم عامة وفضفاضة، جاء مقال جمال القصاص الذى بدأ مقاله قائلًا: «فى زحمة الاقتراب والتردى، وصخب الحديث عن أزمة الشعر المعاصر، نطالع ملامح شاعرية أصيلة، تغتلى بفرح الأسئلة، تملك حساسية جديدة باللغة، والمنهج، والتصوير، والتصور، إنه عالم طازج بليونة الماء، يستضىء وتتوحد مفرداته، وتنمو عشبًا وأزهارًا على خريطة الزمن الموغل فى الوحشة والغرابة، زهرة تتفتح للهدوء والضجيج، رجة تختمر فى خلايا الترحل والاندفاق، حلم باكتشاف الولادة الشاملة، ومعجزة المطر والبرق وانتظار التفتح، منسلخًا من عفوية الأشياء، واقفًا صيرورتها.. ذائبًا فى الكون كالفراشة..». وأظن أن مقال الشاعر سيد حجاب لم يأتِ بالكثير، رغم المحاولة الصادقة، لكنها كانت محاولة أقرب إلى الموضوعية، ولكن الوقت كان سيفًا على رقبة تلك الموضوعية، وشاعرنا سيد حجاب تعامل مع الشاعر على قنديل باعتباره الشاعر الذى كان قادمًا بقوة، ولكن ضربات القدر أخذته على الجانب الآخر من الحياة، ولكنه ترك بعضًا من رائحته الشعرية العبقرية، ولذلك راح يربطه بكل شعراء العالم الكبار، مما لا تستطيع تجربة على قنديل القصيرة أن تحتمله، فالملف جاء عاطفيًا بجدارة، كما أنه جاء لكى يعبر عن تلك الجماعة الشعرية التى كان على قنديل واحدًا منها، وبالطبع نجح الملف فى لفت النظر، ليس إليه فقط، بل إلى رفاقه وتجربتهم الجديدة جميعًا.

وفى العدد ذاته الذى شمل الملف، كتب حلمى سالم مقالًا لنقد قصائد العدد السابق، وكان مقاله تحت عنوان «إما الرومانسية.. وإما الرومانسية»، ووضع ملاحظة تقول بأن قصيدة واحدة لا تدلّ على صاحبها بشكل كامل، ولذلك فأى قراءة لأى قصيدة لا تنسحب على تجربة كاتبها، ولكنه فى البداية وضع تعميمًا على كل القصائد التى أعد قراءتها نقديًا، واعتبر أن كلها لم تخرج خارج الرومانسية: إما حالمة، أو وجودية، أو ثورية، ورصد مجموعة ملاحظات عامة على العشر قصائد المنشورة، ولا يهمنى هنا سوى أن القصائد التى نقدها حلمى ضمت فى إهابها قصيدتين للشاعرين رفعت سلام، وحسن طلب، وحول قصيدة رفعت سلام «العشق فى زمن السلاسل والمخاض» رصد حلمى الأبعاد المضمونية التى تنطوى عليها القصيدة، لكنه أخذ على القصيدة بأنها لم تنشغل بالأبعاد التشكيلية الفنية لتلك الأبعاد، فضلًا عن أنه رأى أن تلك الأبعاد المضمونية كانت متداخلة ومتزاحمة، أما قصيدة حسن طلب «توطئة»، فقد أعد لها حلمى قراءة رصينة ومطولة نسبيًا، وأخذ عليها أيضًا ذلك التداخل بين عناصرها وأفكارها التى جاءت فى ثنايا القصيدة، وكذلك علّق على القافية التى برزت فى القصيدة، فرغم نعومتها الموسيقية، إلا أنه لاحظ أن خللًا وتناقضًا رآهما فى القصيدة، هذه القراءة لا أعتقد أن حسن طلب تجاوزها فى رده الذى جاء معقبًا على الملف، وأخذ على كل كاتب فيه ملاحظات سلبية واضحة، رغم أنه أثنى على مجهود الشاعر حلمى سالم، وقام بتقييم الاهتمام بأنه يدل على أن هناك جماعية للحركة الشعرية والثقافية، ولكن أبرز ما لاحظه على مقال حلمى: «ما كتبه حلمى سالم ليس مقالًا بالمعنى الدقيق، بل ديباجة موجزة مرتكزة على حقيقة يتيمة، هى أن على قنديل كان واحدًا من حركة أدبية شابة تسعى لخلق حساسية جديدة من خلال فهم استراتيجى للفن على أنه مجرد تشكيل، ولعل حلمى سالم لم يكن معنيًا بخصوصية الكتابة عن على قنديل، بقدر ما كان مهتمًا بالإشارة إلى تلك الحركة التى ينتمى إليها، ومن هذه الزاوية تكون ديباجته قد أدت المطلوب منه»، «أما ما كتبه جمال القصاص فيخرج عن دائرة المقال تمامًا هو الآخر، ويدخل فى أى باب إنشائى آخر، كالخواطر أو الانطباعات مثلًا، من حيث اشتماله على التهويمات والشطحات دون الأفكار والمفاهيم، ومن حيث اعتماده على الوصف دون التحليل»، ولأن حسن طلب كان قادرًا على الرؤية الموضوعية الشاملة، فهو مشهود له بثقافته الواسعة والعميقة، توقف عند ما كتبه سيد حجاب، واعتبر أن محاولته هى المحاولة التى تنم عن محاولة للرصد والتحليل بدرجة ما، ولكنه- أى طلب- توقف كذلك عند بعض سلبيات مساهمة حجاب، لأن سيد حجاب رصد المشهد الشعرى بطريقة ذاتية كما رأى حسن طلب، فلم يستثنِ- أى حجاب- أن يضع نفسه ضمن الريادات الشعرية، فضلًا عن أنه رصد تاريخ الحركة الشعرية كما دونته الأقلام السائدة، التى أغفلت كثيرًا من الأصوات الشعرية التى لفظتها أشكال الاستقطابات التى صنعتها السياسة والشللية، أما قراءة سيد حجاب لقصيدة «القاهرة» لعلى قنديل، فقد أثنى عليها حسن طلب، رغم بعض المؤاخذات الصغيرة، وهنا ذكر حسن طلب أن على قنديل له كتابات نقدية عن رفاقه الشعراء، وكان قد أبرز أبعادًا مهمة فى تفكيره النظرى، ولكن الملف المتعجل لم ينشر أيًا من تلك الكتابات، وكان حسن طلب قد أخذ على حلمى سالم أنه قد صوّب خطأين عروضيين فى قصيدة على قنديل.

صلاح جاهين

جدير بالذكر أن كل تلك الاشتباكات بين الشعراء الشباب، لم تمنع أن يجتمع كل هؤلاء، ويمهدوا لكى يكون هناك منبر شعرى فقط، أى لا يتسع لإبداعات أخرى مثل القصة أو الرواية، وبالفعل التقى الشعراء الشباب فى عام ١٩٧٦ فى منزل الشاعر حسن طلب مرة، ثم على مقهى براداى فى الدقى مرة أخرى، ثم فى مقهى إنديانا فى الدقى مرة ثالثة، واتفقوا على أن يتم اختيار هيئة تحرير تكونت من الشعراء حلمى سالم، ورفعت سلام، وحسن طلب، وجمال القصاص، وبالطبع لم تمنع كل خلافات الأمس أن يلتقى شباب الشعراء على هدف واحد، وذلك لمواجهة حالة التجريف التى كانت تنتاب الثقافة، وربما كان رحيل على قنديل بمثابة بادرة قوية لكى يلتقى هؤلاء الشعراء، ويصدروا عددهم الأول فى يوليو ١٩٧٧، وكان المخرج الفنى المبدع الليبى الكبير عمر جيهان، الذى صمم كل إصدارات إضاءة ٧٧، أى الأربعة عشر عددًا التى صدرت منذ شهر يوليو عام ١٩٧٧، حتى نوفمبر ١٩٨٨، كما أصدرت المجلة الدواوين الأولى للشاعرين جمال القصاص، ومحمود نسيم، وديوانًا ثالثًا للشاعر حلمى سالم.

لم تقتصر الاشتباكات على مقال حسن طلب فقط، بل دخل فى الأمر الدكتور جابر عصفور، الذى كلفته المجلة بأن يكتب قراءة نقدية لقصائد العدد الماضى، ذلك العدد الذى نشر فيه الملف عن على قنديل، وقصيدته المهمة «القاهرة»، وكانت هذه مناسبة لكى يقول جابر عصفور كل ما لم يقله من قبل، واختار عنوانًا لافتًا لقراءته «حالة... وخم شعرى!»- علامة التعجب للدكتور جابر عصفور- وعبّر عصفور فى تلك القراءة عن سخطه بشكل شبه كامل تجاه الحركة الشعرية فى مصر، ووجّه عدة سهام إلى قلبها، والمقال طويل، وسوف أقتبس فقرة منه تعبّر عن ذلك السخط عندما كتب قائلًا: «.. قد يكون لتأمل أسباب تلك الظاهرة- أى ظاهرة الوخم الشعرى كما أسماها دكتور جابر- موضع آخر لا يقتصر على الشعر فحسب، ولكن المؤكد فى تقديرى أن ثمة حالة وخم شعرى سائدة، تشى بها قناعة الكثير من الشعراء على تفاوت أجيالهم بما أنجز على مستوى الرؤية، أو على مستوى الأداء الشعرى، أشير إلى استرخاء الشعراء الرواد (صلاح عبدالصبور) قانع بيوميات كاتب مسالم أو مستسلم، تشغله مشاهدة زوربا للمرة العاشرة، وأحمد حجازى مغترب يكتب فى عامين قصيدتين، ولا جديد عند أمل دنقل، ولا عفيفى مطر ومحمد إبراهيم أبوسنة، ووفرة من التجارب المسطحة لأسماء يضنيها السعى وراء النشر أكثر مما تضنيها المعاناة الإبداعية..»، وبعد أن جرّد عصفور الحركة الشعرية فى مصر، أفرد فقرة طويلة للثناء والإشادة بتجارب شعرية عربية لسعدى يوسف وأدونيس وعبدالعزيز المقالح، وعلى عبدالله خليفة، وممدوح عدوان وهكذا، وربما يكون فى ذلك ظلم بيّن وواضح للحركة الشعرية فى مصر، لأن جابر عصفور كان يجتاحه فى تلك الفترة هوى عربى عميق آنذاك، ربما يكون قد عاد عنه فى فترة لاحقة عندما كتب ونشر كتابًا أو سفرًا كبيرًا عن الشاعر صلاح عبدالصبور، كما أنه كتب كتابين عن أمل دنقل، ولم يتخلل الكتب الثلاثة أى ملاحظة سلبية، وكنت قد كتبت ذلك فى حينه، وصارحت به جابر عصفور. وللأمانة، فإن جابر عصفور انتصر بقوة للشاعر على قنديل، واعتبر أنه بذرة أمل للمستقبل الشعرى فى مصر، ولن يمنع رحيله توقف ذلك المستقبل، وقدّم دراسة بديعة عن قصيدة «القاهرة» التى نشرتها مجلة الكاتب، وأخضعها دكتور جابر للدراسة، أما مجلة الكاتب فقد عقّبت على مقال حسن طلب بكلمة موجزة جاء فيها: «لا شك أن (الكاتب) تشارك الزميل حسن، كما تشارك أصدقاء وزملاء على قنديل، فى الإحساس بالأسى، والشعور بالأسف للرحيل المبكر، المفاجئ، لهذا الشاعر الفنان الشاب... ونهيب بالأصدقاء والزملاء أن يجمعوا آثار على قنديل من شعر ودراسات نقدية، ويجهزوها ويجيئوا بها إلى (الكاتب) التى تعد بأن يجد هذا التراث طريقه إلى النشر، وفاء لذكرى الشاعر الشاب الراحل، واستمرارًا لسياستها فى رعاية وتبنى إنتاج شباب الأدباء، إبداعًا ونقدًا»، وبالفعل صدر ديوان على قنديل فى نوفمبر ١٩٧٦ عن دار الثقافة الجديدة، والذى قدّم له الشاعر محمد عفيفى مطر، والذى أمطر فيه كمية سخط على الحياة الثقافية والشعرية المصرية، دون أن يتطرق إلى الحديث عن خصائص على قنديل الشعرية والأسلوبية، والكلام يطول فى ذلك.

فؤاد حداد