الأربعاء 06 أغسطس 2025
المحرر العام
محمد الباز

محسن محيى الدين: أنا أحلام «چو» المؤجلة

حرف

في السابع والعشرين من يوليو الجاري، مرّت ذكرى رحيل المخرج الكبير يوسف شاهين، أحد أكثر الأسماء تأثيرًا وإثارة للجدل في تاريخ السينما المصرية والعربية.

بصمة وتأثير يوسف شاهين لم يظهرا في أفلامه فقط، بل في الكثير من تلامذته والنجوم الذين عملوا معه، ولعل أبرزهم الفنان القدير محسن محيي الدين، الذي كان بطلا رئيسيا في عدد من روائع «جو».

وخلال لقاء خاص عقده محسن محيي الدين مؤخرا في جريدة الدستور، فتح بطل «اليوم السادس»، خزائن ذاكرته ليكشف عن علاقته المركبة مع يوسف شاهين، وهي العلاقة التي اتسمت بالحميمية والتوتر، بالإلهام والصدام.

وقال «محيي الدين» إن بداية تعاونه مع يوسف شاهين جاءت بعد النجاح الذي حققه في مسلسل «فرصة العمر» وفيلم «أفواه وأرانب»، حيث تلقى اتصالًا هاتفياً يُبلغه بأن يوسف شاهين يطلبه للعمل معه، واصفًا اللحظة بالمفاجأة الكبيرة التي لم يكن يتوقعها.

وأضاف أنه في أول لقاء جمعه بـ«شاهين»، فاجأه المخرج الكبير بجملة غير متوقعة قائلاً له: «بيقولوا عليك ممثل كويس»، ثم طلب منه أن يرشح اثنين من زملائه الشباب للعمل معه، فرشح وقتها الفنانين أحمد سلامة وعبدالله محمود.

وبحسب «محيي الدين»، فإن يوسف شاهين اختاره لتقديم شخصية «يحيى» في فيلم «إسكندرية ليه»، وقال له صراحة: «أنت هتلعب دوري، فراقبني كويس وشوف أنا بتصرف إزاي»، موضحًا أن «جو» لم يتدخل نهائيًا في أدائه أثناء تصوير الفيلم، وهو ما اعتبره تحديًا كبيرًا ومسئولية مضاعفة، خصوصًا أن الشخصية التي جسّدها كانت معقدة وتحمل أبعادًا نفسية متعددة.

واستمر التعاون بينه وبين «شاهين» بعد ذلك، لكنه أوضح أن الأمور لم تسر بنفس السلاسة، إذ بدأ المخرج الكبير يتعامل معه -حسب تعبيره- كأنّه يُمثّل نيابة عنه، ويُحاول أن يُسقط عليه طموحاته الخاصة كممثل لم تتح له الفرصة لممارستها، وبدأ يتدخل بشكل مبالغ فيه في تفاصيل الأداء، وهو ما لم يتقبله «محيي الدين» بوصفه فنانًا حرًا، على حد قوله.

وأشار إلى أن الخلاف الحقيقي بينه و«شاهين» وقع خلال تصوير فيلم «اليوم السادس»، حيث تصاعدت التدخلات الإخراجية من جانب المخرج الكبير، ووقع بينهما صدام في وجهات النظر حول طريقة أداء الشخصية، ما دفعه لاتخاذ قرار بالابتعاد نهائيًا، وعدم التعاون معه مرة أخرى، رغم الاحترام والتقدير الذى يكنه له.

وعن دخوله عالم الإخراج والإنتاج، أوضح «محيي الدين» أن هذه الخطوة لم تكن رد فعل على انفصاله عن «شاهين»، بل كانت رغبة قديمة لديه، مشيرًا إلى أنه يعتبر مرحلة يوسف شاهين بمثابة «المرحلة الجامعية»، التي صقلته ومنحته الأساس الفني، وبعدها كان من الطبيعي أن يبدأ في شق طريقه بنفسه.

وكشف أنه بدأ في مجال الإنتاج منذ أن كان طالبًا بالمعهد العالي للفنون المسرحية، حين قدّم مسرحيتين للأطفال، وقام بإخراجهما بنفسه، وكانت أول تجربة له في الإنتاج والإخراج من خلال مسرحية غنائية بعنوان «السندريلا»، من ألحان الموسيقار محمد ضياء.

وكشف أنه شعر وقتها أن الإخراج هو طريقه الحقيقي، خاصة أنه مؤهل له دراسيًا، وأن تجربته الأولى كانت كافية لتمنحه الثقة في قدرته على تقديم أعمال مختلفة، قائلاً: «دخلت بكل قوة، من تأليف وإخراج وتوزيع، وخصوصًا الإنتاج السينمائي المستقل اللي وقتها كان مغامرة حقيقية».

وأضاف أنه اتخذ خطوات وقتها كانت ضد قواعد السوق، وواجه مقاومة شديدة من داخل الوسط الفني، قائلاً: «الوسط ما كانش مستوعب إن فنان شاب يدخل مجال الإنتاج والتوزيع بالشكل ده، وده خلاني أتعرض لحرب مش بسيطة، لكن كنت مؤمن بطريقي، وباللي ممكن أقدمه من خلاله».

وفي ختام الندوة، وجّه محسن محيي الدين رسالة تقدير وامتنان ليوسف شاهين، رغم الخلاف الذي أنهى التعاون بينهما، مؤكدًا أنه يدين له بالفضل الكبير في بداياته، وأنه يظل جزءًا أساسيًا في تكوينه الفني، حتى وإن اختار أن يسير في طريقه الخاص.