من زمن المغول إلى الروبوتات.. كيف يقرأ العالم التاريخ والمستقبل؟
فى إطار عملها الصحفى والثقافى، تحرص «حرف» على استكشاف ومطالعة كل ما هو جديد فى ساحة النشر الدولية والإقليمية، فى توجه تنحاز إليه لتعريف القارئ المصرى والعربى بكل ما ينتجه العالم من معارف وثقافات وكتابات، أيًا كان نوعها ومجالها، طالما يصب فى صالح الإنسانية وتثقيف العقل البشرى.
وتخصص «حرف» هذه المساحة التى تحمل عنوان «ماذا يقرأ العالم؟»، لتعريف قرائها على المنتج الإبداعى الغربى، من خلال جولة فى أبرز المكتبات ودور النشر العالمية.
واليوم موعدنا مع رواية «الرجل الكبير: كيف باع الرئيس وابنه أمريكا» أو «The Big Guy: How a President and His Son Sold Out America»، التى تكشف عن استخدام الرئيس الأمريكى الحالى جو بايدن نفوذه لإنقاذ نجله من عدة قضايا فساد، وكذلك رواية «Here» التى تتحدث عن قطعة أرض عاشت عليها الديناصورات ومختلف الكائنات الأخرى وعاش عليها الإنسان بمختلف أجياله حتى وصل إلى جيل الذكاء الاصطناعى.
كما نُلقى الضوء على كتاب «إمبراطور البحار: قوبلاى خان وتأسيس الصين»، الذى يتحدث عن القائد التترى جنكيز خان وجوانب من حياة المغول الذين كان لهم حضور كبير فى التاريخ، إلى جانب عدد من الأعمال الأخرى.
HERE .. قصة أرض عاشت عليها الديناصورات وتوارثتها أجيال مختلفة من البشر
تتوجه عيون محبى الأفلام أو المسلسلات المقتبسة عن أعمال أدبية، نحو فيلم «هنا» أو «Here» المقرر عرضه أول نوفمبر المقبل، والمأخوذ عن الرواية المصورة التى صدرت عام ٢٠١٤ وتحمل نفس الاسم للكاتب والمصمم ريتشارد ماكجواير، وصدرت عن دار النشر الرائدة «بانثيون».
«هنا» يعيد لم شمل فريق عمل «فورست جامب» الحائز على الأوسكار بعد مرور ٣٠ عامًا على إنتاجه، حيث يتعاون توم هانكس وروبن رايت مرة أخرى فى بطولة الفيلم من إخراج روبرت زيميكس، وسيناريو إريك روث.
ويدور الفيلم حول مجموعة من الأشخاص الذين يعيشون فى منزل توارثته عدة أجيال مختلفة، ويقدم رؤية توضيحية عن المكان والكائنات التى كانت تعيش ذات يوم فى المنطقة.
مؤلف الرواية ريتشارد ماكجواير، الذى نشأ فى بيرث أمبوى، وخريج جامعة روتجرز، هو فنان متعدد التخصصات وأبرزها الفنون البصرية، وفى أوائل الثمانينيات، أصبح عازف الجيتار، وعضوًا مؤسسًا لفرقة «ليكويد ليكويد»، التى أنتجت أغنية «Cavern» الشهيرة، وهو الآن روائى ومصمم ورسام أسهم فى تصميم أغلفة مجلة «نيويوركر» لما يقرب من عقدين من الزمان.
والرواية التى استغرق إعدادها ١٥ عامًا، تعد من أوائل الروايات المصورة التى قفز مؤلفها بها إلى مستوى آخر فى هذا المجال لأنه استخدم تقنيات ثورية خلال تصميم صفحات الكتاب والكلمات والصور.
وفى الغلاف الداخلى للكتاب، يصف ريتشارد ماكجواير روايته المصورة «هنا» بأنها قصة تحكى عن أحداث وقعت على مدار مئات الآلاف من السنين.
ولكن يرى النقاد أن هذا الوصف يقلل بشكل جذرى من قوة السرد فى الرواية، ويرون أن العمل يقدم بانوراما زمنية للأحداث التى وقعت فى موقع واحد، تمتد من العصر الجليدى إلى المستقبل البعيد، حيث يتضح الهدف الرئيسى منه وهو التأكيد على الارتباط السردى الطبيعى بين الزمان والمكان، حيث يتم السفر عبر الزمن حرفيًا وإنشاء أوجه تشابه وأصداء بين العصور.
يحاول «ماكجواير» من خلال التنقل بين صفحات الكتاب إظهار كيفية تطور هذه الأرض التى بنى عليها المنزل، بدءًا من عصر الديناصورات التى عاشت عليها، وصولًا إلى الهنود الحمر، وحين كانت عبارة عن غابات فارغة، ثم ينتقل إلى بناء المنزل فى عام ١٩٠٧ وإلى أجيال العائلات التى سكنته ومظاهر الحياة الاجتماعية فيه من إقامة حفلات أعياد الميلاد والجنازات طوال القرن الحادى والعشرين، وأخيرًا إلى الفيضان الذى دمر المنزل فى عام ٢١١١ والمتحف الرقمى الذى أقيم على الأرض فى القرن الثالث والعشرين.
ومن خلال التنقل فى صفحات الرواية، يدرك القارئ أن الجدران العمودية للمنزل التى تتقاطع لتكوين الزاوية هى فى الواقع الصفحات الأمامية والخلفية للكتاب، حيث يُدخل «ماكجواير» القارئ فى نوع من تجربة القراءة الغريبة، فبينما هو يقرأ يجد نفسه يؤلف أيضًا نوعًا من أنواع الخرائط والتكوينات التى يجبره كاتب ومصمم الرواية على رسمها خلال التصفح.
وبرغم أن الرواية تتعلق فقط بمكان واحد ومشهد يظل ثابتًا، يومًا بعد يوم، وعامًا بعد عام، تعمل هذه الأرض أو المكان كإطار للعديد من الأنشطة البشرية على مدار تلك الأيام والسنوات، حيث تتراكم فيها الأفراح والأحزان، من الحفلات المبهجة إلى تسرب الماء والمطر من السقف والكوارث الطبيعية، ومن ذكريات غامضة متعددة.
وجعلت طبيعة الرواية المعقدة، الفيلم يتخذ مسارات معقدة أيضًا، فيتم تثبيت الكاميرا فى مكان واحد، على الرغم من ظهور نوافذ مختلفة داخل المساحة لإظهار ما حدث فى نفس المكان فى سنوات مختلفة، ونظرًا للنطاق الزمنى الواسع للفيلم، سيرى المشاهد «هانكس ورايت» فى أعمار مختلفة ولذلك تم استخدام تقنية الذكاء الاصطناعى «ميتافيزيك لايف» لتصغير عمر الممثلين أثناء أدائهم وإزالة الشيخوخة وإعادتهم لعمر الشباب.
وحول التقنيات المستخدمة، تحدث «زيميكس» الذى شارك فى كتابة الفيلم مع «روث»، فى مقطع فيديو قصير من إنتاج شركة «سونى بيكتشرز»، قائلًا «نحن فى المكان المناسب فى الوقت المناسب لصنع هذا الفيلم، هناك مكتبة ضخمة من صور توم هانكس وروبن رايت فى أعمار مختلفة ويمكننا معالجتها واستخدامها وتحسينها بالمكياج».
Emperor of the Seas.. «حفيد جنكيزخان» يغسل سمعة «الإمبراطورية الأكثر وحشية»
صدر كتاب «Emperor of the Seas: Kublai Khan and the Making of China» أو «إمبراطور البحار: قوبلاى خان وتأسيس الصين»، من تأليف جاك ويذرفورد، عالم الأنثروبولوجيا المعروف، مؤلف كتاب «نيويورك تايمز» الأكثر مبيعًا «جنكيز خان وصناعة العالم الحديث».
وأثار الكتاب الجديد، منذ صدوره يوم الخميس ٢٦ سبتمبر الماضى، عن دار «بلومزبرى»، أحد أشهر وأفضل دور النشر البريطانية، حالة من الاهتمام الواسع، باعتباره «يخترق ثقافة غير مألوفة، ويسهم فى إشباع الفضول لمعرفة تاريخ الأراضى والعوالم البعيدة»، وفق تقرير نشرته صحيفة «الديلى تلجراف» البريطانية.
وقدم الكتاب أدلة مثيرة للجدل على أن «المغول لم يكونوا بهذه الوحشية التى دونها التاريخ»، ويُلقى الضوء على «إمبراطورية متحضرة إلى حد ما»، وفقًا للمؤلف، الذى يقول إن «جنكيز خان بنى أكبر إمبراطورية وأكثرها وحشية على الإطلاق، خلال فترة حكمه التى استمرت ٢١ عامًا، بفضل التفوق العسكرى لرماة الخيول، الذين كانوا آلة حرب متحركة لا مثيل لها فى التاريخ، حتى اختراع الدبابة».
وفى الكتاب الجديد، ركز «ويذرفورد»، الذى يسعى لتلميع سمعة المغول منذ عقود، على الإمبراطور قوبلاى خان، وهو حفيد جنكيز خان، الذى كان يختلف عنه وعن أخيه هولاكو، بصورة تجعله أحد أكثر الشخصيات إثارة للاهتمام فى التاريخ، وفق المؤلف.
وتمتلئ قصة الصعود غير المتوقع لـ«قوبلاى خان» بالكثير من المفاجآت، منها دور والدته، الأميرة سرقويتى بيجى، التى اعتنقت المسيحية، وساعدته فى حكم الصين، إلى جانب المساعدة أيضًا فى «دمج العادات الصينية والمغولية»، حتى يتمكن ابنها من الحكم بشكل أكثر فاعلية.
وعلمت «الأميرة سرقويتى» ابنها أيضًا التسامح الدينى، ما جعله يجمع علماء المسلمين فى جميع المجالات، ويطلب منهم جلب الحضارة إلى إمبراطوريته، بالإضافة إلى توجيه أوامر لمرءوسيه بترجمة الأديان السماوية، خلال فترة حكمه.
ورأى النقاد أن من بين الأشياء المذهلة العديدة التى كتب عنها «ويذرفورد»، فى كتاب «إمبراطور البحار»، بروز النساء النبيلات فى المجتمع المغولى، والتى كانت والدة قوبلاى خان إحداهن.
وقال مؤلف الكتاب، الذى أمضى أكثر من ٢٥ عامًا فى استكشاف منغوليا وتاريخها، فى مقدمة كتابه: «سيطر على البحر، وستسيطر على كل شىء»، مبينًا عبر جملته هذه الفرق بين جنكيز خان وحفيده «قوبلاى».
وأوضح أن الأول بنى إمبراطورية برية هائلة، لكنه لم يعبر البحر أبدًا، ومع ذلك، وفى المقابل، هزم حفيده قوبلاى خان آخر بقايا إمبراطورية «سونج» فى الصين، وأسس سلالة «يوان»، فى عام ١٢٧٩، ووقتها كان المغول يسيطرون على أقوى بحرية فى العالم.
وكشف «ويذرفورد» كيف تحول «قوبلاى» من أمير بدون صلاحيات فى بداية شبابه، إلى قائد خبير استطاع غزو الصين، والسيطرة على البحر، وتحويل أكبر كتلة أرضية فى العالم إلى إمبراطورية موحدة ومتنوعة ومتقدمة اقتصاديًا، مشيرًا إلى أنه كان مِن أوائل مَن أمر بطبع النقود الورقية، وكيف حول -بعد انتكاسات مبكرة مريرة- الصين إلى إمبراطورية بحرية منفتحة على الخارج.
وأكد مؤلف الكتاب، من خلال استناده إلى ١٠ سنوات من البحث، ووقت طويل من الانغماس فى الثقافة والتقاليد المنغولية، أنه بحلول نهاية حكم قوبلاى خان، كان الصينيون يبنون ويزودون السفن القوية، لنقل الرجال والحبوب والأسلحة لمسافات شاسعة، بحجم ومهارة لا يمكن تصورهما فى أوروبا لمئات السنين، مشيرًا إلى أن «الهيمنة البحرية الصينية غيّرت العالم إلى الأبد، فأحدثت ثورة فى التجارة العالمية، وحولت الأعين والأذواق إلى أماكن بعيدة مثل إنجلترا وفرنسا».
ونبه إلى أن قوبلاى خان أسس عاصمة إمبراطوريته فى مدينة هدمها جده قبل ٥٠٠ عام، وكان القصر الذى بناه صينيًا فى أسلوبه، وهو عبارة عن معبد ضخم تفوح منه روائح من الخشب المدهون بالزيت والبخور، وأحيانًا أبخرة الفحم الخانقة، قبل أن يطلق على المدينة التى أعيد بناؤها اسم «خانباليق»، التى يعرفها العالم الآن باسم بكين.
وكان اهتمام «ويذرفورد» الحقيقى، فى كتابه «إمبراطور البحار»، منصبًا على العديد من السوابق التى شهدها عهد «قوبلاى»، ومن بينها تشكيل نخبة قوية من المثقفين والبيروقراطيين، وممارسة الإقناع والاستخدام التكتيكى للتعاطف، بدلًا من القوة العسكرية.
وبحسب المؤلف، بنى «قوبلاى» ما يقدر بنحو ١٧٠٠٠ سفينة، خلال فترة حكمه، نقلت التوابل والخزف والمنسوجات، وكل شىء يمكن تخيله، ما حول الصين الموحدة إلى القوة العظمى بلا منازع فى القرن الثالث عشر.
The Big Guy.. بايدن استخدم نفوذه لإنقاذ نجله من جرائم فساد وإدمان للمخدرات
تتسابق دور النشر العالمية على إصدار أعمال تتناول سياسة الإدارة الأمريكية الحالية أو الإدارات السابقة، خاصة قبل الانتخابات الرئاسية المقررة فى نوفمبر المقبل.
يأتى كتاب «الرجل الكبير: كيف باع الرئيس وابنه أمريكا» «The Big Guy: How a President and His Son Sold Out America» ضمن تلك الكتب التى نُشرت مؤخرًا فى ذلك السياق.
«الرجل الكبير» وصل إلى أرفف المكتبات الأمريكية فى 24 سبتمبر الماضى، وهو من تأليف الكاتبة الصحفية ميراندا ديفاين، وإصدار دار النشر «برودسايد بوكس»، وسرعان ما أصبح الأكثر مبيعًا على موقع «أمازون» لفئة «الفساد السياسى وسوء السلوك»، وحاز اهتمام القراء فى الولايات المتحدة فى ذلك التوقيت الحساس الذى يتزامن مع ذروة الحملات الانتخابية للحزبين الديمقراطى والجمهورى اللذين يمثلهما كامالا هاريس ودونالد ترامب.
تعود ميراندا ديفاين المحررة والكاتبة فى صحيفة نيويورك بوست، والمؤلفة الأكثر مبيعًا عن كتابها «لاب توب من الجحيم» الذى نشرته فى نوفمبر ٢٠٢١، الذى كشفت فيه عن فضائح عائلة الرئيس الأمريكى جو بايدن، بكتاب «الرجل الكبير» لتتابع به ما بدأته فى كتابها السابق.
وفى هذه المرة تتعمق ميراندا ديفاين من خلال كتابها الجديد فى الجانب المظلم من السياسة الأمريكية، من انتهاكات للقانون إلى التعاملات التجارية المشبوهة والفساد داخل عائلة «بايدن»، والتستر عليها داخل الحكومة ووسائل الإعلام، وتكشف فيه كيف تآمر مكتب التحقيقات الفيدرالى «الإف بى آى» ووكالة المخابرات المركزية «سى آى أيه» ووزارتا الخارجية والعدل لحماية «هانتر» نجل جو بايدن، والتغطية على مخالفاته وإدمانه المخدرات، وغيرها من فضائحه.
ووفقًا للمؤلفة، كانت الحكومة الفيدرالية ووسائل الإعلام تحاول لسنوات تبييض سمعة «هانتر» أمام الرأى العام الأمريكى، قائلة إنه ابن صالح ويعانى مشاكل الإدمان وقد عانى بما فيه الكفاية.
وتبين أن «هانتر» متورط فى معاملات مالية مشبوهة وعمليات تستر على جرائم، اكتشفتها المؤلفة من خلال البحث الدقيق والمصادر الداخلية، التى تفضح الحقيقة المروعة حول تورط جو بايدن نفسه فى معاملات ابنه التجارية الفاسدة.
وكشفت «ميراندا» خلال عدة مقابلات مع الإعلام الأمريكى، منها قناة «فوكس نيوز» وصحيفة نيويورك تايمز، عن أنها استغرقت نحو ٤ سنوات لإنهاء الكتاب، مضيفة أن «الرجل الكبير» تكملة للتحقيقات التى فتحتها فى كتابها السابق «لاب توب من الجحيم» لمعرفة كيف أخفى جو بايدن ما كشفته المعلومات التى كانت موجودة على «اللاب توب» الخاص بـ«هانتر» وتكشف قصة ملايين الدولارات التى وصلت إليه هو ووالده الرئيس الأمريكى الحالى.
وتقول «ميراندا» إن عنوان الكتاب «الرجل الكبير» مقتبس مما ورد فى مراسلات هانتر بايدن الإلكترونية التى وجدت على حاسبه المحمول، حيث استخدم عبارة «الرجل الكبير» مرارًا وتكرارًا عندما كان يتحدث عن الصفقات، وكان يقول إن جزءًا من العمولات ستذهب إلى «الرجل الكبير» فى إشارة إلى والده.
وكشفت المؤلفة عن أن كتاب «الرجل الكبير» يناقش كيف باع الرئيس الحالى وابنه أمريكا، مضيفة أنها تفتح نافذة جديدة على أعمال العائلة الفاسدة، مضيفة أنها تعود بعد أن كشفت عن العديد من أسرار «هانتر» فى كتابها السابق «لاب توب من الجحيم»، بإصدار جديد تكشف فيه قصة تآمر مكتب التحقيقات الفيدرالى ووكالة المخابرات المركزية ووزارة الخارجية ووزارة العدل لحماية جو بايدن وعائلته.
كما تشرح فى «الرجل الكبير» قصة المؤامرة الأوكرانية التى أحاطت بجو بايدن ونجله «هانتر»، قائلة: «دُعى هانتر بايدن للانضمام إلى مجلس إدارة شركة (بوريسما) وهى شركة غاز أوكرانية، فى منتجع بحيرة كومو الإيطالى، حيث سافر مع أقرب صديق له وشريكه التجارى ديفون آرتشر وكان هذا فى أبريل ٢٠١٤».
وتابعت: «كانت قد مرت ستة أسابيع منذ انهيار حكومة فيكتور يانوكوفيتش فى أوكرانيا، ومازح هانتر وأرتشر نفسيهما فى رسائل البريد الإلكترونى قبل وصولهما قائلين إنهما يعيشان مثل الجاسوسين الخياليين، جيمس بوند وجيسون بورن، وكتب آرتشر: قبل بوند وبورن سيجتمع الأثرياء عند البحيرة».
فى اليوم التالى، التقى «هانتر» المدير التنفيذى لشركة بوريسما فاديم بوزارسكى لأول مرة، ووفقًا لـ«آرتشر»، طلب مالك الشركة من «هانتر» الانضمام إلى مجلس إدارة «بوريسما» أثناء نزهة على ضفاف البحيرة.
«أميل بقوة نحو الموافقة على منصب عضو مجلس الإدارة. دعنا نقرر هذا ونمضى قدمًا بحلول يوم الإثنين»، هذه هى الرسالة التى أرسلها «هانتر» فى البريد الإلكترونى لـ«آرتشر» بعد بضعة أيام، حيث أراد الأول مقعد مجلس الإدارة والدفعة الشهرية البالغة ٨٣٣٣٣ دولارًا، لكنه احتاج إلى «بوريسما» لإخفاء تورطه ولتجنب إكساب والده سمعة سيئة.
ورد «بوزارسكى» بقوة فى رسالة بريد إلكترونى، قائلًا «أعتقد أننا يجب أن نصل إلى اتفاق معقول هنا»، فأجاب «آرتشر»: «مع الأخذ فى الاعتبار الثقل السياسى لأعضاء مجلس إدارتنا، يتعين علينا استخدام شخصياتهم بعناية وحكمة استراتيجية، وأنا أدرك مدى ضعفهم فى هذا الصدد، لكن لا يمكننا إخفاء أسماء أعضاء المجلس».
وبمجرد انضمام «هانتر» إلى مجلس الإدارة، لم يهدر «بوزارسكى» أى وقت فى الضغط عليه لاستخدام نفوذه لإبطال اتهامات الحكومة الأوكرانية ضد «بوريسما» بالاختلاس.
وكتب «بوزارسكى إلى «هانتر» فى الشهر التالى، قائلًا: «بعد محادثاتنا أثناء الزيارة إلى بحيرة كومو ومناقشاتنا، أود أن ألفت انتباهك إلى الموقف التالى، لقد بدأت وزارة الداخلية الأوكرانية واحدة أو أكثر من إجراءات ما قبل المحاكمة فيما يتعلق بشركات بوريسما القابضة، ونحن فى حاجة ماسة إلى نصيحتك حول كيفية استخدام نفوذك، لوقف ما نعتبره أفعالًا ذات دوافع سياسية».
وبعد أسبوعين من رحلة بحيرة كومو، زار «هانتر» و«آرتشر» مكتب جو بايدن نائب الرئيس فى البيت الأبيض آنذاك، وأثناء وجودهما هناك، التقط «هانتر» صورة لـ»آرتشر» مع والده أمام علم أمريكى وتم نشرها على موقع «بوريسما» فى اليوم التالى ١٧ أبريل ٢٠١٤، كدليل على الصداقة القوية للشركة الفاسدة مع قيادات الولايات المتحدة.
وفى نفس اليوم، فى المحكمة الجنائية المركزية فى لندن، تسلم مكتب مكافحة الاحتيال الخطير البريطانى أمرًا قضائيًا بتجميد ٢٣ مليون دولار فى حسابات «زلوتشيفسكى» المصرفية فى لندن، وفى منتدى دولى رفيع المستوى فى لندن فى وقت لاحق من ذلك الأسبوع، اعتبرت الحكومة البريطانية «زلوتشيفسكى» حالة نموذجية لأول عملية مصادرة ناجحة للأصول التى سرقها نظام «يانوكوفيتش».
ووفقًا لجورج كينت، نائب رئيس البعثة فى السفارة الأمريكية فى كييف، تم دفع دفع رشوة بقيمة ٧ ملايين دولار للتستر على تلك الواقعة.
وفى ديسمبر ٢٠١٤، وفى محكمة أولد بيلى الجنائية فى لندن، قدم محامو الدفاع عن «زلوتشيفسكى» خطابًا وقعه محقق فى مكتب المدعى العام الأوكرانى فيتالى ياريما، يفيد بأنه لا توجد قضية ضد موكلهم، ورفض القاضى نيكولاس بليك القضية ورفع التجميد عن أموال «زلوتشيفسكى».
وغضب فريق مكتب مكافحة الاحتيال بشدة من نظرائهم الأمريكيين فى كييف بعد نسف القضية، حيث كانوا موجودين فى السفارة فى أوكرانيا، وكان من المفترض أن يكونوا على اتصال دائم بمكتب المدعى العام ويوضحوا له الأمر، خاصة أنهم أكدوا للبريطانيين أن قضية «زلوتشيفسكى» تحت السيطرة.
ووفقًا لتلك المعلومات، فقد ساعد جو بايدن وهو لا يزال نائبًا للرئيس الأمريكى فى الضغط للإفراج عن ميكولا زلوتشيفسكى مالك شركة الغاز «بوريسما» ورجل الأعمال الأوكرانى الفاسد، وتعتبر الرسائل النصية التى وردت فى القضية أدلة واضحة على أن جو بايدن كان على علم بصفقات «هانتر» فى أوكرانيا.
وتقول المؤلفة إن «الرجل الكبير»، الذى يشير إلى جو بايدن يؤكد أنه كان متورطًا فى جريمة استخدام نفوذ لصالح نجله «هانتر» فى الخارج، مضيفة أنه تم التستر على تلك الجرائم، ومع ذلك تم اتهام الأخير خلال الشهرين الماضيين بعدة جرائم فتحت عليه وعلى والده النار وتعلقت بالتهرب الضريبى وتعاطى المخدرات وحيازة سلاح.
ASK NOT.. «العائلة التوكسيك».. نساء آل كينيدى مُغتَصَبات ومقتولات ومُنتحِرات
يحتل كتاب «Ask Not: The Kennedys and the Women They Destroyed»، أو «لا تسأل: عائلة كينيدى والنساء اللاتى دمروهن»، الصادر فى يوليو الماضى، قائمة أفضل المبيعات الفورية، فى كل من «نيويورك تايمز» الأمريكية و«صنداى تايمز» البريطانية.
الكتاب صدر عن دار نشر «ليتل براون آند كومبانى»، وهو من تأليف الصحفية الاستقصائية مورين كالاهان، التى تقول فيه إنه «لطالما كان اسم كينيدى مرادفًا للثروة والسلطة والجاذبية، لكن هذه القشرة المصممة بعناية تخفى حقيقة مظلمة، وهى نمط الاعتداء الجسدى والنفسى الذى مارسه رجال تلك العائلة على النساء والفتيات، تاركين وراءهم دربًا من الخراب والموت لدى كل جيل».
وأضافت المؤلفة، فى الكتاب المثير للجدل: «على مدار عقود من الفضائح تلو الفضائح، من الاعتداءات الجنسية إلى التشهير والابتزاز، إلى جانب الانتحار والقتل غير العمد،ـ حافظ آل كينيدى والمدافعون عنهم على سمعة العائلة سليمة، لكن هناك تاريخًا خفيًا للعنف والاستغلال والفساد، لدى تلك العائلة الأمريكية الشهيرة».
وبذلك، أعادت المؤلفة إلى الضحايا من النساء والفتيات مكانتهن الصحيحة فى قلب التاريخ، مثل جاكلين أوناسيس كينيدى، ومارلين مونرو، وكارولين بيسيت، ومارثا موكسلى، ومارى جو كوبيتشين، وروز مارى كينيدى، والعديد من النساء الأخريات اللواتى لا تحظى أسماؤهن بشهرة كبيرة.
واستندت المؤلفة إلى سنوات من البحث المكثف حول هذه العائلة الأسطورية، التى تعتبر جزءًا مهمًا من التاريخ الأمريكى، وتعيد تسليط الضوء إلى النساء اللواتى «احترقن فى مدار كينيدى»، وما دفعنه من ثمن، خلال علاقاتهن بـ٣ أجيال من رجال عائلة «كينيدى».
وتعرض «كالاهان» تجارب ١٣ امرأة وقعن ضحية لهؤلاء الرجال من عائلة «كينيدى»، بعضهن مشهورات والآخر لسن كذلك، مشيرة إلى أن هؤلاء الرجال كانوا تجسيدًا لما يُعرف الآن بـ«الرجال التوكسيك» أو «أصحاب العلاقات المسمومة».
وشددت المؤلفة على أن مغامرات رجال «آل كينيدى»، التى استمرت لعقود من الزمان، واتسمت بالإساءة للنساء، لا بد أن يدرك القارئ أنها كانت بمثابة إرث يحدد تاريخ هذه العائلة، بقدر نجاحاتها السياسية الكبيرة.
وأضافت أن «هؤلاء الرجال كانوا دائمًا ما يفلتون من العقاب، رغم معاملتهم المروعة للنساء»، مستشهدة باعتراف قديم لنجم «البيسبول»، جو ديماجيو، ألقى فيه باللوم على عائلة «كينيدى»، فى وفاة زوجته السابقة، مارلين مونرو، عندما قال: «كان آل كينيدى جميعًا من قتلة النساء، وكانوا دائمًا يفلتون من العقاب، وسيفلتون من العقاب بعد ١٠٠ عام من الآن».
ووثقت «كالاهان» كيف انتهى الأمر بالنساء اللواتى اقترن أسماؤهن برجال «كينيدى» بالموت بسبب تحطم طائرة، أو الموت بسبب الغرق، أو الموت بسبب الانتحار، مضيفة: «هذه ليست سوى بعض مصائر النساء اللواتى ارتبطن بآل كينيدى، التى تعكس بوضوح اللغة المميزة لهذه العائلة».
وعن سر العنوان الغامض لكتابها «لا تسأل»، قالت مورين كالاهان: «عندما تم الكشف عن تمثال برونزى بالحجم الطبيعى لجون كينيدى، فى العاصمة واشنطن، عام ٢٠٢١، لم تتناول أى تغطية إخبارية معاملته للنساء، ولم يسأل أى صحفى أو كاتب مقال أو كاتب سياسى أو ناقد ثقافى، ما إذا كان هذا الرجل يستحق، فى عصرنا الحديث، مثل هذا النصب التذكارى، ولم يسأل أحد عن نوع الرسالة التى يرسلها ذلك للنساء والفتيات، وهى: الآن وفى المستقبل.. لا تسأل».
ومن أمثلة النساء فى حياة الرئيس الأمريكى الراحل جون كينيدى المذكورات فى الكتاب، نجد فتاة غير معروفة هى ميمى بيردسلى، التى كانت تبلغ من العمر ١٩ عامًا، وتعمل فى مكتب الصحافة بالبيت الأبيض، عندما أخذها «جون» إلى غرفة نوم فى المسكن الخاص، ودفعها على سرير جاكى كينيدى، وجردها من عذريتها، وفق الكتاب.
وألقى الكتاب كذلك الضوء على جون كينيدى الابن، مشيرًا إلى أنه «بفضل مظهره وجاذبيته التى تشبه نجوم السينما، كانت تتهافت عليه النساء، وعندما بدأ علاقة مع كارولين بيسيت، مديرة الدعاية لشركة (كالفن كلاين)، عانت من تقلبات مفاجئة، مثل نقص الوزن، والقلق طوال الوقت، مع استخدام مضادات الاكتئاب والكوكايين».
ووفقًا للكتاب، كانت «كارولين» تعرف كل شىء عن «طيش» ابن الرئيس وتهوره فى قيادة الطائرات، ومع ذلك، تزوجت به عام ١٩٩٦، وبعد ٣ سنوات صعبة، أراد أن ترافقه زوجته إلى حفل زفاف عائلى، ووافقت على الطيران معه فى الطائرة الصغيرة التى كان لا يزال يتعلم كيفية قيادتها، بجانب إقدامه على قطع جميع الاتصالات مع مراقبة الحركة الجوية، وسرعان ما تنتهى الرحلة بحادث أودى بحياتهما معًا، فى عام ١٩٩٩.
وحكت «كالاهان» عن رجل آخر من رجال كينيدى، وهو ابن شقيق جون كينيدى، روبرت كينيدى جونيور، الذى تزوج من مارى ريتشاردسون، المهندسة المعمارية الموهوبة، فى عام ١٩٩٤، وأنجبت منه ٤ أطفال.
وأضافت: «مارى أحبت فكرة أن تكون فردًا من عائلة كينيدى، لكنها وجدت نفسها فى خضم قسوة الألم، وبينما كان يزداد شعورها به، كان روبرت يعاملها بشكل أسوأ»، متابعة: «فى بعض الأيام كان يريد الطلاق، وفى أيام أخرى، كان يريد إحضار امرأة أخرى إلى فراشهما، وغيرها من الممارسات التى تركتها ذليلة».
وبعد أن تأكدت «مارى» من خيانة زوجها، أصيبت بحالة من الاضطراب، وبدأت تبكى وتشرب وتكافح للنهوض من السرير. بينما حاول روبرت كينيدى جونيور إدخالها المستشفى بالقوة.
وأجرت «كالاهان» مقابلة مع مُعالجِة «مارى»، وتدعى شينا هانكين، التى قالت لها إن «روبرت» طلب منها أن تشخص زوجته بأنها مريضة عقليًا، لكنها رفضت، وقالت له: «زوجتك ليست مريضة عقليًا. إنها غاضبة ومكتئبة».
وعندما بدأ «روبرت» فى مواعدة الممثلة شيريل هاينز، قطع بطاقة الائتمان الخاصة بـ«مارى»، وبعد إفلاسها، كانت تضطر للاستدانة حتى تتمكن من شراء البقالة، وأخيرًا، شنقت نفسها فى المنزل، وكان ذلك نتيجة مباشرة لخيانة زوجها وإهماله، وتهديداته بأخذ الأطفال وتركها بلا شىء.