الأب الروحى.. «أبناء خالد جلال»: لولاه ما كنا هنا
- جعل من مركز الإبداع الفنى «مدرسة للحياة» وليست مجرد تدريب مسرحى
- علمنا معنى الانضباط والمسئولية وأن النجاح يحتاج لمثابرة وليس ضربة حظ
«أب روحى».. «مدرسة حياة».. «جواهرجى».. كلمات أجمع عليها عدد كبير من خريجى مركز الإبداع الفنى التابع لدار الأوبرا المصرية، عند حديثهم عن «أستاذهم» المخرج المسرحى الكبير خالد جلال، معتبرين إياه صاحب الفضل الأول فى وضعهم على طريق النجومية، حتى أصبحوا ملء السمع والأبصار.
وأجمع خريجو مركز الإبداع الفنى، ممن أصبحوا نجومًا فى عالم الفن الآن، خلال حديثهم التالى مع «حرف»، على قيمة وأهمية ما تعلموه من خالد جلال، ليس فى الفن والتمثيل فحسب، بل فى الحياة بصفة عامة.
وروى «أبناء خالد جلال» تفاصيل تجاربهم فى مركز الإبداع الفنى، وكيف أثر المخرج المسرحى الكبير فى شخصياتهم ومسيرتهم، وغيّر نظرتهم إلى الفن، باعتباره رسالة أكثر من كونه مهنة.
محمد شاهين: مدرسة شاملة لتخريج الموهوبين

أعرب الفنان محمد شاهين عن حبه وتقديره الشديدين للمخرج خالد جلال، الذى يصفه بأنه صاحب الفضل الأول فى اكتشافه ودعمه فنيًا، معتبرًا أن تجربته داخل ورشة التمثيل فى مركز الإبداع الفنى، تحت قيادته، تمثل نقطة التحوّل الحقيقية فى حياته كممثل.
وقال «شاهين» عن هذه التجربة: «وقفت أمام الكاميرا لأول مرة فى حياتى، وأنا ما زلت طالبًا، فى ورشة خالد جلال، فى تجربة كانت بداية لحياة جديدة تمامًا، وليس مجرد تدريب على التمثيل، فالورشة كانت تعلّمنا كيف نعيش الجملة، نحس بها، نصل بها إلى المشاهد من غير أى مبالغة أو زيادة، علمتنى كيف أكون حقيقيًا أمام الكاميرا». وأضاف: «خالد جلال ليس مدربًا فحسب، هو مدرسة شاملة لتخريج الموهوبين، يعمل على الإنسان قبل العمل على الممثل، يجعلك تنظر بداخلك، تواجه نفسك، تعمل على نقاط ضعفك»، معتبرًا أن التجربة معه إنسانية وفنية فى نفس الوقت.
وعن تجربة مسرحية «هبوط اضطرارى» ضمن ورشة مركز الإبداع الفنى، قال «شاهين»: «من أنجح المحطات فى بداياتى الفنية، وكانت نقطة تحول بالنسبة لى، ليس فقط لأننى وقفت أمام جمهور حقيقى، ولكن أيضًا لشعورى بقيمة ما نفعله».
وأضاف: «نجوم كبار كانوا يأتون خصيصًا لمشاهدة العرض من تلقاء أنفسهم، لأنهم سمعوا عنه كلامًا طيبًا، ما كان يجعلنا نشعر بأننا على الطريق الصحيح، فضلًا عن دور العرض فى ظهورى التليفزيونى الأول، من خلال المخرجة هالة خليل».

وشرح: «المخرجة هالة خليل كانت تُحضّر لمسلسل (شباب أونلاين)، وجاءت لرؤية عرض (هبوط اضطرارى)، واختارتنى للمشاركة فى المسلسل، الذى كان ظهورى الأول فى التليفزيون، ما كتب أول خطوة لى على الشاشة». وواصل: «هذه المسرحية علمتنا الكثير، علمتنا الالتزام، وأن النجاح يأتى من التعب والمثابرة وليس الحظ»، مؤكدًا أن «الأستاذ خالد جلال كان يركز على التفاصيل بشكل دائم، ويجعلنا نعمل على كل تفصيلة، صغيرة كانت أو كبيرة، وهو ما كنا نرى نتيجته بعيننا على المسرح». واسترجع محمد شاهين لحظة لا ينساها أبدًا، حين حصل على أول أجر له من التمثيل، قائلًا: «أول فلوس أخدتها من التمثيل كانت من شغل تبع الأستاذ خالد جلال، وده كان إحساس تانى خالص، المبلغ مكنش كبير، بس معناه بالنسبة لى كان كبير جدًا، حسيت إن اللى اتعلمته مش بيضيع».
واعتبر أن ما يميز خالد جلال هو عينه، وقدرته على رؤية ما لا يراه الآخرون فى الممثل، مضيفًا: «بيشتغل على شخصيتك من جوه، وبيخليك تطلع أحسن ما عندك، ويوجهك إزاى تكون فنان حقيقى، مش مجرد مؤدى».
وواصل: «حتى بعد انتهاء الورشة، بقى معى دائمًا، وعندما أكون محتارًا أو لا أقدر على الاختيار، أعود إليه فأجد النصيحة التى تجعلنى أختار الاختيار الأفضل»، واصفًا إياه بأنه «مش مجرد أستاذ، هو سند حقيقى».
واختتم بقوله: «فى ناس بتعلّمك التمثيل، وناس تعلّمك إزاى تكون إنسان قبل ما تكون فنان، وخالد جلال من النوع التانى، علّمنى إزاى أشتغل، وإزاى أحترم مهنتى، وأشتغل على نفسى طول الوقت».
هشام إسماعيل: العمل معه كان رهانى على الحياة

شعور الفنان هشام إسماعيل بالانتماء إلى المسرح لم يأتِ من فراغ، فقد كان «أبوالفنون» حاضرًا فى تفاصيله اليومية منذ الصغر، حتى أصبح جزءًا أصيلًا من تكوينه الشخصى والفنى، ومع مرور السنوات، بدأ حلم التمثيل يكبر بداخله شيئًا فشيئًا، إلى أن قاده القدر إلى محطة فارقة فى حياته، محطة غيرت مساره بشكل كامل، وهو مركز الإبداع الفنى، تحت قيادة المخرج خالد جلال.
وقال «إسماعيل»: «كنت أحضر إلى المسرح القومى وأنا ابن ٨ سنوات، والدى كان مرتبطًا بالمسرح ارتباطًا كبيرًا، ومن وقتها وأنا أرى أن المكان ليس مجرد خشبة تقدم عليها عروض تمثيل، بل بيت، المسرح بالنسبة لى بيتى الأول، وملاذى الذى يلهمنى طول الوقت».
وأضاف: «ارتباطى بالمسرح جعلنى أقرر احتراف التمثيل، لكن الطريق لم يكن مفروشًا بالورود. فى البداية، قدمت فى ورشة مركز الإبداع الفنى ككاتب، كنت أريد أن أكون مؤلفًا، لكن الأستاذ خالد جلال قال لى: لا يوجد شىء اسمه مؤلف وفقط، الفنان ينبغى أن يعيش كل التفاصيل، ويكتشف نفسه من كل الجوانب».
وواصل: «فشلت فى المحاولة الأولى، لكننى لم أستسلم، وعدت للتقديم فى الدفعة الثانية، ومن هنا كانت البداية الحقيقية، كنا يوميًا نكتب ونؤلف ونجرّب مع الأستاذ خالد جلال، وهذا ما علمنى معنى الالتزام، وأيضًا معنى الإبداع».
بعدها بفترة، جاءت المحطة الأهم، وهى مسرحية «قهوة سادة»، التى يعتبرها هشام إسماعيل «وش الخير». يقول: «كانت الانطلاقة الحقيقية لى، عرفت الناس بينا، وفُتحت لنا أبواب كثيرة، وجعلت صنّاع الدراما والسينما يعرفوا أن هناك مواهب جديدة قادرة على تقديم شىء مختلف».
واعتبر هشام إسماعيل أن رهانه على مركز الإبداع الفنى وخشبة المسرح، كان بمثابة رهانه على الحياة نفسها، و«الحمد لله كسبته»، واصفًا تجربة أى موهبة مع خالد جلال بأنها «مرحلة الوحش»، ومن يجتازها يعرف قيمتها.
واختتم بقوله: «خالد جلال ليس مجرد شخص عملت معه ودربنى، بل حياة كاملة، البيت الذى سأظل أرجع له مهما تنقلت بين السينما والدراما. صحيح أننى بدأت متأخرًا، لكن الأهم أننى بدأت من المكان الصح ومع الشخص الصح، الذى علمنى معنى الفن الحقيقى».
محمد فراج: تدريباته لا تختلف عن معسكرات الجيش

لا يخفى الفنان محمد فراج امتنانه الكبير للمخرج خالد جلال، الذى يعتبره صاحب الفضل الأول فى مشواره الفنى، وأستاذه الذى علّمه المعنى الحقيقى للالتزام والإبداع، مؤكدًا أن تجربته داخل مركز الإبداع الفنى بدار الأوبرا المصرية شكّلت الركيزة الأساسية لانطلاقته كممثل، وكانت من أغنى التجارب فى حياته.
وقال «فراج»: «أنا قضيت ٥ سنين فى ورشة مركز الإبداع، ودول أهم فترة فى حياتى كلها فى الشغلانة، كانت تجربة مليانة تعب وشقى، لكنها علمتنى أكون ممثل حقيقى، وصنعت منى محمد فراج الحالى»، مشيرًا إلى أن «أستاذ خالد» هو من أوائل الناس التى اكتشفته، و«عمل فيّا جميل عمرى ما هنساه، وهفضل شايله على رأسى طول عمرى».
ورغم صعوبة تلك السنوات، رآها «فراج» بمثابة «مدرسة للحياة»، وليست مجرد تدريب مسرحى، بعد أن منحته الورشة خبرة عملية وانضباطًا حقيقيًا، وهيأته للوقوف أمام الجمهور، مضيفًا: «مركز الإبداع الفنى مكان محترم جدًا فنيًا، ويُدار باحترافية عالية، وكل من يخرج منه، وتدرّب على يد خالد جلال، يكون لديه موهبة حقيقية، لذا أنا فخور بأن بدايتى كانت من هناك».
وعن شخصية خالد جلال فى «البروفات»، قال محمد فراج: «هو حالة خاصة مليئة بالتفاصيل، ينسى نفسه تمامًا وهو يعمل، وطاقته تصل لكل الطلبة، وكلما زاد نجاحه كبر إحساسه بالمسئولية تجاهنا، ويحملها دون أى تذمر».
وأضاف: «خالد جلال بالنسبة لى ليس مجرد مخرج أو مدرب، هو أستاذى، ولديه عين ثاقبة جدًا، يرى ما لا يراه غيره فى الممثل، ويعمل على تفاصيل خاصة فى هذا الممثل، ويستخرج منه أحسن ما لديه، كى يقدمه للجمهور بشكل مختلف وجيد».
وعاد «فراج» للحديث عن سنوات التدريب داخل مركز الإبداع الفنى، قائلًا: «سنين صعبة جدًا زى ما قلت، بالظبط زى الجيش الروسى، كنا نتدرب تحت ضغط رهيب، لكن ده اللى خلانى أفهم معنى الانضباط والالتزام، وأعرف إن النجاح محتاج شغل ومثابرة، مش ضربة حظ».
وواصل: «المركز لم يكن مجرد مكان للتدريب المسرحى، بل مدرسة شاملة تعلمت فيها فن التمثيل بكل تفاصيله، وخرجت من التجربة ككل بمهارات متعددة، ساعدتنى فيما بعد على مواجهة الكاميرا والجمهور».
وأتم بقوله: «نجاحى الحالى لم يكن يتحقق لولا هذه التجربة، ولولا وجود خالد جلال ومركز الإبداع الفنى فى حياتى، فقد علّمنى أن النجاح رحلة طويلة تحتاج إلى صبر، وأن الفنان الحقيقى ليس موهبة فقط، بل عمل مستمر وإصرار».
عمرو عبدالعزيز: يعتبر الالتزام أهم من الموهبة

وصف الفنان عمرو عبدالعزيز مركز الإبداع الفنى بـ«البيت الكبير»، الذى بقى فيه هو وزملاؤه أكتر مما بقوا فى بيوتهم، ولم يكن مجرد مكان للتدريب أو العرض، بل حياة كاملة، روحها وعقلها هو الأستاذ خالد جلال.
وأضاف «عبدالعزيز»: «خالد جلال أكاديمية لا تهدأ، تصقل المواهب، وتعيد تشكيل العقول الفنية، وكل عام يُخرِج جيلًا جديدًا من الممثلين، يثبت أن هذه الأكاديمية مستمرة ولا تنضب أبدًا، وهذا إنجاز كبير لا يحققه سواه».
واعتبر أن خالد جلال «بيجيب الألماظ، ويشيل من عليه التراب ويظبطه، ويعرف يعرضه إزاى، الموهبة بالنسبة له خامة، يصقلها ويلمعها حتى تصبح جوهرة حقيقية، وعينه بتشوف اللى إحنا ساعات ما بنشوفهوش فى نفسنا».
وعبقرية خالد جلال، فى رأى عمرو عبدالعزيز، لا تتوقف عند حدود اكتشاف المواهب أو تدريبها، بل تمتد إلى صياغة قواعد صارمة تُخرج من الممثل فنانًا مسئولًا، يعرف قيمة ما يقدمه، ويحترم المهنة وزملاءه، مضيفًا: «كان يوجه الممثل بأن يمتلك قوة الرفض، حتى لو كان فى بداياته، أن يكون لديه معيار وقيمة، ولا يتخلى عن ذلك أبدًا».
وواصل: «علمنا كمان أن الممثل لازم يحترم زميله اللى قدامه فى المشهد، مفيش حاجة اسمها «أنا كلت الفنان اللى قدامى»، المشهد الذى يتم تصويره هو جماعى، واحترامك زميلك يعطيه قوة ومصداقية».
أما الالتزام بالنسبة لخالد جلال فهو «خط أحمر»، وفق وصف عمرو عبدالعزيز، الذى أضاف: «يشدد على الحضور فى الميعاد، وقراءة الدور بتركيز، إلى جانب التحضير المسبق، فكل هذه عناصر لا يتنازل عنها، ويعتبر أن الالتزام تحديدًا أهم من أى موهبة».
وأكمل: «مدرسة خالد جلال لا تعتمد على الارتجال، بل على الدراسة الجادة، والانغماس العميق فى الشخصية. هو يرى أن الإبداع الحقيقى يأتى من التحضير، وفهم الدور جيدًا، واحترام النص المكتوب»، مؤكدًا فى الوقت ذاته أنه «رجل أفعال لا أقوال»، فهو «قليل الكلام، لكن كل كلمة يقولها فارقة، وكل فعل درس للممثلين أمامه».
وتابع: «أنا فخور بأنى من مدرسته، التى تعلمت فيها أن الفن ليس مجرد تمثيل أو إبهار بل مسئولية ورسالة، لذا هو ليس مجرد مخرج بل حياة كاملة، مدرسة وأب وجواهرجى حقيقى، ولولاه لبقيت مواهب كثيرة مدفونة تحت الأرض».
محمد ثروت: يرى فى الممثل ما لا يراه فى نفسه

وصف الفنان محمد ثروت المخرج خالد جلال بـ«الأب الروحى»، الذى علّمه معنى الالتزام والاجتهاد، ولم يكن مجرد مخرج أو أستاذ تعلم منه، بل نقطة تحول فى حياته الفنية والإنسانية، بعدما عرف مركز الإبداع الفنى فى فترة دراسته، وقرر الالتحاق به رفقة عدد من زملائه.
وقال «ثروت» إن وجوده فى مركز الإبداع الفنى علّمه أن النجاح الحقيقى ليس ضربة حظ كما يعتقد البعض، بل رحلة طويلة مليئة بالكد والاجتهاد والإصرار، مشيرًا إلى أن تجربته ضمن أبناء الدفعة الثانية فى المركز كانت حياة كاملة، وليس مجرد تدريب مسرحى.
وشرح: «التجربة لم تكن مجرد تدريب مسرحى، بل حياة كاملة مليئة نشاطًا وتعلمًا، فمركز الإبداع الفنى مصنع حقيقى لإعداد الموهوبين، يقود خالد جلال فيه أجيالًا كاملة من الفنانين، يصقل مواهبهم، ويمنحهم من خبرته ورؤيته، ويغرس فيهم الانضباط قبل أى شىء آخر».
وأضاف: «خالد جلال لديه عين مختلفة، يرى ما لا يراه غيره، ويعرف دائمًا كيفية اختيار النجوم والمواهب الحقيقية»، معتبرًا أن خالد جلال «بيشوف فى الممثلين اللى مش شايفينه فى نفسهم»، ويعرف دائمًا اختيار «كريمة الجيل».
وواصل: «ما اكتسبته فى مركز الإبداع الفنى أكبر بكثير من مجرد أدوات التمثيل، فقد تعلمت هناك الصبر والانضباط، والإيمان بأن الاجتهاد وحده هو طريق النجومية»، متابعًا: «أيامى هناك كانت خليطًا من عروض مسرحية وورش فنية ورقص وغناء وتمثيل، وكلها تجارب جعلتنى جاهزًا للوقوف أمام الجمهور بكل ثقة».
وأكمل: «خالد جلال كان دائمًا يعلمنا أن الموهبة وحدها لا تكفى، وأن النجاح يحتاج إلى استمرارية وعرق وتعب، يحتاج الاستمرار فى المحاولة حتى تنال كرم الله»، قبل أن يختتم بقوله: «تعلمت من مركز الإبداع أن الطريق صعب، لكن ليس مستحيلًا، وما دام هناك عمل وإصرار ستصل إلى ما تريده، لذا سأبقى فخورًا دائمًا بأننى من تلاميذ خالد جلال».
محمد عز: «جواهرجى» يحول المواهب إلى جواهر حقيقية

عندما يتحدث الفنان محمد عز عن المخرج خالد جلال، تجد فى صوته مزيجًا من الامتنان والفخر، وكأن كلماته ليست مجرد تصريحات عابرة، بل حكاية عمر محفورة فى قلبه وذاكرته، فبالنسبة له، لم يكن أستاذه مجرد مخرج أو مدرب، بل «الأب الروحى» المُعلِم، والإنسان الذى وضع يده على جوهرة بداخله وصقلها حتى صارت لامعة يراها الجميع، وفق ما قاله لـ«حرف».
وأضاف «عز»: «غيّر فى شخصيتى بشكل كبير جدًا، ليس كممثل فقط بل كإنسان، هو الذى جعلنى أعيد اكتشاف نفسى من جديد، وأعرف قيمة ما لدىّ من موهبة، بعد أن رأى ما لم يره غيره، وجعلنى أصدق نفسى».
وواصل: «من اللحظة الأولى التى التقيته فيها، أدركت أننى أمام مدرسة مختلفة تمامًا، تعتمد على الانضباط والصدق، والجرأة فى مواجهة الذات»، مشيرًا إلى أن التدريب لديه لم يكن مجرد تدريبات مسرحية أو ورش أداء، بل رحلة غوص فى الأعماق، بحثًا عن الإنسان داخل الفنان.
وأكمل: «أستاذ خالد لديه عين مميزة جدًا، ترى تفاصيل خفية داخل كل موهوب، ويمنحنا القدرة على تغيير جلدنا، واكتشاف مساحات جديدة بداخلنا، وهذه موهبة لا تتوافر لدى أى مخرج، كان سببًا فى أن يتعرف الناس علىّ، وتثق فى إمكاناتى، لذا لا أنسى فضله أبدًا».
وأكد أنه يعتبر نفسه محظوظًا لكونه واحدًا من تلاميذه، خاصة أنه «مش بس أستاذ، بل أب حقيقى لنا جميعًا، يساندنا فى حياتنا الشخصية قبل الفنية، وموجود كلما احتجناه»، مضيفًا: «من النادر أن تجد شخصًا يجمع بين قوة الشخصية وحنان الأب، بين صرامة المعلم وحب الصديق».
ووصف خالد جلال بأنه مثل «منجم» يستخرج «الجواهر المدفونة»، ويستحق عن جدارة لقب «الجواهرجى»؛ لأنه يمسك الموهبة الخام وينقيها، ثم يحوّلها إلى جوهرة حقيقية تلمع فى عالم الفن، مختتمًا بقوله: «ليس مجرد اسم فى حياتى، هو محطة مفصلية غيرت مشوارى، وجزء من كل نجاح أحققه اليوم يعود لما تعلمته منه».
نور قدرى: يركز على سرعة البديهة والذكاء والتركيز العالى

«عين ثاقبة قادرة على اكتشاف الجوهرة المدفونة داخل كل ممثل، وصقلها حتى تتلألأ على خشبة المسرح».. بهذه العبارة بدأت الفنانة نور قدرى حديثها عن المخرج خالد جلال، الذى وصفت إياه بأنه «من أهم مخرجى المسرح ومكتشفى المواهب».
وأضافت نور قدرى: «عنده حس فنى مختلف جدًا، يرى ما لا يراه الآخرون، ويعمل بإخلاص شديد كى يخرج من الممثل أفضل ما لديه، يركز على سرعة البديهة والذكاء والتركيز العالى، ومن خلال هذه العوامل يحدد الفنان الموهوب والمجتهد».
وواصلت: «الورش التابعة له صعبة جدًا، لأنه يضغط على الفنان كى يخرج أفضل ما لديه، وهذا طبيعى من وجهة نظرى، لأن مهنتنا صعبة وتحتاج إلى صبر وأمل وإيمان كبير كى تصل إلى ما تريده»، متابعة: «أنا قعدت سنة، وقت عرض مسرحية (بعد الليل)، وهو بيحاول يطلع منى أحسن حاجة».
وأكملت: «وقتها كنت بقدّم حاجات بعيدة عن الكوميدى، ومن موقف صغير جدًا، شاف حاجة محدش شافها، واكتشف إنى ممكن أعمل كوميديا، وآمن بيا فى المنطقة دى قبل أى حد»، ما مثل نقطة تحول فى حياتها. وتابعت: «يؤمن بالموهبة أمامه، ويعرف يوظفها التوظيف الأمثل.. عمرى ما كنت متخيلة إنى ممكن أكون ممثلة كوميدية، لكن هو اللى فتح لى الباب ده».
وشددت على أن خالد جلال «هو اللى قدّم أغلب النجوم اللى موجودين دلوقتى، وده مش كلام مرسل، ده واقع، أى حد تخرج فى مدرسته بيعرف كويس إن له فضل كبير جدًا على مسيرته».
وتابعت: «الحقيقة إنه مش بس بيكتشف الموهبة، لكنه بيصبر عليها، عنده صبر كبير جدًا مع كل الناس، ومهما كانت البداية متعثرة، بيدى فرصة حقيقية، ويفضل ورا الممثل لحد ما يطلّع منه أجمل حاجة، عشان كده هو مش مخرج عادى، هو مدرسة خاصة».
محمد على رزق:«مُعلم حياة» حولنى من «مراهق» لفنان

وصف الفنان محمد على رزق المخرج خالد جلال بأنه صاحب الفضل الأكبر فى تكوين شخصيته الفنية والإنسانية، خاصة أنه لم يكن مجرد مخرج، بل «معلم حياة»، غيّر فى داخله الكثير، منذ لقائهما الأول.
وقال «رزق»: «خالد جلال أستاذى منذ البداية، وأنا ما زلت طالبًا فى ٣ جامعة، شاب مراهق لا يعرف معنى المسئولية، حتى جاء وكان سببًا فى تغيير شخصيتى، وإحداث فارق كبير فى حياتى، لأنه لم يعلمنى التمثيل فقط، بل علمنى كيف أكون بنى آدم مسئولًا، يعرف معنى التعب والالتزام».
وأضاف محمد على رزق، متحدثًا عن بداياته فى مسرحية «قهوة سادة»، التى أخرجها خالد جلال، وتعتبر محطة فاصلة فى تاريخ الكثير من الممثلين: «أنا من خريجى (قهوة سادة)، التى كانت نقطة انطلاق عدد كبير من النجوم الناجحين حاليًا، ومثلت مدرسة متكاملة، من خلالها غيّر خالد جلال شخصيتى تمامًا، وجعلنى أنظر إلى الفن بشكل مختلف».
وواصل: «منذ كنت طالبًا فى الجامعة، علّمنى خالد جلال كيف أتحمل مسئولية أفعالى، ولا ألقى بأخطائى على غيرى، وأكون على قدر تحديات المهنة، لأنها مهنة صعبة تحتاج لصبر وإصرار»، معتبرًا أنه «لم يكن يجهزنا للتمثيل فقط، بل للحياة كلها».
وأكمل: «من أكثر النصائح التى لن أنساها ما حييت، أنه كان يقول لنا: (اتعب كثيرًا فى المذاكرة، حينها لن تشعر بمجهود أثناء التمثيل، ولن يشعر الجمهور بأنك تمثل)، وهى نصيحة غيّرت شخصيات الكثير من المواهب لديه، وجعلت جيلًا كاملًا، ممن تخرجوا على يديه فى مركز الإبداع الفنى، يتعاملون مع التمثيل بشكل أعمق، وكل شخصية يجسدونها حياة ينبغى أن يعيشها الممثل بصدق، وليس شخصية يقدمها على الشاشة وفقط».
وأكد «رزق» أن علاقة خالد جلال بتلاميذه لا تنتهى بانتهاء فترة التدريب، موضحًا أن «أستاذ خالد لا يقدم أجيالًا جديدة من الممثلين فحسب، بل يعيش معهم بعد انتهاء التدريب، يتابعهم ويسأل عليهم ويدعمهم، ما يجعله أبًا ومعلمًا وإنسانًا عظيمًا فى حياتنا».
واختتم بقوله: «أنا مدين بالكثير لأستاذ خالد جلال، لأنه حولنى من شاب مراهق إلى فنان يعرف قيمة المسئولية والتعب، وما زال يصنع أجيالًا من الممثلين، ويقدّم للفن كنزًا حقيقيًا من المواهب».
غادة طلعت: حالة استثنائية من الشغف والإبداع

أكدت الفنانة غادة طلعت أن المخرج خالد جلال يمثل علامة فارقة فى حياتها الفنية والإنسانية، معتبرة أنه ليس مجرد مخرج عظيم بالمعنى التقليدى، بل حالة استثنائية صنعت أجيالًا من الفنانين، وتركت بصمة واضحة على المشهد الفنى فى مصر والوطن العربى.
وقالت غادة طلعت: «هو نموذج مهم جدًا، مُبهر على المستويين الفنى والإنسانى، ونموذج للفن الراقى فى الوطن العربى كله، وصانع نجوم حقيقى، كل ما أقول عنه لن يوفيه حقه، لأنه إنسان لا يتكرر»، واصفة إياه بأنه «حالة استثنائية من الشغف والإبداع».
وأضافت: «يمتلك قدرة نادرة على استيعاب المواهب الجديدة وتدريبها وتعليمها، والدليل أن أغلب الأعمال الفنية الكبيرة، فى السنوات الأخيرة، مرتبطة بأبنائه وتلاميذه من خريجى مركز الإبداع الفنى.. أى عمل مهم ستجد أبطاله ممن تدربوا على يديه وخرجوا من عنده».
«غادة» التى تخرّجت فى دفعة مسرحية «سينما مصر» فى مركز الإبداع الفنى، ترى أن تجربتها مع خالد جلال غيّرت رؤيتها للفن، بعد أن تعلمت على يديه احترام الجمهور، واصفة إياه بأنه صاحب الفضل الأول فى أن تنظر إلى الفن كرسالة، وليس مجرد مهنة.
وواصلت: «علمنا جميعًا أن نكون أوفياء للجمهور، وأن الفنان الحقيقى مسئول عن كل لحظة يقدمها على المسرح أو أمام الكاميرا، ساعدنا أن نكون مميزين وننتبه إلى كل التفاصيل الصغيرة. وعلى المستوى الإنسانى، هو قيمة كبيرة جدًا، متواضع مع جمهوره، وقريب من تلاميذه، يعرف يحتوى الجميع، وصبور لدرجة نادرة».
وأكملت: «علمنى أن النجاح الحقيقى ينبغى أن تكون وراءه معاناة، ودائمًا ما يقول: «كثرة التدريب تمنع الدم فى المعركة»، وهى جملة محفورة فى ذهنى، ليس فى التمثيل فقط، بل فى الحياة كلها»، متابعة: «هو مؤمن بأن الفنان الحقيقى ينبغى أن يمر بتجارب صعبة لكى يخرج فنه صادقًا قويًا».
ورأت «غادة» أن خالد جلال، إلى جانب كونه مخرجًا مسرحيًا كبيرًا وصاحب بصمة فنية مميزة، أكثر ما يميزه هو وطنيته العميقة، فهو «راجل وطنى جدًا، يعشق مصر، ويتكلم دائمًا عن الوطن والانتماء، ويغرس فينا ذلك دون أن نشعر».
أحمد السلكاوى: يؤمن بأن الفن رسالة قبل أن يكون مهنة

وصف الفنان أحمد السلكاوى المخرج خالد جلال بأنه «أستاذ الجيل»، فى ظل أن جيلًا كاملًا من الممثلين تربى على يديه وتخرج فى مدرسته، ما جعله بمثابة «أب روحى» أكثر من كونه مخرجًا أو مدربًا.
وأكد «السلكاوى» أنه يعرف خالد جلال منذ أكثر من ربع قرن، قائلًا: «أنا معاه من زمان جدًا، من سنة ١٩٩٨ تقريبًا، بل قبل كده كمان، أيام ورشة مسرح الشباب، ثم مركز الإبداع الفنى، معظم أعمالى المسرحية كانت معاه، وكل تجربة خضتها بإشرافه كانت خطوة جديدة ومهمة فى رحلتى».
وأضاف: «هذا الارتباط الطويل والعلاقة الممتدة مثلا مسارًا إنسانيًا وفنيًا فى آن واحد، فخالد جلال لا يكتفى بأن يكون مخرجًا يوجه الممثلين فوق الخشبة، بل هو معلم بالمعنى الأوسع، يتابع تلاميذه ويظل قريبًا منهم حتى بعد أن يغادروا قاعات التدريب».
وواصل: «الجانب الإنسانى عنده لا يقل أبدًا عن قيمته الفنية، وفى هذا السياق، لديه عادة سنوية ملتزم بها، وهى الإفطار فى رمضان داخل مركز الإبداع الفنى، كل دفعة من خريجيه يجتمعون وحدهم، وكأنها عائلة كبيرة. كما أنه دائم الحضور فى كل المناسبات الخاصة بتلاميذه».
وأكمل: «هذا الارتباط العاطفى يجعل تأثيره ممتدًا فى حياة الفنانين، ليس فقط فى مسيرتهم المهنية، بل فى تفاصيل حياتهم اليومية، وهو يزرع بداخلهم الالتزام، والقدرة على العطاء، والإيمان بأن الفن رسالة قبل أن يكون مهنة».
وعلى الصعيد الفنى، وصف «السلكاوى» أستاذه بأنه «أفضل من يدير موهبة فى مصر»، مضيفًا: «يعرف كيف يستخرج ما فى باطن وعقل أى ممثل يعمل معه، ولديه قدرة خارقة على تغيير جلد الممثل، وتطوير مهاراته، واكتشاف مواهبه الخفية، التى ربما يكون الممثل نفسه غير مدرك لها».
وواصل: «خالد جلال قادر على تحويل شاب مبتدئ إلى فنان حقيقى يمتلك أدواته، ويقف واثقًا على خشبة المسرح، وهو يعتمد مبدأ (التدريب فى المعركة يضمن الفوز فى الحرب)، لا يعرف الاستسهال أبدًا، ويصرّ على التدريب المكثف والانضباط الكامل، ولديه قدرة عجيبة على انتقاء من يعمل معه.. اللى ما يشبههوش ما يكملش معاه الطريق».
وأتم بقوله: «الأستاذ خالد جلال اسم علم، لا يحتاج إلى ألقاب ولا أوسمة، يكفى أن يُذكر اسمه فقط لتعرف أنك تتحدث عن مدرسة كاملة فى الفن، هو ليس مجرد مخرج أو مدرب، بل أب روحى، معلم وإنسان».



