الخميس 27 نوفمبر 2025
المحرر العام
محمد الباز

كل شىء أتى متأخرًا

حرف

اختفت طفولته

ونام على الطرقات قلبه

غير راغبٍ فى اللعب

أو الاحلام

لعب وحلم كثيرًا

حيث كان ينبغى 

أن يكون أبًا

لأطفال 

لم تتأخر طفولتهم

--

تأخر الحب 

واشتعل الرأس شيبًا

وندمًا

بقيت الرسائل سرية

يأكلها العنكبوت فى أقفاصها

وصارت القبل مجازًا

--

تأخر الحب

جاءه وقد امتلأ قلبُه به

فلا يفتحه الا للصدى

ولا يرد إلا على الذكريات

حين صار يكتب الشعر 

لا ليسعد أحدًا

بل ليتذكر أنه كان إنسانًا

حين نضبت أنوثة النساء

فى عينيه

وصار الجمال لوحة للتحديق فقط

تأخر 

فلم يجد قلبًا 

ولا طيشًا

ولا مواعيد سرية

صار يعتذر عن الحياة

ويكتب رسائل للفراغ

وقصائد

لا تحفظها طيات ملابسها

يبتسم فى وجه امرأة 

ثم يشيح عنها 

حتى لا يقع فى غرامها

جاء الحب

فوجد أبوابه قديمة

والنوافذ نصف مغلقة

والكرسى فارغًا

ولا أحد ينتظر

--

تأخر الصدق

وحيث قرر أن يكون شفافًا

لبس الجميع أقنعةً

وصار الصمت أبلغ من النقاء

--

حتى الحماقة

لم تأته فى عزها

وأتت على عكاز الحكمة

فأخطأ وهو يعلم

وابتسم وهو يتألم

كل شىء أصبح درسًا

وأتى متأخرًا

يمشى كمن يهرب

يمشى سريعًا

متخفيًا

كأن العمر

يجره من ياقة المعنى

تأخرت الحماقة

فلم يعش جنونه فى أوانه

ولا خاض حربًا بقلب مفتوح

ولا قال: أحبك

قبل أن يسأل: هل تستحق؟

أتت الحماقة

حين تعلم الانسحاب

قبل أن يهزم

والصمت قبل أن يخطئ

والتردد قبل أن يحلم

جاءت بكل وقارها

بعد أن آمن 

بأن الخسارة 

أجمل من النجاة

حين صار مثل كتاب

بلا أخطاء

لم يكتب بيد بشر

بل صاغته يد تخاف النقص

وحين سأل الحب:

لماذا تأخرت؟

قال:

الطريق إلىّ كان مزدحمًا بى

مطر على رمل

وفى الطريق سقط كل شىء

بهدوء وانتظام

غاصت الجعجعة فى بئرها

وهدأ الصوت

استسلم بين يدى غيمة

انفرطت مطرًا على رمل

سقطت اليد سريعة الحركة

جنبًا إلى جنب 

مع الليل والأحلام

والطريق الذى مشيت عليه

كلما مشيت عليه

صار قطيعًا من الأحلام

لا يحسن التصرف بين الجموع

ويغنى الصرخاتِ القديمةَ نفسها

مع عابر جديد

وكل ما حدث لا بد منه

ولا يستحق الثناء

الوعود التى صارت جزءًا من الشفاه

ترتاح فوق جبين الذاكرة

وتغنى مع نفسها

فى انتظار موجة طاغية مندفعة 

إلى الطريق

حيث يختفى كل شىء

بهدوء وانتظام

عودة الصالونات والمنتديات الأدبية «ضروة قصوى»