الأربعاء 11 يونيو 2025
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

مسرحيات لا يعرفها أحد

على سالم
على سالم

أنا بحب على سالم!

عارف إن الاسم عليه تحفظات كتيرة خصوصًا فى تلك الأيام، وإنه لما جات سنة ١٩٩٤، وهو قرر يزور إسرائيل كان بيفتح على نفسه فاتوحة ممكن تعصف بـ كل تاريخه وحاضره ومستقبله، ودا اللى حصل فعلًا أياميها بداية من شطب عضويته فى اتحاد الكُتاب وصولًا بـ النبذ العام فى أوساط المثقفين.

أنا دلوقتى مش بـ صدد الحديث عن الزيارة لـ إنها فى الواقع مش مؤثرة فى رؤيتى لـ إنتاج سالم وتراثه، ما ينفعش بـ جرّة قلم تلغى تاريخ زى دا علشان حدث له سياقه التاريخى مهما بلغت درجة الرفض لـ تقديرات صاحبه، إنما إحنا قدام مسيرة مهولة وشديدة الخصوصية.

على سالم

إنتاج سالم الأبرز طبعًا فى المسرح ولو إنه كاتب مقال لا يشق له غبار، هو من أسرة بسيطة، والده اتوفى وهو لسه فى بداية حياته، فـ شقى على إخواته واشتغل حاجات كتير متواضعة اجتماعيًا واقتصاديًا، لـ حد ما قدر يحفر لـ نفسه اسم فى عالم المسرح.

ما ينفعش لما أتكلم عن على سالم، أشير له بـ إنه مؤلف «مدرسة المشاغبين»، علشان النوع دا من العروض بـ تطاله تدخلات موسعة من ارتجالات الممثلين، تخلى أساسًا نسبة المسرحية لـ مؤلفها المكتوب اسمه على الأفيش محل شك، إنما مسيرته غير كدا أوسع وأهم بـ كتير.

بداية سالم كانت سنة ١٩٦٥ لما التحق بـ مسرح العرايس، لكن لما نتكلم عن بداية فعلية ممكن نتكلم عن مسرحية «حدث فى عزبة الورد» اللى قدمها ثلاثى أضواء المسرح بعد بروفات ٩ أيام بس، واستمر عرضها ٤ شهور، ودا كان رقم كبير أوى وقتها.

استمرت بعدها رحلة على سالم لـ عقود قدم خلالها مسرحيات متميزة كـ نصوص وكـ عروض، ودى حاجة قليلة فى تاريخ المسرح، منها «أغنية على الممر» و«طبيخ الملايكة»، و«بكالوريوس فى حكم الشعوب» وغيره وغيره، ومعظمها علامات، وفى أغلبها اشتغل على الفانتازيا، وشق طرق جديدة لـ الكوميديا، وعمل مسيرة تخليه فى الصف الأول لـ المسرحيين وإنت مغمض.

سنة ٢٠١٠، سالم لقى إنه عنده تلات نصوص مسرحية مش معروفة وما صدرتش قبل كدا لكنها مهمة، أبرزها مسرحية اسمها «رجلان وامرأتان» استلهم فكرته الأساسية من حكم التفريق اللى صدر ضد نصر أبوزيد وزوجته، المسرحية مش نصر خالص لا من قريب ولا بعيد، هى بس قصة التفريق بين راجل ومراته، هى اللى بدأ منها الموضوع.

كان فيه مسرحية كمان اسمها «كابوس الكومبارس» ومسرحية تالتة اسمها «جوهرة العالم». مش بس المسرحيات التلاتة مهمة لكن كمان فيه بينهم رابط هو الحرية، ودى قضية انشغل بيها على سالم كتير حتى فى مقالاته، وكان عنده مفهوم أرحب وأفق أوسع لـ القصة أشمل من الكليشيهات المُعلبة، ومناقشات عميقة وواقعية لـ الأمر باحثة عن جذورها وسبل التعامل معاها على أرض الواقع.

على سالم وقتها قرر إنه يصدر المسرحيات دى فى كتاب، واختار له عنوان ظريف معبر عن واقع حال النصوص: «مسرحيات لا يعرفها أحد»، وفعلًا كان فيه خطة ونية لـ نشر النصوص والاهتمام بيها.

النشر حصل بـ الفعل، وكان فيه المفروض فاعليات كتير لـ ترويج النصوص، وربما خطط لـ إنتاجها على المسرح، لكن بعد صدور الكتاب بـ وقت قليل، تحصل ٢٥ يناير، فـ طبعًا الدنيا كلها بـ تتقلب، وأطباق المائدة كلها بـ تتغير، وعلى سالم تحديدًا يطاله بعض العواصف لـ أسباب مش دا مجالها، علشان تفضل النصوص التلاتة «مسرحيات لا يعرفها أحد».