أبونا توت عنخ آمون
زى الأفلام بـ الظبط، الخواجة كارتر بـ يدور على الآثار وإحنا ما بين العقد التانى وأوائل التالت من القرن العشرين. البحث عايز تمويل، والتمويل بـ يقدمه خواجة تانى هو اللورد كارنارفون، وبعد خمس سنين، اللورد بـ يقرر وقف التمويل لـ إنهم مالقوش حاجة عليها القيمة. الباحث بـ يترجاه فرصة أخيرة، وقبل ما التمويل يتسحب بـ ثوانى تحصل المفاجأة.
عيل صغير اسمه «على الأرجح» «حسين عبدالرسول» بـ يقدم ميه لـ عمال البحث، يصحى يوم ٤ نوفمبر ١٩٢٢ فـ يلاقى حاجة غريبة، يقول لـ الخواجة كارتر، فـ الحاجة الغريبة دى مدخل لـ مقبرة «توت عنخ آمون» التاريخية الخالدة.
الاكتشاف دا يقلب الدنيا بـ طبيعة الحال، كلنا دلوقتى نعرف أهمية المقبرة ومحتوياتها والعثور عليها، مش دا اللى جى أكلمك عنه، الفكرة هنا إنه هذا الحدث الجلل عمل فى الشارع المصرى فوران له أبعاد كتيرة، يبقى أهمها ما يرتبط بـ الاستقلال عن الاحتلال البريطانى والنضال من أجله.

فيما يخصنا هنا هـ نتكلم عن يونس القاضى اللى كتب أغنية فيها ملامح من الفوران اللى بـ أكلم حضرتك عنه، وهى أغنية «أبونا توت عنخ آمون»، اللى هو آدى يا سيدى مصر اللى إنت بـ تحتلها بـ حجة «الاستعمار»، هى بلد حضارة ليها هوية قبل ما تتوجدوا إنتوا بـ زمن الزمن، والخطاب فى الغنوة موجه لـ الاحتلال.
تواكب دا مع صعود حركة الاستقلال الوطنى، خصوصًا بعد ثورة ١٩١٩، وانتفاضة المصريين ضد وجود الإنجليز على ترابها، فـ الحماس كان شامل كل حاجة، والفترة دى اللى شهدت حمى التمصير لـ كل ما نستطيع تمصيره، حتى فى الكورة، دى فترة تأسيس الاتحاد المصرى لكرة القدم، بعد ما كان الاتحاد المصرى الإنجليزى، وهلم جرّا.
محمد القصبجى بـ يلحن كلمات يونس القاضى، ويديها لـ سلطانة الطرب منيرة المهدية، اللى لـ الأسف الصورة الوحيدة المأخوذة عنها إنها كانت منافسة أم كلثوم فى بدايات الست، الشريرة اللى بـ تحاول تفطس المطربة الناشئة، ودا موضوع تانى، إنما منيرة يا جماعة تاريخ فى الفن والثقافة والسياسة، ومسرح برينتانيا فضلًا عن كونه صرح فنى عظيم كان ملتقى لـ النخبة، وكانت داعمة لـ «الثقافة المصرية» حتى لو ما كانش فيه وعى كامل بـ دا، إنما هى كانت راس حربة فى معركة الاستقلال.
منيرة بـ تغنى الغنوة، وتطبعها على إسطوانة، وتنتشر فى وسط الفوران اللى كلمتك عنه، لـ إنه الحدث ما كانش قاصر على الاكتشاف اللى خلق حالة فخر وإعزاز وأيقظ الهوية المصرية، وبقى أى فلاح مننا عارف إنه له جدود وهو نفسه له جذر عميق، إنما مش بس كدا دا كمان الفوران أظهر كيف تسير الأمور، وإزاى إنها مش ممكن تستمر كدا.
مثلًا، إيه حق الإنجليز فى إنهم ينقبوا عن الآثار، ويحتكروا نتايج التنقيب، لـ درجة إنه كارتر باع حق نشر الأخبار عن المقبرة حصريًا لـ التايمز الإنجليزية. وأحمد بك شوقى كتب فى الموضوع دا قصائد عدة، الموضوع أى كشف المقبرة وما يرتبط به من أمور، وهاجم الإنجليز هجومًا شرسًا.
فى الوقت دا كمان، ظهرت موضة «آرت ديكو» اللى هو الطراز الفرعونى فى كل حاجة وأى حاجة من أول الهدوم لـ حد المجوهرات، وحتى عملات النقد بدأت تستخدم الطراز دا، ولـ إن كتير من النخبة المصرية كانوا بـ يصيفوا فى أوروبا فـ الموضة دى غزت العالم وقتها.
بص، مهما رحنا مهما جينا، مهما دورنا أو لفينا، فى النهاية إحنا مصريين.







