الثلاثاء 28 أكتوبر 2025
المحرر العام
محمد الباز

القصة والملفات

حرف

حرب السويس، العدوان الثلاثى الغاشم ١٩٥٦، كانت انتصار كبير «وبـ جد» لـ جمال عبدالناصر، ولـ مصر، ودا موضوع يطول الكلام فيه وفى الخلاف حوله، اللى يهمنى دلوقتى هو الأستاذ محمد حسنين هيكل.

هيكل ما ينفعش ننظر له بـ اعتباره صحفى وخلاص، الراجل كان شريك أساسى فى التجربة الناصرية كلها، لـ ذلك كان فيه أهمية كبرى لـ حديثه/ شهادته/ رؤيته عن حاجات كتير فى القلب منها حرب السويس، والواقع إنه أهمية ما يقوله مش بس على المستوى المحلى أو حتى الإقليمى، إنما العالم كله يهمه ماذا يقول عقل ناصر المفكر عن المعركة.

معلوم بـ الضرورة إنه هذه الشهادة الهيكلية صدرت سنة ١٩٨٦، فى كتاب «ملفات السويس»، ومعلوم كمان إنه ملفات السويس «وهو كتاب ضخم اقترب من الألف صفحة» له امتدادات بـ الطول وبـ العرض، فـ من ناحية الكتاب له نسخة بالإنجليزية صدرت دوليًا، النسخة الإنجليزى مختلفة عن العربية فى أمور كتير حتى العنوان، لـ إنه صدر هناك بـ اسم «قطع ذيل الأسد»، وحجم النسخة الإنجليزية كمان مختلف، وفيه اختلافات كمان فى تفاصيل الروايات!

كما إنه «ملفات السويس» هو كتاب أول من ثلاثية أو رباعية «حسب نظرتك» فـ هى ثلاثية لـ إنها كانت تلات كتب غطت حرب التلاتين سنة، الأول عن ٥٦، والتانى عن ٦٧، والتالت عن ٧٣ وانتصار أكتوبر، لكنها كمان رباعية لـ إنه الكتاب اللى تناول ١٩٦٧ قسمه كتابين: سنوات الغليان والانفجار.

كل دا معلوم بـ الضرورة، لكن ما يغيب عن الكثيرين إنه «ملفات السويس» مش أول كتاب يصدره هيكل عن العدوان الثلاثى، لـ إنه فى ١٩٧٧ صدر له فى بيروت كتاب أسبق، هو «قصة السويس» وفيه بـ يحكى «اللى حصل»، أو هكذا يفترض.

«قصة السويس» كتبه الأستاذ سنة ١٩٧٦، بـ مناسبة مرور عشرين سنة على العدوان، واتنشر فى العام التالى، والفرق بين «قصة السويس» و«ملفات السويس» رهيب، ويستدعى مقارنة دقيقة ودراسة وتدقيق، أكيد مساحة المقال، ولو خدت الصفحة كلها مش هـ تكفى. إنما نقدر نشاور على حاجات أساسية:

كتاب «قصة السويس» عمل دعائى محض، هو نفسه كتب فى مقدمته إنه مع مرور عشرين سنة على الحدث الأبرز فى منطقتنا خلال القرن العشرين، محدش «هـ يحتفل» بـ النصر اللى تحقق فى القناة وبورسعيد، فـ هو حس إنه مطالب بـ هذا «الاحتفال» بـ التالى مفيش مساحة لـ التحليل والتعميق والتفصيل ولا حتى الكتابة عن جذور الصراع اللى بدأ حقيقة سنة ١٩٤٢ «على الأقل حسب رؤيته فى ملفات السويس»

كمان «قصة السويس» مفيهوش ملحق وثائق، علشان مفيهوش وثائق أصلًا، كتابة صحفية حرة، بـ الطبع دا مالوش علاقة بـ مدى صدق الوقائع اللى بـ يرويها من عدمه، بـ أتكلم عن المنهجية اللى اتعمل بيها الكتاب، بينما ملفات السويس نصه وثائق!

هنا بقى فيه سؤال: هل الوثائق اللى نشرها فى ملفات السويس كانت عنده وفضل إنه ما يزاحمش بيها «القصة»؟ ولا ما كانتش عنده وحصل عليها بعدين لما بحث فى «الملفات»؟

أصل الموقف كدا هـ يبقى مختلف خالص، ويبقى اللى قريناه فى ملفات السويس مش شهادة طرف كان حاضر ومشارك فى الأحداث، أو على الأقل فى أجزاء كتيرة منه، وإنما هـ يبقى فى جزء معتبر منه جهد باحث فى التاريخ، بـ التأكيد أثرت فى رؤيته الأحداث ما قرأه من وثائق عثر عليها متأخرًا جدًا عن الأحداث اللى عاصرها بـ نفسه.

عمومًا الكلام يطول، وإحنا السنة الجاية المفروض نحتفل بـ سبعين سنة على حرب السويس، وأتمنى إننا بـ جد خلال هذا الاحتفال نعيد النظر فى كل هذا وأكثر.