عماد غزالى يكتب: المايسترو

أرفعُ يدى وأخفضُها
فينهمرُ الصوت
أحنى جبهتى لكلّ أذُنٍ
رأيتُها تستهيمُ فى سديم اللحن
وترتجف.
وعيْتُ النوتةَ الأصليةَ كما لم يعِها أحدٌ
وعيتُها أكثرَ مما وعاها
أيُّ عازفٍ لدىّ
وعيتُها وعيًا عميقًا.. جائرًا
وعيًا.. لم يمكِّنّى يومًا من الخروج عليها
وعيًا.. كان يجعلُ الشَّرَرَ
ينطلقُ من عينىّ تلقائيًّا
إذا ما نشزَ عازفٌ
حتى يرتدَّ من فوره
إلى مسار النغمة الصحيحة؛
النغمةِ
كما أرادَها واضعُ النوتة.
لكنّ تلك الدِّقةَ الشديدةَ
جعلتنى.. مثلَ واحدٍ من العامّةِ
فالدقةَ فخّ؛
فخٌّ يُغرى بالمشْى على الطرق المعبّدة
على هذا الخطّ
فى المركز
أما الخصوصيةُ الشديدة
فإنها
لا تحسبُ حسابَ الدقة.
خطر لى كثيرًا
- قبلما أتمكّن من مهنتى وأصبح المايسترو-
أن أؤلّف نوتةً باسمي
نوتةً مثل صراطٍ
لا يخرجُ عليه العازفون
أعلمُ أننى لو فعلتُها
ربما فقدتُ مكانى هذا
أجل
ربما نزلتُ عن السُّدةِ التى اعتليت
مُختفيًا سأكونُ حينها فى مكانٍ ما
من العالم، من الكون
غير أنه بالمقابل
سيكون هناك أجيالٌ من العازفين والقادة
يأتمرون بنوتتى
حواريين
يعكُفون على إنجيلىَ الشخصىّ
بينما أقفُ أنا هناك
مسيحًا
يرقبُ الجميعَ.. من مكانه العالى.
وها أنذا
- بعد هذه الخِبراتِ الطويلة-
أستطيع الالتفاتَ بإشاراتى قليلًا
عن مسار النقوش
موحيًا لكل عازفٍ بأصالتى
وبصدقى
ولأنه موقنٌ بدِقَّتى يطيع
وبتلك الطريقة
أبتكرُ قليلًا كلَّ حينٍ
أبتكرُ داخلَ هذه النوتة
لا خارجَها
ثم لا أنتظرُ تحيةً
إلا
مع الحركةِ الأخيرة.