مراجعات نقدية لـ5 كتب عالمية تستحق القراءة
تتباين الآراء حول الكتب الجديدة الصادرة كل عام. وتأتى مراجعات النقاد لتسلط الضوء على الأعمال التى تستحق القراءة. فى هذا السياق نُشرت 5 مراجعات مهمة فى أشهر الصحف العالمية لأحدث الإصدارات الأدبية التى حظيت باهتمام واسع، جمعها موقع «Book Marks»، وتترجمها «حرف» فى السطور التالية. وتتضمن المراجعات الخمس كتاب: «السنة الرومانية» لليهودى المصرى أندريه أسيمان، وكتبت المراجعة الخاصة به أميناتا فورنا، فى «نيويورك تايمز»، والسلسلة الروائية «نجم الصباح» للروائى النرويجى كارل أوفى كناوسجارد، وكتبت المراجعة كريستين سمولوود، فى «نيويورك ريفيو».
كما تتضمن رواية «شخص مثلنا» للإثيوبى ديناو منجيستو، كتبتها ليلى ماير فى «نيو ريبابلكن»، و«مُوحدة» لهرى هان، وكتبتها كيسى سيب فى «ذا نيويوركر»، و«الصحة والسلامة: انهيار» لإميلى ويت، وكتبتها ألانا بوكروس فى «نيو ريبابلكن».
«السنة الرومانية».. آلام يهودى مصرى بـ3 جنسيات و7 لغات
نشر الكاتب الإيطالى الأمريكى من أصل مصرى أندريه أسيمان كتابه الجديد «السنة الرومانية»، الذى يتضمن حوالى ثُلثه توثيقًا للفترة التى قضتها عائلته اليهودية فى روما، عندما كان فى السادسة عشرة من عمره، بعد خروجهم من مصر.
فى ذلك الوقت، وصل عم لـ«أسيمان» آتيًا من نيويورك، ويتفقد الشقة الجديدة التى صارت منزلهم فى روما، وكانت فى السابق بيت دعارة، فينصحهم فورًا بالانتقال إلى أمريكا. يقول «أسيمان»: «ظللت أتساءل حينها لماذا لم يخطر على بالى، أو على بال والدىّ، أننا لم نكن نعيش حياة حقيقية»، مشيرًا إلى أن «جوهر هذه المذكرات يهتم بالبحث عن الحياة وسط مأزق التشرد». تشكل اللغة محورًا أساسيًا فى فترة التكيّف هذه، وتمثل أيضًا أساسًا فى تطور هوية «أسيمان»، الذى هربت عائلته من عدة حروب ومجازر، وأعادت بناء حياتها عدة مرات، لدرجة أن أفرادها يتحدثون الفرنسية والعربية واليونانية والتركية والألمانية والإيطالية، إلى جانب «اللادينو»، وهى لغة اليهود السفارديين. يستحضر «أسيمان» مرور الوقت من خلال النثر الغنى الحر، ويعيد بناء «روما الستينيات» بجمل مملوءة بالأضواء والأصوات والذكريات، هناك حيث طعم الخرشوف ورائحة البرجموت وعطر «كريب دو شين». من خلال حالة الارتباك التى صاحبت وصول العائلة إلى روما، ينتقل «أسيمان» الشاب من الإنكار نحو قبول تدريجى لحياته الجديدة. وتُعد مذكراته «السنة الرومانية» قصة بلوغ مؤثرة، ووصفًا مميزًا ومعاصرًا لحياة اللاجئين المليئة بالذكريات المؤلمة.
«نجم الصباح».. سلسلة أضاعها نجاح روايتها الأولى
وأضاف مؤلف الكتاب: «رغم التهديد العالمى للغات، يمكن القول إننا فى عصر ذهبى لإحياء اللغات، إذ يجد العديد من الأفراد والمجتمعات طرقًا جديدة لتقدير لغاتهم ودفعها نحو الاستمرار والمواصلة»، مشيرًا إلى دور التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعى فى الحفاظ على اللغات الأم، وهو دور معقد لا يمكن تبسيطه بأى حال.
وواصل: «تتوافر العديد من التقنيات باللغات الأكبر، فحوالى ٥٪ فقط من لغات العالم مُتاحة بشكل له معنى على الإنترنت، وتدفع الناس بطرق مختلفة نحو هذه اللغات. من جهة أخرى، نشهد جميع أنواع التكيفات الإبداعية لبعض التقنيات، خاصة للغات الشفوية»، معتبرًا أن «الأمر يعتمد حقًا على كيفية تطوير هذه التقنيات، ومن يجرى عملية التطوير».
وبالنسبة لكيفية تفاعل الناطقين بتلك اللغات مع تحديات الانقراض، قال روس بيرلين: «بعض المتحدثين والمجتمعات يكون أكثر اهتمامًا من غيرهم. فالناس لديهم أولويات مختلفة. أحيانًا لا يأتى الندم الحقيقى على لغة مفقودة إلا مع الجيل أو الجيلين التاليين. لكن بشكل عام، هناك اهتمام كبير، على الأقل، بوجود قاموس وتسجيلات، وفى رؤية لغتهم الأم كلغة مقدرة. بعض المجتمعات تبذل جهودًا هائلة فى هذا الصدد».
وأكد أن «تحالف اللغات المهددة بالانقراض» مستمر فى العمل على حماية اللغات المهددة بطرق متنوعة، مضيفًا: «الأشخاص الذين تم تسليط الضوء عليهم فى كتاب (مدينة اللغات) لا يزالون يمارسون جهودهم كل يوم».
ووصل إلى تقييم التقدم المُحقق فى الحفاظ على اللغات، منذ بدء عمله فى هذا المجال بشكل رسمى، قائلًا: «لقد شهدت الـ٢٠ سنة الماضية توسعًا هائلًا فى العمل من أجل اللغات المهددة بالانقراض، حتى أصبحت المئات من اللغات التى لم توثق سابقًا أكثر شهرة».
وأضاف: «تم إطلاق العديد من برامج الإحياء اللغوى، بالإضافة إلى تقنيات ومبادرات جديدة، وزيادة الوعى بشكل أوسع. ومع ذلك، لا يزال هناك القليل من الدعم المالى أو الرسمى»، مشيرًا إلى أنه «بالنسبة للعديد من اللغات، فإن الوضع يزداد سوءًا، رغم أن الوضع يتحسن فى حالات أخرى».
«مُوحدة» ليس كتابًا أكاديميًا، ولا يتناول أفكارًا كبيرة، بل هو عبارة عن سرد قصير ومؤثر لـ٤ من أعضاء كنيسة واحدة فى «سينسيناتى». بدافع الفضول لمعرفة كيف أقنع المنظمون بلدة أغلب سكانها من البيض بالموافقة على ضريبة جديدة تفيد بشكل أساسى السكان السود، بدأت الكاتبة هرى هان فى إجراء مقابلات مع هؤلاء المنظمين، وسرعان ما سمعت عن كنيسة إنجيلية حشدت مئات المتطوعين لتسجيل الناخبين، وتنفيذ حملات طرق الأبواب والاتصال الهاتفى لدعم المبادرة. ثم قضت ٧ سنوات أخرى فى الحديث مع أعضاء كنيسة «كروس رودز» حول إيمانهم ونشاطهم.
يقدم كتاب «مُوحدة» دراسة دقيقة ومركزة على عدد قليل من هؤلاء الأعضاء. فـ٤ بالتأكيد عدد ضئيل جدًا مقارنة بأكثر من ٢٠٠ مليون أمريكى يُعرّفون أنفسهم كمسيحيين.
«مُوحدة».. مطاردة العنصرية فى الكنيسة الأمريكية
لقت السلسلة الروائية «نجمة الصباح» للكاتب النرويجى كارل أوفه كناوسجارد، المكونة من ٤ أجزاء هى: «نجم الصباح» و«العالم الأول» و«العالم الثانى» و«العالم الثالث»، رواجًا كبيرًا فى الأدب العالمى، خاصة مع ترجمة الأجزاء الثلاثة الأولى منها إلى اللغة الإنجليزية. ورغم إيمانى بالأدب الذى يرفض الترفيه، ويميل إلى تناول الأشياء غير التقليدية، لكن هناك عيب واضح فى هذه السلسلة، هو الإفراط فى الطول، ما يجعل القارئ يشعر بإضاعة الوقت.
ربما ستظهر جميع الإجابات التى طُرحت أسئلتها سابقًا، فى الوقت المناسب. وقد تكون السلسلة ضحية لنجاحها المبكر. فقد كانت الرواية الأولى الأول قوية جدًا لدرجة شعور بعض القراء بالإحباط من متابعة ما جاء بعدها. يبدو أن «كناوسجارد» يعتقد أن القراء سيتبعونه فى كل كتاباته، وهذا يتطلب ولاءً كبيرًا، فالكاتب الذى يتوقع هذا قد يتحول من كونه مهتمًا بالإله إلى محاولة أن يكون مثل الإله!
«شخص مثلنا».. مأساة إثيوبى مغترب فى واشنطن
كإنسان يعيش فى واشنطن، أستطيع القول إنه من المستحيل فهم مدينتى دون قراءة أعمال إدوارد. ب. جونز، ودون أيضًا قراءة رواية ديناو مينجستو الأولى الصادرة عام ٢٠٠٧ بعنوان «الأشياء الجميلة التى تحملها السماء»، وهى قصة مؤثرة عن الاغتراب، تدور أحداثها فى حى كان يشهد تحولات سريعة فى شمال غرب العاصمة آنذاك.
أما روايته الصادرة حديثًا «شخص مثلنا» فتتناول موضوعات الحزن والإرث والإدمان، إلى جانب الاغتراب، كما رواية «الأشياء الجميلة التى تحملها السماء». لكن بينما كان «ستيڤانوس» فى «الأشياء الجميلة» يسعى إلى بناء روابط وعلاقات، فإن «ماموش» يخشى هذه الروابط، فى «شخص مثلنا».
ويتناول «مينجستو» هذا الخوف من خلال سرد تاريخ «ماموش»، معتمدًا على المكان كأداة للتعمق فى عقلية شخصية لا ترغب فى التعمق الذاتى، مع رسم ضواحى واشنطن العاصمة كشبكة من المبانى المملة التى تخلو من أى ملامح مميزة، بشكل يعكس الحياة التى يفضل «ماموش» أن يعيشها، فهو يسعى للشعور بالراحة فى مكان لا يحمل أى طابع مميز، لكن «مينجستو» يعرف أن هذا أمر غير واقعى.
تصور «شخص مثلنا» واشنطن كعالم متكامل ملىء بالأزمات والتجديد والآلام. يتجلى هذا فى المدى الزمنى والجغرافى الذى تغطيه الرواية. فبينما اقتصرت أحداث رواية «الأشياء الجميلة التى تحملها السماء» على حى واحد على مدار عام، تمتد الرواية الجديدة عبر عقود من الزمن، وتغطى مساحات واسعة، تصل إلى الضواحى التى يراها «ماموش» مملة، بينما يراها «صامويل» مليئة بالحياة.
«الصحة والسلامة».. أكبر من مجرد رقص ومخدرات!
فى بدايته، يشبه كتاب «الصحة والسلامة» لـ«إميلى ويت» كتاب «الجنس المستقبلى» لنفس الكاتبة، فكلاهما يقدم سردًا مسليًا واستفزازيًا من وجهة نظر الكاتبة عن ثقافات مرتبطة بالنشاط الترفيهى.
لكن «الصحة والسلامة» ليس كتابًا علميًا وثقافيًا بحتًا مثل «كيف تغير عقلك؟» لـ«مايكل بولان»، ولا هو تجريبى مثل «الرقص الصاخب» لـ«ماكنزى وارك»، الذى يشرح بأسلوب غير رسمى سلس، وأحيانًا سرد شخصى، كيف يساعد الرقص على مواجهة اضطراب الهوية الجنسية.
بدلًا من ذلك، كتبت «ويت» عملًا أكثر شمولية، يمزج بين عناصر من كلا النوعين الأدبيين. فالكتاب عبارة عن تاريخ بحثى للمخدرات والموسيقى الإلكترونية، وكذلك سرد شخصى لتجربة الاستهلاك والهروب من الواقع. لكنه أيضًا استكشاف لكيفية التوفيق بين فترات طويلة من الاحتفال وحياة البالغين التقليدية، التى تتطلب الالتزام بعلاقات طويلة الأمد ووظائف بدوام كامل. رغم أن «ويت» تطرقت أحيانًا لثقافة المخدرات والرقص، تناولت أيضًا قضايا اجتماعية وسياسية مُلِحة، مثل إطلاق النار فى المدارس، ووحشية الشرطة، وحركة اليمين البديل. هذا الاهتمام يحول كتاب «الصحة والسلامة» إلى شىء أكثر تعقيدًا من مجرد بحث فى الرقص والمخدرات.