السبت 27 يوليه 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

قابلت مارادونا.. من مقدمة كتاب «مسيح نابولى»

مهدى مبارك فى نابولى
مهدى مبارك فى نابولى

رأيته على كل الوجوه.

كان يصلى طالبًا شفاعة القديسين.. كما كان القديس الذى تُرجى شفاعته.

يقف على ناصية الطريق ليقول للعابرين: لا تدخلوا هنا.. هذا الطريق آخره لحن حزين.

ثم يقطع الطريق إلى نهايته دون تفكير فى العواقب.

تشاجرت معه فى حارة، وأخذ بيدى ليرشدنى إلى وجهتى من زقاق إلى زقاق، وتناولنا البيتزا فى أقدم «بيتزاريا» فى إيطاليا.

كان يدخن فى كل البارات.. ويترنح على كل الأرصفة.

يلعب «الثلاثة ورقات» فى حانات الليل وآخره، ويتهرب من دفع الرهان.

ويتطلع إلى «قمصان النوم» المنشورة بين النوافذ، ويُلقى بإفيهات قبيحة.

يبيع التماثيل والأنتيكات للزبائن، ويشتمهم حين يفاصلون فى الأسعار.. والغريب أن المغرور العدمى كان يبيع تمثاله وتمائم باسمه ورقم 10 وقميصه فى نابولى.

الصفحة العشرين من العدد الثانى والعشرين لحرف

يعزف موسيقاه فى الشارع ويطارد من لا يُلقى عملة فضية فى طبقه.

يستأنس بالخرافات، والأحلام.

ويُلقى فى النوافير بعملات فضية حتى تعود له بثروة خرافية.

يواعد فتيات نابولى الغجريات فى إشارات المرور، ثم يعود ليطلب من زوجته المغفرة.

يُلقى بطفلته فى الهواء فى شرفة منزله الضيقة، ثم يجرى بها إلى المستشفيات فى منتصف الليل.

الهائمون والمجاذيب وعابرو السبيل جيشه.. والمهزومون أهله.

حرّيف غدرت به أسطورته.. وفى الكرة والحرب يلعب مع الخسران.

قصير.. حزين.. عينه تلمع فى الظلام، ومسجون فى ذكرياته الجميلة حين كان يضرب الأرض بقدميه؛ فيسمع آهات العشاق الذين أنصفهم بعد سنوات كبيسة.

يراوغ الحزن برقصة، ويغالب الألم بنكتة.

ويشبهه كل أطفال نابولى.

يتبرك بصورته رجالها الأتقياء لعله ينفحهم شيئًا من تلك القدرة الأسطورية، فهو بطلهم الخارق الوحيد. الدليل اللامع على أنك يمكن تكون قصيرًا و«بكرش» وقادم من حارة فقيرة فى آخر الدنيا، وتحبك نساء العالم، ويغفر لك الجميع خطاياك.. فقط لأنك مارادونا.

من مقدمة كتابه «مسيح نابولى»