أحمد ماهر: صداقة شوقى شامخ من نِعَم الدنيا.. ابن بلد يعرف الأصول ويصون العِشرة
«الحديث عن الجانب الإنسانى عند شوقى شامخ يوجع القلب، لأنه كان من طراز نادر، شوقى كان يحفظ للصداقة قيمتها الحقيقية».. بكلمات وعبارات يملؤها حزن وألم فراق من جانب، وفخر واعتزاز من جانب آخر، وصف الفنان الكبير أحمد ماهر صديق البدايات وزميل المشوار شوقى شامخ، الذى اعتبره إحدى حبات عنقود الموهوبين فى الحياة الفنية المصرية. عن شوقى شامخ الصديق المضياف الأصيل ابن البلد، كما وصفه الفنان أحمد ماهر، يدور الحوار.

■ شوقى شامخ.. صديق البدايات وزميل درب جمعتكما أعمال عديدة مثل رأفت الهجان وغيره.. حدثنا عن تلك الصداقة؟
- شوقى شامخ ليس مجرد زميل عمل أو صديق، لكنه ركيزة أساسية فى الحياة اليومية لأصدقائه، هو ابن البلد الجدع الذى يقدر قيمة الصداقة والعِشرة، أصيل، يعرف معنى الصداقة الحقيقية ويقدّرها حق التقدير، كما كان فنانًا ملتزمًا، صاحب طعم خاص وخصوصية فنية تميز بها عن غيره، وامتلك جسورًا ممتدة وصداقات عديدة، لما كان يتمتع به من شمائل طيبة وأخلاق راقية تغرى بصداقته، إلى جانب ذلك كان خفيف الظل، ومضيافًا بطبعه، يفتح قلبه وبيته لأصدقائه دائمًا.
■ كيف ترى مكانة الفنان شوقى شامخ فى الحركة الفنية، وما الذى ميزه عن أبناء جيله من الفنانين؟
- شوقى شامخ، رحمه الله، لم يكن مجرد فنان يؤدى أدوارًا، بل كان أحد رموز الحركة الفنية المصرية بحق، من أولئك الذين صاغوا وجداننا الفنى والإنسانى فى مراحل مختلفة، وكان نموذجًا للفنان الذى يجمع بين الالتزام والانتماء، وبين الأصالة والمعاصرة، حافظ طوال مشواره على العادات والتقاليد الفنية الأصيلة التى تربى عليها جيلنا، تلك التقاليد التى كانت تجعل من الفنان قدوة وسفيرًا للقيم قبل أن يكون نجمًا أمام الكاميرا.
■ هل نشأة شوقى شامخ فنيًا فى المسرح كان أحد أسباب بزوغ نجمه؟
- بالتأكيد، هو فى الأصل تربى مسرحيًا، والمسرح -كما تعلم- هو المدرسة الأولى التى تُعلم الفنان الانضباط والالتزام والدقة واحترام المهنة، ومن هنا جاء نُضجه الفنى وأصالته، فقد تشبع بمعانى المسرح وقيمه الرفيعة، من حيث الالتزام بالمواعيد، الاحترام المتبادل بين الزملاء، تقديس النص والعمل، والإيمان بأن الفن رسالة وليس وسيلة للشهرة فقط، وهذه التربية المسرحية انعكست على أدائه فى كل ما قدّمه من أعمال تلفزيونية وسينمائية، فكان دائمًا يُضفى على الشخصية روحًا حقيقية تلامس القلب والعقل معًا، فلم يكن مجرد ممثل يتقمص الدور، بل كان يعيش الشخصية حتى يُقنعك بأنها جزء من روحه.
أما على المستوى الإنسانى، فكان راقيًا فى تعامله إلى أبعد الحدود، متواضعًا رغم مكانته، ومخلصًا لأصدقائه وزملائه. كان يحمل فى داخله قدرًا كبيرًا من الطيبة والصفاء، ويمنح كل من حوله طاقة إيجابية تشع حبًا واحترامًا.
وبصراحة، مثل هذه الصفات أصبحت نادرة فى أيامنا هذه، لأن جيل شوقى تربى على قيم حقيقية، فنية وإنسانية، كانت تجعل الفنان إنسانًا قبل أى شىء آخر. لذلك حين رحل، لم يرحل كفنان فحسب، بل كرمز ترك أثرًا عميقًا فينا جميعًا، أثرًا لا يُمحى مع مرور الزمن.
■ نعود للجانب الإنسانى من شخصية الفنان شوقى شامخ. كان دائمًا يظهر على الشاشة بالشكل المرح، التلقائى، الطيب، القريب من الناس. هل كانت شخصيته على الشاشة تشبه الشخصية الحقيقية؟
- الحديث عن الجانب الإنسانى عند شوقى شامخ يوجع القلب، لأنه كان من طراز نادر، شوقى كان يحفظ للصداقة قيمتها الحقيقية، حيث كان وفيًّا وصادقًا فى مشاعره، لا يغير مواقفه مهما تغيرت الظروف أو تبدلت الأيام، يمتلك حضورًا محببًا لا يُنسى، يترك أثرًا طيبًا فى النفوس أينما حل، وكان كل من يعرفه يشعر أنه أمام إنسان بسيط، صادق، نقى القلب، لا يتصنع ولا يكذب، رحمه الله رحل بجسده، لكنه ما زال حاضرًا فى الذاكرة، وفى وجدان كل من عرفه.
■ أعمال عديدة قدمها شوقى شامخ سواء فى المسرح أو السينما أو الدراما.. ما الدور الذى تعتبره أظهر موهبته الحقيقية؟
- فى الحقيقة أعماله كثيرة جدًا ومتنوعة، ومن الصعب حصرها فى حديث واحد، لأن مشوار شوقى شامخ كان حافلًا بالعطاء والإبداع فى كل لون فنى قدمه، من يعود لأرشيفه الفنى سيكتشف بنفسه حجم الثراء الذى تركه، سواء فى الدراما التليفزيونية أو المسرح أو السينما، وما أقوله الآن لا يمثل إلا قطرة فى بحر عطائه الغزير، الذى سيبقى شاهدًا على موهبته النادرة وصدقه الإنسانى والفنى، بداية من «شاهد ما شافش حاجة» مرورًا بـ «رأفت الهجان وكتيبة الإعدام وحلم الجنوبى وأرابيسك» وغيرها من الأعمال التى تركت بصمة فى تاريخ الفن المصرى.