مكتبتي..
نقد الخطاب الدينى

كتابات وكتب نصر حامد أبوزيد كانت مزعجة جدًا لـ كل أطياف التيار الإسلامى، كتاباته مش نشاطه، ودا فارق مهم بينه وبين أى حد غيره، هو الله يرحمه ما كانش ناشط لا سياسى ولا ثقافى بـ المعنى الحركى أو التنظيمى أو شبه التنظيمى، كان بـ يكتب وينشر ويدرّس ويحاضر، ودا كان فى حد ذاته قمة الإزعاج.
مصدر الإزعاج كان من أمرين، الأول، علميته وأكاديميته اللى فضل محافظ عليهم بـ منتهى الحزم والرصانة، وعدم الانزلاق لـ كتابة حاجات شعبية أو شعبوية، رغم إن الموضوع كان مغرى، لكنه فضل متماسك بـ علمية ما ينشر، ورغم إنها كانت كتابات تقيلة لكن الأفكار الأساسية ما كانتش خافية ولا بعيدة عن الفهم، فـ دا كان خطر عليهم.
التانى، هو كرسى الدكتور نصر فى كلية الآداب جامعة القاهرة اللى كان بـ يخلى كتاباته توصل على الأقل لـ طلابه، وحتى لو مش كلهم كانوا بـ يتلقوه بـ نفس الدرجة من الإدراك، لكن دا كمان كان مزعج، وبدا واضحًا فى التسعينات إنه التيار الإسلامى كله بس مستنى فرصة لـ التخلص من نصر.
الفرصة جات لما تقدم نصر بـ أبحاثه للحصول على درجة الأستاذية، ومنها نقد الخطاب الدينى ومفهوم النص، ودى حاجة تقدر تعتبرها إدارية كما جرت عادة الجامعة، والمفروض إنه الأبحاث تتعرض على لجنة لتقييمها وتقول إذا ما كان الدكتور الباحث يستحق درجة الأستاذية من عدمه، وكان على راس اللجنة دى الدكتور عبدالصبور شاهين، ومن هنا جات الفرصة، ومن هنا كانت البداية.
عبدالصبور كان طول الوقت حريص على تبرئة نفسه من تكفير نصر أبوزيد، هو بـ يقول إنه ما عملش غير وظيفته، وهى كتابة تقرير عن أبحاث مقدمة لـ نيل درجة علمية، وهو كتب التقرير ودوره انتهى، وبـ يقول إنه التقرير لم يتناول عقيدة نصر من الأساس، هو قيم بحث مش باحث، وانتهى الأمر بـ النسبة له، والواقع دا كان بعيد تمامًا عن اللى حصل.
الواقع إنه تقرير عبدالصبور ما كانش أكاديمى نهائى، إنما كان جدل شخصى مبنى على أسس عقائدية واضحة، وأنا بـ أقول كدا لـ إن الدكتور عبدالصبور يعرف كويس البحث العلمى ولغته وأسلوبه، والتقرير بتاعه كان آراء شخصية على خلرير فى المعركة ككل. التقرير بس كان دوره تسجيل موقف رسمى على مستوى علمى يدين أفكار نصر وإنتاجه الأكاديمى، بعدين هـ يبقى سهل أى حد يتحرك بـ الكلام دا، وهو دا اللى حصل فعلًا.
بـ المناسبة فيه كلام هنا عن إنه موقف عبدالصبور له بعد آخر شخصى، بس دا مش موضوعنا، وإن كان لافت هنا إننا ننوه لـ حاجة، وهى إنه عبدالصبور ما كانش هو المفروض إنه يرأس اللجنة ويكتب التقرير وإنما شوقى ضيف اللى تنحى متعللًا بـ ضيق وقته وصعوبة حالته الصحية، ومن الحاجات اللى بـ تتقال هنا إنه دا كان تنحى سياسى لـ إن شوقى ما كانش ممكن يكتب الكلام اللى فى التقرير، فـ ادى الفرصة لـ عبدالصبور يصول ويجول.
ما علينا، اللى حصل إنه بـ مجرد ما بقى فيه تقرير زى دا، كان سهل أى حد يتلقفه، وكان فيه واحد اسمه صميدة عبدالصمد، هو اللى اتكأ على التقرير وقدم دعوى حسبة قصاد محكمة الأحوال الشخصية، اللى قضت بـ التفريق بين نصر وزوجته كونه مرتد، والباقى لـ الأسف معروف.