د. عيد صالح يكتب: نوستالجيا
ربما كنا شبيهين فى زمن ما..؟
كنت أراك فى المرآة تحدق فى وجهى
رغم غبار السنين
ما زلت تراودنى فى أحلامى
وتنزع سكينة الشيخوخة
وترد إلى شيطانى
لم أخن عهدنا ولم أتابعك فى جنوحك
وأنت تخلع عنك رداءك وتقفز عاريا
إلا من خرقة الصعود فى تجليات الروح..
من أثر ذنوب لم ترتكب
ومعصية للخلق لا للخالق
ربما تداخلت المشاعر
وأنت تفرد ذاتك وتطويها
فى محاولة للتطهر من آثام كتبت فى صحيفتك
وغابت عنك الإشارات والظلال
وتماديت فى عقدة الذنب
الذى خط فى الحلم
ولم يخرج إلى الشارع الذى غادرته
مذ كنت صبيًا يلعب فى باحة القرية
يصطاد فى حجره الأرانب ويجرى بها للبيت
وتنتابك الحسرة والخوف وأنت تفرد الثوب خاويًا
من أدخل فى قلبك الروع
ودفعك فى النهر وأنت لا تجيد العوم..؟
كدت تغرق لولا يد مدت
لم تكن جنية ولا ملاكًا..
كان شيخك فى الكتاب، وكنت تحفظ القرآن عن ظاهر القلب
كانت معانيه غامضة، لكن سعادة الحفظ طارت بك للمدينة
فى رحلة طالت حتى أرذل العمر..!!
لم تكن «رحلة جبلية» فى صحراء الذات
وأنت لم تتوقف فى اندفاعك للا شىء غامض ساحر
لم تكن النداهة،
ولا غبطة الروح فى مسالك الوجد،
وأنت تقاوم الغواية والآثام،
وأنت بين صحو ونوم..
لم يكن الحلم والتوق
وأنت تخترق المسافات
وأنت على شفا جرف..
لم يردعك الخوف،
وظللت واقفًا بين السماء والأرض
لم تهبط ولم تصعد
ما الذى كنت تقصد…؟؟
ربما كانت البنت التى أوقفتك بناصية المساء
وخدعة العينين الخضراوين
لم تقرأ فيهما شيئًا،
وأنت تودعها على رصيف القطار..
كنت تبحث عنها فى وجوه كل النساء،
وكن يضحكن من رومانسيتك المشبوبة
ويتحاشينك خشية الفضيحة...
طارت العصافير،
واصطفقت الريح النوافذ المتربة والأبواب
ودقت ساعة الميدان،
وأنت لا تزال …
واقفا هناااااك…!!