الزاهد الأبدى.. نصف قرن من إبداع «صنع الله»

- رفض جائزة الدولة فى احتفالية مهيبة وكان الآخرون يتهافتون عليها
- لن نجد له كتابًا فى مكتبة الأسرة ولم يتهافت على النشر فيها
فى أثناء أزمة الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم الصحية الأخيرة، ذلك الذى أحبه، وأعتبره كاتبًا له تجربة شديدة الخصوصية فى الحياة والكتابة معًا، تجعله استثنائيًا وفريدًا، كتبت عنه متحمسًا على صفحتى: «الوحيد الذى لم يتهافت على عسل السلطة، بل رفضه، صنع الله إبراهيم، وهذا لا يدين آخرين فعلوا ذلك، ولكنه يرفع صنع الله إبراهيم إلى عنان السماء»، أعترف أن البوست كان حماسيًا وانفعاليًا، وربما قد أثار بعض التحفظات المعلنة، التى جاءت معلقة عليه مثل الصديقة العزيزة والكاتبة الكبيرة التى كتبت تقول: «ولكنه لم يرفض عسل العويس، ربنا يشفيه»، وكتبت الأستاذة فاطمة المعدول: «وهو لينين الرملى عمره ما لعب مع السلطة، دول ما خدوش منه نص إلا بعد عشرين سنة من شغله برّاهم، والدكتور جابر عصفور دخله لجنة المسرح ومشى مارضيش يكمل وحكايات وروايات كتير قوى»، وتواترت التعليقات المتمنية لصنع الله الشفاء العاجل، والمناشدة وزارة الثقافة التدخل الفورى لعلاجه، وأشهد أن وزير الثقافة الذى لم ألتق به مطلقًا، كان يتابع كاتبنا الكبير حتى وهو على سفر، واهتمت الدولة بالفعل بعلاج صنع الله وحالته، وظهر ذلك بوضوح فى اتصال رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى للاطمئنان على صحته، وهذه بالتأكيد خطوة حميدة لا بد من تقديرها.

فى سياق ذلك، اتصل بى صديق عزيز أحترمه جدًا، وآثر ألا يكون بين المعلقين، ولكنه أرسل لى رسائل متحفظة على مفردة «الوحيد» التى ذكرتها، وقال لى إن هناك عشرات الكتاب الذين لهم مواقف مستقلة مثل محمد المخزنجى، ومحمد عفيفى مطر، وعبدالوهاب المسيرى، وتحدثنا كثيرًا حول هذه الأمور، وقررت أن أفصّل الأمر، وأضع النقاط على الحروف، لأننى لم أقصد بالتأكيد مدح صنع الله بشكل مجانى، فهو تاريخيًا صاحب موقف خاص، ولم يحظ من الجهات الرسمية بما يحظى به آخرون، وهذا ليس نتيجة رفض المؤسسات الرسمية، بل نتيجة لعزوف صنع الله نفسه عن ذلك، فلن نجد له- كما أعتقد- كتابًا فى مكتبة الأسرة، ولم يتهافت على النشر فيها، فى ظل أن حشودًا من الكتاب كانوا يقفون طوابير من أجل دخول تلك الجنة التى اسمها «مكتبة الأسرة»، والنشر فى ذلك المشروع كان حلمًا لكثيرين، ورغم أن المشروع كان ظاهره نبيلًا، لكن باطنه كان يحفل بالمآسى، فلا أنسى فى يوم ما عندما قابلنى الكاتب الرائع إدريس على، وهو يقطر ألمًا، ويقول لى بأسى شديد: «تخيل يا شعب، النهارده رحت أقبض الشيك أبوألف جنيه من البنك، وكان واقف معايا فى نفس الطابور الكاتب فلان الفلانى والشيك بتاعه بعشرتلاف جنيه»، ذلك الكاتب الذى أشار إليه إدريس كان كاتبًا ضعيف القيمة للغاية، ولكنه كان من المحظيين بعلاقات كانت ترفعه إلى درجات عليا، وكانت هناك شرائح من هؤلاء الكتاب مثل رؤساء تحرير الصحف، على رأسهم إبراهيم نافع وسمير رجب، وغيرهما، لكننا لم نر كتابًا واحدًا لصنع الله، فضلًا عن أنه لم ينشر كتابًا له فى أى مؤسسة رسمية سوى الكتاب المشترك مع رءوف مسعد وكمال القلش «إنسان السد العالى» عام ١٩٦٦، مع تأكيدنا أن النشر فى مؤسسات الدولة، ليس عيبًا ولا حرامًا، ولا يشكل أى خطأ، ولكنه حق لكل كاتب، لكن ذلك كان موقف صنع الله إبراهيم، الذى بدأ نشر كتبه عام ١٩٦٦ بشكل خاص ومستقل فى مطبعة بدائية رخيصة، وصدرت الرواية عن دار مكتب يوليو.
بالطبع مسيرة صنع الله الطويلة والغنية، لم تكن وحدها هى التى دفعتنى لكى أقول بشكل مختصر مفردة «الوحيد»، وكنت أود أن أقول: «الوحيد الذى رفض الجائزة فى شكل احتفالى مهيب، وكان آخرون يتهافتون عليها»، وهذا ليس سرًّا، دعونى أصف لكم المشهد كما رأيته، وكما رآه رهط من المثقفين كبار السن مثلى.

مشهد فريد
بعد مؤتمر حافل فى أكتوبر عام ٢٠٠٣، أوراق بحثية، وشهادات، وموائد مستديرة أدلى فيها روائيون مصريون وعرب بشهادات حول تجاربهم السردية والإبداعية، وبدأ كثير من التكهنات حول من الذى سوف يحصل على الجائزة، وكانت تلك الدورة من نصيب كاتب مصرى، على أساس أن الجائزة كان يتناوبها كاتب عربى، والعام التالى كاتب عربى، لذلك راحت التكهنات ترشح روائيين كبارًا، على رأس هؤلاء كان إدوار الخراط المرشح الأول، ويليه خيرى شلبى، ثم يليه جمال الغيطانى رغم خصومته الحادة مع وزير الثقافة، فالوزير لا يتدخل فى مثل تلك الأمور، لكن التكهنات لم تذهب إلى صنع الله إبراهيم من قريب أو بعيد، حتى كان دخوله إلى القاعة فى تلك اللحظة غريبًا ونشازًا فى وقت حاد، ورغم وجوده فى القاعة، إلا التكهنات لم ترشحه على الإطلاق، لكن التكهنات كما تداولها المتحفزون انتظرت حدثًا على غير العادة، وبعد أن تم إعلان اللجنة التى ضمت فى إهابها نقادًا كبارًا من طراز محمود أمين العالم، وإبراهيم فتحى، وفيصل دراج، وسيزا قاسم، وفريال غزول، وغيرهم، وكان رئيس أو مقرر اللجنة الكاتب الروائى الطيب صالح، وكان الذى شكل تلك اللجنة هو الدكتور جابر عصفور دون أى ضغط من أحد، فكما هو واضح أن اللجنة لا غبار على أى عضو فيها، فكلهم نقاد لهم مصداقية عظيمة فى الحياة الثقافية العربية، وبعد البروتوكولات المتبعة والمعروفة فى تلك المحافل، أعلن الروائى الطيب صالح المفاجأة الكبيرة التى لم يتوقعها أحد، ودوّت القاعة بتصفيق هيستيرى، تصفيق ظل أكثر من خمس دقائق بشكل متواصل، وتصفير فى القاعة، وهتافات مثل: يحيا العدل، وألف ألف مبروك يا صنع، وهكذا، وبالطبع كل ذلك لم ينف امتعاض البعض الذين لم يحبوا أن تذهب جائزة «الدولة» لواحد من خارج سدنتها، وتلك اللحظة فى كثافتها التاريخية والنفسية والانفعالية، أضافت على وجه صنع ذهولًا على الذهول الواضح على وجهه بشكل طبيعى، والذى يعرف صنع الله إبراهيم عن قرب، سيعرف أنه شخص تبدو عليه علامات الدهشة والذهول بشكل لا افتعال فيه، فما بالنا وهو فى ذلك الحدث التاريخى.

بعد أن خفت التصفيق تدريجيًا، وانتظر الجالسون على المقاعد بقية بروتوكولات ذلك اللقاء، صعد صنع الله فى خفة تناسب جسده النحيف جدًا، وكم أشفقت عليه من تلك اللحظة، وقلت فى نفسى ولا أعرف لماذا: «ربنا يعدى الليلة دى على خير»، كان لدىّ إحساس غامض أن أمرًا ما سوف يحدث، ولا أعرف ما هو، وقف صنع الله يلقى كلماته التى بدأها فى هدوء، والتى بدا فيها هادئًا، وكان يقرأ من أوراق فردها على المنصة الصغيرة، ثم بدأ صوته يعلو رويدًا رويدًا، وكنت أهجس أن قلوب الحشد كانت تخفق بعد كل جملة يقولها أو يلقيها صنع الله، وكان صوته يعلو فى شكل كريشندو منتظم، وهو يعلن بنود وملاحظاته التى تحولت إلى بيان احتجاجى شديد اللهجة، كانت صورة صنع الله تكبر وتتضخم لدرجة أنها ابتلعت المشهد كله، لجنة التحكيم، ووزير الثقافة، خاصة بعد أن ألقى القنبلة الثانية فى وجه الجميع، وفيها ما فحواه: «ولكل تلك الأسباب أعتذر عن عدم قبول الجائزة»، كانت القنبلة أكثر دويًّا من الأولى، فالذين صفقوا بجنون وهيستريا- بمن فيهم شخصى- على حصوله على الجائزة، هم أنفسهم الذين صفقوا بجنون أكثر، وهيستيريا أعلى، من الجنون الأول، فإذا كان التصفيق الذى صاحب الفوز تجاوز الدقائق الخمس، فالتصفيق الذى صاحب الاعتذار تجاوز الدقائق العشر، وسط صخب وهتافات، بينما تسلل صنع الله بذات الجسد قبل أن يستمع لتعليق وزير الثقافة فاروق حسنى الدبلوماسى، وتعقيب دكتور جابر عصفور المذهول، الذى شعر بأنه تعرض لخديعة من صديقه الذى وافق على قبول الجائزة تليفونيًا، وأعطاه- أى صنع الله- اسمه الرباعى لكى يستكمل البروتوكولات الخاصة بتفاصيل الجائزة، واعتبر بعض المثقفين أن ذلك السلوك من ناحية صنع الله إبراهيم سلوكًا غير أخلاقى، فلو كان يريد رفض الجائزة، فكان عليه أن يرفض ذلك من ساعة عرضها عليه، وثار جدل واسع حول تلك النقطة، فى إطار الجدل الأوسع حول موقف رفض الجائزة نفسها، وتناسى لائمو صنع الله إبراهيم، أن الأمر كان سياسيًا أكثر، ولم يكن ثقافيًا، والسياسة تحتمل الحيلة، وهذا ما فعله صنع الله، وبالطبع حدثت أشكال من الصخب فى القاعة، وهناك بعض مثقفين لم يعجبهم موقف صنع الله برمته، وكان عليه- أى صنع الله- أن يعتذر عن الجائزة منذ البداية، ويتركها لآخرين يستحقونها، وكان على رأس هؤلاء الصديق الراحل دكتور شاكر عبدالحميد الذى عبر عن غضبه منذ اللحظة الأولى، وهناك من صفقوا بفرح شديد تأييدًا لصنع الله، ومنهم الكاتب الراحل إدريس على، ولكنه عاد وكتب ما يشبه الاستتابة فى جريدة القاهرة، وفى الحقيقة لم يحدث موقف ثقافى أثار جدلًا ثقافيًا، كما أثار ذلك الموقف، وأصبح صنع الله أيقونة حقيقية فى الوسط الثقافى، وبالتأكيد أن الموقفين: موقف الحصول على الجائزة، والاعتذار عن عدم قبولها، كان التصفيق فى الحالتين صادقًا، رغم كل التناقض الواضح بينهما، لكن ذلك الموقف لم يفعله أحد سواه، وهذا ما دفعنى لكى أكتب كلمة «الوحيد»، دون التقليل من شأن أى كاتب أو مثقف تعاطى مع المؤسسة الرسمية كل المنافع المعتادة مثل النشر والجوائز والتوظيف وخلافه، لأنها ليست منحًا للكتّاب، ولكنها حقوق لا بد من الحصول عليها.

البدايات الأولى
كان صنع الله طالبًا فى عقد الخمسينيات فى كلية الحقوق، وكذلك كان شابًا كاتبًا موهوبًا، يكتب القصص القصيرة، وقدّم فى مسابقة كان قد أنشأها الكاتب عزيز أرمانى، وفاز بالفعل صنع الله بالجائزة الأولى، وكانت قيمتها جنيهًا واحدًا، ولكنه لم يحصل عليه، وفى تلك الفترة كذلك كان قريبًا من شهدى عطية الشافعى، وكان شهدى يملك مكتبًا للترجمة عمل فيه صنع الله بعضًا من الوقت، وكان شهدى يكتب فى جريدة المساء مقالات تاريخية عن أبطال قوميين، وكان يكتب باسم مستعار هو «أحمد ناصر»، ورشح شهدى صنع الله لكى يكتب فى جريدة المساء، وكان أول مقال كتبه صنع الله فى جريدة المساء عام ١٩٥٧ باسم صنع الله الأورفولى، ويعود اسم الأورفولى إلى أصول كردية، ولم تكن علاقة صنع الله بشهدى مقتصرة على الجانب الوظيفى فقط، بل كان هناك جانب سياسى آخر ضمهما فى كيان سياسى هو تنظيم حدتو، وأدى ذلك إلى أن قبض على الاثنين فى يناير ١٩٥٩، وكان صنع الله قد حقق قدرًا من الثقافة الأدبية والسياسية أهلته ليكتب بعضًا من القصص القصيرة، وشاءت الأقدار أن يكون صنع الله أحد الشهود الذين عاشوا لحظة اغتيال شهدى عطية الشافعى فى ١٥ يونيو ١٩٦٠، وفقد شهدى حياته تحت سلسلة وحشية من التعذيب، وعندما سيق شهدى إلى حفلة التعذيب التى أودت بحياته كان الكلبش يجمع بين معصمى شهدى وصنع الله، وعندما بلغ الأمر إلى جمال عبدالناصر، وكان فى زيارة لدولة يوغوسلافيا، أرسل برقية فورية لإيقاف أى تعذيب فى السجون المصرية، وفتح التحقيق الفورى فى الأمر، وبما أن كان شاهدًا أساسيًا تم اللعب عليه لكى يزوّر شهادته ويدلى بأقوال غير حقيقية لتبرئ المتهمين بقتل شهدى، وهذه فقرة من التحقيق الذى تم إجراؤه مع صنع الله، أورده الدكتور رفعت السعيد فى كتابه «الجريمة.. وثائق اغتيال شهدى عطية»: «ثم دعونا المصاب صنع الله وسألناه بالآتى قال:
اسمى صنع الله إبراهيم أحمد الأورفلى، سنّى ٢٢ سنة، طالب بكلية الحقوق، وموظف بمكتب مصر للترجمة والنشر ٢٢ شارع حافظ باشا حسنى، ثم حلف اليمين..
س: ما معلوماتك؟
ج: أنا ما قدرش أقول الحقيقة إلا إذا نقلت من هنا لأننى مهدد بأن أقتل، ومفيش حد يعرف عنى حاجة، ومعايا تلاتة، وهم عبدالحميد السحرتى، وإبراهيم المناسترلى، وسعد الدين أحمد بهجت، وكلنا هددنا منذ بدء التحقيق أكثر من مرة.
س: مَن الذى قام بتهديدكم؟
ج: مقدرش أقول لنفس السبب..
س: ما سبب تهديدكم أنتم الأربعة؟
ج: علشان أنا وسعد الدين إصاباتنا خفيفة، وهما الاتنين برضه واحنا الأربعة، كان ضربنا خفيف وكانوا ندهوا علينا إحنا الأربعة وقعدونا لوحدنا وعاملونا معاملة خاصة، وطالبين منا نشهد على نحو معين فى التحقيق.
س: ما سبب معاملتكم معاملة خاصة من أول الأمر؟
ج: معرفش غير إن حالتنا الصحية تعبانة.
س: ما الكيفية التى طلب منكم أن تشهدوا عليها؟
ج: أنا عايز أتكلم إنما لازم أضمن الأول إنى ما يحصليش حاجة وأن أنقل من هنا.
س: ألا تعرف المعتدين؟
ج: كنت شايف الضرب لكن مش قادر أتكلم..
س: ما سبب الضرب؟
ج: من غير أى سبب.
س: ألم يحصل تعصب أو مقاومة من المساجين؟
ج: لا، لكن المعروف إنه دايمًا بيحصل فى أبوزعبل هنا ضرب جامد، وطول اليوم فيه ضرب فى العنابر لمجرد المعاملة القاسية دون أى مبررات، وإحنا بنؤيد الرئيس جمال عبدالناصر، وقلنا كده طول المحاكمة..
س: ذكرت فى سؤالك إجمالًا أن الضابط يونس مرعى طلب منك ومن سعد الدين بهجت أن تعترف بالشهادة بعدم حدوث أى اعتداء على المتوفى شهدى عطية؟
ج: أيوه قلت كده ومقدرش أقول تفسير علشان خايف على حياتى، وسعد الدين بهجت لما سألته أنت فى العنبر؟ مارضيش يتكلم وقال لك أنا خايف وهو ما يقدرش يقول حاجة من غير ضمانات..
س: هل لديك أقوال أخرى؟
ج: أنا ما أقدرش أقول اللى أعرفه إلا لما أتنقل من هنا وأكرر الطلب لحمايته..
تمت أقواله، وامضى».
هذا جزء من التحقيق الذى تم إجراؤه مع صنع الله فى واقعة شهدى عطية، وبالطبع كانت تلك الواقعة محل تأمل عميق، جعلته يعمل طوال الوقت قراءة وكتابة، ليخرج ويكون قد انتهى من كتابة روايته الأولى «تلك الرائحة» التى قدمها يوسف إدريس، الذى احتفى بها أيما احتفاء، ولكن الرواية صودرت بشكل رسمى، رغم أن كثيرين كتبوا عنها بشكل إيجابى، منهم صالح مرسى فى صباح الخير، وقال: إنها تجربة فريدة فى أدبنا العربى المعاصر»، ومدحها سعد كامل ومحمود أمين العالم ونبيل بدران، وغيرهم، بينما هاجمها يحيى حقى فى جريدة المساء، وكذلك كتب أحمد بهجت فى الأهرام: «إننا أمام معدة تكتب رواية، لا رأس للمؤلف ولا تفكير ولا قلب، ولا وجه، وبالتالى فليست ثم ملامح إنسان..»، صودرت الرواية، وأعيد نشرها فى مجلة شعر اللبنانية بمقدمة من أدونيس رئيس تحرير المجلة فى صيف ١٩٦٩، وأعيد نشرها كاملة فى دار شهدى عام ١٩٨٦، ولكن صنع الله نشر كتابًا توثيقيًا مع رفيقيه رءوف مسعد وكمال القلش عنوانه «إنسان السد العالى»، نشر فى ١٠ يناير عام ١٩٦٧، بمقدمة شعرية للشاعر عبدالرحمن الأبنودى، أى قصيد مجهولة، والغريب أن الأبنودى كان فى ذلك الوقت مسجونًا من ١٠ أكتوبر ١٩٦٦، ولم يخرج إلا فى مارس ١٩٦٧، ثم صدرت نجمة أغسطس عن دار الثقافة الجديدة، وأهداها إلى شهدى عطية الشافعى، وبعد ذلك أصدر رواية اللجنة، وقد اعتبر محمود أمين العالم الروايات الثلاث بمثابة ثلاثية، وكتب عنهم كتابًا كاملًا، وفى ٢٠٠٩ كنت قد أعددت كتابًا عن أدب السجون، وأدلى فيه صنع الله بشهادة نادرة، وقد أهديت الكتاب له، وقدم للكتاب الدكتور سمير أمين رحمة الله عليه.
.. وللحديث بقية.