السبت 05 أكتوبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

حبيب سرورى: الأمم تنقرض.. وأسعى لتحذير القارئ من هذا المآل

حبيب سرورى
حبيب سرورى

- المسلّمات الدينية الجامدة والأميّة الثقافية من أسباب غياب الاستشراف فى الرواية العربية

- الرواية العربية محبوسة داخل ثيمات نمطيّة.. وتشغلنى احتمالات استقلاليّة الروبوتات بالمستقبل

يجمع الروائى اليمنى حبيب عبدالرب سرورى ما بين شغفى الأدب والعلم؛ ففضلًا عن عمله أستاذًا لعلوم الكمبيوتر فى فرنسا، راكم سرورى على مدار عقود أعمالًا روائية تنوعت فى ثيماتها ومنطلقاتها التخييلية، ونالت استحسانًا نقديًا وجماهيريًا، إذ وصلت روايته «ابنة سوسلوف» إلى القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية عام 2015، كما فازت روايته «وحى» بجائزة «كتارا» عام 2019.

ينشغل سرورى فى رواياته بعدد من الثيمات، فلا يغادر الوضع العربى عمومًا وأوضاع اليمن خصوصًا أعمالَه الروائية بتنويعات مختلفة، ولا يتوان عن استشكال أزمات التردى العربى فى مواجهة الراهن والمستقبل، غير أن الاتجاه الأكثر حضورًا بأعماله الروائية الأحدث هو استشراف المستقبل ارتكازًا على معطيات الراهن، ومنه جاءت رواياته: «حفيد سندباد» (2016)، و«جزيرة المطففين» (2022)، و«نزوح» (2024). 

فى هذا الحوار، نناقش مع الكاتب أعماله الروائية التى قدمت تخييلًا علميًا للمستقبل، لا سيما الرواية الأحدث «نزوح»، متطرقين للحديث عن القضايا المستقبلية الملحة على الكتابة الروائية اليوم. 

■ تدور روايتك الأحدث «نزوح» (٢٠٢٤) بعالم متخيل بالفضاء غير أنها تظل مشغولة بخراب الراهن ودور الإنسان به.. إن كانت الرواية بصورة ما تحذيرًا من المطامع البشرية غير الأخلاقية التى قادت إلى تدمير كوكب الأرض.. فلمَ اخترت أن يأتى هذا النذير عبر رحلتى فضاء؟

- أتابع باهتمام وشَغف، يوميّات مشاريع غزو الفضاء. تُذهلنى دومًا، لا سيّما منذ تيلسكوب جيمس ويب، وما سبقه من التلسكوبات، صور بدايات نشوء الكون بعد «الانفجار الكبير» قبل أكثر من ١٣ مليار سنة، وتكوين الكواكب اليوم. وتستحوذنى كثيرًا مشاريع الإقامة الدائمة فى القمر التى بدأت حاليًا مراحلها الأولى، وكذا الاستعداد لغزو المريخ.

وأقرأ بقلقٍ حقيقى، من ناحية أخرى، تقارير الأوضاع البيئية لكوكبنا الذى يحتاج للإنقاذ قبل أى تفكير بمشاريع فضائية غازية مُكلّفة، أو نزوح هروبى من تداعيات تدمير الإنسان لكوكبنا. تربكنى هذه المفارقة أكثر فأكثر، ومنها وُلِدتْ رواية «نزوح».

■ فى الرواية تؤسس لحياة متكاملة لسفينتين فضائيتين تنطلقان نحو الفضاء ليعيش ١٠ أشخاص مدة طويلة فى مجال خارج الجاذبية.. كيف تعاملت مع التحدى المزدوج المتمثل فى بناء عالم متخيّل بالكامل مع سرد المعارف العلمية التى يقتضيها موضوع الرواية؟

- العالَم المتخيّل الذى بنيته ليوميّات السفينتين مثير ومدهش، وهذا ما سهّل لى سرد بعض المعارف العلميّة وتسريبَها فى إطاره. ينطلق عالَم الرواية من سؤال: هل يمكن للإنسان المقيم فى بيئة سماويّة مستديمة، بعيدًا عن الجاذبيّة الأرضيّة، أن يُجامعَ، ويُنجبَ، ويتكاثر؟

فرضيّة الإنجاب والتكاثر البشرى، خارج نطاق الجاذبية الأرضية، سؤالٌ مثير للتخييل الروائى. وانطلق السؤال، بعد أن برمجَ من أداروا الرحلتين بقيادة الذكاء الاصطناعى اختيارَ نساء ورجال طاقم كلّ رحلة للوصول إلى هذه الغاية، عن إمكانية برمجة علاقات حب حقيقى بين رجال ونساء من قِبل ذكاء اصطناعى، وشكل العلاقة الجنسيّة والإنجاب فى الفضاء. 

هكذا، سمح لى هذا الإطار المثير بتسريب بعض المعارف الفيزيائية دون إتعاب القارئ. صرتُ أجيد ذلك إلى حدٍّ ما، كما أظن؛ فلى تجارب فى تسريب بعض المعارف العلميّة فى روايات خمس سابقة من رواياتى العشر التى سبقت «نزوح»؛ مع ملاحظة أنّ ما سرّبته يُعتبر، فى المجتمعات المتطوّرة، مجرّد معلومات فلكيّة وعلميّة أوليّة يكتشفها ويتعلّمها القارئ هناك من المدرسة والمتاحف ووسائل الإعلام والحياة اليومية، ووجودها فى السرد الروائى طبيعى وعادى جدًا. تبدو فقط غير اعتيادية نسبيًا فى واقعنا العربى، بسبب الأميّة الثقافية وغياب العقليّة العلمية، وانغلاق الرواية العربية داخل ثيمات نمطية محددة عتيقة. 

■ بالإضافة إلى الخطين السرديين المتعلقين بمركبتى الفضاء فى «نزوح»، ثمة خط سردى ثالث يتعلق بالراوى وهو مدير إحدى الرحلات، هذا الراوى يربط الزمان المستقبلى بالماضى لا سيما بالتركيز على «أرخبيل سقطرى الجديدة» باليمن «التى انطلقتْ منها الرحلتان الفضائيّتان» ومقارنتها، عبر مذكرات جد الراوى، باليمن القديم المنقرض.. ما الذى دفعك لعقد هذه المقاربة فى الرواية؟ وهل يمكن اعتبار هذا الانتهاء شبه الكامل لليمن امتدادًا لصور تداعى اليمن كما ظهرت فى روايتك «جزيرة المطففين»؟

- سؤالٌ مهم يُتابع بدقة سرْديّاتى عن صيرورة اليمن فى آخر روايتين. كما تعرفين: تدور روايتى السابقة «جزيرة المطفِّفين» فى المدينة- العالَم: أطلس. حاولت ألّا أظل أسير قيود الجغرافيا عند تخطيط أطلس. شيّدت أحياءَها بطريقة تُوحى أحيانًا، أكثر أو أقل، بأننا هنا فى «وادى السيلكون» فى كاليفورنيا، أو فى أستراليا ونيوزلندا، أو هناك فى جبهات الميليشيات والديكتاتوريات والحروب العربية، أو مخيّمات اللاجئين حول أو داخل أوروبا.

لأسْماء أحيائها رموزٌ واضحة. ثمة هوة سحيقة فيها بين «حىّ ألف» «حىّ شعوب الله المختارة» و«حىّ ياء» الذى اقتبسُ من مقال لكِ عن الرواية، فى صحيفة الدستور، هذه الفقرة عنه: «حىّ المسحوقين والمنكوبين الذى تملؤه المستنقعات السوداء ويموت سُكانه فى الحروب والإبادات الجماعية وجوعًا ومرضًا وشقاءً، ذلك الحىّ القابع فى أوهامه وضلالاته والعاجز عن الخروج من أنفاقه المظلمة التى- رغم كونه أداة فى يد قوى عظمى تتلاعب به لتحقيق مصالحها- يتحمل جزءًا كبيرًا من المسئولية إزاءها بإصراره على الجهل والتخلّف».

تقع اليمن وغيرها من بعض ديارنا العربية فى حىّ ياء، كما يبدو ذلك على نحوٍ غير مباشر لمن قرأ الرواية، أى أنها فى حىّ الدول المنهارة.

غير أن حضورَها فى رواية «نزوح» المستقبليّة (حيث انطلقت المركبات الفضائيّة من «أرخبيل سُقطرى الجديدة» فى «اليمن الجديد» مختلف تمامًا: كانت اليمن التى نعرفها قد انهارت كليّةً تقريبًا بسبب حروبها الدائمة، وفشلها المستفحِل ودور العالَم الخارجيّ السلبيّ فيها.

«اليمن الجديد» و أرخبيل «سُقطرى الجديدة»، فى الرواية، يسكنُهما بشر آخرون، كما يحدث لأوطان الشعوب المنقرِضة، فعبارة «الأمّم لا تموت»، التى نسمعها غالبًا، خاطئة طبعًا. ننسى دائمًا أنّ الأمم، مثل كلّ الكائنات الحيّة، تولد، تعيش، وتموت، كما حدث لشعوب الأمريكتين قبل غزو كريستوفر كولمبس وعصاباته للقارتين، وكما حدث لأمثلة بلا عدّ طوال التاريخ.

همِّى فى ذلك شدُّ انتباه القارئ إلى إمكانية الوصول إلى هذا المستقبل الديستوبى، إذا ما استمر الحاضر اليمنى فى تقوقعه ورفضه الانفتاح على العصر، وفى انهياره وتدميره الذاتى اليومى.

■ فى «نزوح» و«جزيرة المطففين» كان الحبُ القشةَ التي تنقذ من الغرق في عوالم ديستوبية أو ما بعد إنسانية.. فما الذى يدفعك إلى التعويل على الحب فى عوالم شديدة القتامة فيما يخص المستقبل الإنسانى؟ 

- فعلًا، أصبت كثيرًا فى التقاط هذا المشترك الجوهرى بين الروايتين. «الحبّ الذى يحرِّك الشمس وبقية النجوم»، كما تقول آخر جملةٍ لدانتى فى «الكوميديا الإلهية»، هو المنقذ. أشكاله وسيرورته وظروف تشكّلِه تختلف كليّةً، بطبيعة الحال، من رواية إلى أخرى. هو، فى «جزيرة المطفِّفين»، عشقٌ بين مقاومَين بديعَين. لم تدخل الرواية كثيرًا فى تفاصيل نشوئه. فى «نزوح» هو عشق فضائىّ من طرازٍ جديد، اندلعَ فى ظروفٍ سماويِّة خاصّة، وكان ابن الصدفة والضرورة الخارج من أعطاف الماضى وأحلام المستقبل، وقد وجدتُ لذّةً خاصّة بسرد تفاصيل يوميّاته ومفاجآته فى الرواية.

■ تهتم أعمالك الروائية الأحدث «جزيرة المطففين»، و«نزوح» بالتخييل العلمى.. وفى كتابك «الرواية مدرسة الحياة» تحدد فوارق ما بين الخيال العلمى والتخييل التأملّى.. فإلى أى مدى يمكننا القول إن أسس الخيال العلمى اليوم فى الأدب العالمى والعربى قد تغيرت مع وتيرة التطورات العلمية الأسرع مقارنة بالماضى؟ 

- التخييلُ العلمى الذى نحن بصدده ليس التخييل العلمىّ الذى يجول فى المجرات ويسرد حروبَها الكونيّة. نحن هنا بصدد سيناريوهات روائية للمستقبل القريب، مرتبطة بالواقع الراهن وفى تفاعلٍ دائم معه. أدواتُها التقنيّة استمرارٌ لأدوات اليوم، وليست مجرّد اكتشافاتٍ فانتازيّة.

صار هذا اللونُ شديد الحضور فى الرواية الغربية، بسبب ثراء حياتنا المستقبليّة المقبلة، وغموض آفاقها. يُطلَق عليه غالبًا مصطلح «التخييل التأملّى» Speculative Fiction. ويتوالى على قمم الإبداع فيه مؤخرًا كبارُ الكبار من الروائيين، مثل: كازو إيشيغورو «صاحب نوبل للآداب ٢٠١٧»، يان ماكوين «الحائز بوكر الإنجليزية»، ميشيل هولبيك «أحد أشهر الروائيين الفرنسيين».

حاولت، من جهتى، فى «جزيرة المطفّفين» ابتكار سيناريوهات جديدة لعالمنا القريب المقبل، عبر توظيف بعض معارفى العلميّة والتكنولوجية، مع تركيز خاص على بعض جوانب واقعنا العربى الأكثر ديستوبيّة، أما «نزوح» فقد انشغلتْ بأمور فضائيّة وبيئيّة، فى عمق الإطار التخييلىّ التأملّى نفسه.

فى أدبنا العربى يكاد يكون استشراف المستقبل غائبًا أو غير مرتبط بتطوّرات العالَم العلميّة والتقنيّة، وهذا يرجع إلى غياب العقلية العلمية فى عالمنا العربى، واستفحال الرؤية الدينية العتيقة ومسلّماتها الجامدة، فيما العلم هو قائد المجتمع فى الغرب. 

■ فى «جزيرة المطففين» ترتكز فى عنوان الرواية على مفردة قرآنية.. وفى «نزوح» تبدأ الرواية بتناص مع جملة لابن عربى هى «أى بيتٍ من دون امرأة، كما يعرف الجميع، لا يُعوَّل عليه» هذان مثالان للتناص مع التراث، والروايتان حافلتان بنماذج أخرى.. فما دواعى هذا الاختيار فى روايات تتخذ من الأزمنة المستقبلية فضاءً لها؟

- أمثلةٌ إضافيّة: التعبير القرآنىّ «الصافنات الجياد»، أى الخيل الذى يقوم على ثلاث، وله أجنحة. وقرينُه «بيغاسوس»: الحصان المجنّح الأسطورى فى الميثولوجيا الإغريقية، اسم إحدى المركبتين الفضائيتين فى الرواية.

كذلك تسمية كمبيوترات السفينتين الفضائيتين بِـ«وادى عبْقَر»: اسم الوادى الميثولوجى فى اليمن، الذى جاءت منه كلمة «عبقرى» بالعربية.

أميل، على نحو دائم، إلى استثمار مكنونات اللغة وبلاغتها، ورموز الميثولوجيا الإنسانية والتراث عموما، وإلى السرد الذى يكشف تفاعل الماضى والحاضر والمستقبل.

■ ما زالت رواية جورج أورويل «١٩٨٤» مُستدعاة فى أى حديث عن خطاب روائى ديستوبى يُصور آليات المراقبة والقمع والسيطرة على حياة الإنسان.. فهل ترى أن هذا الاستدعاء فى محله لا سيما إن نظرنا على سبيل المثال إلى تصويرك للخضوع الطوعى لقمع التكنولوجيا ورقابتها؟

- بالفعل هى رواية مستقبليّة شديدةُ الأهميّة. رمزُها الفذّ المرعب، «الأخ الأكبر»، أدقّ استعارةٍ حيّة لكشف آليات الرقابة الصارخة على يوميات حياة الإنسان، والسيطرة على دماغه وحياته على نحوٍ بدائيٍّ فظٍّ، فى المجتمعات التوليتاريّة.

اختلفت الأمورُ كليّةً فى الشكل والوسائل والأهداف اليوم، فى ظلّ تحالف قوى المال والتكنولوجيا المتطوِّرة جدًا فى عالمنا المعاصر، وإن لم تختلف كثيرًا فى الجوهر.

كشفتْ «جزيرة المطفِّفين» بدقّة كيف تتمُّ الرقابةُ والتجسّس الآلى على الإنسان بواسطة الذكاء الاصطناعى، وأجلَتْ وسائلَ خلق العبوديّة الطوعيّة للكمبيوتر وللروبوتات.

أمّا موضوع استقلاليّة هذه الروبوتات عن تسيير الإنسان وإرادته، مع استمرار تطوّر الذكاء الاصطناعى فى المستقبل، فموضوعٌ يُقلق أكثر من روايةٍ لي: فى روايتى «حفيد سندباد» مثلًا، يمكن للقارئ مراقبةُ تطوّرات هذه الاستقلاليّة، مع توالى صيغات برمجيات روبوتها المؤنسَن «بهلول»، خادم الراوى، الذى تطوّرَ واستقلَّ أكثر فأكثر مع مرِّ السنين، غيّرَ اسمَه بنفسه إلى «حيدر» معتبرًا بهلول اسمًا تحقيريًا، واقترب فى الرواية من الاستقلاليّة المطلقة.

■ تحدثت فى كتابك «الرواية مدرسة الحياة» عن ولادات أربع شاهدتها فى حياتك.. أسألك عما تأمل الكتابة عنه سواء مشروعات روائية أو كتبًا ثقافية جديدة فى سياق ولادتك الرابعة تلك المفعمة بالحرية؟ ألا تعتزم الاضطلاع بالمزيد من التفكيك الفكرى للجمود العربى فى كتابات أخرى على غرار «لا إمام سوى العقل»؟ 

- نعم، أعتزم ذلك، فى مشروعين قادمين. الأول كتاب أدبىّ تحت الطبع، بعنوان: «كوميديا الغفران (من المعرّى إلى دانتى)».

محور هذا الكتاب قطبان أدبيّان يفصلهما كل شىء تقريبًا، نحتاج مع ذلك لقراءتهما معًا، ليمر تيّار مُلهم ينير لنا الحياة: نصّان أدبيّان فريدان خالدان: «رواية الغفران» (الجزء الروائىّ من «رسالة الغفران»)، و«الكوميديا الإلهية». ألّفَهُما عملاقان عبقريّان: أبوالعلاء المعرّى قبل حوالى ١٠٠٠ عام (صاحب مقولة: «لا إمام سوى العقل»)، ودانتى قبل ٧٠٠ عام تقريبًا.

فى قلب الكتاب صيغة مقتضبة مدرسية لرواية الغفران، أحد أهم جواهر الأدب العربى وأعمقها، وأكثرها إثارة للأسئلة وكشفًا للمفارقات فى مسلماتنا اليومية الأخروية، ومعتقداتنا الدينية. رواية لم يقرأها أحد تقريبًا! إشكاليّتها الكبرى تكمن فى كونِها نصًا صعبًا لغويّا، يستحيل مقاربته ومواصلة قراءته، من خارج دائرة كبار المتخصصين وعلماء اللغة. كثيرٌ من جُمله تبدو للقارئ العربىّ المعاصر كما تبدو الجملُ المكتوبة باللاتينية أو الإغريقية القديمة للقارئ الغربيّ تقريبًا.

حاولتُ فى الكتاب إعادةَ كتابةِ «رواية الغفران» فى صيغة مبسّطة مصغّرة، مُخفِّفًا منها كثيرًا من الاستطرادات والاستشهادات الطويلة، على غرار ما تفعل نصوصُ المناهج المدرسيّة الغربيّة وهى تسعى لتقديم كبار الأعمال الأدبيّة الضخمة الشاقّة، فى صيغ تبسيطية مقتضبة أنيقة: تنتشلُ منها كل ما يعيق أو يبطئ من قراءة غير كبار المتخصصين، لا سيّما طلاب المدارس والجامعات.

الكتاب الثانى ما زال قيد التأليف. أكتبهُ على نحو مشترك مع الفيلسوف المغربى والباحث فى الجماليّات موليم العروسى. نتبادل لكتابته رسائلَ طويلةً بدأتْ برسالةٍ بعثها لى عقب محاضرتى الافتتاحية لمهرجان الذكاء الاصطناعى واللغة العربية فى ميلانو، قبيل أشهر. تدور حواراتُنا حول الدماغ، علوم الروح، الذكاء الاصطناعى، وقضايا فكريّة متجدّدة ترتبط بيوميات الحاضر العالمى والعربى.