الخميس 13 فبراير 2025
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

الفصل الأخير بين عادل حمودة وعادل إمام.. ثنائية الصداقة- القطيعة

عادل حمودة مع عادل
عادل حمودة مع عادل إمام

يشارك الكاتب الصحفى الكبير عادل حمودة فى الدورة المقبلة بكتاب جديد عن الزعيم عادل إمام، يستعرض خلاله علاقة صداقة تاريخية امتدت بينهما سنوات طويلة، قبل أن تنتهى إلى قطيعة ممتدة هى الأخرى حتى الآن لسنوات طويلة.. كواليس الصداقة وأسرار القطيعة تقرأها فى هذا الكتاب.

الكتاب صادر عن دار ريشة للنشر والتوزيع، التى تشارك بأكثر من 115 عنوانًا منها 30 عنوانًا على الأقل تلتقى بالقراء لأول مرة بجناح ريشة فى المعرض.

المقال الذى فرض القطيعة بيننا إلا قليلًا!

هل صحيح أن الحب «يصنع المعجزات» ويقرب بين الطبقات ويذيب ما بين الرجل والمرأة من تناقضات واختلافات ويقرب ما بعد بينهما من مسافات؟

هل صحيح أن الحب «أعمى»؟ أم أنه يصيبنا بالعمى المؤقت فلا نرى عيوب من نحب إلا بعد أن تذهب الثمالة وتأتى الندامة؟

الحب «وحده» لا يكفى، وإلا لما انتهى العشاق فى كثير من الأحيان إلى الانفصال، بل أحيانًا ما ينقلب الحب إلى كراهية.

وليستمر الحب وينتعش وينجب زهورًا ومانجو وفستق وأطفالًا، يحتاج إلى التوافق الروحى والتفاهم العقلى والتجانس الاجتماعى وربما السياسى أيضًا.

لقد أحبت صحفية مصرية كاتبًا يهوديًا سارع بإشهار إسلامه ليتزوجها، وفى أقل من سنة أنجبا صبيًا.

لكن فجأة اكتشفت أن نصف الطعام الذى تتناوله محرم عليه، وأن شريعته تأمره بالتخلص منها إذا ما جادلته فى أمر ما أو رفعت صوتها عليه.

وما إن انفجرت انتفاضة الحجارة فى فلسطين المحتلة حتى انحاز كل منهما إلى جانب، وتحول الانحياز إلى نقاش بدأ هادئًا وانتهى صاخبًا غاضبًا متنمرًا.

لم تفلح حلول الوسط فى استمرار العلاقة بينهما، وبعد طول جدال آمن كل منهما أنه لا مفر من الطلاق.

لكن هناك من يرى أن تناقضات الأفكار لا تنتهى دائمًا بالانفصال.

الدليل على ذلك زواج «محمد»، ابن «إحسان عبدالقدوس»، من «عفاف»، ابنة الشيخ «محمد الغزالى».

مصاهرة أثارت كل علامات الدهشة بين كاتب يدعو إلى حرية المرأة مهما بالغت فيها وشيخ إخوانى يصر على إعادتها إلى البيت ووضعها فى «الحرملك» تحت إقامة جبرية.

كيف نجحت هذه الزيجة؟

لم يتدخل «إحسان عبدالقدوس» فى اختيارات ابنيه. أصبح «محمد» صحفيًا ينتمى إلى الإخوان، ولم يتدخل لدى الرئيس «أنور السادات» للإفراج عنه عند اعتقاله فى «هوجة» سبتمبر ١٩٨١. وأصبح «أحمد» مهندسًا يعيش الحياة العصرية مثل نجوم السينما.

والحقيقة أن كلًا منهما يمثل جانبًا من والدهما، الذى جمع بين تحرر الأم «فاطمة اليوسف» وتزمت عمته التى تولت تربيته منذ كان صغيرًا.

وعلى خلاف الفكرة المتصورة عنه، كان «إحسان عبدالقدوس» متحررًا على الورق ومحافظًا فى بيته، حسب ما سمعت من شقيقته «آمال زكى طليمات» التى سجلت معها آخر حوار لبرنامج «حكاية وطن» على شاشة «النهار».

لكن كان لا بد أن ينجح زواج «محمد عبدالقدوس» و«عفاف محمد الغزالى»، فهما يؤمنان بالفكر الإخوانى معًا، وليس هناك تناقض بينهما فى رؤية الدنيا من منظور «الإسلام السياسى».

فى عام ٢٠٠٤، كتب «محمد عبدالقدوس» مقالة فى جريدة «الشعب» جاء فيها: 

«إن الشيخ محمد الغزالى استطاع أن يستوعب إحسان عبدالقدوس ويغير كثيرًا من أفكاره، بل إن زوجة الشيخ استطاعت استيعاب زوجة الكاتب وتغيير بعض سلوكياتها».

كانت المقالة بمناسبة زواج «سارة»، ابنة «عادل إمام»، من «أحمد»، ابن القيادى الإخوانى «نبيل مقبل».

و«نبيل مقبل» ملياردير وقطب مالى كبير. عمل مهندسًا فى شركة المقاولون العرب، ثم سافر إلى عدة دول نفطية هربًا من الاعتقال، وهناك كوّن ثروة كبيرة. وما إن عاد إلى مصر واستقر فيها حتى أسس شركات مقاولات.

توقع «محمد عبدالقدوس» أن يتغير «عادل إمام» بهذه المصاهرة كما تغير والده بمصاهرة الشيخ «محمد الغزالى».

«سارة» هى الابنة الوسطى، درست الميديا فى الجامعة الأمريكية، ورغم خفة ظلها وبراعتها فى الحوار، رفض «عادل إمام» أن تمثل، وكان مبرره أنه يخاف عليها من مشاهد القبلات وما بعدها، رغم أن أفلامه غالبًا لم تخلُ من هذه المشاهد، ما يعنى رأيًا سيئًا فى الممثلات اللاتى شاركنه فيها، كما أن هذا تناقض يصل إلى حد الشيزوفرينيا.

وُلدت «سارة» عام ١٩٧٧، وبدت طفلة خجولة تتوسط أمها لطلب ما تريد من أبيها. وعندما كبرت أصبحت أكثر قربًا منه، لكنها ظلت خجولة كلما سألها عن الحب.

حسب ما قال، فإنه كان يسألها دائمًا: «هل تحبين؟»، لكن وجهها كان يحمر من الكسوف، إلا أنه أفهمها أنها إذا أحبت ستكون إنسانة طبيعية.

فى الوقت نفسه كان يؤكد لها أنها لن تأخذ نصيحة من أحد أفضل منه، مضيفًا: «أنا اكتسبت خبرة مما مررت به فى حياتى، وسأقول لك المختصر المفيد».

لكن على ما يبدو لم تستمع لنصيحته عندما راجعها فى قصة الحب التى تعيشها مع زميلها فى الجامعة الأمريكية «أحمد نبيل مقبل».

أتصور أنه صدم، بل أتصور أن الصدمة كانت شديدة أن يصاهر عائلة إخوانية، وهو الذى حارب التيار السياسى الذى تنتمى إليه الجماعة.

ولا نعرف هل تذكر ساعتها أن قيادات فى الجماعة وقفت فى محاكمة قتلة صديقه «فرج فودة» تبارك الجريمة، وهو ما كان سيحدث معه إذا ما نجحت التنظيمات الإرهابية فى اغتياله؟

كيف سيضع يده فى يد من يباركون التخلص من المفكرين والفنانين والمبدعين بالدم؟

لكن على الجانب الآخر، لم يشأ وهو أب أن يكسر قلب ابنته ويحطم سعادتها التى تتصور أنها تنتظرها.

على أنه بلا شك أدرك عمق المطب الذى وضعته فيه، فهو بأفكاره وأفلامه وتصريحاته ضد الجماعة.

كما أنه خاف أن تكون هذه المصاهرة مدبرة من الجماعة لحماية أموال «نبيل مقبل»، الذى يمكن أن يكون غطاء لاستثماراتها، بأن تجد له علاقة مع شخصية عامة شهيرة ومؤثرة مثله بتزويج ابنه من ابنته.

إن «عادل إمام» فى عرف التنظيمات الإسلامية «كافر»، فلم قبلت الجماعة هذه الزيجة، وكان متوقعًا أن ترفضها؟.

هل هناك شىء ما خفى وراء هذه المصاهرة غير المتجانسة؟

وتضاعف الشعور بالريب بعد موافقة المرشد العام «محمد مهدى عاكف»، الذى تولى منصبه فى يناير ٢٠٠٤، وينسب إليه فى تسريب مسجل أنه اعتبر الوطن لا قيمة له إذا ما قورن بالخلافة التى يسعى التنظيم الدولى إليها، قائلًا بصريح العبارة: «طظ فى مصر».

أكثر من ذلك، حضر المرشد العام عقد القران.

لكن قبل ذلك كلف «عادل إمام» ولديه «رامى» و«محمد» بخلق علاقة صداقة مع «أحمد» حتى يضمن سلامة «سارة» من ورطة قد توضع فيها، والتأكد من أنه شاب جاد ويستحقها.

فيما بعد قال: «أنا فعلت ذلك لأننى فلاح ابن فلاح».

ولم يرد عليه أحد قائلًا: «وهل الفلاح ابن الفلاح يمثل المشاهدة الحميمية فى أفلامه إلى حد منعها؟»

فى فيلا «العجمى»، جاء «نبيل مقبل» وابنه إلى «عادل إمام» ليطلبا يد «سارة»، قائلًا:

ــ أنا إخوانى وعُمرى ١٨ سنة.

وقبل أن يكمل قال «عادل إمام»:

ــ وأنا انتميت إلى تنظيم شيوعى وعُمرى ١٨ سنة.

ثم سكت ثانية وأضاف:

ــ إيه رأيك نقرا الفاتحة؟

فى ذلك اليوم ادعى «نبيل مقبل» أنه جمد نشاطه فى الجماعة، مما شجع «عادل إمام» على مصاهرته، ولكن فيما بعد وبالتحديد يوم ١٧ أغسطس ٢٠٠٧، قبضت مباحث أمن الدولة على قيادات إخوانية يعقدون اجتماعًا تنظيميًا فى بيته، وكان من بينهم «عصام العريان» و«محمود حسين» و١٤ شخصية أخرى.

كان جدول أعمال الاجتماع يبدأ بكيفية استغلال الأحداث التى تتفجر فى فلسطين وأفغانستان لإثارة الجامعات والنقابات، ثم ناقش كيفية نشر أفكار الجماعة فى الصحف، ثم انتهى بقرار مهم هو تحديد نسبة من الدخل الشهرى لأعضاء الجماعة للمساهمة فى تمويل أنشطتها.

حدث ذلك بعد ثلاث سنوات من عقد قران «سارة» و«أحمد»، لكن السؤال الغائب كان: «كيف تلقى عادل إمام خبر القبض على صهره؟».

بينما «نبيل مقبل» يمارس مهامه التنظيمية، وجدنا «عادل إمام» يبتعد تمامًا عن القضايا التى تمس الإسلام السياسى.

منذ عام ٢٠٠٤ وحتى عام ٢٠٠٧، قدم فيلم «عريس من جهة أمنية»، وفيلم «السفارة فى العمارة»، وفيلم «عمارة يعقوبيان»، وفيلم «مرجان أحمد مرجان».

ابتعد «عادل إمام» عما يثير غضب الجماعة، ولكن الجماعة لم تبتعد عما يثير غضب النظام.

والمؤكد أن النظام غضب من علاقة المصاهرة بين نجم الجماهير الأكثر شعبية وجماعة تسعى جاهدة للاستيلاء على الحكم، كما سيدرك «عادل إمام» نفسه فيما بعد.

لم يقبل «مبارك» دعوته لحضور عقد قران وحفل زفاف ابنته، بل ولم يذهب إليه جمال وعلاء، وتردد أن هناك من اقترح إخراج «عادل إمام» وعائلته من البلاد، ولكن ذلك لم يكن صحيحًا تمامًا.

حسب تقرير صحفى كتبته «سماح عبدالعاطى» بعد حضورها عقد القران، فإن «عادل إمام» كان متجهمًا بعض الشىء ولم تعرف الابتسامة وجهه، ولم يدعُ أحدًا من الوسط الفنى.

كان عقد القران فى مشيخة الأزهر التى وصلها «عادل إمام» فى الساعة الواحدة من ظهر يوم سبت فى صحبة زوجته «هالة الشلقانى»، وابنه «رامى» وزوجته، وشقيقه «عصام»، والعروس التى كانت ترتدى بدلة بيضاء من الحرير.

حضر الزوج مع أسرته وكان يرتدى بدلة زرقاء برباط عنق بيضاء، وحرصت قريباته على ارتداء ملابس طويلة فضفاضة، ووضعن على رءوسهن الحجاب طبعًا.

كان التناقض صارخًا بينهن وبين نساء عائلة عادل إمام اللاتى كن يرتدين ملابس سواريه مكشوفة قليلًا.

أول شىء فعله عادل إمام بعد وصوله إلى مشيخة الأزهر هو طلب مقابلة الشيخ «سيد طنطاوى»، وعندما قابله استجاب إلى رغبته فى التقاط صورة مع عائلته، وطلب منه أيضًا أن يعقد القران بنفسه. ورغم انشغال الإمام الأكبر، إلا أنه وافق دون تردد، وعقد القران فى قاعة الأفراح الرئيسية التى تقع فى نفس طابق مكتب شيخ الأزهر.

حاول «عادل إمام» التخفيف من توتره خلال مراسم عقد القران بأسلوبه الساخر، ولكن الفأس كانت قد وقعت فى الرأس.

بعد عقد القران، قبل «عادل إمام» ابنته «سارة» أكثر من مرة، وسمح للمصورين بالتقاط صور له مع العروسين وأصدقائهما، ثم انصرف مع زوجته تاركًا العروس تلتقط الصور مع زوجها وعائلته، ثم انصرفت معهم بعد ذلك بصحبة شقيقها الأصغر «محمد».

هذه هى المرة الأولى التى يدخل فيها «عادل إمام» مشيخة الأزهر، فلم يعقد قران ابنه الأكبر «رامى» فيها، وفسر البعض هذا التغير بأن اختيار المشيخة كان نزولًا على رغبة أهل الزوج.

كانت مفاجأة عقد القران فى حضور مرشد الإخوان، الذى هنأ العروسين، واعتبرت الجماعة أن هذا حدث لا يمر بسهولة.

على موقعها الإلكترونى «إخوان أون لاين»، نشرت الخبر التالى:

«حضر المرشد العام للجماعة مراسم عقد زواج نجل رجل الأعمال الأستاذ/ نبيل مقبل أحد رجالات جماعة الإخوان المسلمين على كريمة الفنان المعروف عادل إمام، والذى تم ظهر اليوم بمشيخة الأزهر وعقب عقد القران صافح المرشد والدى العروسين داعيًا لهما بحياة سعيدة وسائلًا الله أن يبارك لهما وعليهما».

فى اليوم التالى مباشرة رفع الخبر من الموقع.

لم يذكر الخبر أن المرشد السابق للجماعة «مأمون الهضيبى» تحفظ على الخطوبة التى تمت قبل عدة أشهر، وفى الوقت نفسه حاولت الجماعة تسريب أخبار تشير إلى أن «نبيل مقبل» انفصل عنها منذ فترة طويلة، حتى لا تحسب هذه الزيجة عليها.

لكن الإخوان على دين مرشدهم. بعد أن رفضوا الزيجة، باركوه وعادوا يؤكدون أن «نبيل مقبل» من رجالاتها البارزين.

أقيم حفل الزفاف فى قصر «عادل إمام» بالمنصورية، وتكلف ٣٥٠ ألف دولار، حسب بعض المصادر، شاركه فيها «نبيل مقبل».

غطت «صوت الأمة»، التى كنت رئيس تحريرها، الحدث بتقرير صادم، كتبه «محمد الباز» تحت عنوان «عادل إمام يسلم ابنته إلى طيور الظلام».

فى التقرير الذى شارك فى جمع معلوماته أكثر من محرر، نقرأ:

«لم يختلف حفل الزفاف عن غيره من حفلات الزفاف.. كان من المتوقع أن يتحول الحفل إلى أسطورة أو إلى ليلة من ليالى ألف ليلة وليلة، فالعروس هى ابنة عادل إمام. لكن الحفل كان عاديًا للغاية. لم يحضر عدد كبير من الفنانين. الذين حضروا فقط ميرفت أمين، شويكار، لبلبة، هانى رمزى، محمود ياسين وزوجته شهيرة، حسين فهمى، حلا شيحة، نور الشريف، شريف منير، أشرف عبدالباقى، سمير غانم، ليلى علوى، سعيد صالح، وصلاح السعدنى.

لكن تغيب نجوم الكوميديا الجدد الذين خرجوا من مدرسة عادل إمام ثم أخرجوه بعد ذلك بإيرادات أفلامه. ولا أحد يدرى هل وجه لهم عادل إمام الدعوة فاعتذروا أم أنه لم يوجه إليهم الدعوة من الأساس.

وكما حدث مع الفنانين، لم يحضر رؤساء التحرير الكبار الفرح.

من الكتاب الكبار حضر رجاء النقاش، سعيد سنبل، مفيد فوزى، وحضر أيضًا الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل وزوجته.

ولكن أصدقاء عادل إمام العديدين فى الصحافة لم يحضروا، وكان غريبًا منه أن يمنع الصحفيين من حضور الزفاف وأن يقتصر على ثلاثة محررين لتسجيل أحداثه، ويفرض حالة من الرقابة الشديدة على الذين يدخلون والذين يخرجون إلى حديقة القصر الذى شهد حفل الزفاف».

سمعت من «هيكل» أنه نصحه بأن يقتصر الحفل على مقربين منه دون نشر صور منه، وهو ما فعله هيكل فى زفاف ابنه حسن الذى أقامه فى قاعة «البلفدير» أعلى فندق «هيلتون النيل» قبل أن يتغير اسمه، وحضره وسط عدد محدود من السياسيين ولم تنشر صورة واحدة.

وهو ما حدث فى حفل زفاف جمال مبارك وخديجة الجمال فى شرم الشيخ.

لم يستجب «عادل إمام» للنصيحة رغم المصاهرة التى وضعته فى حرج مع النظام، إلى حد حضور ثلاثة وزراء فقط حفل الزفاف، وهم اللواء «مصطفى عبدالقادر»، والدكتور «محمد زكى أبوعامر»، والوزيرة «فايزة أبوالنجا»، وحضر محافظا القاهرة والجيزة.

حاول «عادل إمام» تبرير الموقف لمن حوله بأن «الوزراء لم يحضروا لأنهم مع الرئيس فى الخارج»، ولم يكن ذلك صحيحًا. فقد كانت التعليمات ألا يحضر الوزراء المؤثرون حتى لا يبدو وكأنه صلح بين الحكومة والجماعة المحظورة، وحتى لا يضطر رئيس الحكومة الدكتور «عاطف عبيد» إلى مصافحة المرشد العام وتلتقط لهما صور معًا.

يضيف «محمد الباز»:

واكتفى «صفوت الشريف»، وزير الإعلام، بإرسال «بوكيه» ورد، وهو ما فعله أيضًا الدكتور «زكريا عزمى»، رئيس ديوان الرئيس.

كان رجال السلطة الذين وقفوا إلى جوار «عادل إمام» فى فرح ابنته من السابقين الذين أفُل نجمهم وانحسرت الأضواء عنهم. حضر الدكتور «كمال الجنزورى»، واستقبله «عادل إمام» بترحاب شديد. وظهر فى الفرح أبناء «عبدالناصر» وأبناء «أنور السادات»، وتغيب أبناء «مبارك».

كانت ملامح «عادل إمام» منقبضة للغاية، ولا أحد يعرف كيف كان شعوره، وعليه تغيب «علية القوم» عن مثل هذه المناسبة الخاصة فى حياة النجم الكبير. هل يعنى ذلك أنه كان نجمًا وهوى؟ هل شعر بأنه أصبح زعيمًا سابقًا مثل السابقين الذين جاءوا لتهنئته؟

كان جو الفرح مختلفًا، كما روت «سماح عبدالعاطى»، كانت الإضاءة خافتة لدرجة أن المدعوين لم يروا بعضهم البعض. وقد أحيته المطربة «شيرين»، وشاركها «عامر منيب» و«ريكو» دون أجر. وكان من المتوقع أن يحضر «عمرو دياب» أو «محمد فؤاد» على الأقل، ولكن طبقًا لمصادر زميلنا «مصطفى عمار»، فإن «عادل إمام» كان قد دعاهم لإحياء حفل زفاف ابنته، لكنهما رفضا لأنه طلب منهما الغناء بلهجة شعروا فيها بأنه يأمرهما.

المفاجأة كانت فى حضور «أحمد الفيشاوى» الحفل. فهو يعيش فى أزمة اتهامه بالزواج العرفى من مهندسة الديكور «هند الحناوى» ثم تنكر لها.

بالطبع وقفت «صوت الأمة» إلى جانب «هند الحناوى» رغم صداقتى بـ«فاروق الفيشاوى» ولكن فيما بعد اعترف بحفيدته واعتبرها هدية من السماء.

لم يحضر «أحمد الفيشاوى» الحفل من أجل «عادل إمام» وإنما من أجل صديقه «أحمد نبيل مقبل»، فهو صديقه الذى تعرف عليه عن طريق الداعية «عمرو خالد».

بعض الموجودين سألوا «أحمد الفيشاوى» عن ورطته فقال لهم: «عادى هذه حاجات تحدث كل يوم فى مجتمع المشاهير».

وعندما التقى به «سعيد صالح» رحب به قائلًا: «أهلا بالولد الشقى». 

تأثير عائلة أسرة العريس كان واضحًا للغاية فى تفاصيل حفل الزفاف. لم تقدم مشروبات روحية للمدعوين وحتى الراقصة «دينا»، التى تعتز بصداقتها مع «عادل إمام» اتصلت به لتقدم وصلة فى الحفل، لكنه اعتذر واكتفى بأن دعاها إلى حضور الفرح الذى انتهى فى الخامسة صباحًا ليسافر العروسان لقضاء شهر العسل فى الخارج. 

«حالة عادل إمام» النفسية خلال حفلى عقد القران والزفاف وفى الأيام التى فصلت بينهما تؤكد أنه جار على نفسه وعلى تاريخه وعلى سعادته من أجل سعادة ابنته وزواجها من الشاب الذى أحبته.

لم يكن يستطيع أن يرفض، ولكن يبدو أنه لم يحسبها جيدًا. وأعتقد أنه لم يسأل نفسه سؤالًا بسيطًا وهو: ماذا سيفعل إذا ما طلب أحمد من سارة أن ترتدى الحجاب؟ لو حدث هذا فمن المؤكد أنها ستوافق حتى تكون أقرب إلى عائلة زوجها. قد يريح «عادل إمام» نفسه ويقول: «إن هذا لو حدث فهو ليس أكثر من حرية شخصية» ولكن فى داخله لن يكون راضيًا عما حدث. فكأنه وبنفسه يسلم ابنته، أغلى ما يملك، إلى عائلة تحكمها أفكار جماعة حاربها فى أفلامه وأطلق على أبنائها بلا خوف «طيور الظلام». 

لن أضخم الموضوع وأقول إن «عادل إمام» خان تاريخه وباع نضاله لجماعة الإخوان، فقد يكون فى لحظة عدم وعى، وتصوّر أنه سيزوج ابنته من شخص تحبه وينتهى الموضوع، ونسى خلال هذه اللحظة كل ما قدمه وما عرض نفسه للخطر من أجله.

وقد يكون «عادل إمام» غير مستوعب لما حدث حوله فى المجتمع، لكن كان لابد أن يسأل نفسه: لماذا استاءت جماعة الإخوان من الخطوبة ثم عادت مرة أخرى لتبارك الزواج بل وتبالغ فى الاحتفاء بالخبر الذى نشرته على موقعها الإلكترونى؟.

إن الإخوان يلعبون مع «عادل إمام» لعبتهم القديمة. يأخذون من أى شىء وكل شىء وسيلة لتحقيق أهدافهم. لقد أعلن «مهدى عاكف» فى مؤتمره الصحفى الذى عرض فيه برنامج الإصلاح من وجهة نظره أنه مستعد لتغيير اسم الجماعة إذا كانت المشكلة فى الاسم، وهو بذلك يغازل النظام السياسى على الملأ. 

وليس بعيدًا أن تكون مباركة الزواج بين ابن قيادى إخوانى بارز وابنة فنان كوميدى كبير لعبة سياسية تقوم بها الجماعة. فهم يصعدون على كتف «الكوميديان» ربما ليمرروا للناس وللنظام أنهم ليسوا خصومًا للفن، بدليل أنهم أعطوا ابنهم لابنة الفنان، وأنهم ليسوا ضد حرية الرأى، بل إنهم ناسبوا فنانًا ينتقدهم فى أفلامه.

ما لم يقله «محمد الباز» سبق أن نشرته فى «صوت الأمة»، وهو أن الجماعة كانت مستعدة لعقد صفقة مع نظام مبارك، توافق على توريث ابنه الحكم مقابل السماح لها بحزب سياسى شرعى. ولكن «مبارك» رفض.

وفيما بعد سنجد «الجماعة» تنقض كل ما تعهدت به عندما وجدت نفسها فى السلطة. 

يكمل «محمد الباز»:

لقد ربح «عادل إمام» وبشدة من حربه ضد الإرهاب. فى «طيور الظلام» كشف التنظيمات الإسلامية التى خرجت من رحم الإخوان وأساليبها فى السيطرة على الحكم ولا تتورع فى سبيل ذلك أن ترتكب ما تشاء من موبقات. 

وفى فيلم «الإرهابى» يقول: إن الإرهابى لو نشأ فى بيئة طبيعية لما اعتنق هذه الأفكار. 

انحاز فى كل أفلامه إلى أفكار الحرية وقيم التنوير وانتصر للطبقات المطحونة وهو نفسه قال: «أنا أقف دائمًا فى صف البسطاء والمهمشين فى فكرى وفى الشخصيات التى أختارها».

لكنه رغم ذلك جلس مع الإخوان المسلمين وصافح مرشدهم، الذى يبدو أنه جاء باستراتيجية جديدة تمامًا ينفذ من خلالها هدف الجماعة الأسمى، وهو الوصول إلى الحكم دون أن يصطدم بالسلطة. فبعد سلسلة الاعتقالات الأخيرة التى راح فيها أكثر من خمسين قياديًا فى الجماعة، لم يكن «مهدى عاكف» غاضبًا، بل أرخى حبال الود علّه يظل موصولًا مع النظام. بل بدا الرجل يتحرك تحركات يحاول من خلالها أن يثبت حسن نيته. ففى نفس اليوم الذى حضر فيه حفل عقد قران ابنة «عادل إمام»، قام بزيارة إلى الدكتور «عاطف صدقى»، رئيس وزراء مصر الأسبق بعد أن أصيب بوعكة صحية، أدت إلى دخوله غرفة العناية المركزة بمستشفى «عين شمس».

وعلى موقع الإخوان الإلكترونى، وصف اللقاء بأنه كان محاطًا بالمحبة والسرور من الطرفين، وعبر «مهدى عاكف» عن تمنيات جموع الإخوان بالشفاء العاجل وتمام الصحة له.

هذا رجل يعرف ما يفعل ولعله قال فى نفسه إن علاقة وثيقة مع «عادل إمام» عن طريق النسب يمكن أن تضيف لرصيد الجماعة المحظورة كثيرًا. فلم لا يستغلها ويحسن استثمارها. لقد فرضت الجماعة أفكارها على عقد القران وعلى حفل الزفاف وهو ما يحمل مؤشرًا على أن الجماعة يمكن أن تسيطر على «عادل إمام» وعلى أفكاره تمامًا وما دام خضع وقبل الزواج فيمكن له أن يخضع أكثر.

إن «عادل إمام» لو سأل نسيبه، والد زوج ابنته، عن رأيه فى أفلامه وفيما يقدمه، فمؤكد أنه سيسمع ما لا يسره. بل إن الجماعة قد ترى فى كثير من أفلامه محاولة لإفساد المجتمع وتحويله إلى مجتمع عابث غير قادر على تحمل المسئولية. وليس بعيدًا إذا وصل الإخوان إلى الحكم أن يكون أول ما يفعلونه هو إحراق أفلام «عادل إمام»، وذلك لأنها «رجس من عمل الشيطان». رغم أن «عادل إمام» لو يعلم فإنه قيمة كبيرة وتاريخ بالفعل. ولا أدرى أين كان عقله وهو يسلم هذه القيمة وهذا التاريخ إلى الإخوان؟

أخشى ما أخشاه أن يكون «عادل إمام» نفسه قد تغير وأن يكون مجرد ممثل يركب الموجة الرائجة ويخوض فى الطريق الذى يوصله إلى هدفه. لقد سافر إلى أسيوط فى عز تصاعد الإرهاب ليقف بجوار فرقة مسرحية صغيرة، ولكنه خاف أن يسافر إلى الجزائر مع أن الظرف واحد. فهل سافر إلى أسيوط لأن الجولة كانت تسانده وتقف ضد الجماعات الإرهابية بكل قوتها؟ هل رغب فى ذهب الدولة فاستهان بسيف الإرهاب؟ ولكن الآن الحكومة تلعب لعبة الشد والجذب مع الإخوان والجماعات الإسلامية الأخرى فلماذا لا يدخل هو الآخر اللعبة؟ ومؤكد أنه سيتفيد أيضًا.

أتمنى أن يكون كلامى مجرد تفسير وليس حقيقة، ولكن ماذا سيقول لنا «عادل إمام» بعد ذلك؟ هل سيعترف بأنه كان مخطئًا وأن أفكاره السابقة كانت وهمًا وسرابًا وأنه اكتشف مؤخرًا أن الإخوان وأتباعهم ليسوا إلا قومًا من الملائكة؟ ولذلك لم يمانع أن يعطيهم ابنته التى ستمنح الإخوان أبناء يمكن أن ينضموا إلى صفوفهم ويعملوا جاهدين على رفع رايتها وتحقيق أهدافها. وساعتها يمكن أن يعتبر الإخوان «عادل إمام» هو الحل. فقد ساهم فى تقديمهم إلى المجتمع بصورة جديدة. دخلوا على جناحه إلى الأوساط التى ترفض الإرهاب، فما دام فنان بحجمه قد قبل أن تصبح ابنته منهم، فلابد أنهم على صواب.

عادل حمودة وعادل إمام

وقد يرى البعض أن ما حدث ليس دليلًا على وعى «عادل إمام»، بل دليل أكبر على عدم وعيه وسذاجته الواضحة وسطحية ثقافته، وأنه كان فى أفلامه التى قدمها ضد الإرهاب ليس إلا مؤديًا عاديًا وأن الفكر كان وراءه كاتب بحجم وقيمة «وحيد حامد»، الذى يعرف ما يفعله جيدًا والذى مازال يحارب الأفكار الهدامة حتى الآن.

ليس من حقّى أن أتحفظ على زواج ابنة «عادل إمام» من ابن قيادى إخوانى بارز، ولكن من حق المجتمع أن يتحفظ ويتساءل عما يحدث بل ويرفضه. وهذا من حقه، لأن المجتمع الذى أعطى «عادل إمام» اسمه ومنحه ثروته وجعل منه نجمًا هائلًا ليس فى مصر وحدها ولكن فى العالم العربى كله، وقف وراءه عندما قدم أعماله المهمة. وعندما بدأ فى التراجع والهبوط بأفلام مثل «أمير الظلام» و«التجربة الدنماركية»، التمس الناس له الأعذار وانتظروا أن يخرج النجم من كبوته ليكمل مسيرته. هؤلاء البسطاء الذين يريد الإخوان أن يجعلوا منهم وقودًا لخططهم وأهدافهم، كانوا ينتظرون من «عادل إمام» موقفًا آخر، ولكنه خذلهم كما خان أحلامهم قبل ذلك.

لقد ظل «عادل إمام» بطل الطبقات الفقيرة يخلص لهم ثأرهم ويعيد لهم حقوقهم ويصبرهم على ما يلم بهم ولم يمنعه ذلك من أن يكون من أصحاب الملايين، وكان هذا صعبًا للغاية، فما أبشع أن يقف رجل صحيح البدن تظهر عليه علامات الصحة خطيبًا فى قوم من الجائعين ينصحهم بأن يصبروا على الجوع، لأنهم سيأكلون فى الجنة ما يشبعهم.

إننى أشفق على «عادل إمام»، فهو فى موقف لا يحسد عليه، ولا أريد أن أفسد عليه فرحته أو أبدد سعادته. هذا إذا كان سعيدًا فعلًا. إنه يكاد يفقد مصداقيته. ملامحه فى صور عقد القران والزفاف عكست قلقه واضطرابه وتوتره، وكأنه وقع فى ورطة ويريد التخلص منها بأسرع ما يمكن.

لكنه لا يدرى أنه أوقع نفسه فى مأزق دائم وورطة مستمرة لن يستطيع الخروج منها فالمرحلة السهلة من الأزمة مرت، لكن الأصعب قادم لا محالة، ولن يستطيع «عادل إمام» أن يتحمله أو يتعامل معه.

كنت أتمنى أن يكون فرح يوم الخميس مجرد فيلم يقوم ببطولته ويساير جماعة الإخوان فيه وقبل أن تنزل كلمة النهاية يكتشفهم ويظهرهم على حقيقتهم، ويقول لهم: «لا» ولكن ما حدث كان حقيقيًا سار إليه بقدميه، باحثًا عن سعادة ابنته حتى لو على حساب تاريخه ومجده، وهى نقطة أقدرها فيه لكنى لا أتخيلها منه كنجم كبير صنع نفسه من الانحياز إلى ما ينفع الناس وإذا به الآن يتخلى عنهم.

أعتقد أن «عادل إمام» يعيش حالة نفسية مرهقة للغاية، ففى الوقت الذى يحاول أن يظل فيه واقفًا على خشبة المسرح أطول وقت ممكن مقاومًا كل اجتهادات الشباب الذين يريدون إزاحته نهائيًا يجد نفسه يخسر من حيث لا يحتسب، فقد يكابر بعض الشىء، قد يرفض ما نقوله كله. لكنه سيأتى الوقت الذى يكتشف فيه أنه أخطأ خطأ عمره الذى لن ينفع معه شفاعة.

إننى أتمنى أن تعيش ابنة «عادل إمام» حياة سعيدة مع من تحب، وأن يكون «عادل إمام» راضيًا عما فعل ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.

انتهى مقال «محمد الباز». 

مقال متميز وافقت على نشره رغم أننى أدركت من أول كلمة فيه أنه سيكون المسمار الأخير فى نعش علاقة الصداقة بينى وبين «عادل إمام»، وإن التقينا فيما بعد فى حفل على شرف «باسم يوسف» أقامه «محمد الأمين»، مالك قناة «سى بى سى»، فى فندق «ماريوت» الزمالك، وتبادلنا الأحضان، وكأن شيئًا لم يكن، وانضمت إلينا «هالة سرحان» وظللنا معًا حتى نهاية الحفل.

لكن تفسيرى لحالة الود التى أظهرها أنه كان فى فترة حرجة بسبب الهجوم عليه من شباب الثورة، ووصفه بأنه «فلول» من أعدائها. وما إن استرد اطمئنانه على نفسه وأسرته حتى وصل إلى قطيعة نهائية وإن لم يعلنها.. كان المقال سبب هذه القطيعة.

كان المقال تعبيرًا عن موقف لم أتزحزح عنه ضد الإخوان ولم يكلفنى علاقتى به، وإنما كلفنى أيضًا علاقتى بـ«هيكل» الذى انحاز إليهم بعد وصولهم للرئاسة، ويسجل التاريخ أننى لم أذهب إلى القصر الجمهورى فى وجود «محمد مرسى» رغم أننى دُعيت إليه ثلاث مرات. كما حاربت الجماعة على صفحات الفجر، وعلى شاشة برنامجى التليفزيونى فى قناة النهار. لم أساوم فى موقفى من الجماعة واعتبرته سرطانًا سيقضى على هوية هذه الأمة، ولم تكن المشكلة اختلافى مع «عادل إمام»، وإنما كانت المشكلة كيف صافح اليد التى فكرت فى التخلص منه؟

وما إن نشر المقال حتى فتحت علينا النيران من صحفيين صغار أرادوا أن ينافقوا «عادل إمام»، وأحدهم كان يحلم بأن يمثل له سيناريو كتبه، لكن «عادل إمام» اكتفى بدعوته على غداء فى بيته ثمنًا مناسبًا لما قدم إليه.

ولم يقتصر الأمر على المقال، وإنما أعلنت موقفى بوضوح فى التليفزيون. كان «محمود سعد» واحدًا من مقدمى برنامج «البيت بيتك»، فى وقت أراد فيه وزير الإعلام «أنس الفقى» توسيع مساحة الحرية فيه فاقترح استضافتى أنا ووزير الإسكان والتعمير «محمد إبراهيم سليمان» ليرد على الاتهامات التى لم أتوقف فى توجيهها إليها، لكنه فى اللحظات الأخيرة اعتذر.

لم يجد «محمود سعد» مفرًا من أن يحاورنى فى أمور مختلفة، ولعلاقته القوية مع «عادل إمام» فتح موضوع زواج ابنته، وبدأ بأسلوبه السلس، رافضًا موقفى، الذى اعتبره قاسيًا، وتساءل: ما الذى يفعل أب أمام رغبة ابنته فى الزواج ممن تحب حتى لو كان إخوانيًا؟.

وكان ردى: تصور لو أحبت ابنتك مجرمًا وصاحب سوابق، هل كان سيرضخ لها؟

وسألنى: لو حدث ذلك لابنتك، ماذا ستفعل؟ أجبت: لقد حاربت الفساد ولن أقبل أن تأتى ابنتى بشاب من أسرة فاسدة، وتطلب منى الموافقة على الزواج منه.

قال «محمود سعد»، الذى ساند «محمد مرسى» فيما بعد: لكن الإخوان ليسوا فاسدين.

قلت: إنهم مجرمون زرعوا العنف فى مصر قبل الثورة وبعدها، وخرج من ظهرهم تنظيمات إسلامية فعلت رصاصها فى المجتمع حتى نجحت فى اغتيال رئيس الدولة وسعت جاهدة للاستيلاء على السلطة بالقوة.

وعندما شعر بالحدة فى كلامى، طلب الخروج إلى فاصل. ورغم أننا عدنا بعد الفاصل، إلا أن العلاقة بينى وبين «عادل إمام» لم تعد. ولم يسع كل منا لعودة المياه إلى مجاريها أو ترميم ما احترق من جسور بيننا، فلم يكن هناك ما يبرر تقاربنا من جديد.

لكنه يظل شريكًا فى عصر اتفقنا فيه كثيرًا واختلفنا عليه قليلًا. ولو لم تصدقنى، أعد قراءة الكتاب مرة أخرى.