السبت 27 يوليه 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

محمد عبدالعال عبدالمقصود يكتب: انتحار يرقى لمستوى جريمة

انتحار
انتحار

أنا الأحمق.. رغم أنفه..!

الأعمى الذى خطت له طريق تشتعل عاتمة، قاد خلفه خمسة عميان يجرجون أذيال ظلمة أبدية، سلموا له القياد دون مبرر.

وهو يمضى فى طريقه كأحد أبطال القلاع القوطية البائدة، مع أنه بمحجريه كرتين من ظلام حالك. الوجهة غير محددة، رحلة بلا هدف..!! ينصب القدر أحد فخاخه، حفرة عميقة تلتهمهم واحدًا تلو الآخر..! انتحار يرقى لمستوى جريمة.. لأول مرة جريمة قتل داخل لوحة، مدبرة.. بمهارة شديدة.. أداة الجريمة. حماقة إجبارية..!

اقتطع «بروجيل» الهازئ بآلام الآخرين.. قطعة من عجينة عقله الفنان مخمرة بإبداع ماكر.. شكَّلَ منها أحد ملاحمه الساخرة عن رذائل قرويين ساذجين مثلى..! 

اقتنص لحظة من صندوق الزمن، ثبتها مشهدًا صارخًا لحماقة. أعمى.. سأظل موصومًا به أبدًا. لم يجد غير شحاذ مسكين.. ليجعله أمثولة على مر الزمان..؟!

لم يأخذ رأيى.. لم يمنحنى حق الرفض. نزعنى من خياله مباشرة، ليلقى بى فى لوحته مقلوبًا على ظهرى. ونكاية فى أكثر لم يظهر لى ملامح وجه، عل أحدهم يتلمس فى أحد أركانه لمحة طيبة، أو حتى نظرة بله تشفع لى فتحرك فى قلبه شفقة يبرر بها حماقتى الفجة، ليخفف عنى وطأة الشتائم واللعنات التى يمطرنى بها زوار المتحف كلما شاهدوا اللوحة. 

طرحنى على ظهرى، ثم رحل غير مبال. ما أوصانى بشىء.. ما وعدنى وعدًا أتحمل من أجله.. ما ترك لى أى ذكريات تتغذى عليها روحى حتى يعود..! 

لا أدرى منذ متى أرقد هكذا. متى يأتى ليصحح ما اقترفته أنامله الآثمة.. البارعة؟! 

هل يتذكرنى حقًا؟! 

لا أظنه يأتى. مثله لا يغامر بمجد حققه من أجلى. ترى إذا لم يأت...! 

هل سأظل مقلوبًا على ظهرى هكذا للأبد..؟!