السبت 15 نوفمبر 2025
المحرر العام
محمد الباز

جيمس ويلدون جونسون.. «شاعر العدالة» الذى قتلته عجلات القطار

حرف

- اشتهر چونسون بشعره الذى التقط تجارب وإيقاعات ولغة الحياة السوداء

- اصطدمت سيارته بقطارٍ أثناء عطلته مع زوجته جريس فى ولاية مين.. وحضر جنازته أكثر من ألفى شخص فى «هارلم»

شاعرٌ أمريكى عرف كيف يوُظِّف مواهبه المتعددة فى الكتابة والشعر والموسيقى وتأليف الأغانى والتدريس والسياسة والقانون حتى صار من الشخصيات البارزة والمؤسسة فى نهضة هارلم، فولادته فى بيئة داعمة تهتم بالفن والأدب، شكَّلت تكوينه الثقافى متعدد الروافد، فوالدته كانت أول معلمة أمريكية إفريقية فى فلوريدا، ووالده كان يعمل رئيسًا للنادلين فى فندقٍ راقٍ، وهذا منصب نادر يحمل مكانة مرموقة لرجل أمريكى من أصل إفريقى، فنشأ ويلدون فى بيئة مالية آمنة، كما كرَّست أسرته نفسها للتعليم والإبداع والمسئولية الاجتماعية، فوالدته كانت تشجِّعه دائمًا على الاستمتاع بالموسيقى، فكان يُغنِّى ويعزف على الجيتار ويؤدِّى الأغانى. من خلال قراءتى عن إنجازاته وسيرته، شعرت بأننى أقرأ عن شخصٍ لديه شغف كبير وولع أكبر بالإنجاز وسرعة التنفيذ، كأنه كان يشعر أن شعلة نشاطه سينطفئ لهيبها فجأة من دون سابق إنذار، كأن الحياة أرادت أن تقول له: «لقد أديت رسالتك.. حان وقت الرجوع».

 

توفى چونسون فى أوج تألقه ونجاحه، فى مرحلة النضج والعطاء الآسر، فى حادثٍ مأساوى غير متوقع، حيث اصطدمت سيارته بقطارٍ أثناء عطلته مع زوجته جريس فى ولاية مين، وحضر جنازته أكثر من ألفى شخص فى هارلم. قال فى تأبينه «چين باك» Gene Buck (١٨٨٥-١٩٥٧)، رئيس الجمعية الأمريكية للملحنين والمؤلفين والناشرين: «اكتشف آفاقًا جديدة للقلب والعقل. كان يتمتع بالنُبل والثقافة والذوق اللا نهائى، والرغبة المشتعلة فى التعلُّم والتسامح التى لا تنتهى». 

اعتبرت هذه النهاية درسًا لى ولغيرى فى عدم التأجيل، أن لا نؤجل عملًا أو فكرة أو حتى فرحة، فالموت يدق الأبواب فجأة ولا ينتظرأحدًا، فعلينا العمل والإنجاز من دون انتظار تصفيقٍ من أحد، ورغم وجود الكثير من التحديات فى حياة ويلدون، كونه أمريكيًّا من أصل إفريقى، فإنه تشبث بالبقاء معتزًا بهويته، رافعًا راية الحرية والعدالة التى كان يفتقدها المجتمع الأسود فى أمريكا، فچيمس ويلدون وغيره من الشعراء والشاعرات الأفرو-أمريكيين أعطونا درسًا غير مباشر ومن دون تعمُّد منهم أو منهن، فى كيفية الإنجاز فى بيئات سامَّة قد تعطِّل مسيرة أى مبدع إذا رضح أو استسلم لها. فثمَّة حيوات وسِيَر تستحق أن تُروى.

وُلِد چونسون لأبوين مُهاجرين من جزر الباهاما، «چيمس چونسون» و«هيلين لويز» فى عام ١٨٧١ بجاكسونفيل فى فلوريدا. كانت والدته تعمل معلمةً فى مدرسة ستانتون الإعدادية بجاكسونفيل، وهى المدرسة التى أصبح چونسون لاحقًا مديرًا لها فى سن الثالثة والعشرين. رغم أن جاكسونفيل كانت مدينة متسامحة نسبيًا، فإن چونسون لم يتمكن إلا من الالتحاق بمدرسة ستانتون المركزية الابتدائية المُنفصلة، حيث كانت والدته، إحدى مدرساته، تشجِّعُه على دراسة الأدب الإنجليزى والتقاليد الموسيقية الأوروبية. لم تكن المدرسة مُهيأة لتقديم دورات دراسية ثانوية، مما أجبر چونسون على السفر إلى أتلانتا، چورچيا، لإكمال دراسته.التحق بعد ذلك بجامعة أتلانتا «التى تُعرف الآن بجامعة كلارك أتلانتا»، وتخرَّج بدرجة البكالوريوس مع مرتبة الشرف عام ١٨٩٤، كما التحق بدورات دراسات عُليا فى جامعة كولومبيا فى أوائل القرن العشرين، لكنه حصل على الماچستير من جامعة أتلانتا عام ١٩٠٤. أدّى تشجيع والدته له على الاستمتاع بالمُوسيقى إلى انضمامه إلى رباعية جامعة أتلانتا، حيث كان يُرفِّه عن الجمهور بأداء الترانيم الروحية والأغانى الشعبية الخفيفة فى ذلك الوقت. وسَّعت مشاركته فى الموسيقى آفاقه، وأخذته بعيدًا عن المدينة الجنوبية التى وُلِد فيها.

بعد تخرجه فى الجامعة، عاد چونسون إلى جاكسونفيل بوصفه معلمًا ومديرًا لمدرسة ستانتون.بدأ هناك فى إظهار طاقته الاجتماعية ووعيه وإدراكه لعمل تغييرات فاعلة، فوسَّعَ منهج المدرسة ليشمل الدراسات الثانوية. بعد ذلك، أسَّس وشارك فى تحرير صحيفة ديلى أمريكان، أول صحيفة يومية مُوجَّهة للسود فى أمريكا وذلك فى عام ١٨٩٥. رغم جرأة المشروع، فإنه توقف بعد ثمانية أشهر، ومع ذلك، لفت المشروع انتباه قادة وطنيين بارزين مثل «دابليو إى.بى.دوبوا» W.E.B. Du Bois «١٨٦٨-١٩٦٣» و«بوكر تى. واشنطن» Booker T. Washington.

اكتشف چونسون، بعد ذلك، حبه للقانون، ربما لرغبته الداخلية كأمريكى من أصل إفريقى، فى أن يتمكن من المطالبة بحقوقه وحقوق الآخرين من المجتمع الأسود فى الولايات المتحدة الأمريكية، على أسس قانونية ورسمية ولأن يعلو صوته بشجاعةٍ مدروسةٍ مبنية على قانون البلاد، فقرر چونسون دراسة القانون، بمساعدة محامٍ أبيض فى جاكسونفيل. استعد لامتحانات نقابات المحامين فى فلوريدا، واجتاز الامتحان من المحاولة الأولى فى عام ١٨٩٨، ليصبح أول محامٍ أسود فى ولاية فلوريدا منذ أيام إعادة الإعمار. تحقق بعد ذلك حلم چونسون، ففى أواخر القرن التاسع عشر، كان يُدرِّس ويُمارس القانون فى جاكسونفيل، ويُدافع عن مصالح المجتمع الأسود، ويكتب الشعر والأغانى.

أما الحدث الذى جعل لچونسون صيتًا كبيرًا فى العالم، ينحصر فى تلك الكلمات «ارفعوا كل صوتٍ وغنُّوا» Lift Every Voice And Sing. ما حكاية هذا العنوان ؟عندما دُعى چونسون فى أواخر عام ١٨٩٩، لإلقاء خطاب فى احتفال محلى بعيد ميلاد أبراهام لنكولن، كتب ترنيمة لهذه المناسبة، وقام شقيقه الأصغر «فارق عامين» چون روزاموند چونسون، وهو موهبة موسيقية بارزة، بتلحينها، وأديت الأغنية لأول مرة من قِبل خمسمائة طفل من مدرسة جاكسونفيل فى فبراير ١٩٠٠. تُعبر الأغنية عن نداء مؤثر وصادق من السود الأحرار لمستقبل ملىء بالأمل فى أمريكا، وقِيل إن چونسون اعتبر كتابة كلمات الأغنية؛ الإنجاز الأكثر إرضاءً فى حياته.رغم أن الأخوين چونسون لم يروجا للأغنية كثيرًا فى البداية، فإنها انتشرت من تلقاء نفسها، فسرعان ما بدأت فى الانتشار فى جميع أنحاء الجنوب فى الكنائس والمناسبات الاحتفالية، وبحلول عام ١٩٢٠، كانت شديدة الشعبية لدرجة أن NAACP «الجمعية الوطنية للنهوض بالملونين» تبنتها كنشيدٍ رسمى وأيضًا بحلول عشرينيات القرن الماضى، أُطلق عليها اسم «النشيد الوطنى الزنجى».

غادر چونسون وشقيقه فى عام ١٩٠١ جاكسونفيل إلى مدينة نيويورك، حيث سعيا إلى العمل فى كتابة الأغانى للمسرح الموسيقى. كوَّنا شراكة مع بوب كول، وخلال السنوات الخمس التالية ألَّفوا حوالى مائتى أغنية لعروض برودواى وعروض التنكر. حققوا النجاح بسرعة، وبحلول عام١٩٠٤، أصبح الأخوان چونسون وبوب كول معروفين فى دوائر الترفيه، فكانت عروضهما تجوب أمريكا وأوروبا، مما أتاح لهما فرصة رؤية العالم، وفى نيويورك، أصبحا شخصيات شهيرة، ولم ينس چونسون شعره أبدًا، فخلال هذه الفترة، تابع الدراسات العليا فى جامعة كولومبيا وكتب الشعر، بعضها باللهجة السوداء وذلك على غرار صديقه الشاعر الأمريكى «بول لورانس دنبار» Paul Laurence Dunbar (١٩٧٢-١٩٠٦).

أمَّا فى عام ١٩٠٦، عين الرئيس ثيودور روزفلت چونسون قنصلًا للولايات المتحدة الأمريكية فى فنزويلا. شغل هذا المنصب بعد أن عمل بوصفه أمينًا لصندوق نادى الجمهوريين الملونين.انتقل لاحقًا فى عام ١٩٠٩ إلى نيكاراجوا ليعمل قنصلًا، حيث تزوج هناك من جريس نايل، وهى فنانة تعرف إليها خلال أيام تأليف الأغانى فى نيويورك. وجد نفسه فى مناخ سياسى مضطرب، بلغت ذروته بإنزال القوات الأمريكية بكورينتو عام ١٩١٢، ما أدى إلى تدخل قوات أمريكية هناك.

فى العام نفسه، تولى وودرو ويلسون، وهو ديمقراطى، منصب الرئاسة. شعر چونسون بقلة فرص التقدم فى ظل الإدارة الجديدة، فاستقال من الخدمة المدنية فى عام ١٩١٣. وخلال فترة عمله التى استمرت ست سنوات فى السلك الدبلوماسى، أصبح چونسون شاعرًا شهيرًا وكاتبًا بارعًا.أكمل العديد من القصائد وروايته الوحيدة «سيرة رجل مُلون سابق» The Autobiography of an Ex-Colored Man. نُشرت بعض قصائده فى المجلات الشهرية فى أمريكا، وظهرت الرواية فى المطبوعات لأول مرة من دون اسمه فى عام ١٩١٢. «سيرة رجل مُلون سابق»، مذكرات خيالية حزينة لرجلٍ أسود ذى بشرة فاتحة يختار على مضضٍ «المرور كأبيض»، بعد أن شهد عملية إعدام مروعة فى الجنوب الريفى. رغم أن الموضوع لم يكن جديدًا، فإن الرواية أضفت عمقًا على الشخصية الرئيسة وتطرقت إلى أسئلة أخلاقية مُعقدة.عندما نُشرت الرواية تحت اسم چونسون فى عام ١٩٢٢، اعتقد البعض أنها سيرة ذاتية حقيقية، ما دفع المؤلف إلى كتابة سيرته الذاتية الحقيقية «على هذا الطَّريق» Along this Way فى عام ١٩٣٣.

من بين الأعمال الشعرية الشهيرة لچونسون: «خمسون عامًا وقصائد أُخرى» Fifty Years and Other Poems عام ١٩١٧ و«انزل، أيها الموت» Go DownDeath عام ١٩٢٦ و «ترومبونات الآله: سبع خُطب شعرية للسود» God’s Trombones :Seven Negro Sermones in Verse عام ١٩٢٧ و«يروى القديس بطرس حادثة»Saint Peter Relates an Accident عام ١٩٣٥. كان چونسون مدافعًا عن الحفاظ على الثقافة السوداء فجمع قصائد فى أعمال مهمة مثل: «كتاب الشعر الزنجى الأمريكى The Book of American Negro Poetry عام ١٩٢٢، الذى وصفته أكاديمية الشعراء الأمريكيين بأنه «مساهمة رئيسة فى تاريخ الأدب الأمريكى الإفريقى» وأيضًا «كتاب الترانيم الروحية الزنجية الأمريكية» The Book of American Negro Spirituals عام ١٩٢٦ و«الكتاب الثانى للترانيم الروحية الزنجية» Second Book of American Spirituals عام ١٩٢٦، وغيرها من الكتب، كما نُشرت له فى عام١٩٩٥ بعد وفاته «الأعمال المختارة لچيمس ويلدون چونسون» The Selected Writings of Janes Weldon Johnson.كُرِّم چونسون بطرقٍ عديدة، ففى عام ١٩٨٨، أصدرت خدمة البريد الأمريكية طابعًا بريديًا بقيمة ٢٢ سنتًا تكريمًا له، وفى عام ٢٠٠٢، أدرجه الباحث مولى فيتى أسنتى ضمن «أعظم مائة أمريكى من أصل إفريقى». تحمل أيضًا مدرسة چيمس ويلدون چونسون الإعدادية اسمه، ويضم مسرح ومتحف ريتز معرضًا تذكاريًا له، كما أطلقت مدينة جاكسونفيل اسم منتزه باسم أغنيته الأشهر «ارفعوا كل صوتٍ وغنوا» على موقع منزل عائلة چونسون.

عاد چونسون بعد ذلك إلى نيويورك حيث حصل على وظيفة كاتب افتتاحيات فى صحيفة نيويورك إيج، وهى صحيفة سوداء مرموقة وراسخة. وفقًا للمؤرخ يوجين ليفى، بدأ چونسون فى كتابة افتتاحيات تدعو إلى العمل من خلال معالجة قضايا مثل: الإعدام خارج نطاق القانون وأهمية الفخر العرقى. كان يؤمن بقوة الصحافة كسلاح فى النضال من أجل المساواة، ونُقل عنه قوله: «أعظم ما اكتسبه الزنجى الأمريكى نتيجة للحرب الأهلية وتعديلات الدستور؛ الحق فى المطالبة بحقوقه»، ومع ذلك كان لچونسون موقف سياسى محافظ فكتب ليفى: «رغم أنه امتدح الثقافة والإنجازات السوداء، فإنه لم يعتقد أن السود يمكنهم الحصول على حقوقهم الكاملة والفرص الاقتصادية من دون مساعدة البيض».

من عام ١٩٢٠ حتى عام ١٩٣٠، شغل چونسون منصب أول أمين عام تنفيذى أسود للجمعية، خلفًا لچون ر.شيلادى John R. Shillady، الذى تعرض لاعتداءٍ عنيف من قِبل مجموعة عنصرية فى أوستن، تكساس، بسبب عمله لصالح السود. كانت مهارات چونسون فى التواصل مع كل من السود والبيض فعالة فى منصبه الجديد.عمل چونسون بجدية لتمرير قانون فيدرالى ينهى الإعدام خارج نطاق القانون، كما أشرف على تحديات قانونية لقوانين چيم كرو وصلت إلى المحكمة العليا الأمريكية، ومع ذلك، رغم جهوده، لم تحقق الحقوق المدنية للسود تقدمًا كبيرًا فى المؤسسات الوطنية خلال فترة عمله مع الجمعية، وأدى فشل مشروع مكافحة الإعدام خارج نطاق القانون إلى شعور چونسون بخيبة أمل من النظام السياسى الأمريكى بشكل عام، مما دفعه إلى الانفصال عن الحزب الجمهورى.

أما فى عام ١٩٣٠، تقاعد چونسون من منصبه فى الجمعية NAACP وتولى منصبًا تعليميًا بدوام جزئى فى جامعة فيسك بناشفيل فى ولاية تينيسى.وفى السنوات اللاحقة، درَّس الكتابة الإبداعية فى جامعة نيويورك وجامعة فيسك. نشر حينها سيرته الذاتية «على هذا الطريق» Along This Way، ودراسة جادة حول الفن والموسيقى السوداء بعنوان «مانهاتن السوداء» Black Manhattan، ومجموعته الشعرية «يروى القديس بطرس حادثة» Saint Peter Relates an Incident.

اشتهر چونسون بشعره الذى التقط تجارب وإيقاعات ولغة الحياة السوداء. ودافعت أعماله عن العدالة الاجتماعية واحتفت بالهُوية السوداء، ما أسهم فى حركة ثقافية أوسع تحدت التحيزات العرقية السائدة والقوالب النمطية. غالبًا ما دمج شعر چونسون عناصر من الأشكال الشعبية السوداء التقليدية، مثل العظات وموسيقى البلوز، وأضفى عليها براعة شعرية وعمقًا موضوعيًا يتجاوز التقليد البسيط.استخدم چونسون اللهجة والصور بأسلوب نقل أصالة قوية، ما أعطى صوتًا لمجتمع كان غالبًا مهمَّشًا ومُساء تمثيله فى الأدب السائد. كان التزامه بتصوير الحياة السوداء بصدق وكرامة يضعه فى صفٍ واحدٍ مع كُتَّاب بارزين آخرين من تلك الحقبة، مثل «زورا نيل هيرستون» Zora Nile Hurston (١٨٩١-١٩٦٠) و»لانجستون هيوز» Langhston Hughes (١٩٠١-١٩٦٧).

وبرغم انشغال چونسون بالسياسة والقانون والمجتمع الأسود، فإنه لم ينس دور المرأة فى حياته، فعندما قرأت العديد من قصائده، وجدت مجموعة كبيرة من قصائدة تتحدث عن المرأة والحب، أحببت قصائده هذه وشرعت فى ترجمتها لأنقل القارئ من الحديث عن السياسة إلى الرومانسية والحب، ورغم أن الحديث عن السياسة غالبًا ما يُكتب بلغة شعرية جافة إلى حدٍّ ما، فوجدت أن اهتمامه بالسياسة والقانون لم يؤثر على لغته التى استخدمها فى قصائد الحب، فاستطاع ببراعة أن يعبر عن الحب بسلاسة وسهولة وعفوية تليق بالحديث عن كل ما هو رومانسى وحسِّى. بحثت كثيرًا عن حوارات له لأترجمها لكننى لم أعثر؛ ولهذا سأذكر بعض الاقتباسات التى وجدتها فى روايته «سيرة رجل ملون سابق»، لأوضح ملامح من شخصيته بلغته الخاصة:

«ليس عيبًا أن تكون أسود، لكن الأمر غالبًا ما يكون مزعجًا للغاية». 

«فى حياة كل إنسان، هناك عدد محدود من التجارب التى لا تكتب فى الذاكرة، بل تُنقش عليها بختم.، وفى السنوات الطويلة التى تليها، يمكن استدعاؤها بالتفصيل، وكل شعور أثارته يمكن عيشه من جديد؛ هذه هى مآسى الحياة». 

«من الغريب كيف يمكن فى بعض الأمور أن يكونوا الأشخاص الصادقين غير صادقين من دون أدنى شعور بالذنب». 

«يجب الحكم على كل عرق وكل أمة بما أنتجته من أفضل ما لديها، وليس بأسوأ ما أنتجته». 

تُوفى چونسون فى عام ١٩٣٨ وهو فى السابع والستين من عمره، وأُسدل الستار على شاعرٍ برتبة إنسان، شاعر استطاع أن يترك أثرًا لن يُنسى بمرور أجيال، فكيف يُنسى وهو الشاعر الإنسان.