القراءة مع الكبار.. ترشيحات مبدعى مصر لقراء حرف فى معرض الكتاب

قبل ساعات من انطلاق الدورة السادسة والخمسين من معرض القاهرة الدولى للكتاب، بدأ كثيرون فى إعداد قوائمهم الخاصة، لأهم ترشيحات الكتب التى تستحق الاقتناء والقراءة.
وتحمل ترشيحات كبار الروائيين والكُتاب أهمية خاصة، فى ظل ما يتمتعون به من خبرات تُمكنهم من اختيار أفضل الكُتب وأكثرها ثراءً بالمعرفة والمتعة الخالصة، وهو ما تسعى إليه الغالبية العظمى من القراء.
«حرف» تواصلت مع عدد من كبار الأدباء، وطلبت منهم ترشيح عمل واحد للقراء، يمكن لهم اقتناءه وقراءته فى معرض الكتاب، فكانت الاختيارات الثرية التالية، التى تباينت بين الرواية والقصة والكتب التاريخية وغيرها.

أحمد الخميسى: «مقامات الغضب» لصفاء النجار
رشح الكاتب أحمد الخميسى رواية «مقامات الغضب» كرواية جديرة بالقراءة فى معرض الكتاب المقبل، من تأليف الدكتورة صفاء النجار، والتى طُرحت لها ٥ أعمال مع دار نشر «مسافات»، تتوافر فى الدورة المنتظرة من «العرس الثقافى».
«مقامات الغضب» رواية صادرة عن الدار المصرية اللبنانية، وفيها تتبع الدكتورة صفاء النجار ٤ مقامات رئيسية: «مقام المغامرة»، و«مقام الحيرة»، و«مقام الترقب»، و«مقام الترحال»، ومن خلالها تشرح ما حدث فى مصر، قبل ٢٥ يناير ٢٠١١، ثم ما بعدها، مع التركيز كثيرًا على حالة الانقسام التى تحول إليها المجتمع، وكان من أحد أهم أسبابها جماعة «الإخوان» الإرهابية، بغبائها وفكرها الإقصائى.
تدور أحداث رواية «مقامات الغضب» حول عائلة لا يعرف أفرادها الاتزان، فيقفون على طرفى النقيض، إما التمرد والغضب أو الخنوع والاستسلام، وكلٌّ يدفع الثمن، يخافون الفشل، لكن الانكسار هو الفخ الذى يقعون فيه، تتقاطع مصائر الشخوص مع مصير الوطن فى لحظات سياسية واجتماعية حرجة، حيث يمتزج الحب بالخيانة، الأمومة بالعجز، اليقين بالشك، الإيمان بالإلحاد، ويشكل الغضب الممزوج بالوجع الوعى بالحياة، تتناوب مقامات الغضب بأصوات شخصياتها ما بين المغامرة والحيرة والترقب والترحال.
هى رواية اجتماعية سياسية، تعبر عن الكل، خاصة بعد ثورة يناير، وتسلط الضوء على جميع الضغوط التى مر المجتمع المصرى آنذاك. وفيها تعبر د. صفاء عن الجميع، وعن لحظة الحيرة التى حدثت عقب ثورة يناير ٢٠١١، حيث كان للناس توقعات ما، ولكن ما حدث أن الثورة خُطفت، قبل أن تعود مرة أخرى فى ٢٠١٣. ترصد الدكتورة صفاء النجار كل هذا فى روايتها الجديدة، كأنها عين تنظر إلى الماضى بكل هذه التفاصيل الدقيقة، لتروى حكاية وطن كامل عافر وقاوم حتى استرد عافيته، وعادت مصر إلى المصريين.

عبدالرحيم كمال: «قناع بلون السماء» لباسم خندقجى
اختار الكاتب والسيناريست عبدالرحيم كمال رواية «قناع بلون السماء»، للكاتب الفلسطينى باسم خندقجى، وهى الرواية التى صدرت عام ٢٠٢٣، عن دار «الآداب» فى بيروت، وحصلت على الجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر» لعام ٢٠٢٤.
تدور رواية «قناع بلون السماء» حول شاب فلسطينى يُدعى «نور مهدى الشهدى»، الباحث المختص فى التاريخ والآثار، والذى يعثر على بطاقة هوية زرقاء لشاب إسرائيلى يدعى «أور شابيرا»، داخل جيب معطف اشتراه من سوق الأغراض المستعملة. ولما كان «نور» أشقر اللون بعينين زرقاوين أخذهما من أمه التى ماتت أثناء ولادته، فإن شكله وطلاقته فى الحديث باللغتين العبرية والإنجليزية، جعلا ادعاءه بأنه «يهودى إشكنازى» يبدو سهلًا ولا يثير الشكوك.
ولدى «نور» فى أحداث الرواية صديق وحيد هو «مراد»، المحكوم عليه بالسجن المؤبد، والذى يظل على امتداد الرواية، البالغة ٢٤٠ صفحة من القطع المتوسط، يُجرى حوارات متخيلة معه، دون أن تصل رسائله إليه، إذ كان يسجلها على هاتفه، وكان يتخيل ردود «مراد» العنيفة على مواقفه، وإن كانت نابعة منه، وفق تقرير عن الرواية على وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا».
وبهويته الجديدة «الإسرائيلية»، يسجل «نور» للعمل مع مؤسسة أمريكية تنقب عن الآثار فى مستوطنة «مشمار هعيمق»، المقامة على أراضى قرية «أبو شوشة» المُهجَر أهلها، والتى حدثت فيها واحدة من أكبر وأشرس المعارك التى جرت أثناء نكبة ١٩٤٨، وكان مبرره الذاتى الذى أقنع نفسه به هو البحث عن صندوق مريم المجدلية، ليثبت بعض الوقائع التاريخية، والتى جرت فى «اللجون/ مستوطنة مجدو»، رغم أن إحدى رسائل «مراد» نصحته بوضوح أن يتجه كخبير آثار لتأكيد ملكية الفلسطينيين لأراضى حى «الشيخ جراح»، بصفتها قضية أهم وأكثر إلحاحًا من البحث فى تاريخ مريم المجدلية.
باسم خندقجى روائى فلسطينى، ولد فى مدينة نابلس عام ١٩٨٣. درس الصحافة والإعلام فى جامعة النجاح الوطنية فى نابلس، واعتقل فى ٢٠٠٤ على يد قوات الاحتلال وكان عمره ٢١ عامًا.
وتسلمت ناشرة الرواية، رنا إدريس، صاحبة دار «الآداب»، جائزة «البوكر» لعام ٢٠٢٤، بالإنابة عن «خندقجى» الأسير فى السجون الإسرائيلية، وتعتبر روايته تلك جزء أول من رباعية «المرايا»، وموضوعها هو تصحيح السردية الغربية والإسرائيلية عن الأحداث فى فلسطين.

حلمى النمنم: «الغواص» لريم بسيونى
رواية «الغواص.. أبى حامد الغزالى»، الصادرة عن دار «نهضة مصر»، عام ٢٠٢٤، كانت ترشيح الكاتب الصحفى حلمى النمنم، وزير الثقافة الأسبق، للقراء فى معرض الكتاب.
وتتبع ريم بسيونى، فى رواية «الغواص»، سيرة حياة أبى حامد الغزالى، وهو الإمام الذى ولد فى فترة مثلت تحديًا كبيرًا فى تاريخ الأمة الإسلامية، ليس فقط لوجود فرقة «الباطنية» الخطيرة آنذاك، بل صعوبة الأمر كانت فى الحرب الأهلية الدائرة بين «السلاجقة» أنفسهم، بالتزامن مع وجود تعصب شديد جدًا بين المذاهب السنية نفسها.
وتحدثت «ريم» عن هذه الفترة التى كتبت عليها، فقالت فى حوار سابق مع «حرف»: «كانت هناك حرب بين المعتزلة والأشعرية، والمذهبين الحنفى والشافعى، تعصب شديد جدًا، أدى إلى وجود خلافات بين الفقهاء، تكاد تصل إلى الشتائم والتكفير فى بعض الأحيان، وفق ما ذكره الغزالى نفسه فى كتبه».
وأضافت: «وصل الأمر إلى إلحاد البعض ممن رأوا قسوة شديدة فى حياتهم تلك، فراحوا يتساءلون عن جدوى الحياة نفسها، وهل هناك حياة بعد الموت أم لا، وغيرها من التحديات والفتن القوية المتعددة، والتى واجهها الغزالى بكل قوة، حتى إنه اعتبر نفسه منقذ العالم، وكان يرى أنه يلعب هذا الدور بشكل دائم، لذا تجد أن كل كُتبه كانت تدور حول فكرة: ما الذى ينبغى فعله حتى ننقذ العالم؟».
وأكدت ريم بسيونى أنها ظلت تقرأ حول حياة أبى حامد الغزالى لمدة ٦ سنوات كاملة، لكى تستطيع مماثلة لغة كتابته، مشيرة فى الوقت ذاته إلى أن الرواية تتطرق لشخصيات مجهولة عاصرت «الغزالى»، وهى شخصيات أثرت فى مصر تأثيرًا شديدًا جدًا، ومع ذلك لم ندرسها فى المدارس ولم يُكتب عنها كثيرًا، مثل بدر الدين الجمالى.
وأضافت أن بدر الدين الجمالى لا توجد رواية واحدة تتطرق إلى شخصيته الثرية، رغم أنه هو الذى أنقذ مصر من المجاعة، ومن حرب أهلية كانت تدور رحاها آنذاك، بين الجيشين السودانى والتركى، فقد استطاع أن يُنهى هذه الحرب، وأن يكوّن جيشًا قويًا فى مصر، إلى جانب بناء العديد من المبانى، وتقسيم البلاد إلى ٢٨ محافظة.

إبراهيم عبدالمجيد: «صوت المكان» لعاطف معتمد
وصف الكاتب والروائى إبراهيم عبدالمجيد كتاب «صوت المكان.. سيرًا على الأقدام فى جغرافية مصر»، الصادر عن دار «الشروق»، من تأليف الدكتور عاطف معتمد، بأنه كتاب علمى مهم للغاية، فضلًا عن كونه مفيد جدًا للأدباء فى دراسة طبيعة ومعانى الأماكن. وكتاب «صوت المكان.. سيرًا على الأقدام فى جغرافية مصر» موجز مبسط لجهود ١٠ سنوات ماضية للدكتور عاطف معتمد من الترحال والسفر داخل الأراضى المصرية، وهى مفهوم أوسع من الوادى والدلتا، وتشمل الصحراء الشرقية وسيناء والصحراء الغربية.
ويقدم الكتاب الجغرافيا فى صيغة قصص قصيرة ومقالات سردية أقرب للمعالجة الأدبية، بما يُمكن من وصول الجغرافيا لكل الناس، وهو ما يؤمن به المؤلف، الذى يرى أن «الجغرافيا تستحق أن تكون علمًا لكل الناس، جغرافيا شعبية وليست شعبوية، للشعب كله وليس حكرًا على المتخصصين».
والكتاب مُزود بأكثر من ٥٠ صورة فوتوغرافية، وأكثر من ٢٥ خريطة مبسطة، وهو مكون من عدة فصول، كل منها يتحدث عن إقليم من أقاليم مصر، مثل: أسوان والنوبة، والصعيد من الأقصر وقنا إلى الفيوم والجيزة، والدلتا، والصحراء الشرقية، وسيناء، والصحراء الغربية، والفصل الأخير عنوانه: «الجغرافيا فواتح شهية»، ويتضمن «موضوعات تفتح شهية الناس على الجغرافيا».
الدكتور عاطف معتمد هو أستاذ الجغرافيا بكلية الآداب جامعة القاهرة. حصل على الدكتوراه من جامعة «سان بطرسبرج» فى روسيا عام ٢٠٠١، وحصل على جائزة الدولة التشجيعية فى الجغرافيا السياسية عام ٢٠٠٩. عمل «معتمد» مستشارًا ثقافيًا ورئيسًا للبعثة التعليمية فى السفارة المصرية بالعاصمة الروسية موسكو، بين عامى ٢٠١٤- ٢٠١٦، وساهم بعدد من المؤلفات والترجمات فى الجغرافيا السياسية لروسيا، والفضاء الجغرافى المتفكِّك عن الاتحاد السوفيتى.

محمد المخزنجى:«هيا نشترِ شاعرًا» لأفونسو كروش
أكد الكاتب محمد المخزنجى أن من أكثر الكُتّاب الذين لفتوا نظره فى الفترة الأخيرة، الكاتب البرتغالى أفونسو كروش، الذى يكتب الرواية الموجزة أو «النوفيلا»، وقرأ له روايتين صادرتين عن دار نشر «مسكليانى».
وأوضح «المخزنجى» أنه قرأ لـ«كروش» روايتى «هيا نشترِ شاعرًا» و«الرسام تحت المغسلة»، مضيفًا: «هما روايتان قصيرتان أعجبتانى كثيرًا، وأراهما مختلفتين عن المعهود، لصوت جميل وجديد فى الرواية الموجزة».
وجاء فى تصدير رواية «هيا نشترِ شاعرًا»:
كيف نقدّم- أدبيًا- مجتمعًا مُحاصرًا داخل فضاء مالى فيه تعلو القيم المادية على كل شىء لتصبح جوهر العلاقات الإنسانية؟ سؤال حارق يجيب عنه الروائى البرتغالى أفونسو كروش، عبر اقتراح طريف يتمثّل فى شراء شعراء مثلما تُشتَرى أيّة بضاعة أخرى من المحال التجارية.
تطلب طفلة مراهقة عمرها ١٢ سنة من والديها شراء شاعر أسوة بالعائلات الأخرى التى تجد فى الحيوانات «قططًا وكلابًا...» ألفةً فى البيوت، أولًا لأنه لا يكلف كثيرًا من الناحية المالية، وثانيًا لا يترك أوساخًا مثل الرسامين والنحاتين!
بهذه الفكرة التى تبدو لنا ساخرةً وغريبةً يعرّى الكاتب مجتمعًا بأكمله، مجتمعًا يقيس الناس بالأرقام والموازين، وتحدّد العلاقات الإنسانية فيه بدرجة نفعها، وكل ما خرج عن ذلك النظام فهو باطل.
هل هناك مكان للشعراء فى مجتمع كهذا؟ هل انتهى زمن الشعر وآن الأوان لكى نشيّع القصيدة إلى مثواها الأخير، للحفاظ على إنسانية هذا المجتمع، واستعادة ما هُجّر منه تحت أسماء كثيرة: الحداثة، التقدم، النجاعة، الربح...؟ ذلك ما تتكفل بالإجابة عنه هذه الرواية.
أفونسو كروش كاتب برتغالى، ولد عام ١٩٧١ فى مدينة «فيجيرا دا فوز» البرتغالية. درس الآداب والفنون الجميلة والتشكيلية فى لشبونة، وهو موسيقى ورسام ومخرج، له عدة روايات مُترجَمة إلى العربية، من بينها «هيا نشترِ شاعرًا»، ترجمة عبدالجليل العربى، و«الكتب التى التهمت والدى» و«الحفيدة»، ترجمة سعيد بنعبد الواحد، و«دمية كوكوشكا»، التى حصلت على جائزة الاتحاد الأوروبى للأدب عام ٢٠١٢، و«الرسام تحت المجلى»، ترجمة مها عطفة.

جار النبى الحلو: «رائحة الشمس» لمحمد المخزنجى
رشح الروائى جار النبى الحلو الكتاب القصصى «رائحة الشمس»، للدكتور محمد المخزنجى.
«رائحة الشمس» كتاب أصدره الدكتور محمد المخزنجى، ضمن ٣ إصدارات تطرح له فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، عن دار «الشروق» للنشر والتوزيع، ويضم ٥٠ قصة قصيرة، بعضها يصل إلى نصف صفحة، والآخر يطول قليلاً. وقصة «رائحة الشمس» رغم قصرها لكنها معبرة للغاية عن فترة الطفولة وما بعدها، ويسرد فيها «المخزنجى» قصة أم تلملم الغسيل فى الشمس فيحتفظ الغسيل بالرائحة، ويأتى الطفل الصغير ليلقى بنفسه على كومة الغسيل المركونة ليتشمم منها رائحة الشمس التى تختزنها الملابس. يكبر الطفل لكن هذه الرائحة لا تفارقه، يكبر ويتزوج، وحين تراه زوجته يتشمم الملابس المغسولة تحسبه يتيقن من نظافتها، لكنه كان يسعى لتلك الرائحة التى ظلت محتفظة بوجودها رغم سنوات عمره الكثيرة، رائحة الشمس وعطر الأم.

أشرف العشماوى: «الفلاح المصرى والفكاهة» لعوض الغبارى
فضل الروائى أشرف العشماوى كتاب «الفلاح المصرى والفكاهة»، الصادر عن دار «المعارف»، من تأليف الدكتور عوض الغبارى، والذى يقدم فيه دراسة شائقة وتحليلًا أدبيًا لواحد من أشهر نصوص الأدب المصرى الساخر وهو «هز القحوف»، الذى يعد أحد أبرز كتب الأدب العربى التى تصف الريف المصرى.
و«هز القحوف» كتاب يجمع بين الهجاء اللاذع للمجتمع الريفى المصرى فى القرن السابع عشر، فى قالب من التهكم والدعابة والتنكيت، ما جعله مقبولًا من أهل عصره، بوصفه كتابًا يحمل السرور والإضحاك لقارئه، بغض النظر عمن كان موضوعًا لذلك كله، بل إن الكتاب وجد إعجابًا بين أهل الريف أنفسهم، لدقة تصويره جوانب أحوالهم المختلفة، مع محاكاة وتعليق ساخر للشعر الذى برع فيه علماء عصره.
وقال الدكتور عوض الغبارى، فى مقال عن كتاب «هز القحوف»: «حفل بروائع التراث العربى وتفاعل معها، وتناص بالشعراء العرب، وتأثر بالمصادر الغنية بالحكايات والنوادر والأشعار مثل (ألف ليلة وليلة). كذلك انعكست الروح الدينية فيه، خاصة ما يتعلق بالتصوف».
وأضاف «الغبارى»: «معجم الريف والفلاح فى (هز القحوف) منقسم بين ما كان مستخدمًا من لهجة الريف، وبين ما اخترعه الشربينى (المؤلف) على طريق الهزل، وهذا المعجم مهم جدًا للتعرف على الثقافة المصرية بجوانبها الاجتماعية، التى تلقى الضوء على جانب مجهول من حياة المصريين فى ذلك العصر، وما تبعها من تفكير خاص لأصحابها فى الريف المصرى».
وواصل: «أطلعنا (هز القحوف) على طريقة الفلاحين فى حياتهم، من خلال عاداتهم وتقاليدهم، وطعامهم البسيط الفقير، مثل المش والجبن والكشك والبيسار (البصارة) والبصل، وغير ذلك، وارتباطهم بالأرض والحيوان كالبقر والجاموس، والاعتماد عليه فى الزراعة والطعام والتجارة. كذلك أطلعنا على أفراح الفلاحين وأتراحهم، ومفهومهم لما يحيط بهم من قضايا الحياة والفلاحة، وكذلك صورة المرأة والطفل فى ذلك المجتمع، والتندر بغرابة أسمائهم وطرافة حكاياتهم».

نوال مصطفى: «عهد دميانة» لأسامة عبد الرءوف الشاذلى
لاقت رواية «عهد دميانة»، الصادرة عن دار «الرواق» للنشر والتوزيع، من تأليف الدكتور أسامة عبد الرءوف الشاذلى، استحسان الكاتبة نوال مصطفى، د
افعة إياها إلى ترشيحها للقراء فى معرض الكتاب، خاصة بعدما تعاقدت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية على تحويلها إلى مسلسل درامى.
«عهد دميانة» رواية تناقش مصر فى نهاية العصر الفاطمى، وتتطرق للعديد من الأسئلة حول هذا العصر، خاصة سؤال الهوية، والذى تردد على لسان «يوسف بن صدقة» حين قال لـ«دميانة»: «سأخبركم بما وصلت إليه ولم أدركه، وبما وصلت إليه وأدركته، أدركت جوهرى وأن جوهر الإنسان لا يحده وطن ولا دين ولا مذهب، فحدوده كون يحيط به، ومنتهاه لخالق أبدعه وأنشأه واختار له الأرض موطنًا، فقبل الحدود كانت الأرض، وقبل التقسيمات كان الإله الخالق، وقبل العائلات كلنا لآدم وكلنا بشر».
وتؤكد الرواية أن همومنا المادية والاجتماعية والجغرافية والشخصية متكررة، والإنسان يعيد نفسه مهما تطور، وهو سجين سجنه الجينى، الذى يجعله يتحرك فى حدود متكررة، وأخطاؤه وهمومه متكررة.
وعمد «الشاذلى» فى «عهد دميانة» على مواكبة اللغة نفسها، التى كانت سائدة فى العصر الفاطمى، كأنه ينقل القارئ مباشرة لتلك الحقبة، بعد أن اختفت اللغة القبطية وظهرت العامية وراحت تتشكل، وأصبح المصريون أمام لغة معبرة عربية هى اللهجة العربية الفاطمية، مع طريقتهم التى تخلط بين القبطية والعربية والمصرية القديمة.

فاطمة المعدول: «كل ده كان ليه» لفيروز كراوية
رشحت الكاتبة فاطمة المعدول، شخصية «معرض الطفل» فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، كتاب «كل ده كان ليه» للفنانة فيروز كراوية، الصادر عن «ديوان» للنشر والتوزيع، من مراجعة وتحرير الناقد الموسيقى فادى العبد الله.
يتناول الكتاب رحلة الأغنية المصرية وتحولاتها منذ نهايات القرن الـ١٩ حتى يومنا هذا، بداية من انتشار «الطقطوقة» الغنائية والمسرح الغنائى ثم المونولوج الغنائى، مرورًا بصعود أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب فى بدايات القرن العشرين، ثم موجة الأغنية الجديدة خلال الحقبة الناصرية، وتحولات الأغنية الشعبية وعصر الكاسيت، وموجات «البوب العربى»، وصولًا إلى عصر منصات «الإنترنت» الرقمية و«الراب» و«المهرجانات»، مع الاهتمام بتحليل السياقات السياسية والاجتماعية التى أحاطت بصناعة الموسيقى خلال تلك التحولات، وساهمت فى تكوين الذوق ونوع الأغنية الجماهيرية المتصدرة والمنتشرة على نطاق واسع.
ترى فيروز كراوية، فى كتابها، أن أم كلثوم تمتعت بذكاء كبير، وكذلك بحظوظ جيدة، نظرًا لانضمامها لنخبة متميزة وفارقة فى تاريخ مصر، عند وصولها القاهرة فى عام ١٩٢٣، مؤكدة أنه «عندما تتمتع بموهبة نادرة، يصبح من المهم جدًا أن تلتقى بمن يرعاها ويطورها، وإلا حازت مكانة أقل مما تستحق، وربما انتهت سريعًا، أو أصبح إنتاجها الفنى متوسط الجودة والتأثير».
وأضافت أن «أم كلثوم بوجودها بين صناع الفن، مثل محمد القصبجى وزكريا أحمد وأحمد رامى، فى العشرينيات، استطاعت اختيار وصناعة لون غنائى يميزها عن معاصراتها، ثم التخفف تدريجيًا من سطوة أبيها وأخيها على عملها بالفن، لأن نخبة ثقافية دعمتها فى مواجهة عقليتهما المحافظة والريفية غير المتلائمة مع الحياة الفنية فى القاهرة».
وشددت على أن حصول «ثومة» على الدعم من عالم أزهرى ودارس الفلسفة، مثل الشيخ مصطفى عبدالرازق، وأسرته النافذة، ومن النخب السياسية والاقتصادية الصاعدة بعد ثورة ١٩١٩، مثل شركات طلعت حرب التى أسست «ستوديو مصر» وظهرت هى من خلاله فى السينما، كل ذلك مكنها من التحول إلى أيقونة وطنية تشارك فى تكوين صورة كبيرة للطموح المصرى نحو الاستقلال والحداثة فى فترة تاريخية هامة.

سلوى بكر: «صباح 19 أغسطس» لضحى عاصى
رشحت الروائية والقاصة سلوى بكر رواية «صباح ١٩ أغسطس»، الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية، من تأليف ضحى عاصى، والتى دخلت قائمة «الأعلى مبيعًا» فى النسخة ٥٤ من معرض الكتاب.
وتدور أحداث رواية «صباح ١٩ أغسطس» بين مصر وروسيا، وتعرض الكثير من الأحداث التاريخية المتزامنة مع عصر الاتحاد السوفيتى، وما حدث فى البلاد من مشكلات اقتصادية وسياسية وحربية، وصولًا إلى حتى المجاعة. تنتمى «صباح ١٩ أغسطس» إلى الروايات السياسية التاريخية، وتقع فى ٢٣٩ صفحة، وتدور أحداثها حول «كاملة»، وهى نصف مصرية ونصف روسية، تعيش فى قرية «بنى حسن»، وتفاجأ بتحول زوجها «رسلان»، الذى أحبته، إلى أحد أكبر قادة التنظيمات الإرهابية، بعد سفره إلى أفغانستان. كما تتناول الرواية حياة الابن «صادق»، الذى صنع عالمه الخاص بعيدًا عن عالم والديه.
وتبدأ أحداث الرواية بحياة «كاملة» بعد نجاح السوفيت فى هزيمة «النازية»، وما مرت به البلاد من أزمات وقتها بسبب الاضطهاد والفقر والجوع، حتى إنها لم تجد مخرجًا من الأزمات إلا التجارة فى المصاحف والسبح من خلال تاجر أزوبكى، راصدة تجربتها فى مصر، وتطور أعمالها لدخول عالم السياحة، ثم لعب دور الوسيط مع المافيا الحمراء الروسية، والحصول على العمولات وبناء إمبراطوريتها الخاصة.
ومع تطور الأحداث، تتبدل أوضاع البطلة بعد تحطم أسطورتها «غول شرم الشيخ»، مع بداية أحداث ٢٠١١، وتدهور أوضاع السياحة فى مصر، وتعرضها لأزمة نفسية بعد ظهور حبيبها «رسلان»، الذى حاول خنقها، مما جعلها تترك عالم الأعمال وتقرر أن تبتعد عن الأضواء والشهرة، وتعمل فى مجال السفر، وتقضى أوقاتها بين مصر وموسكو.