الخميس 20 مارس 2025
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

عيد عبدالحليم يكتب: يدى المبصرة

حرف

نص لم يكمله المؤلف

لا أتمنى أن أصير عجوزًا

يتكأ على عصا

ويتسول الشفقة من الآخرين

يقطع نصف تذكرة من محطة المترو

وينتظر الألفة

من عصفور

مل الوجود فى قفص

فى شرفة مهجورة.

كما أننى لا أجيد تربية القطط

والكلاب الوولف

حتى تصير لى عائلة

لا تعرف الأحقاد

وتنمو المحبة بينها

-بشكل يومى-

كما أن الكتابة

التى كانت زادًا يوميًا

ستصبح-مع مرور الوقت- متكأ

لسرد الذكريات

عن غرباء غادروا الشاطئ

إلى مدن أخرى.

كما أننى أكره الوحدة

وليلها الطويل.

أنا الرجل الذى عاش

سنوات

يهندس الضحكة

على قدر المواعيد اليومية.

ويرى المحبة

شارعًا ممتدًا

من الشعر والنساء

والمتعة العابرة.

يعشق البحر والمدن الساحلية

ويكره-بشدة-

وطأة الغرف الضيقة.

ويرى السماء طفلة

تقف على خشبة مسرح

لتؤدى دورها الرسولى

فى نص مسرحى

لم يكمله المؤلف.

أنا خائف

من أشياء كثيرة

أولها أن أصير صورة

على جدار متآكل الطلاء

لا يطبطب عليه أحد

ولو بنظرة عابرة.

أليس من الأفضل إذن

أن تتحرك جثتى

مبكرًا

نحو الماء

لأذوب وحيدًا

فى سفر يخصنى؟!!

جثتى

التى أنا الآن قادر

على تحريكها

نحو ما أريد.

رومانسية متأخرة

هجرنا القرى

لنربى الحنين فى الشرفات

نهرب من المدينة

إلى شجرة فى القلب

يسكن تحتها دراويش

ومغنون قدامى

بربابات،

يحتفون بسعف الأحد

ويرشون الماء-كل جمعة-

أمام البيوت

كى تحضر المحبة

طيلة أيام الأسبوع

فى الشوارع

التى لوثها الساسة

وتجار الكلام فى الفضائيات.

ولكى يبقى شىء نعرفه

هنا

نستحضر صور الذين مضوا

فى الظهيرة

إلى بلاد أخرى

وهم يعرفون-جيدًا-

أن الحب زاد المسافر

فى الصحراء المترامية الأطراف.

رغبة ناقصة

تتملكنى هذه الأيام

رغبة

فى البحث فى صورى القديمة

عن لحظات لم تكتمل

عن أفعال

كان من الممكن أن تتغير قليلًا

وأن تضعنى

قرب ابتسامة

لم تداعب الشفاه

فى تلك اللحظة.

يد الغريب

رجل غريب

تقابله فى الشارع

لأول مرة،

يرميك بطوبة

ثم يمضى

والابتسامة تطفر من شفتيه

وأنت فى حالة ذهول.

فى حين أن المارة

لا يأبهون بما حدث

كأنهم غرباء أيضًا

دون أن تتخيل 

أن فى يد كل منهم حجرًا

يهم بالقفز

ليصل إلى رأسك 

التى امتلأت بالأكاذيب

ورؤية العالم

من زاوية الانتظار

والأحلام المؤجلة.

يدى المبصرة

يدى

التى كانت كمطرقة

فوق جسد الماضى

تحولت حين سلمت عليها

إلى زهرة

فى حقل الأسلاف الطيبين.

يدى

التى تعرف جيدًا

مكامن البهجة

فى جسدك البهى.

وتعرف

كيف تنبت السعادة

من ملامسة النار للنار.

يدى

حين اقتربت

من أظافرك الطويلة

على طاولة المقهى

صارت مبصرة.

اليد العاشقة

تحسست الجرح فى يدى

وقالت: أما زلت تحب؟

رمت شالها بجوارى

ووضعت زهرة

فوق ثدى رؤوم

وابتسمت بمكر العارفين

ناظرة إلى العرق النافر من ذراعى

وقالت: أريد أن أحتضن ذراعك

الذى يتدفق-بشهوة-

أحسها كلما

لامست سبابتك

أطراف أصابعى.

نصوص من ديوان يصدر قريبا