المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

نحو بيئة رقمية أكثر صحة.. لماذا يجب أن تكتم صوت بعض الأشخاص؟

السوشيال ميديا
السوشيال ميديا

يقول الخبراء إن وضع حدود معينة فى التعامل مع الإنترنت يخلق بيئة رقمية أكثر صحة ويساعد فى الحفاظ على صحتك العقلية. لا أؤمن عمومًا بإمكانية أن يتلصص أحد على حياتك أو ما يسمى بالقرصنة. وعلى الرغم من أننى أحب أن أتخيل أن تعديلًا واحدًا يمكن فعله بسهولة يمكن أن يمنحنى بعض الراحة، والابتعاد عن الصداع، هذا الصداع الذى يشبه التشققات التى تظهر فى ملاعب التنس. ولذلك لم أكن أتخيل أن هذا الفعل البسيط يمكن أن يريحنى من كل ذلك، فأنا مقتنع بأن الوقت والتجربة أظهرا لى أن التغيير الإيجابى عادة ما يأتى ببطء وبشكل تدريجى. لكن هناك طريقة واحدة أؤمن بها للغاية، سريعة ومجانية، وستغير حياتك للأفضل على الفور؛ فقط قم بكتم الإشعارات المتعلقة بالأشخاص الذين يزعجونك على وسائل التواصل الاجتماعى.

تختلف العملية من منصة إلى أخرى، عادةً ما تذهب إلى صفحة الملف الشخصى لهذا الشخص الذى يتسبب لك فى إزعاج، لتقوم بإلغاء متابعته أو بإلغاء تلقى الإشعارات المتعلقة به. 

ولكن هل هذا كل شىء؟ إن عملية التنظيف الرقمية هذه تجعل حساباتك على وسائل التواصل الاجتماعى مريحة بعض الشىء بالنسبة لك حيث يقل ظهور عدد الأشخاص الذين لا تحب التعامل معهم، يختفون هم ومنشوراتهم والإشعارات المزعجة الخاصة بهم. 

وعلى عكس إجراء إلغاء الصداقة، أو الحظر، فإن عمل إلغاء متابعة فقط يجعل الطرف الآخر ليس لديه أى فكرة عن إسكاته، أو إنك لا تريد تلقى أى شىء متعلق به، لذلك لا تخاطر بعمل أى إجراء آخر قد يتسبب لك فى إحراج أو مواقف لا تحسد عليها.

لدىّ عدد قليل من الأشخاص الذين تم كتم الإشعارات المتعلقة بهم، اثنان منهم أشخاص لا أريد إلغاء متابعتهما، وآخرون ألغيت متابعتهم بالفعل، لكننى قبل أن أقوم بذلك كنت قد أوقفت الإشعارات التى تأتى منهم أيضًا، لأن شخصًا آخر قد يعيد نشر ما ينشرونه هم ويلوث المنشورات التى أحب أن أراها. أحدهم شخص شبه مشهور كان وقحًا معى منذ سنوات عديدة بشأن أمر يتعلق بالعمل؛ وآخر كان وقحًا مع صديقى، وهناك أيضًا شخص تعاملت معه منذ زمن، وشخص يتفاخر بتواضعه المستمر بطريقة تجعلنى أرغب فى ضرب رأسى بشىء صلب.

لقد أخرج هؤلاء الأفراد أسوأ ما فى داخلى. عندما رأيت منشوراتهم، شعرت بالغضب، وشعرت بمدى صغر وتفاهة عقولهم. تساءلت كم قد يكلفنى شراء لوحات إعلانية على طول الطرق السريعة الرئيسية مطبوع عليها نقاط توضح بالتفصيل كيف أنهم فى الواقع فظيعون؟

لحسن الحظ؛ لم أعد أفكر فى هؤلاء الأفراد تقريبًا بعد الآن لأننى كتمتُ جميع الإشعارات المتعلقة بهم على جميع المنصات. وعادة ما أنسى وجود هؤلاء الأشخاص إذا لم يأتِ أحد بسيرتهم أثناء حديث، لقد تم استئصالهم من حديقة عقلى الخصبة.

لكن لا تأخذوا بكلامى فقط.

تقول «بيلى بارنيل» مؤسِّسة ورئيسة مركز الرفاهية الرقمية: «إن كتم إشعارات الحسابات التى تزعجك بشكل متكرر هو وضع حدود رقمية لخلق بيئة رقمية أكثر صحة». 

وتضيف أن ذلك يسمح لك بتجنب المحتوى المزعج دون قطع العلاقات مع هؤلاء الأشخاص بشكل كامل، وهو حل لتلك المواقف المحيرة التى تكون فيها العلاقة مع شخص ما مهمة بالنسبة لك، على الرغم من وجوده المزعج على الإنترنت.

وتضيف: «يمكن أن يحافظ ذلك على سلامتك النفسية، حيث سترى فقط ما تريده على وسائل التواصل الاجتماعى دون أن تقاطع أحدًا سواء لأسباب مهنية أو عملية».

قد تبدو هذه نصيحة واضحة، ومع ذلك قد يكون من الصعب اتباعها، فالانزعاج الذى نشعر به عند رؤية المنشورات السيئة لشخص ما يمكن أن يصاحبه اندفاع مُرضٍ، فحينها شىء ما بداخلك يهتف: «انظر إليهم! إنهم مزعجون!».

تقول «مونيكا أموروسى» إخصائية علاج الصدمات النفسية فى مدينة نيويورك: «يمكن أن يكون هناك دفعة ما من الدوبامين تأتى مصاحبة للمشاعر الكبيرة التى تجتاح الإنسان». فقد نتوق ونحتاج إلى تلك الدفعات من الأدرينالين التى تصاحب المحتوى الذى يجعلنا نشعر بالصدمة أو الغضب أو الاشمئزاز.

تقول «أموروسى»: «إذا كانت حياتنا مملة، وإذا كنا نعانى من قلة التحفيز، وإذا كنا نشعر بالتراخى أو الزهق، فإن الاحتياج لهذه الأشياء يمكن أن يصبح شكلًا من أشكال الترفيه أو الإلهاء».

تؤكد «أموروسى» أنه من المهم ألا نخلق «مساحة من الجهل» على صفحاتنا على وسائل التواصل الاجتماعى، من خلال تجنب وجهات النظر المختلفة، أو الأخبار المزعجة حول الأحداث الجارية. ولكن هذا لا يعنى أن وسائل التواصل الاجتماعى يجب أن تكون مكانًا للوصول إلى المعلومات المزعجة فقط.

وتقول: «يمكن استخدام تجاربنا، للتثقيف الصحى والإيجابى، والتواصل مع الأشخاص ذوى التفكير المماثل، ورؤية الفروق الدقيقة والتنوع بين البشر، والتحقق من المعلومات، والتحقق من الوقائع، وتعلم هوايات أو أفكار جديدة».

وعلى هذا النحو، ربما يكون كتم صوت الإشعارات أكثر فاعلية فى مواجهة أولئك الذين يزعجونك بطريقة مبتذلة ورخيصة، مثل زميل العمل المتبجح. إن عدم رؤية شخص يتفاخر بإنجازاته، أو شخص متواضع يتظاهر بالحرج من نجاح مهنى لن يحد من رؤيتى للعالم. وبدلًا من ذلك؛ أستعيد خمسًا إلى عشر دقائق ربما كنت سأضيعها فى التقاط لقطة شاشة لمنشورهم والتحدث لأصدقائى بشأنها.

وبصراحة؛ لم أفعل شيئًا فى الوقت الذى اكتسبته من عدم شتم الأشخاص الذين كتمتُ صوت الإشعارات المتعلقة بهم. لكن كم هو جميل أن أحظى بأيام أكثر متعة، ولو اختلست خمس دقائق فقط من الهدوء على وسائل التواصل الاجتماعى.

لذا أنصحكم بأن تكتموا صوت الإشعارات المتعلقة بالأشياء التى لا تحبونها، وإذا كنت لا تتفق معى.. فقط اكتم صوت الإشعارات التى تأتى من جانبى.. ولا تقلق.. لن أعرف أبدًا!