أين مؤتمر الرواية يا وزير الثقافة؟.. رسائل 50 كاتبًا وأديبًا عربيًا إلى الدكتور «هنو» (2)
منذ عقد دورته الأولى عام 1998، بفكرة من الدكتور جابر عصفور، بمناسبة مرور 10 سنوات على فوز الأديب الكبير نجيب محفوظ بجائزة «نوبل»، أصبح ملتقى القاهرة للإبداع العربى قبلة الروائيين العرب، وصك اعتماد تجربة أى مبدع.
تجلى ذلك بوضوح فى الدورات التالية المتعاقبة للملتقى، الذى أصبح يعرف فى الأوساط الثقافية باسم «مؤتمر الرواية»، وكان هذا اعترافًا بأنه المؤتمر الذى يمنح شرعية أدبية لمن يشاركون فيه، ولتصبح الجائزة التى يمنحها لأديب عربى كبير بمثابة «جائزة نوبل عربية».
وعُقدت الدورات من الثانية إلى السادسة للملتقى، فى 2003 و2004 و2008 و2010 و2015، وصولًا إلى الدورة السابعة والأخيرة، فى أبريل 2019، والتى من حينها ينتظر الأدباء العرب والمصريون الدورة الثامنة.
ورغم إعلان المجلس الأعلى للثقافة، فى سبتمبر 2022، عن إقامة الدورة الثامنة، فى الفترة من 28 نوفمبر إلى 1 ديسمبر من هذا العام، وتحديد موضوعها بعنوان «الرواية العربية.. ظواهر جديدة، وإطلاق اسم الراحل الكبير جابر عصفور عليها، لم تُعقد، قبل أن يخرج الأمين العام للمجلس ويقول إن الموعد الجديد سيكون الثلث الأول من عام ٢٠٢٣، لكن جاء هذا الموعد الآخر وكأن شيئًا لم يحدث.
فى عددها السابق، فتحت «حرف» هذه القضية المهمة، من خلال افتتاحية كتبها الدكتور محمد الباز، الإعلامى والكاتب الصحفى والروائى أيضًا، وهو ما تستكمله فى هذا العدد، من خلال استكتاب عدد من الروائيين، لنعرف كيف ينظرون إلى أهمية ملتقى أو مؤتمر الرواية فى القاهرة، ورأيهم فى تأجيله منذ 5 سنوات كاملة.
صفاء عبدالمنعم: نافذة لاستمرار الحياة فى الوسط الثقافى
تعتبر المؤتمرات نافذة جيدة لاستمرار الحياة فى الوسط الثقافى، فمن خلالها نتعرف على كُتاب وكاتبات من العالم، وآخر الأعمال، بجانب قراءة الأبحاث، والتعرف على ما يشغل بال الكُتاب، علاوة على إصدار توصيات مهمة فى الختام، ومحاولة تحقيقها بشكل فعال على أرض الواقع.
ووجود جائزة كبرى للرواية باسم مصر شىء مهم وضرورى، خاصة فى هذه الفترة التاريخية المهمة، وعلى ضوء الدور الريادى التاريخى لبلدنا، الذى ما زالت تلعبه حتى هذه اللحظة، رغم كل الظروف الصعبة المحيطة.
ولذلك كله نطالب بعودة مؤتمر الرواية من جديد، إلى جانب مؤتمر القصة، وجميع المؤتمرات التى توقفت لأى سبب كان، فالمؤتمرات والمهرجانات وغيرها من الفعاليات الثقافية مهمة وضرورية، وتتيح التفاعل وجذب الأنظار.
شعيب حليفى: مناسبة لتدارس مئات الكتب النقدية
رسخت مصر من خلال الملتقى الدولى للإبداع الروائى، تقليدًا غير مسبوق فى التفكير فى قضايا الرواية العربية عبر أصوات أهم النقاد والروائيين الذين استضافتهم القاهرة من مختلف الأجيال والحساسيات الفنية. وأعتقد أن أثر هذا الملتقى ما زال مستمرًا فيما أصدرته الملتقيات السابقة من أعمال ونتائج وتأثيرها على عدد من الملتقيات الأخرى فى دول عربية وعلى إعادة النظر فى بعض القضايا الفنية فى الرواية. كما أن التأثير بدا جليًا فى بعض التوجه الفنى فى الرواية العربية، لأن الملتقى كان مناسبة لقراءة وتدارس مئات الروايات والكتب النقدية العربية من جل الدول العربية. لذلك، لا يمكن لأى مثقف إلا أن يزكى استعادة القاهرة دورها فى ملتقى الرواية كما الشعر، لعل ذلك يقطع مع هذه الفجوة التى سببها سياق موضوعى يمكننا جميعًا تجاوزه.
خالد إسماعيل: مهمة قومية لإعادة هيبة «مركز الثقافة العربية»
الثقافة العربية لها مركز وحيد موجود فى مدينة القاهرة، عاصمة جمهورية مصر العربية، بحكم التاريخ والتراث والجغرافيا، والعناصر البشرية، والآثار الدالة على خصوبة هذه الأرض، أرض مصر. فى الفترة الأخيرة، ظهرت أجنحة ثقافية غنية بالمال والجوائز، لكنها فقيرة، لا تملك العناصر البشرية ولا التاريخ، وهذه الأجنحة حصلت على مهام من «القوة المهيمنة» على الكوكب الأرضى. على سبيل المثال، جرى اعتماد بيروت ومراكش، لتكونا جناحين يسحبان البساط من تحت أقدام المصريين، وفشلت الخطة، ثم مؤخرًا دخلت الجوائز على الخط، واستقطبت الفقراء من المبدعين، أو «المسبحين بحمد الصهيونية». لكن حرب غزة قلبت الميزان، وفشلت الجوائز الرهيبة الضخمة فى كسر مركزية القاهرة الثقافية.
ورغم التكريمات والنياشين والجوائز التى حصل عليها بعض الأدباء من مصر وغيرها، ظلت كلها ضعيفة فى مواجهة لحظة واحدة من لحظات ليالى القاهرة الثقافية.
وبناءً على هذا، أقول إن عودة مؤتمر الرواية، وإعادة الهيبة لجوائز الدولة المصرية، واجب قومى ومهمة وطنية، وعمل سياسى وطنى، فالثقافة والسياسة وجهان لعملة واحدة. ليس أمام مصر فى الوقت الراهن غير العودة إلى دورها، دور قيادة الثقافة العربية.
خليل صويلح: نسخته الجديدة يجب أن تتضمن أسئلة راهنة
كان مؤتمر الرواية العربية بوصلة للإبداع الروائى العربى، مشرقًا وغربًا، كما كان مختبرًا لتيارات سردية متباينة، وكان غيابه أو تغييبه إحدى الخسارات الكبرى بالنسبة للروائيين والنقّاد العرب ليس كفضاء مفتوح على تجارب طليعية يتيح المؤتمر التعرف عليها عن كثب، وإنما كفضاء للمدينة على وجه العموم.
فاكتشاف القاهرة فرصة نفيسة لاستنشاق أكسجين ثقافى آخر بوصفها مكتبة ضخمة وفسحة لرفد الحواس بفتنة العمارة كحجارة وكسرد فى آنٍ واحد، وكأن النصّ الإبداعى العربى لا تكتمل أجنحته إلا بالتحليق فى فضاء النصّ المصرى بعملية تلاقح فريدة تنطوى على مهابة تاريخية.
المؤتمر على نحو ما عتبة لألفة تحدث خارج القاعات، أو طابع البريد الذى يمنح الرسالة معنى آخر. على المقلب الآخر يحتاج مؤتمر الرواية العربية إلى نسخة أخرى جديدة تؤكد أسئلة راهنة تتجاوز العناوين المألوفة والمكرّرة، حتى إن بعض المساهمين فيه يكررون الأوراق نفسها ومواضيع الإنشاء المدرسية نفسها كنوع من الواجب لا أكثر.
ليكن أحد أهداف مؤتمر الرواية الاشتباك مع المدينة والخروج من أسوار دار الأوبرا نحو فضاءات أخرى أكثر فاعلية. عودة المؤتمر بعد غياب بهجة جماعية لطالما انتظرناها بشغف.
عزة سلطان: نحتاج إلى استئنافه بجائزة ذات قيمة مادية أكبر
على مدار أكثر من عقدين، يتم تدشين الرواية باعتبارها النوع الأدبى الأهم فى الأنواع الأدبية، وأصبح لدينا معيار خفى لقياس كفاءة وجودة إبداع المُبدع، يعتمد على سؤال: متى ستكتب رواية؟ وكأنه صك ميلاد المُبدع. نتفق أو نختلف حول هذا السياق لكنه صار مطروحًا، ومع وجود الجوائز العربية، وما لها من وهج وما يُصاحبها من اهتمام عربى، فى مراحل الجائزة كلها، وهو اهتمام مشروع جدًا، يظهر سؤال مهم هو: أين مصر من هذا المشهد؟
يمكن لأى متابع ملاحظة الحضور المصرى القوى فى كل جائزة، من خلال وصول المصريين إلى القوائم القصيرة، وأحيانًا نيل الجائزة، وهو وجود يُشير إلى زخم الإبداع المصرى، وأعداد المبدعين المصريين. مؤتمر الرواية وُلِد عملاقًا، فى ظل التصاقه بقامات أدبية ونقدية كبيرة فى المنطقة العربية، فلماذا تم إيقافه؟ نحن بحاجة إلى إعادته بصورة أحدث، وبجائزة ذات قيمة مادية كبيرة، مع مشاركة حقيقية من المبدعين المصريين والعرب، فالجوائز والفعاليات شئنا أم أبينا صارت لها زخم ووهج وضرورة فى المشهد الإعلامى العربى.
محسن يونس: فى صالح الثقافة والأدب وفعالياته مهمة جدًا
مصير ملتقى أو مؤتمر القاهرة للرواية فى دورته الثامنة، التى كانت ستُقام فى العام الماضى، لا يزال غير محسوم، فمنذ إعلان تأجيل الحدث فى نوفمبر الماضى، لم يُعلن عن موعد انعقاده، ما دفع المثقفين للتساؤل بحسرة: هل يتم إلغاؤه أم أن ما حدث مجرد تأجيل مؤقت؟
إن أية فعالية يتم انعقادها بشكل عام فى صالح الثقافة والأدب، ومن المفترض دعمها والدفع تجاه انعقادها بشكل مستمر، لأنها تخلق مناخًا طيبًا لتبادل الآراء ووجهات النظر، والخروج من وجهة النظر الأحادية إلى تعدد الرؤى.
أنا مع المؤتمرات النوعية، التى تؤكد وجود المنتسبين لمهنة ما، أو حتى هواية ، فى تجمع يشهد طرح أفكارهم حول مهنتهم، وما تتعرض له من مشاكل، والتحاور حول هذه المشاكل لوضع الحلول لها. هذا فى رأيى مهم جدًا، إلى جانب ما كان يقدم فى مؤتمر الرواية العربية من أبحاث حول الكتابة، فهناك فى المؤتمرات السابقة بعض الدراسات المهمة جدًا، التى ألهمتنى أنا شخصيًا، وعدلت بعضًا من رؤيتى للعمل الروائى.
مريم هرموش: مصر ستظل قِبْلة المبدعين العرب
يعد ملتقى الرواية العربية من أبرز الفعاليات الثقافية التى تنظمها وزارة الثقافة المصرية، كونه يرسخ للتواصل الثقافى بين مصر والعالم العربى، ويعد أكبر وأهم الملتقيات العلمية المتخصصة فى مجال الرواية العربية على مستوى الوطن العربى.
الملتقى يمثل جزءًا من هوية مصر الثقافية، مصر التى ستظل دائمًا قبلة المثقفين والمبدعين العرب، فى ظل مشاركة لفيف من النقاد والروائيين من معظم البلدان العربية فى هذا الحدث الثقافى المهم.
فى نسخته الأخيرة «السابعة» مثلًا، التى عقدت فى ٢٠ أبريل ٢٠١٩، شارك أكثر من ٢٥٠ ناقدًا وروائيًا من مصر و٢٠ دولة عربية، إلى جانب بعض الدول الأوروبية.
وقرر المجلس الأعلى للثقافة تأجيل الدورة الثامنة إلى الربع الأول من العام الماضى ٢٠٢٣.
منذ ذلك الوقت، لم يُحدد موعد جديد لملتقى الرواية العربية، ما دفع الجميع للتساؤل: ما الذى يحول دون تحديد تاريخ لإقامة الملتقى حتى الآن؟.
محمد صالح البحر: بعض المسئولين عاشقون للروتين
لا أعرف منْ الذى يتخذ القرارات بشأن مؤتمر الرواية، فى المجلس الأعلى للثقافة. لكننى أثق تمامًا أنه مسئول فى هذه المؤسسة العريقة، وأنه قد اتخذ قرارًا خاطئًا بعدم انعقاد مؤتمر الرواية فى السنوات الخمس الماضية، وإذا كانت تلك الفترة قد شهدت محنة «كورونا» التى استمرت لعامين، فما بال السنوات الثلاث الأخرى؟
لا أعرف لماذا يعطى المسئولون عن الثقافة ذلك الانطباع الذى يشى بأنهم يحبون الركود، ويكتفون أن يسير كل شىء حسب الروتين المعتاد، الذى لا يستلزم جهدًا لابتكار أنشطة جديدة فاعلة، أو حتى استمرار الأنشطة التى ثبتت فاعليتها، وحققت نشاطًا متميزًا ونجاحًا مثمرًا، وأسهمت بقدر كبير فى تأكيد ريادة مصر الثقافية لسنوات طويلة، ومن أهمها مؤتمر الرواية العربية.
لذلك أناشد وزير الثقافة، أن يكون انعقاد مؤتمر الرواية العربية هذا العام على أجندة أولوياته، بل أُصر على احتضان الوزارة له ليكون تحت إدارتها المباشرة أسوة بمهرجان القاهرة السينمائى، وتأكيدًا لاستمرار دور مصر الريادى فى الثقافة العربية.
زيزيت سالم: غيابه يفقد مصر الكثير من المرتكزات الثقافية
لا نعرف على وجه التحديد الأسباب التى أدت إلى تأجيل مؤتمر الرواية العربية، الذى كان من المقرر عقد دورته الثامنة فى نوفمبر ٢٠٢٢. لكننا نعرف أنه لم يُحدد موعد آخر للمؤتمر منذ ذلك الحين. وبما أنه قد تم إجراء تغيير وزارى حديثًا، فإننا نرجو من وزير الثقافة الجديد، ومن المجلس الأعلى للثقافة، أن يكونا على قدر مواجهة الأزمات والعقبات التى تعوق انعقاد مؤتمر الرواية العربية، وتحديد موعد مؤكد له، حفاظًا على هوية مصر الثقافية. استمرار عدم انعقاد المؤتمر يفقد مصر الكثير من المرتكزات الثقافية التى من شأنها أن تجعلها قبلة للمبدعين العرب، فيظل أنه من أكبر المؤتمرات التى ترسخ للتواصل الثقافى بين مصر والعالم العربى، ويعد ملتقى مهمًا للروائيين والنقاد العرب لمناقشة قضايا الرواية والنقد الروائى والبنية الفنية للرواية.
ويشهد الملتقى كذلك عرض الأفكار الحديثة فى الرواية العربية، وإلقاء الضوء على ألوانها الجديدة، ومناقشة سبل التعاون بين الرواية والأنواع الأدبية المختلفة وباقى الفنون.
فتحى سليمان: أتمنى عقده قبل معرض الكتاب
التأجيل تم فى مؤتمر الرواية بسبب كورونا، ولكن لم يكن هناك تعاون حقيقى بين هيئة الكتاب والمجلس الأعلى للثقافة، وفى عام ٢٠٢٢ لم تكن هناك جاهزية والمجالس واللجان هى التى تلام على مؤتمر الرواية خاصة أنه تم الانتهاء من تجهيزاته.
ولدينا أمل كبير فى وزير الثقافة الجديد أحمد فؤاد هنو، بأن يقام المؤتمر، لأن الوزير مثقف ويدرك أن الرقعة القرائية زادت واتسعت، ونوادى الكتب زادت والمنتديات الأدبية على المستوى الرسمى، وصالونات الأدب ومعارض الكتاب وغيرها تؤتى ثمارها، وما ينقصنا هو عقد مؤتمر الرواية كمعادل موضوعى لكل هذا.
والمؤتمر هو الفرح الكبير لكل عشاق الرواية فى مصر والوطن العربى، أنا متفائل وأنتظر قرار إعادته، وأتمنى أن يكون قبل معرض الكتاب المقبل.
انتصار عبدالمنعم: ألا تستحق القاهرة أن تكون قبلة روائيى العالم؟
كان من المفترض أن أشارك فى دورة المؤتمر الثامنة بداية من يوم ٢٨ نوفمبر ٢٠٢٢ إلى الأول من ديسمبر من نفس العام، وتمت الموافقة بالفعل على ورقة العمل التى تقدمتُ بها.
لكنى تفاجأت مثل غيرى، بإيميل يخبرنى بتأجيل الملتقى إلى موعد لاحق، ثم قرأت تصريحات وزيرة الثقافة وقتها نيفين الكيلانى تبرر التأجيل إلى الربع الأول من عام ٢٠٢٣، بالرغبة فى إتاحة فرصة المشاركة لعدد أكثر، وطبعًا كان هذا غريبًا، فوفقًا للمعلومات التى ذكرتها فإن عدد من تقدموا للمشاركة كان ٣٨٠ مشاركًا، وتمت الموافقة على ١٨٠ اسمًا فقط.
وكنت أنا ممن وصلتهم بالفعل إيميلات تخبرنا بالموافقة وتطلب استكمال ورقة العمل، ثم ظهرت أخبار غير مؤكدة بعقد الملتقى فى مارس ٢٠٢٣، ولكنه لم يعقد، ثم تلاشى الملتقى وتغيرت الوزيرة والوزارة، ولم تظهر أية بادرة لعودته إلى دائرة الاهتمام.
وهذا شىء محزن، فالملتقى كان حدثًا ثقافيًا فارقًا فى الحياة الثقافية العربية وليست المصرية فقط، فيه تتجه أنظار العالم إلى مصر، ولا أدرى لماذا لا يعود هذا الملتقى إلى القاهرة مجددًا؟، ألا تستحق القاهرة، مدينة أديب نوبل العظيم، أن تكون قبلة كل الروائيين فى العالم وليس العالم العربى فقط؟
هويدا صالح: يواجه «موضات» أعمال الرعب التى روجت لها الجوائز
أتمنى عودة مؤتمر الرواية نظرًا للحراك الثقافى المصرى والعربى الذى يحدثه، خاصة أنه مؤتمر يحرص الكتاب العرب من جميع الأقطار العربية على المشاركة فيه، وعندما يتقابل الكتّاب العرب والمصريون ونثير قضايا فكرية ونقدية فيما يخص الرواية والنقد الأدبى والسرد بصفة عامة، كل هذا يحدث حراكًا ينعكس على مشهد الكتابة والإبداع وطرائق السرد، ويواجه «الموضات» الجديدة التى روجت لها الجوائز، من تسطيح ومباشرة والروايات البوليسية وروايات الديستوبيا والرعب وغيرها.
والحقيقة أن هذا يذهب بالرواية العربية إلى مناطق «مش لطيفة» ويؤثر على الإبداع فى الرواية العربية.
عودة مؤتمر الرواية أمر بالغ الأهمية وملح، ومن المهم نحن كأدباء ونقاد أن نسعى إليه. وما يحدثه من احتكاك بين الكتاب المصريين والعرب، وما يتضمنه من جلسات فكرية ونقدية، مما يطلعنا على أحدث ما وصل إليه العالم من طروحات إبداعية ونقدية، مما يحدث حيوية فى المشهد الثقافى، ويذكر الجميع بدور مصر. نحن لن نسمح بسحب البساط هكذا من تحت أقدامنا فى كل التفاصيل، فنحن فى كارثة حقيقية، وعلى الدولة أن تدرك أن الخطاب الناعم بما يتضمنه من خطاب فكرى وثقافى وإبداعى ونقدى، إبداع لا يقل أهمية عن الخطاب الاقتصادى وغيره.
أسامة أبوطالب: أعقد الأمل على الوز ير الجديد فى تصحيح أخطاء الماضى
أرى أن وزارة الثقافة فى حالة ارتباك شديدة جدًا، ولا توجد معايير للعمل سواء أكانت هذه المقاييس تقليدية أو مبتكرة، وعدم وجود المقاييس أدى لارتباك ليس فى مؤتمر الرواية فقط ولكن على مدار السنوات المنصرمة فى جوائز الدولة، حيث ذهبت إلى كثير مما لا يستحقونها لا تاريخًا ولا إنجازًا، والعينات واضحة لا تحتاج إلى تساؤل، فقط عليك أن تلقى نظرة على من فازوا بالجوائز دون أن يكون لهم أى تأثر.
وعندما نتحدث عن مهرجان الرواية، نحن نتوقع ماذا يمكن أن يحدث نتيجة لتحكم وتغلغل أعضاء عفى على حماسهم وغيرتهم على مصر، الدهر، نحن ننتظر ما يمكن أن يسفر عنه الأمر، وأبدو متشائمًا، نعم هذا حقيقى، هناك فسحة من الأمل أرجو أن تتسع لطمأنة النفس ويجب أن يحدث ذلك على يد الوزير الجديد والذى لا أعرفه شخصيًا، ولكن أعرف أنه فنان تشكيلى ذو قيمة، وله خبرة فى إدارة المؤسسات الثقافية وكعميد كلية، أنا أنتظر أن يتولى بكنس الأرضية المليئة بالمهملات.
حسن داود: فرصة لبحث الإصدارات بعمق
بالنظر إلى أن الكتب العربية باتت تبقى فى بلدانها ولا تغادرها، فما يصدر فى المغرب بات يبقى فى المغرب، وكذلك الحال فى ما يصدر فى مصر، أو فى لبنان، وذلك لكون النشر لم يعد متمركزًا فى عاصمة يتوزع منها إلى سائر العواصم العربية، كان مؤتمر الرواية فى القاهرة يشكل المجال الذى يتعرف فيه الروائيون العرب على تجارب بعضهم البعض، حيث كنا نتبادل إصداراتنا هناك، ونقدم أنفسنا وأعمالنا وتجاربنا للحضور فى الندوات التى كانت تعقد، وكان الإعلام حاضرًا على الدوام لتعريف قارئيه ومشاهديه بفن الرواية وإصدارات الكتّاب العرب. لا أحسب أن لقاء ما كان قادرًا على أداء هذا الدور فى كل ما كان يعقد من لقاءات أدبية.
ولا ينبغى أن نغفل عن أن مؤتمر الرواية كان، إضافة إلى ما هو مذكور أعلاه، يتيح اختبار مآلات الراهن فى الكتابة الروائية وعلاقاتها بمجتمعاتها. وهذا كان قائمًا فى اللقاءات التى انعقدت فى المؤتمرات السابقةً فى القاهرة التى هى مركز الرواية العربية وأساسها.
أحمد طوسون: الإسراع بضخ دماء جديدة فى الشرايين
يجب أن تحرص مؤسسة الثقافة المصرية على استعادة دورها وهويتها الثقافية وتأثيرها الحضارى، خاصة أن كثيرًا من دول المنطقة بات يقدم إسهامات مهمة فى مجال الثقافة والرواية بوجه خاص. وهذا يجعل على المسئولين فى وزارة الثقافة، مسئولية مضاعفة فى الحفاظ على مكانة الثقافة المصرية بروافدها المتعددة، ومنها مؤتمر الرواية وجائزة الرواية المصاحبة له.
وأدعو وزير الثقافة للنظر فى أسباب تعثر إقامة المؤتمر فى دوراته الأخيرة، ودعمه والإسراع بضخ الدماء فى شرايينه، وعقده فى أقرب وقت، وإعادة الفعاليات الثقافية المهمة التى توقفت فى السنوات الأخيرة، وأن يضع تصورًا جديدًا لجائزة الرواية يعيد لها مكانتها كأهم جائزة عربية لارتباطها باسم مصر، وأن تكون لها أمانة مستقلة تبحث عن توفير آليات دعم مادى لتتناسب قيمتها المادية مع قيمة الجوائز العربية من حولنا. والجائزة يجب ألا تقتصر على منحها لكاتب عربى تقديرًا لمسيرته الإبداعية، بل يجب أن يخصص فرع آخر مواز للرواية يتقدم له المبدعون من كل الأقطار العربية.
سعيد يقطين: يلم شمل الكتاب ويطور الثقافة
سررت كثيرًا بقراءة خبر عن مؤتمر الرواية والاستعدادات لتنظيمه، وقد شاركت فى فعاليات مؤتمر الرواية فى مصر متدخلًا فى الجلسات، ومحكمًا فى جائزة الرواية. وكنت فى كل المؤتمرات أرى أن مصر حاضنة للثقافة العربية، ورائدة فى خلق المبادرات ولم شمل المثقفين، والإسهام فى تطوير الثقافة العربية. وتذكرنى مؤتمرات الرواية التى حضرتها بالمربد البغدادى فى أواخر الثمانينيات حين كان الملتقى الجميل الذى يجمع، ويوحد، ويبلور الرؤى والتصورات. وإذا كانت المرابد تتركز حول الشعر، جاءت مؤتمرات القاهرة لتتركز حول الرواية، وتكرم الروائيين، وتكون ملتقى رائعًا للنقاد والكتاب فى موضوعات تهم واقع السرد العربى. وتولدت لدى قناعة راسخة، وأنا أتابع الواقع الثقافى العربى المصرى منذ مراهقتى إلى الآن، أن مصر تتميز بخصوصيات ثقافية قلما نجدها بالصورة نفسها فى أقطار عربية أخرى. تبرز هذه المميزات فى تطوير التقاليد الثقافية التى ترسخت منذ أمد بعيد، والعمل على استمرارها بروح وأشكال متجددة، مهما كانت الظروف التى تمر بها.
أيمن الغندور: عودته ستدعم قوتنا الناعمة
قديمًا كان الشعر هو ديوان العرب، ومع مرور الوقت سحبت الرواية البساط من تحته، وأصبحت ديوانًا وسجلًا ليس فقط للعرب بل لكل الشعوب، نظرًا لما تتسم به من أسلوب رحب لا يخضع لقواعد الشعر وسرد يجذب القراء ووصف أشبه بالبانوراما السينمائية.
من هنا كانت أهمية مؤتمر الرواية العربية بالقاهرة التى انطلقت دورته الأولى عام ١٩٩٨ وعنوانها «خصوصية الرواية العربية»، التى تم إهداؤها إلى نجيب محفوظ عميد الرواية العربية بمناسبة مرور عشر سنوات على حصوله على جائزة نوبل فى الأدب.
وللأسف لم تر الضوء الدورة الثامنة من الملتقى التى تحمل اسم الناقد الراحل الدكتور جابر عصفور، وكان المجلس الأعلى للثقافة قد أشار سالفًا إلى أن الدورة الثامنة ستعقد عام ٢٠٢٣ وهذا لم يحدث حتى الآن. ومن هنا أتوجه إلى الأستاذ الدكتور أحمد هنو راجيًا منه العمل على عودة مؤتمر الرواية العربية إلى سالف عهده حتى لا تفقد مصر جزءًا من قوتها الناعمة.