الغطرسة.. عملية تحطيم إيلون ماسك

- كتاب يروى قصة صعود وسقوط وعودة قيصر وادى السيليكون.. ويقدم صورة مفصلة لفترة فريدة من الفوضى والربح فى مسيرة ماسك
- ماسك يتبع ببساطة نهج «إما أن تحقق نجاحًا كبيرًا أو أن تفلس».. ويعتقد أن أساليبه هى الصحيحة.. وطريقته هى السبيل الوحيد
- كيف فشل نظام القيادة الذاتية لسيارات تسلا.. رهان القرن فى مجال الذكاء الاصطناعى؟
- صورة كاشفة للملياردير المتقلب فى السياسة والأعمال.. مزاجى يغوى أصحاب النفوذ وينقلب عليهم بسرعة إذا وقفوا فى طريقه
صوّر نفسه كمنقذ البشرية، قوة إيثارية يرتبط مصيرها بمساعٍ نبيلة، بدءًا من وقف اعتمادنا على الوقود الأحفورى ووصولًا إلى استعمار المريخ. هو إيلون ماسك الذى كان ينظر إليه فى السابق على أنه «إديسون» العصر الحديث.
لكنه اليوم أصبح له مكانًا جديدًا فى الوعى العام برغبته المتزايدة فى إحداث تغيير جذرى، ليس فقط فى صناعتى السيارات والفضاء، بل فى السياسات التى تشكل أمريكا والعالم، واضعًا إياه فى قلب أكثر المشاريع تعقيدًا فى التصنيع والسياسة والدفاع والتكنولوجيا، حتى مع إثارة سلوكه الشخصى المتقلب تساؤلات حول ثباته وحكمته.
يقود شركاته من منبر متسلط، مخترقًا الحواجز ومختصرًا البيروقراطية كلما أمكن، دون أى اعتبار يذكر للعواقب طالما أن ذلك يخدم أهدافه الكبرى. واعترف الكثيرون ممن كانوا فى فلكه بانقلاب حياتهم رأسًا على عقب أو اختناق مسيرتهم المهنية، بسبب إيمانهم برؤيته المثالية.

مع تزايد حجم الرهانات التى يضعها بثروته والمخاوف بشأن مصداقيته فى السنوات الأخيرة، يبدو أنه إما مسيطر تمامًا أو على وشك الانهيار.
ومع ذلك، فقد أصبح أكثر ثراء على المدى الطويل، والآن ارتفعت المخاطر، لكن بفضل المناورات السياسية الذكية، لم يعد ماسك يتوقف عند المقامرة بأرباح الشركة أو سبل عيش عماله؛ فهو مستعد لتطبيق نهجه الصارم فى الأعمال التجارية على القواعد واللوائح الأساسية التى تحافظ على تماسك المجتمع.
فى كتابه «الغطرسة العظمى: تحطيم إيلون ماسك»، يحذر الصحفى فايز صديقى من مخاطر تمجيد القادة الجذابين مثل إيلون ماسك، فى وقت يتزايد فيه نفوذ آلهة التكنولوجيا الأمريكية أكثر من أى وقت مضى، وثقتهم المفرطة بالنفس، التى غالبًا ما تؤدى إلى السقوط والفشل.
فايز صديقى هو صحفى متخصص فى التكنولوجيا، يكتب لصحيفة واشنطن بوست، وقد غطى أخبار شركات مثل تسلا وأوبر وتويتر «المعروف الآن باسم X» لصالح قسم الأعمال. ركزت تقاريره على النقل ووسائل التواصل الاجتماعى والتحول الحكومى، من بين قضايا أخرى.
وحظى عمله بتقدير جمعية تطوير التحرير والكتابة للأعمال، وحصل على عدة جوائز من جمعية الصحفيين المحترفين، منها جائزة التميز وجائزة هيرست للصحافة. كما نشرت كتاباته فى صحيفة بوسطن جلوب.
الكتاب صدر ٢٢ أبريل الماضى، فى ٣٣٦ صفحة عن دار نشر «مطبعة سانت مارتن» الإنجليزية، ويقدم صورة مفصلة لفترة فريدة من الفوضى والربح فى مسيرة ماسك المهنية، بالإضافة إلى دراسة حالة حول قدرة استخدام المنصة على تشكيل الخطاب العام، فى عالم لا يستطيع أن يشيح بنظره عن شاشاته.

نهج أنانى
يشير المؤلف على طول صفحات كتابه إلى أن ماسك دائمًا ما يراهن على شىء لم يتبناه منافسوه. إذا نجح، قد يشكل نقلة نوعية. وإن لم ينجح، قد يؤدى إلى انهياره. وينطبق هذا على العديد من أساليب ماسك فى أعماله، ولكن أيضًا على تعامله مع الحكومة.
على سبيل المثال عند النظر إلى طريقة عمل وزارة كفاءة الحكومة، فقد اجتاحت جميع هذه الوكالات الفيدرالية، وكان لها رد فعل سلبى هائل، لكنها ببساطة نهج «إما أن تحقق نجاحًا كبيرًا أو أن تفلس»، ولكن، أدى أيضًا هذا النهج إلى نجاح ماسك فى مجال الأعمال، وفى أحيان أخرى، إلى انهياره هو وشركاته.
يرى الكاتب أن ماسك «رجل لا يبالى بعواقب أفعاله، بل بالآثار الجانبية البسيطة التى يمكن وصفها بالتبعات».
ويتناول فى الكتاب الدعوى القضائية التى رفعتها هيئة الأوراق المالية والبورصات ضد إيلون ماسك بتهمة الاحتيال، حيث تمثلت المخالفة المزعومة فى الإعلان عن تأمين صفقة تمويل فى حين أنها لم تبرم، ما أدى إلى زيادة قيمة أسهمه بشكل مصطنع.
وذلك بعد تغريدة لماسك عام ٢٠١٨، زعم فيها زورًا أنه حصل على تمويل لتحويل شركة تسلا إلى شركة خاصة، مما أجبره على الاستقالة من منصبه كرئيس لمجلس إدارة الشركة.
الآن، بعد عامين من التسوية، بدأ ماسك يوضح- بأقوى العبارات الممكنة- أنه يرى أن قرار هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية «SEC» غير عادل.
وقال المستثمر روس جيربر، فى مقابلة مع صديقى فى أبريل ٢٠٢٣: «إنه ببساطة يحتقر أى سلطة، ولا يعتقد أنه يجب أن يحاسب أمام أى سلطة. أما أنا، فلدى رأى مختلف تمامًا بشأن غطرسة الاستهزاء بمن قد يلحقون بك ضررًا بالغًا».
بالنسبة لماسك، كانت السلطة الناشئة هى المؤسسة الليبرالية، تلك التى حركت وسائل الإعلام السائدة وراقبته بتدقيق متزايد، والتى هيمنت على حروب الثقافة السياسية التى تسربت إلى الأفلام والبرامج التليفزيونية، والتى أعادت رسم حدود الكلام والفكاهة المقبولة.
ويضاف إلى ذلك دعوى قضائية أخرى، رفعها أحد المساهمين بسبب أجر ماسك، والذى يقدر بأنه «أكبر بـ٢٥٠ مرة من متوسط حزمة تعويضات نظرائه فى ذلك الوقت»، وهو ما يراه المؤلف، مجرد إزعاجات طفيفة.
هناك الكثير من ذلك، والذى يرتبط على سبيل المثال بالتكنولوجيا المستخدمة فى جعل سيارات تسلا «ذاتية القيادة».
وهو مشروع تكبد أضرارًا جانبية تمثلت فى وفاة سائقين وأحد المشاة بعد فشل نظام القيادة الآلية فى اكتشاف العوائق فى الطريق، مما أدى إلى تحول فى الخطاب: «كانت السيارات... تتطلب إشرافًا نشطًا ومستمرًا ويقظًا من السائق»، مما يجعلها «ذاتية القيادة، ولكن ليس ذاتية القيادة».

المحرك الاقتصادى
حسب الكاتب، فإن تسلا هى المحرك الاقتصادى لماسك. إنها التعددية التى تتجاوز أحيانًا صافى ثروته. وإذا لم يكن هذا موجودًا، فإن الكثير من جوانب إمبراطورية ماسك الأخرى تبدأ فى الزوال.
كان ماسك يؤمن بأن نظام القيادة الذاتية سيلعب دورًا محوريًا فى تعزيز السلامة المرورية، مبشرًا بمستقبل لن يشهد حوادث مرورية. ارتبطت بداياته باجتماع داخلى فى شركة تسلا، حيث لفت موضوع القضاء على وفيات حوادث الطرق انتباه فريق الهندسة، حيث دون أحدهم العدد السنوى لوفيات حوادث الطرق على سبورة بيضاء.
وفقًا لصديقى، كانت شركات التكنولوجيا الكبرى، مثل جوجل وأوبر، تتطلع بالفعل إلى ملء الطرق بأساطيل ذاتية القيادة، لكن تسلا ستتميز بسعيها نحو القيادة الذاتية من خلال المركبات الشخصية المملوكة للقطاع الخاص. وأرادت الشركة تحقيق ذلك فى أسرع وقت ممكن.
ونظام القيادة الذاتية هو عبارة عن مجموعة من ميزات مساعدة السائق تمكن سيارات تسلا من المناورة من منحدرات الدخول إلى الطرق السريعة إلى منحدرات الخروج منها دون تدخل السائق، وهو نوع من مثبت السرعة فائق التطور، يظهر بوضوح تفوق تسلا التكنولوجى على شركات صناعة السيارات الأخرى.
يتحكم هذا النظام فى سرعة السيارات ومسافتها عن السيارات الأخرى، ويتبع خطوط المسارات، ويمكنه حتى تغيير المسارات على طول الطريق.
فى الوقت نفسه، سعت «القيادة الذاتية الكاملة» إلى توفير هذه الإمكانيات فى شوارع المدن والشوارع السكنية، بإضافة القدرة على الانعطاف، والتوقف عند الإشارات الحمراء وإشارات التوقف، واتباع التوجيهات خطوة بخطوة.

السبيل الوحيد
ويقول المؤلف: على أى حال، بدا أن ماسك يعتقد أنه حتى لو فقدت بعض الأرواح فى هذه العملية، فإن أولئك الذين عارضوا رؤيته للمستقبل كانوا عقبات أمام التقدم.
وقد عبر عن هذه الفلسفة بوضوح فى فعالية ركزت على القيادة الذاتية الكاملة بعد سنوات، عام ٢٠٢٢ عندما قال: «عندما تعتقد أن إضافة النسخة الأكثر تطورًا من القيادة الذاتية تقلل من الإصابات والوفيات، أعتقد أن عليك التزامًا أخلاقيًا بنشرها حتى لو كنت ستقاضى وتلام من قبل الكثيرين. لأن الأشخاص الذين أنقذت أرواحهم لا يعرفون أن حياتهم قد أنقذت، والذين يموتون أو يصابون أحيانًا، يعرفون بالتأكيد- أو تعرف دولتهم ذلك».
كان موقفه أن الإجراءات التى وضعها المجتمع لمنع كوارث السيارات غير فعالة، أو الأسوأ من ذلك، أنها عوائق أمام هذه الضرورة الأخلاقية. كان لدى ماسك جحافل من المعجبين المتحمسين عبر الإنترنت الذين أيدوا هذا الاعتقاد؛ كانت أساليبه هى الصحيحة، وطريقته هى السبيل الوحيد للمضى قدمًا. من هى الحكومة التى تقف فى طريقها؟ كيف يمكنها امتلاك المعرفة والخبرة التكنولوجية والبيانات الخام اللازمة لتقويضه؟
ويرى الكاتب أن قناعة ماسك الواضحة بأنه ينقذ العالم بسيارة تسلا وينقذ الجنس البشرى بصواريخ سبيس إكس «نحن بحاجة إلى أن نكون جنسًا متعدد الكواكب، حتى تنجو البشرية من نيزك كبير يضرب الأرض» تجعله أقرب إلى شخصية الكاتبة والفيلسوفة الأمريكية «آين راند».
كما يؤدى نهج ماسك الأنانى تجاه العالم إلى تحول جدير بالملاحظة: فبعد أن كان ديمقراطيًا، أصبح عدوًا عنيدًا للتنظيم- وخاصة لأعماله التجارية- وهو الآن بالطبع يحظى باهتمام دونالد ترامب.
ويروى صديقى بتفصيل أكثر التاريخ الحافل بالتوترات لماسك وشركة تسلا مع الجهات التنظيمية فى واشنطن. حيث كانت تسلا تراهن بمستقبلها على رهان القرن فى مجال الذكاء الاصطناعى: وضع مركبة ذاتية القيادة بالكامل بين أيدى العملاء.
وهو مشروع طموح يختلف عن الطموحات التجارية فى الغالب لمشاريع سيارات الأجرة الآلية التى تقدمها شركات التكنولوجيا الكبرى المنافسة مثل جوجل وآبل.
وفوجئت الجهات التنظيمية ومسئولو السلامة فى الحكومة الفيدرالية الأمريكية، الذين كانوا يضعون مجموعة من القواعد لتنظيم التجارب المعملية فى وادى السيليكون- وهى اختبارات على نطاق ضيق فى بيئة شديدة التنظيم- ببدء تسلا بإضافة ميزات تشبه القيادة الذاتية إلى سياراتها، بدءًا من أواخر عام ٢٠١٤.
ويشير المؤلف إلى أنه رغم استياء ماسك من تدخل واشنطن، لكنه كان مدينًا أيضًا بالكثير من نجاح تسلا لها، ففى عام ٢٠٠٩، كانت الشركة على وشك الانهيار، حيث كاد الركود الكبير أن يقضى على الطلب على سياراتها الكهربائية باهظة الثمن.
وأنتجت تسلا سيارة رياضية أنيقة، «رودستر»، وجاءت هذه الإثارة بثمن فكانت تكلفة السيارة حوالى ١٠٠٠٠٠ دولار، فى مواجهة اقتصاد متدهور، هدد قدرتها على إنتاج طراز S- السيارة التى ستجعل الشركة لاحقًا اسمًا مألوفًا.

رهان حكومى
ووجدت تسلا منقذين بعد أن اتصلت «دايملر»، «مجموعة مرسيدس بنز»، بتسلا لبناء مجموعات نقل الحركة لسياراتها الكهربائية الذكية. وفى خلال ذلك، راهنت الحكومة الأمريكية على تسلا، بهدف جلب السيارات الكهربائية للمواطنين، وقدمت وزارة الطاقة للشركة قرضًا بقيمة ٤٦٥ مليون دولار، وهو مبلغ نقدى بالغ الأهمية فى وقت من عدم اليقين الوجودى.
وينقل الكاتب ما قاله ماسك فى مقابلة عام ٢٠١١ مع مجلة «ذا أتلانتيك»، والتى اعترف فيها باعتماد تسلا على الحكومة.
وقال: «حصلت تسلا على قرض من الحكومة. إذا أرادت تسلا أن تنافس بفعالية شركات مثل جنرال موتورز وفورد وكرايسلر وغيرها، وكانت هذه الشركات تحصل على مبالغ طائلة من الحكومة بتكلفة رأسمالية صفرية، ولم نشارك فى هذه اللعبة، فإن ذلك يزيد من صعوبة المهمة الشاقة. لذا، سيكون من غير الحكمة عدم القيام بذلك».
ويضيف صديقى: فى السنوات التالية، حققت تسلا نجاحًا باهرًا. كانت الحكومة تشجع شركات صناعة السيارات الكبرى على التحول إلى السيارات الكهربائية، لكنها لم تكن تمتلك القدرة أو الإرادة الكافية للقيام بذلك، خاصة فى ظل اقتصاد متراجع.
ومن ناحية أخرى، كانت تسلا تنتج آلاف السيارات الكهربائية كل ثلاثة أشهر. وبدأت شركات صناعة السيارات، مثل كرايسلر، بشراء ما يسمى «الاعتمادات التنظيمية» من تسلا، لتتمكن من تجاوز متطلبات الانبعاثات الحكومية بموجب قانون الهواء النظيف الفيدرالى.
ودفع هذا الترتيب تسلا إلى الربحية التى ساعدت ماسك على أن يصبح أغنى رجل فى العالم. لم تحصل شركته على تقدم طويل الأمد على منافسيها فحسب، بل استطاعت أيضًا الاستفادة من فشلهم فى التكيف.

تسخير الجيوش
يلفت المؤلف إلى تآكل علاقة ماسك مع الجهات التنظيمية ومسئولى السلامة بشكل كامل خلال السنوات الخمس الأكثر أهمية فى حملته للقيادة الذاتية. وبينما كان يروج لرؤيته لسيارات الأجرة الآلية الاستهلاكية، اختبر ماسك استراتيجية لتسخير جيوش المعجبين عبر الإنترنت.
فى كثير من الأحيان، مستثمرون متحمسون كانت شخصياتهم الرقمية السامة تهدف إلى إسكات المعارضين- ضد أولئك الذين هددوا بإبطاء تقدم نظام القيادة الآلية، والقيادة الذاتية الكاملة، ما جعل الحياة كابوسًا لأولئك الذين وقفوا فى طريقه.
كل ذلك باسم السلامة، كما جادل ماسك. ويحكى الكاتب على سبيل المثال اضطرار إحدى المسئولات إلى الفرار من منزلها، ردًا على ما اعتبرته السلطات المحلية تهديدًا خطيرًا، بعد أن ثار معجبو تسلا بسبب تعيينها مستشارة فى الإدارة الوطنية للسلامة المرورية على الطرق السريعة، وانضم ماسك إلى الهجوم العلنى.
وفى حالة أخرى، اضطرت السلطات إلى التدخل بعد أن تصاعد انتقاد مسئول حكومى إلى تهديدات شخصية من متصيدين عبر الإنترنت.
يرصد صديقى كيف عرض سلوك ماسك غير المنتظم وثقته الراسخة بنفسه إمبراطوريته التجارية للخطر، مشيرًا إلى أن ماسك عادة ما يبالغ فى الوعود ثم يفى بها، لكنه فى نفس الوقت حنث بوعده عام ٢٠٢٠ باستخدام مصانع تسلا لصنع أجهزة التنفس الصناعى.
ويقول المؤلف إن الملياردير المتقلب المزاج قادر على إغواء من يملكون النفوذ على إمبراطوريته والتعامل معهم بلطف، لكنه قادر على الانقلاب عليهم بنفس السرعة، إذا شعر بأنهم يهددون بالوقوف فى طريقه.
ويلفت إلى أن ماسك لم يكن يسيطر فقط على مستقبل صناعة السيارات، بل أيضًا على طموحات الولايات المتحدة الفضائية، غالبًا بمساعدة العقود الحكومية والدعم المالى. وعلاوة على ذلك، سعت شركته الناشئة «نيورالينك» إلى زرع رقائق حاسوبية فى أدمغة الناس.
ولم تكن دعوته للمناخ سلبية فحسب، بل كان متشددًا فى مجال المناخ، لدرجة أنه ترك اثنين من المجالس الاستشارية للرئيس ترامب فى ولايته الأولى، احتجاجًا على انسحاب الإدارة من اتفاقية باريس للمناخ.
ويصف الكاتب ماسك قائلًا إنه لم يكن رجلًا من الطبقة العاملة. كان من المشاهير الذين يواعدون مغنيًا مشهورًا، ومهووسًا بالتكنولوجيا، وكان يتنقل بين مكاتبه بطائرة خاصة.
إلا أن منشوراته المحمومة على الإنترنت كانت توحى للناس بأنه واحد منهم. كان ينشر الميمات «مادة على شكل صورة أو مقطع فيديو أو عبارة وما إلى ذلك، تنتشر عبر الإنترنت ويتم تعديلها بطريقة إبداعية أو فكاهية»، ويلقى الإهانات المتهورة. لم يكن يخشى الترويج لنظريات المؤامرة، مهما كانت غير مسئولة، لمجرد أنه عثر عليها بالصدفة ووجدها مقنعة.

ملك التكنولوجيا
ويشير صديقى إلى أن تزايد شهرة ماسك مع كونه أغنى رجل فى العالم، جعله هدفًا أسهل وأكثر ملاءمة للنشطاء اليساريين الذين ينتقدون تجاوزات المليارديرات والتفاوتات الهائلة فى الثروات فى المجتمع الأمريكى.
وهم أشخاص يدركون تمامًا مفاهيم مثل التضليل البيئى، ومستعدون بكل سرور للتخلى عن مهمة المريخ مقابل حل مشكلة التشرد أو، على سبيل المثال، القضاء على الجوع فى العالم.
من جانبه، قال ماسك إنه سيتخلى عن أسهم تسلا لحل مشكلة الجوع فى العالم، إذا استطاع برنامج الغذاء العالمى التابع للأمم المتحدة تحديد مسار واضح لتحقيق ذلك.
بدا أنه يأخذ الكثير من الانتقادات على محمل شخصى. فى الوقت نفسه، لم يظهر ماسك وعيًا ذاتيًا يذكر بإمكانياته، ليصبح مركز القوة المركزة الذى أدانه سابقًا. كان لا يزال يتصرف كما لو كان الشخص العادى.
ويعلق المؤلف: كيف يمكن لأغنى رجل فى العالم- الذى جنى ثروته من استثمارات التكنولوجيا، مستفيدًا من سنوات من ضجيج وول ستريت وعلاقاته الحكومية الوثيقة- أن يجادل بثقة بأن أنصاف آلهة التكنولوجيا هم من مارسوا سيطرة مفرطة؟ ليس هو، بل أولئك الأشخاص الآخرون.

التحول السياسى
وعن علاقته بالحكومة والسياسة، يوضح الكاتب أن ماسك لم يتردد فى التحالف مع المسئولين الحكوميين الذين يمكنهم مساعدته فى تطوير شركاته وطموحاته، بغض النظر عن انتمائه الحزبى. كانت السياسة بحد ذاتها مصدر إزعاج له.
حيث كتب ذات مرة: «لست معاديًا للمحافظين ولا معاديًا لليبرالية. فقط لا أحب التفكير الجماعى. يجب النظر إلى الأفكار على أساس مزاياها». لكن بالطبع، بحلول عام ٢٠٢٠، أصبح من الصعب البقاء بعيدًا عن السياسة.
ويفرق صديقى بين علاقة ماسك بالرئيس الأمريكى بايدن والرئيس ترامب فى ولايته الأولى، فيقول إن إدارة بايدن كانت تسعى للترويج لسمعتها الداعمة للنقابات والنأى بنفسها عن رجل أصبح على نحو متزايد مصدر قلق سياسى، ولذا لم تبذل جهدًا يذكر لتبديد فكرة معاداتها لماسك.
على عكس ترامب، لم يستقبل بايدن ماسك قط فى البيت الأبيض على انفراد، مع أن مسئولى الإدارة التقوا به فى وسط مدينة واشنطن- على مقربة من البيت الأبيض، وعلى الرغم من انتقاده اللاذع لبايدن بشكل متكرر، كان ماسك أكثر تحفظًا فى انتقاده للجمهوريين، إن سخر منهم أصلًا.
ويروى المؤلف حوادث توتر بين إدارة بايدن وماسك، ومنها تغريدة مسيئة له تخص سيناتور خلال مناقشات حاسمة حول قانون خفض التضخم، وهو مشروع قانون المناخ المميز للرئيس بايدن، والذى كان لا يزال قيد الصياغة وقتها، وشاركت تسلا بنشاط فى مناقشاته.
وهو الأمر الذى سارع موظفو الشركة للرد عليه، وبدأوا يتوصلون بشكل متزايد إلى استنتاج جديد هو أن رئيسهم مجنون، فهذا الوقت لم يكن مناسبًا لإطلاق هذه التغريدة.
ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية لعام ٢٠٢٤، انفصل ماسك عن الحزب الديمقراطى، حيث كتب: «لقد دعمت أوباما بقوة للرئاسة، لكن الحزب الديمقراطى اليوم قد اختطفه المتطرفون».
فى غضون ذلك، انزعج ماسك أيضًا من بايدن، الرئيس الذى كان يدفع بقوانين ضخمة للبنية التحتية والإنفاق الاجتماعى فى ظل التضخم الذى يلحق الضرر بالاقتصاد.
كتب ماسك: «خطأ بايدن هو أنه يعتقد أنه انتخب لتغيير البلاد، لكن فى الواقع، كان الجميع يريدون فقط الحد من الدراما».

قصة الاستحواذ
وفى قصة استحواذ ماسك على «تويتر»، يبرز الكاتب الحماقة وراء محاولات رجل الأعمال البارزة لفرض نفوذه، مفصلًا كيف حاول ماسك التملص من الصفقة بزعمه أن الشركة ضللته بشأن عدد حسابات البريد العشوائى على الموقع، بعد أن أدرك أن خبر استحواذه تسبب فى انخفاض سعر سهم تسلا بنسبة ٣٠٪ تقريبًا.
ويعود بنا إلى أصل قصة استحواذ ماسك على المنصة، فيقول إن البداية كانت عندما اتخذت المنصة وكانت المفضلة له للتواصل الاجتماعى، قرارًا بحظر حسابه الساخر المفضل، بعد أن وصف امرأة متحولة جنسيًا فى إدارة بايدن بأنها رجل العام.
وسألته زوجته السابقة تالولا رايلى الممثلة الإنجليزية التى انتهى زواجها من ماسك مرتين بالطلاق: «هل يمكنك شراء تويتر وجعله يدعم حرية التعبير بشكل جذرى؟» رد ماسك بعد سبع دقائق: «ربما تشتريه وتغيره ليدعم حرية التعبير بشكل صحيح».
ثم ضغط ماسك على زر «الإعجاب»، مرفقًا إبهامه برسالة رايلى، التى تطلب منه شراء أكثر مواقع التواصل الاجتماعى تأثيرًا فى العالم.