على قنديل.. الفتى الذى أعاد رسم الحركة الشعرية بعد موته!

- الشاعر الراحل ولد بقرية الخادمية بمحافظة كفرالشيخ عام 1953
- أنشأ على قنديل جماعة شعرية فى كلية الطب، اسمها «جماعة حورس» وذلك العنوان يشى بالتوجه المصرى الواضح والصريح لثقافة على
- الشاعر على قنديل بعد رحيله بخمسين عامًا كان شديد التأثر بأستاذه محمد عفيفى مطر وكان مطر ينظر إليه كامتداد رئيسى لتجربته
كانت الثقافة المصرية فى مطلع عقد السبعينيات تعانى حالة تراجع واضح، تراجع ظاهرى كثيف، لماذا تراجع؟، ولماذا ظاهرى؟، هذان سؤالان ضروريان لا بد أن يطرحهما أى باحث فى تاريخ الثقافة منذ أوائل عقد السبعينيات، والشاهد أن كثيرًا من التجليات الإبداعية فى الشعر والسرد لجيل الستينيات، كان قد ظهر على مدى السنوات الأولى فى ذلك العقد الذى كاد يغتال الثقافة فى مقتل، وعندما أقول ظهور تجليات إبداعية فى مطلع ذلك العقد، يتبادر لذاكرتى على الفور مجموعات قصصية من أهم إبداعات جيل الستينيات، مثل «ثلاث شجيرات كبيرة تثمر برتقالًا» للكاتب الشاب يحيى الطاهر عبدالله عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، وكذلك صدرت المجموعة القصصية الأولى «بحيرة المساء» للكاتب إبراهيم أصلان، عن الهيئة أيضًا عام 1971، وصدرت مجموعة «الخطوبة» للأديب بهاء طاهر عام 1972 عن مطبوعات الجديد، وخلاف ذلك صدرت روايات ومجموعات قصصية عن دور نشر ومؤسسات حكومية، ومؤسسات صحفية فى تلك السنوات الأولى، قبل أن تتخذ الإدارة السياسية الجديدة بعد رحيل جمال عبدالناصر وعهده، والتخلص من رجاله أيضًا، حتى حان الوقت لتقليص وإيقاف بعض المجلات الثقافية مثل: الفكر المعاصر، والمجلة، وغيرهما من مجلات، وكان السبب المعلن هو: الترشيد الثقافى، والسبب المضمر، هو إسكات بعض الأصوات المزعجة، خاصة أننا مقبلون على حرب، ولا مجال لأى جدل، وأصبح واضحًا وجود تيار عداء شديدًا للثقافة الطليعية، والمثقفين الشباب، وبالتالى أصبحت المؤسسات الرسمية شبه مهجورة لهؤلاء الكتاب الجدد،

وكانت تلك المؤسسات مرتعًا لمبدعين وكتّاب متواضعى القيمة، وفقد المثقفون الحقيقيون مساحة واسعة وكبيرة لمساندتهم، فلجأوا إلى إنشاء الجماعات والجمعيات المستقلة، على رأسهم جمعية كتاب الغد التى شارك فيها مبدعون وكتاب من طراز إبراهيم فتحى، ود. عبدالمنعم تليمة، ومحمد إبراهيم مبروك، وغيرهم، واستطاعت تلك الجمعية أن تصدر بعض كتيبات مثل ديوان شعر «وش مصر» للشاعر زين العابدين فؤاد، وديوان «مدخل إلى الحدائق الطاغورية» للشاعر عزت عامر، ومجموعة «الليل الرحم» القصصية للكاتب محمد روميش، وغيرهم.
قبل ذلك بسنوات قليلة، كان الشاعر محمد عفيفى مطر يشغل رئيسًا لتحرير مجلة «سنابل»، التى كانت تجهّز جيلًا أدبيًا وشعريًا على وجه الخصوص للمستقبل، ومن أبرز هؤلاء الشعراء كان الشاعر أمجد ريان، والشاعر على يوسف قنديل، الشهير بعلى قنديل، ولا جدال أن عفيفى مطر كان يلعب دورًا واضحًا فى تنشئة هؤلاء الشعراء على مفاهيم شعرية جديدة، تلك التى تبناها الشعراء الشباب الجدد، وتسللت تلك المفاهيم إلى سائر شعراء تلك الفترة، ولكن المجلة توقفت عن الصدور، عندما اقترح خيرى شلبى على الشاعر أمل دنقل أن ينشر قصيدته «الكعكة الحجرية» التى كتبها بعد مظاهرات ١٩٧٢، وقال أمل- فى حوار معه- لخيرى شلبى إن القصيدة لن تمر على الرقيب، ولكن الرقيب اعتقد أن الكعكة لا تخص الكعكة الحجرية التى التف حولها الطلبة فى ميدان التحرير، ولكنهم أقنعوه بأنها تخص كعك العيد، ولكن بعد نشر القصيدة، أدركت الرقابة خروج القصيدة عن السياق المرسوم للثقافة، فأوقفوا المجلة، ويعقّب أمل فى حواره: إن المجلة كانت ستتوقف لا محالة، ولكنهم كانوا يبحثون عن حجة، وكانت القصيدة هى الحجة الثابتة التى أوقغت المجلة، ولكنها- أى المجلة- كانت قد لعبت دورها الأساسى فى تكوين ذائقة شعرية مختلفة، تلك الذائقة التى حملها الشعراء جمال القصاص، وعلى قنديل، وحلمى سالم، وأمجد ريان، وعبدالدايم الشاذلى، وأحمد سماحة، ومحمد محمد الشهاوى، وغيرهم، وتوقفت المجلة، وجرت مياه أخرى فى نهر الثقافة، وظلّ محمد عفيفى مطر خارج السياقات الرسمية ذات التأثير الأقوى.

فى ذلك الوقت، كان الشاعر على قنديل، التلميذ الأقرب لتجربة وقلب عفيفى مطر، قد ترك مدينته كفرالشيخ، ليلتحق بكلية الطب جامعة القاهرة، ويقترب من شعراء التجربة الشعرية الشابة فيها، وكان الشاعر الكبير سيد حجاب فى أواخر ١٩٧٤ يقيم ندوة أسبوعية كل يوم خميس فى الاتحاد الاشتراكى العربى، تحت لافتة «ندوة الشباب»، وكان من فرسانها الشعراء حلمى سالم وعلى قنديل وأمجد ريان، وغيرهم، وأثمرت تلك الندوة فى تطويع شعرية هؤلاء الشباب، كما أنشأ على قنديل جماعة شعرية فى كلية الطب، اسمها «جماعة حورس»، وذلك العنوان يشى بالتوجه المصرى الواضح والصريح لثقافة على، وذلك أيضًا تجلّى فى شعره بشكل واضح، كما أنه برز بقوة عند أمجد ريان، وبدرجة أقل عند حلمى سالم، ولكن تواتر التيمات المصرية بدأت تنتشر فى شعر الجيل الجديد، بعيدة عن التجلّى العروبى الذى كان ظاهرًا وواضحًا فى تجربة جيل الستينيات، وأثناء تلك المرحلة، أصدر الشاعران رفعت سلام وحلمى سالم، ديوانًا عنوانه «الغربة والانتظار»، كما أصدر أمجد ريان وطلعت شاهين ديوانًا عنوانه «أغنيات حب للأرض»، وكان على قنديل على وشك أن ينشر ديوانه الأول، الذى كان قيد التجهيز، لولا القدر الذى لم يمهله، فأطاحت به سيارة فى ١٧ يوليو عام ١٩٧٥، أى منذ خمسين عامًا إلا قليلًا، وبعد أن تجاوز عمره اثنين وعشرين عامًا بثلاثة أشهر فقط، وأودت السيارة الطائشة بحياته، ينتفض أصدقاؤه وزملاؤه ورفاقه لكى يدشنوا تجربته الشعرية فى سماء الحياة الثقافية، وذهبوا على الفور إلى الشاعر الكبير صلاح عبدالصبور، الذى كان يترأس تحرير مجلة «الكاتب» المصرية، ورحب عبدالصبور بالشعراء، ونشر إحدى قصائد الشاعر الشاب الراحل فى عدد شهر أغسطس ١٩٧٥، وكان عنوانها «متواليات المغنى والنهر»، وكتب المحرر مقدمة قصيرة هذا نصها: «علمنا والمجلة ماثلة للطبع أن حادثًا مؤسفًا وقع للشاعر الشاب على قنديل، وقد راح الشاعر ضحية ذلك الحادث المؤسف- حادث اصطام سيارة- وخلّف وراءه مجموعة كبيرة من الشعر الذى ينبئ عن موهبته وطاقته الكبيرة.. كان الشاعر الراحل طالبًا بكلية طب القاهرة، ولد بقرية الخادمية بمحافظة كفرالشيخ عام ١٩٥٣، وكان له دور ملحوظ فى تجميع شباب الشعراء بكفرالشيخ فى جماعة أدبية تحت اسم (حورس)، وفى الجامعة أبدى على قنديل نشاطًا أدبيًا ملحوظًا، وفازت قصائده بعدة جوائز فى مسابقات الجامعة والثقافة الجماهيرية، وقد نشر الشاعر بعض قصائده فى صحف ومجلات: سنابل، الشباب، الجمهورية، الثقاقة العراقية، كما أذاع بعضها بالبرنامج الثانى بالإذاعة.. و(الكاتب) إذ تعزّى أهل الفقيد ومحبى شعره، تنشر له هذه القصيدة».

لم يكن على البال، ولا على الخاطر، كما ينطق القول السائد، أن يكون الرحيل الصادم والفاجع للشاعرعلى قنديل، سببًا فى تفجير خلافات جمّة بين النقاد والشعراء، ما سنوضحه لاحقًا، لكن كان لجوء الشعراء الشباب، رفاق قنديل إلى مجلة «الكاتب»، التى يرأس تحريرها صلاح عبدالصبور، وكان الاثنان «مجلة الكاتب، وعبدالصبور» محل معركة شرسة منذ أشهر سلفت رحيل على قنديل، وتلك معركة قد استفضت فى سردها فى سياقات مختلفة، لكن ملخص تلك القصة يكمن فى أن السياسة الثقافية فى ذلك الوقت، وفى عهد وزير الثقافة يوسف السباعى، لم تكن على وفاق مع هيئة تحرير المجلة، ولا مجلس إدارتها الذى كان يترأسه أحمد عباس صالح، وكانت المجلة ومحرروها ينشرون ما لا يسر يوسف السباعى، وحدث تضييقات على المجلة، مرة بتقديم مساءلات للكتاب، أو منع مقال لذلك الكاتب، ثم التقصير الشديد فى دعم المجلة ماليًا، التى كانت تصدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، حتى إن مجلس إدارة المجلة قدم استقالته، وعلى الفور قبل يوسف السباعى الاستقالة، وتم تعيين الشاعر الكبير صلاح عبد الصبور رئيسًا لتحريرها، وكان قبول عبدالصبور لرئاسة التحرير محل جدل واسع وكبير فى الحياة الثقافية، للدرجة التى جعلت بعض الشعراء الشباب: «حسن النجار، ومحمد محمد الشهاوى، وحسن النجار»، أن يصدروا بيانًا يهاجمون فيه صلاح عبدالصبور بضراوة وقسوة، وينشر البيان فى مجلة الطليعة فى شهر ديسمبر ١٩٧٤، وتم وضع عنوان للبيان «يا للإنسان الورقة»، ومنذ عامين يصدر الكاتب الروائى حسن عبدالموجود كتابًا مهمًا يتضمن كل الملابسات التى أحاطت بذلك الأمر، عنوان الكتاب «١١١٧ كورنيش النيل»، وفى الكتاب، أى بعد ما يقرب من أربعين عامًا يعترف محمد الشهاوى، بأن البيان تمت صياغته فى منزل محمد عفيفى مطر وبصياغته، ولكنهم فيما بعد اعتذروا عن ذلك البيان، ونشروا فى المجلة، وابتعدوا عن معركة لا لهم فيها ناقة ولا جمل، كما يقال.
ولا بد أن نذكر أن خلافًا أيديولوجيًا وشعريًا كان بين صلاح عبدالصبور، ومحمد عفيفى مطر، وفى نوفمبر ١٩٧٤، أى فى مستهل رئاسة تحرير عبدالصبور للمجلة، قدم حشدًا صغيرًا من الشعراء، هم «محمد محمد الشهاوى، وحسن النجار، ورفعت سلّام، وحلمى سالم، وحسام الدين الفوال، ومحمد يوسف»، وكتب عبدالصبور مقدمة رصينة فى تقديم الشعراء، ولكنه لم يفوّت تلك المقدمة دون أن يغمز الشاعر المناوئ له: محمد عفيفى مطر، حيث قال، وهو يقدم محمد الشهاوى: «.. وأبدأ بصوت لشاعر لقيته ولقينى فى تلك الآونة، وأودعنى كراسة شعره، وكنت قد قرأت له بعضه فى المجلة المذكورة بحسن الأثر وطيب الصيت (سنابل)، وكنت قد أعجبت بهذا الصوت الجديد، رغم تأثره بشاعر من شعرائنا المعروفين هو الشاعر محمد عفيفى مطر، إلا أنه فى رأيى مجاوز لعفيفى مطر فى تماسكه ومقدرته على بناء القصيدة، وما أظن ذلك القول يغضب عفيفى مطر، فإنى أعرف أن الآباء يحبون لأبنائهم أكثر مما يحبون لأبنائهم..»، بالطبع ذلك أغضب عفيفى مطر بشدة، وجعله يدفع الشعراء الثلاثة: الشهاوى، والنجار، ويوسف، أن يصدروا ذلك البيان آنف الذكر، وينشر البيان فى مجلة الطليعة، ولأن البيان كان شديد القسوة، كتب الكاتب خيرى عزيز فى مجلة الطليعة كذلك، فى يناير ١٩٧٥، مقالًا يرد به على الشعراء الثلاثة، ويدافع بحماس كبير عن الشاعر صلاح عبدالصبور.
كان كل ذلك مجرد مناوشات، حتى جاء رحيل الشاعر الشاب على قنديل فى شهر يوليو ١٩٧٥، ويذهب الشعراء إلى صلاح عبدالصبور، ويتبنى صلاح عبدالصبور- الذى كان يحتاج إلى تآزر شديد- رعاية الشاعر ورفاقه الشعراء، وهذا ما دفع كثيرًا من المثقفين غير الشعراء الثلاثة-الذين اعتذروا عن بيانهم فيما بعد- أن يهاجموا عبدالصبور كذلك، لأن الهجوم كان ضمن حملة شبه منظمة على عبدالصبور، ولكن الشعراء الشباب كانوا خارج أى حسابات، وكان كل ما يهمهم، هو إبراز تجربة رفيقهم الشاعر على قنديل، وكذلك استثمار ذلك الحدث فى التعريف كذلك بتجربتهم الإبداعية والشعرية.
وفى شهر أكتوبر ١٩٧٥، أوفت المجلة بوعدها، ونشرت ملفًا عن على قنديل، كان قد أعده الشاعر حلمى سالم، مع نشر قصيدة جديدة للشاعر، وتحت عنوان «موت شاعر شاب» كتب محرر مجلة الكاتب ما يلى: «فى الشهر قبل الماضى، اختطف الموت الشاعر الشاب على قنديل الذى سبق أن نشرنا إحدى قصائده، وكان موت الشاعر الشاب ضربة ساخرة من ضربات القدر، فهو لم يمت على فراش، أو عقب مرض، وإنما مات فى الطريق ضحية لسيارة عمياء، وسائق مجنون، وكان على قنديل موهبة تعد بالكثير، وتستقطب الكثيرين من زملائه وأبناء سنه.. ولد بقرية الخادمية، مركز كفرالشيخ فى ٥ أبريل ١٩٥٣، وتفوق فى دراسته الإعدادية فالتحق بكلية الطب عام ١٩٧١، وفى كفرالشيخ اشترك فى تأسيس جماعة (حورس)، ثم مات على قنديل فجأة وبغير مقدمات، ومع الدهشة واللوعة تجمع أصدقاؤه وزملاؤه، وراحوا يجمعون شعره ويتأملون فيه، حتى صار لديهم ما يقرب من الملف، جاءونا به بغية أن يظل (قنديل) قنديلًا،....».

كانت الحركة الشعرية موّارة فى ذلك الوقت، وكانت هناك تيارات ثلاثة على سبيل العموم، وليس على سبيل التخصيص، وكان يمثل تلك التيارات ثلاثة شعراء كما كان دارجًا فى ذلك الوقت، وهم أمل دنقل، ومحمد عفيفى مطر، ومحمد إبراهيم أبوسنة، هذا ما كان يؤكد عليه كثير من النقاد، لكن الحركة كانت متداخلة إلى حد بعيد، وتنطوى على أشكال وتجارب شعرية كثيرة، كانت تلك التجارب تضم فى إهابها الواسع: صلاح عبدالصبور، وأحمد عبدالمعطى حجازى، وبدر توفيق، ومجاهد عبدالمنعم مجاهد، وحسن توفيق، وهكذا، وكان هؤلاء الشعراء لهم تجارب مختلفة، ولكن تم تمييز الشعراء الثلاثة- ربما- لقوة تجاربهم، ومن ثم ارتبط الشعراء بشكل مبدئى بالشاعر محمد عفيفى مطر من ناحية، ومن ناحية أخرى ارتبطوا بالتجربة الأدونيسية، وكان الشعراء الشباب ينظرون إلى تجربتى أمل دنقل، ومحمد إبراهيم أبوسنة، باستعلاء، وكانوا ينظرون إلى الأول باعتباره الشاعر الذى يعلى من شأن السياسة على الفن، ويفتقد إلى جماليات الشعر، وهذا حديث تورط فيه كثير من الشعراء الشباب آنذاك، على رأسهم الصديق الشاعر الراحل حلمى سالم عندما هاجم أمل دنقل الشعراء الشباب فى حوار أجراه يوسف أبورية معه، وقال إنه يحترم أدونيس، ولكنه لا يحترم أتباعه الذين يحاولون استنساخ تجربته، فلا تترك إلا مسخًا، ورد عليه حلمى سالم بمقال كان عنوانه: «أدونيسيون ودنقليون»، أما رأيهم فى «أبوسنة»، كان رأيًا استعلائيًا أيضًا، وكانوا يرون أنه شاعر رومانتيكى حالم بعدما تم استنفاد ذلك البعد فى تجارب كثيرة، ولم تعد الرومانسية قادرة على مجاراة التطور الشعرى الذى أتوا به.
الشاعر على قنديل، بعد رحيله بخمسين عامًا، كان شديد التأثر بأستاذه محمد عفيفى مطر، وكان مطر ينظر إليه كامتداد رئيسى لتجربته، وعندما رأى مطر أن عبدالصبور يتبنى تجربته، كتب مقدمة الطبعة الأولى من ديوان على قنديل، وصدر عن دار الثافة الجديدة فى نوفمبر ١٩٧٦، وجاءت المقدمة محملة بكثير من الهجوم العام على كل التجارب المعاصرة فى ذلك الوقت، ولم يستثن سوى تجربة قنديل، كما سنفصل لاحقًا، وجاءت طبعة الديوان الثانية، دون مقدمة مطر، ودون أى مقدمات، ولكن أضيفت للطبعة الجديدة بعض قصائد أخرى لم تكن نشرت فى الطبعة الأولى، وصدرت الطبعة الثانية عن دار صاعد عام ١٩٩٣.
وفى الملف الذى نوهنا عنه فى مجلة الكاتب، كتب فيه الشعراء حلمى سالم، وجمال القصاص، وسيد حجاب، ولكن الكتابة للشعراء الثلاثة، لم تقترب من التجربة الجمالية للشاعر، ما جعل الشاعر حسن طلب يكتب تعليقًا فى الشهر التالى، آخذًا بعض الملاحظات السلبية على الملف، ونوّه عن دراسات نقدية للشاعر عن رفاقه ماجد يوسف وحلمى سالم، وهو ذاته الشاعر حسن طلب، وفى الحلقة المقبلة سنستعرض كل الآراء التى انبنت عليها مرحلة شعرية كاملة.