الإثنين 02 ديسمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

العارفات بالله.. روحى أنثى صوفية (7).. للنساء فقط.. «القبيسيات» تنظيم صوفى يمنع دخول الرجال

أنثى صوفية
أنثى صوفية

 

ربما تعد «القبيسيات» إفرازًا طبيعيًا لما دونته النصوص الصوفية حول المرأة، كونها منظمة أو طريقة ذات طابع نسوى خالص، تتجاوز سيكولوجية التراث الأبوية المهيمنة على القيادة الروحية، ويمنع الرجال من دخولها. 

ومع أن الجماعة ذاتها انبثقت من رحم الفكر الذكورى، إذ تنتمى مؤسستها منيرة القبيسى إلى مدرسة مفتى سوريا الشيخ أحمد كفتارو، شيخ الطريقة الصوفية النقشبندية، فى سوريا، وبدأت نشاطها الدعوى فى مجمع أبوالنور الصوفى، الذى يتبع الشيخ كفتارو. بَيد أن نهجها يقوم على سلطة روحية مطلقة من الآنسات على الطالبات، تضاهى الشيخ والمريد فى نطاق الرجال.

«الآنسة الأم» منيرة القبيسى التى تعتبر المرأة المسلمة رقم ٢٤ الأكثر نفوذًا فى العالم، حسب تصنيف مركز الدراسات الاستراتيجية الإسلامية الملكية فى عام ٢٠١١، بدأت نشاطها فى أوائل الستينيات فى العاصمة السورية عقب تخرجها فى كلية العلوم الطبيعية فى حى «المهاجرين» الدمشقى، واتبعت فى العقود الأولى من عمر الجماعة العمل السرى، حيث كانت تعقد حلقاتها الدعوية فى البيوت. لكن مع ازدياد انتشار عناصرها من النساء واتساع تأثيرهن فى المجتمع السورى- سمح لهن بظهور محدود بنهاية التسعينيات، بلغ ذروته فى عام ٢٠٠٦ إذ صار من حق القبيسيات ممارسة أنشطتهن من حلقات واجتماعات وحفلات ومجالس ذكر علنًا داخل المساجد.   

هذا التحول النوعى أسهم فى توسيع نشاط الجماعة الصوفية التى وقفت على مسافة ثابتة من جميع التيارات الدينية والسياسية السورية، ورفضت الدخول فى صدام أو مواجهة مع أحد. فقد احتفظت المؤسسة، على سبيل المثال، خلال حياتها بعلاقة جيدة مع كفتارو، ومجمعه الفكرى وطريقته الصوفية، رغم أنها فضلت الانفصال عنهم عندما تصدّرت وفاء، ابنة الشيخ كفتارو، العمل النسائى، وكانت ردة الفعل هى تكوين جماعة صوفية نسائية.. فضلًا عن التأكيد الدائم على النأى بالنفس عن السياسة، وأن الجماعة ليست لها أى خطط سياسية، جعلها قريبة من الجميع، وبعيدة عن الجميع بذات الوقت. 

اتسام القبيسى بالصوفية الحديثة، وإبداء درجة عالية من المرونة، أتاحا لجماعتها الانتشار فى الأوساط الثقافية والاجتماعية فى قلب المدن الكبرى، فالآنسات بعضهن يمتلكن صالات مسرحية واستديوهات للإخراج الفنى، ويتمتعن بنظرة إيجابية للفنون بكل أنماطها الغنائية والتمثيلية، التى عادة ما يجرى توظيفها من أجل زرع القيم الأخلاقية الإسلامية. وعلى الرغم من محدودية تلك المنتجات الفنية، فإنها تحقق انتشارًا واسعًا ويتم استخدام ريعها لتمويل أنشطة المؤسسات التى يشرفن عليها.

ومن دمشق الحاضن والمنشأ الفعلى، وبفعل الهجرات القديمة والحديثة للقبيسيات يُقدر عدد المنتميات إلى الجمعية حاليًا بأكثر من ٧٥ ألف طالبة فى سوريا وخارجها، حيث وصلن إلى دول أوروبية، وعملن بها داعيات لكن بشكل أقل انتشارًا وتأثيرًا؛ فقد لوحظ نشاط لهنّ فى إسطنبول وأمريكا وأستراليا وفرنسا وإنجلترا. 

«وتختلف مسميات الجماعة باختلاف الموقع الجغرافى والمؤسس، ففى لبنان تعرف بـ«السَّحَريات»، حيث عملت أميرة جبريل، فلسطينية الأصل على تأسيس نواة للقبيسيات فى لبنان، وبعدها سلّمت زعامة الجماعة فى لبنان للبنانية سحر حلبى، فأصبحن يُعرفن بالسَّحَريات نسبةً لها، وكانت سحر قد تتلمذت على يد منيرة القبيسى فى سوريا. 

كما قامت فادية الطّباع بنقل نشاط القبيسيات شكلًا ومضمونًا إلى الأردن، وحقّقت أثرًا بالغًا فى استقطاب نساء من طبقات راقية، وتسمى هناك بـ«طباعيات» نسبة إليها، وتدير مدرسة بارزة فى العاصمة عمّان، هى مدارس الدر المنثور فى حى أم السماق، حيث تعتبر تلك المدرسة أهم معاقل هذه الجماعة، إضافة إلى مدرسة أخرى فى عمّان، هى الخمائل. 

وتأسست «جمعية بيادر السلام النسائية» فرع القبيسيات فى الكويت على يد أميرة جبريل عام ١٩٨١، وهى الجمعية الرسمية التى تعمل الآنسات من خلالها، ورأست مجلس إدارة الجمعية دلال عبدالله العثمان، وتشرف على عدد من المؤسسات التربوية منها: مدرسة القطوف الخاصة، وحضانة السلام، وحضانة دار الفرح وقد جاء إنشاء الجمعية، نتيجة جهود كبيرة بذلها يوسف سيد هاشم الرفاعى رأس الصوفية الكويتية.