فـن العـودة.. ترامب: الجميع قال لى «لقد انتهيت» لكنى آمنت بقدرتى على الانتصار
- الكتاب يحكى قصة نجاة الرئيس الأمريكى من الإفلاس بسبب «الكساد العظيم»
فى إطار عملها الصحفى والثقافى، تحرص «حرف» على استكشاف ومطالعة كل ما هو جديد فى ساحة النشر الدولية والإقليمية، فى توجه تنحاز إليه لتعريف القارئ المصرى والعربى بكل ما ينتجه العالم من معارف وثقافات وكتابات، أيًا كان نوعها ومجالها، طالما يصب فى صالح الإنسانية وتثقيف العقل البشرى. خلال مساحة «ماذا يقرأ العالم الآن؟» التى تخصصها الجريدة لتعريف قرائها على المنتج الإبداعى الغربى، أخذنا جولات فى أبرز المكتبات ودور النشر العالمية، وتعرفنا خلالها على عدد من الأعمال الجديدة التى صدرت مؤخرًا فى مجالات الرواية والسياسة والثقافة والسينما والمغامرة.
فى هذا العدد، نتناول أجزاءً من كتاب « Trump: The Art of the Comeback» أو «ترامب: فن العودة»، للرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب، الذى يكشف فيه تفاصيل رحلته منذ خسارة منصبه قبل ٤ سنوات، ثم عودته إلى البيت الأبيض فى الانتخابات الأخيرة، قبل أيام.
اعتبر الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد «ترامب» صاحب أعظم عودة للبيت الأبيض فى تاريخ السياسة الأمريكية، والتى لم يحققها إلا رئيس واحد هو جروفر كليفلاند، الاسم الأقل شهرة فى قائمة رؤساء أمريكا والذى خدم فترات غير متتالية، حيث فاز بالرئاسة عام ١٨٨٥، قبل أن يخسر فى عام ١٨٨٩ ويعود عام ١٨٩٣، وكان ينتمى للحزب الديمقراطى على عكس «ترامب».
وأعاد فوز «ترامب» فى الانتخابات الأمريكية الأسبوع الماضى، تسليط الضوء على المؤلفات التى نشرها، وتصدرت اهتمامات القراء فى الولايات المتحدة والعالم من جديد، ولعل أبرزها «ترامب: فن الصفقة»، والذى شاركه فى كتابته تونى شوارتز، عن دار نشر «بالانتين»، عام ١٩٨٧، وكتاب «ترامب: البقاء على القمة» والذى شاركه فى كتابته تشارلز ليرهسن، من إصدارات دار راندوم هاوس عام ١٩٩٠، ولكن كتابه الثالث «ترامب: فن العودة» «Trump: The Art of the Comeback» والذى شاركت فى كتابته الصحفية الأمريكية كيت بونر وإصدار دار التايمز، عام ١٩٩٧، يطابق بشدة ما فعله «ترامب» وما حدث خلال عودته المدوية إلى البيت الأبيض بعد فشله ٢٠٢٠.
ومن عنوان الكتاب الذى يضم بين دفتيه ٢٤٤ صفحة، نستطيع أن نعرف بوضوح أن الرجل يجيد فن العودة، فقد شرح من خلاله قبل أن يصبح رئيسًا لأمريكا عام ٢٠١٦ كيف تغلب على فشله وتراجع ثرواته بعد الانخفاض الكبير فى سوق العقارات فى أوائل التسعينيات، وكيف عاد إلى سابق عهده بعد إفلاسه، وهو يثبت مجددًا قدرته على العودة إلى الساحة السياسية فى ٢٠٢٤ بانتصاره التاريخى على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس.
وعلى غرار كتابه الأول الشهير «فن الصفقة» والذى كان الأكثر مبيعًا وقت صدوره، كتب «ترامب» مرة أخرى عن تفاصيل أكبر صفقاته، بما فى ذلك، مبنى إمباير ستيت، و٤٠ وول ستريت، ومنتجع مارالاجو، وقدّم أيضًا من خلاله بعض النصائح المهمة للعودة بقوة.
وصدرت هناك بعض الانتقادات غير المبررة لكتاب «ترامب: فن العودة» كما حدث مع كتابه الذى سبقه «فن الصفقة»، حيث قال بعض الخبراء إن الكتاب لم يتضمن أى تفاصيل حول الصفقات التى أدت إلى تحوله، وإنهم فشلوا فى إدراك أن جوهر عودته كان نتيجة لإعادة التفاوض أو بالأحرى تصفية بعض ديونه، فضلًا عن انتعاش سوق العقارات.
ومع ذلك، فإن كتاب «فن العودة» أبرز شخصيته وأسلوبه الصريح المميز بشكل خاص، حيث يشارك تفاصيل حميمة عن علاقته بزوجتيه الأوليين وسبب طلاقه من إيفانا «ترامب» ومارلا مابلز، والدروس التى يستشهد بها كثيرًا حول الولاء عندما يتحدث عن عدد كبير من أصدقائه الشخصيين الذين لم يقفوا بجانبه عندما أصبحت ظروفه صعبة.
وتبدأ قصة كتاب «فن العودة» عندما أفلست العديد من شركات العقارات التى كان يمتلكها «ترامب» فيما يسمى بالكساد العظيم عام ١٩٩٠، حيث يكشف كيف أعاد التفاوض على ملايين الدولارات من القروض المصرفية ونجا من الركود، ممهدًا الطريق لنهضة كبيرة، وخلال ذلك بنى أنجح كازينو فى أتلانتيك سيتى، وبدأ العمل فى أحد أكبر مشاريع التنمية وأكثرها ربحية على الإطلاق فى مدينة نيويورك، وتفوق على أحد أغنى رجال أمريكا الجنوبية فى الحصول على حقوق مسابقة ملكة جمال الكون.
ويحكى «ترامب» القصة كما هى بصراحة، وبطريقة جريئة وذكية للغاية، ومليئة بالقصص المضحكة، وخاصة فى فصل «فن اتفاقية ما قبل الزواج» والنساء فى حياته، والفصول الأخرى التى تحدث فيها عن الصفقات الجامحة والمعقدة، وتكتيكات التفاوض، وفلسفته الاستثمارية، واستراتيجيته للنجاح أو العودة بعد الكبوة والوقوع فى الشدائد.
ويقول «ترامب» فى بعض إحدى فقرات الكتاب: «لم يخطر ببالى قط أن أستسلم، وأن أعترف بالهزيمة. صحيح أننى كنت فى كارثة تقدر بمليارات الدولارات. تفككت سوق العقارات. كانت الجثث تتساقط يمينًا ويسارًا. انهارت البنوك. انهارت سوق السندات. لم تكن هناك نهاية فى الأفق للأخبار السيئة».
وتابع: «أعلنت عناوين الصفحة الأولى سقوطى. أصبحت رمز الركود. لقد اتصل بى الأصدقاء والعائلة لتقديم التعازى والدعم. ومن الغريب أننى لم أكن بائسًا إلى هذا الحد. صحيح أننى كنت فى حالة يرثى لها. كانت هناك بعض اللحظات المظلمة. ولكن لم يساورنى أى شك فى أننى سأعود».
وأضاف: «لن أنسى أبدًا ما حدث فى السادس والعشرين من مارس ١٩٩١. فقد نشرت كل من صحيفتى نيويورك تايمز ووول ستريت جورنال قصصًا على الصفحة الأولى تتنبأ بوفاتى، وتوضح بالتفصيل المتاعب المالية التى كنت أعانى منها. وأى شخص لديه عقل يقرأ هذه القصص كان ليقول إننى انتهيت. وقد التقطت الإذاعة والتليفزيون هذه القصص وأذيعت فى جميع أنحاء العالم. كانت هذه أسوأ لحظة فى حياتى على الإطلاق».
واستطرد: «كنت فى مكتبى، وكان الصمت مطبقًا. توقف الهاتف عن الرنين، لأن أقرب أصدقائى شعروا بأنه من الأفضل أن يبتعدوا عنى بدلًا من الاتصال بى للتعبير عن تعاطفهم- وهو شىء كنت أكرهه دائمًا على أى حال. فى ذلك الوقت، جاءت رونا جراف، سكرتيرتى المخلصة للغاية، إلى مكتبى وأخبرتنى بأن إيفانا (زوجتى الأولى على الهاتف. كنا منفصلين)».
وأكمل: «لقد دخلت إلى مكتبى وأخبرتنى بأن إيفانا تتحدث على الهاتف. كنا منفصلين فى ذلك الوقت، وقلت لنفسى، كم هو لطيف أن تتصل بى إيفانا لتعرب عن تعاطفها، أو بالأحرى لتشجيعى. لقد كان ذلك لطيفًا حقًا! وكما اتضح، لم يكن هذا هو الغرض من مكالمة إيفانا الهاتفية على الإطلاق»، مضيفًا: «يا لها من فوضى.. لا بد من العودة إلى العمل».
وسواء كان القارئ معجبًا بـ«ترامب» أم لا، إلا أن هناك شيئًا واحدًا مؤكدًا عنه، وهو أنه أمريكى حقيقى، يتمتع بغرائز عظيمة وأحلام بمليارات الدولارات، وكتاب «فن العودة» فى مراجعات بعض المراقبين هو أفضل ما قدمه، واستهدف من خلاله توفير «الإلهام» لأى شخص تقريبًا، وقد قدم عشر نصائح جاءت على النحو التالى:
النصيحة الأولى، هى «العب الجولف»، قائلًا: «لقد ساعدنى ذلك على الاسترخاء والتركيز. لقد صرف ذهنى عن مشكلاتى، لم أفكر إلا فى وضع الكرة فى الحفرة. والمفارقة هى أننى ربحت الكثير من المال فى ملعب الجولف، من خلال إقامة الاتصالات والصفقات والتوصل إلى الأفكار».
والثانية هى «حافظ على التركيز»، قائلًا: «أنا مقتنع أنه إذا حافظت على نفس أخلاقيات العمل التى كنت عليها خلال السبعينيات ومعظم الثمانينيات، لما كنت لأعانى من الركود. لم أكن بكامل تركيزى واعتقدت حقًا أن الحياة والنجاح يأتيان جنبًا إلى جنب. اعتقدت أننى أفضل من البقية. عندما بدأت فى الاسترخاء وترك الأمور قليلًا-أو ربما كثيرًا- بدأت الأمور فى الانهيار».
والثالثة هى «كن متشككًا»، فيقول: «لقد لاحظت على مر السنين أن الأشخاص المتحفظين أو المتشككين إلى حد ما، بعبارة أكثر برودة، ينتهى بهم الأمر إلى أن يكونوا الأكثر نجاحًا. دع بعض جنون العظمة يسود، عليك أن تدرك أن لديك شيئًا يريده الآخرون. لا تدعهم يأخذونه منك».
والنصيحة الرابعة هى «كن شغوفًا»، مستطردًا: «هذا عنصر أساسى للنجاح والعودة. إذا لم يكن لديك شغف بما أنت عليه، وما تحاول أن تكونه، والمكان الذى تتجه إليه، فقد يكون من الأفضل أن تغلق هذا الكتاب الآن وتستسلم. اذهب واحصل على وظيفة واسترخِ، لأنك لا تملك أى فرصة للنجاح. الشغف هو جوهر الحياة وبالتأكيد جوهر النجاح».
والخامسة هى «لا تسر مع التيار»، موضحًا: «عندما قررت الاحتفاظ بـ٤٠ وول ستريت كمبنى ومكاتب، كان الجميع فى مانهاتن يحوّلون مبانيهم إلى مساحات سكنية، لأن سوق الشقق كانت مربحة للغاية. لكننى قررت السير فى الاتجاه المعاكس تمامًا، وعرضت مكاتبه للإيجار، والآن أحصل على إيجارات أعلى بكثير مما كنت أتوقعه».
أما النصيحة السادسة فهى «اتبع حدسك»، فيقول: «يستثمر بعض أعظم المستثمرين الذين عرفتهم على الإطلاق فى الغريزة، بدلًا من البحث أو الدراسة أو العمل الجاد. إذا نظرت إلى التاريخ، فهذه هى الطريقة التى تم بها بناء أعظم الثروات. كانت لدى الناس أفكار يؤمنون بها حقًا».
أما النصيحة السابعة، فهى «اعمل مع الأشخاص الذين تحبهم»، وهنا يشرح «ترامب»، قائلًا: «إذا ذهبت إلى المكتب ولم تجد طاقة إيجابية وتوافقًا فى الأشخاص الذين تعمل معهم، فمن غير المرجح أن تخطو نحو النجاح».
والنصيحة الثامنة هى «كن محظوظًا»، فيقول: «أكره أن أذكر هذا فى الكتاب، لأنه لا يمكن اكتساب الحظ. الأشخاص الذين يرثون الثروات محظوظون، أُسميهم أعضاء فى نادى الحيوانات المنوية المحظوظة. لكن يمكنك المساعدة فى جلب الحظ إلى حياتك من خلال العمل الجاد والتواجد فى المكان المناسب، فى الوقت المناسب».
أما النصيحة التاسعة، الأكثر إثارة حيث وضع «ترامب» الانتقام ضمنها، قائلًا: «خلال الأوقات السيئة، تعلمت مَن كان مخلصًا ووفيًا لى ومَن لم يكن كذلك. أؤمن بمبدأ العين بالعين. يحتاج بعض الأشخاص الذين خانونى إلى مساعدتى الآن، وأنا أضعهم فى موقف محرج! أنا أرد لهم ما قاموا به... وأستمتع كثيرًا».
وتقول النصيحة العاشرة والأخيرة: «احرص دائمًا على إبرام اتفاقية ما قبل الزواج»، موضحًا: «إذا تزوج أى شخص دون اتفاقية، فلن ينجح فى عمله أو ترتيب أموره لو ساءت. اعلم من التجربة الشخصية أنك لا تستطيع العودة إذا كنت تقضى كل وقتك فى القتال من أجل حياتك المالية مع زوجتك».