الأربعاء 25 يونيو 2025
المحرر العام
محمد الباز

مكتبتي..

أبناء الخطأ الرومانسى وأخواتها

حرف

فى الثمانينيات والتسعينيات وبدايات الألفية كان النشر من خلال الدولة أمرًا بالغ الأهمية، دور النشر الخاصة كانت قليلة جدًا، خصوصًا اللى بـ تنشر الإبداع: الرواية والقصة والشعر. وكانت طباعة كتاب صغير أمرًا صعبًا جدًا ومكلفًا لـ الغاية، فـ كانت النافذة الأهم هى الدولة سواء فى الهيئة العامة المصرية لـ الكتاب، أو هيئة قصور الثقافة خصوصًا الأخيرة.

ياسر شعبان

كان وقتها الكاتب يقدم نصوصه لـ الهيئة، ولو إنت محظوظ ونجم روايتك أو كتابك يصدر بعد سنتين مثلًا من تقديمه لما ياخد دوره، فـ كانت المنافسة شديدة، واللى كان بـ يصدر له كتاب كان بـ يشتهر ويبقى له اسم فى الأوساط الأدبية والثقافية وخلافه.

كنا فى ٢٠٠١، وجات هيئة قصور الثقافة بـ رئاسة الراحل على أبوشادى أصدرت تلات روايات هى: «أبناء الخطأ الرومانسى» لـ ياسر شعبان، «قبل وبعد» لـ توفيق عبدالرحمن، «أحلام محرمة» لـ محمود حامد، الروايات كان فيها جنس جرىء شويتين، وكان ممكن الأمر يمر لو اقتصر على رد فعل المثقفين والأدباء، لكن دا ما حصلش.

جمال حشمت النائب الإخوانى وقتها، قدم طلب إحاطة فى البرلمان بـ خصوص الروايات التلاتة، واستجواب لـ وزير الثقافة فاروق حسنى، وإزاى يا جماعة تنشروا الكلام دا؟ وفين القيم؟ فين الأخلاق؟ فين الإسلام؟ إلى آخر الكلام اللى حضرتك حافظه.

الأوساط الأدبية المختلفة كانت مستنية وزير الثقافة يطلع يدافع عن حرية الإبداع، ويقف ضد النظرة الضيقة لـ الأدب، ويعمل شغلانته يعنى، خصوصًا إنه بـ الفعل مسئول عن نشر الروايات، لكن فاروق حسنى ما عملش كدا، عمل العكس تمامًا.

صدر قرار بـ إقالة على أبوشادى من الهيئة، وتقديم اتنين مسئولين عن سلسلة «أصوات أدبية» لـ المحاكمة، هم إبراهيم أصلان وحمدى أبوجليل، وكان رد الفعل الرسمى عمومًا واخد صف الصوت الإسلامى، ومن نافلة القول إنه الروايات اتصادرت وقتها.

فاروق حسنى أدلى بـ تصريحات، منها تصريحات خارجية، إنه اللى اتكتب واتنشر فى الروايات غير مقبول، وإنه اللى ورا نشر الروايات دى وبـ يدعمها، هم شلة يساريين قليلة العدد والتأثير، ولم يصدر عنه أى حرف بـ شأن حرية الإبداع، ودا شكل صدمة لـ كتير من الأدباء والكتاب والمفكرين.

الصدمة دى ما نقدرش نقول إنها شملت كل الناس، ونقدر نقول إنه حصلت حالة من الانقسام، حتى لو كان فيه موقف أصحابه أكتر من غيرهم، لكن كان فيه جدل كبير.

فريق كان شايف إنه اللى حصل هو رضوخ من وزارة الثقافة لـ الإسلاميين، وبعضهم كان بـ يردد إنه موقف الوزارة والوزير حصل بـ تنسيق مباشر مع الإخوان، ودول قرروا اتخاذ كل وسائل التصعيد، من أول إصدار بيان رسمى، لـ حد مقاطعة الوزارة ومعرض الكتاب المقبل وتنظيم الاحتجاجات وهلم جرا، وكان على راسهم جمال الغيطانى وأسامة أنور عكاشة.

فريق تانى كان شايف إنه آه ندافع عن حرية الإبداع، بس من غير ما نشيل الموضوع لـ الوزارة أو الوزير، ولا مقاطعة ولا احتجاج ضدها ولا يحزنون، يعنى قضيتنا مع المجتمع مش المستوى الرسمى، اللى شافه معذور وهو بـ يواجه موجة عاتية. وكان فيه فريق على راسه عبدالرحمن الأبنودى كان مساند لـ الوزارة، ومحمل المسئولية لكتاب الروايات ومن سمح بـ نشرها، بـ اعتبارها فعلًا مسيئًا، وما ورد فيها مالوش علاقة بـ الإبداع، ومصادرتها مش ضد الديمقراطية. بـ اختصار الوزارة عملت الصح، والمثقفين لم يكونوا على قدر المسئولية.

بس، الهوجة دى خدت لها شويتين، واتنست زى غيرها، وتعيش وتفتكر