الأربعاء 10 ديسمبر 2025
المحرر العام
محمد الباز

صدى الكتابة

حرف

بشير مفتى.. روائى جزائرى

حين تُغلق مكتبة، فإنّ بلدًا بأكمله يصمت قليلًا أكثر، هناك إغلاقات تمرّ دون أن يلاحظها أحد، غارقةً فى سيل الأخبار السيئة. وهناك إغلاقات أخرى تترك مذاق الرماد، ككتاب أُغلق فجأة فى منتصف جملة.

فى رقم 3 من شارع رضا حوحو، قرب سوق كلوزيل، فى قلب الجزائر، أُغلِق باب آخر. مكتبة منشورات «اختلاف» أنزلت ستارها بعد عشر سنوات من حضور عنيد. عشر سنوات فى عمر تجارة ما ليست قليلة، أما فى عمر مكتبة، فهى مقاومة.

منشور بسيط على شبكات التواصل أعلن الخبر: آخر يوم، نهاية المغامرة، إرهاق من الصمود فى وجه المدّ. لا شىء لافتًا، لا مشهدية، فقط بساطة تقرير هادئ: لقد حاولنا طويلًا.

المكتبة ليست محلًا تجاريًا كبقية المحلات، علينا أن نتوقف قليلًا عند ما تمثله مكتبة من هذا النوع فى مدينة كبيرة. يمكن أن نصفها ببرود: مساحة لبيع الكتب، رفوف، طاولة، وصندوق. لكن ذلك سيكون وصفًا مبتورًا.

مكتبة مثل «اختلاف» كانت قبل كل شىء عتبة؛ يدخلها المرء كما لو يعبر حدودًا نحو إيقاع آخر، وزمن مختلف. كانت مكانًا تُستعاد فيه الوجوه، وتتجدّد فيه العادات، وتُستكمَل فيه المحادثات التى بدأت فى اليوم السابق وكأن شيئًا لم يتغير.

كانت ملجأً للقراء المصرّين، لمن يبحثون عن كتاب محدد، أو عن كاتب منسى، أو عن دار نشر صغيرة. وكانت أحيانًا صالونًا حين يأتى كاتب لتوقيع كتبه. وكانت مساحة للتنفس لمن يشعرون بالاختناق وسط الضجيج المستمر للشاشات.

فى بلد تُعد فيه المكتبات المستقلة بسهولة فائقة، كانت نجاة «اختلاف» أشبه بعلاج طويل ضد الانهيار. ومع ذلك، كانت تصمد بصبر يشبه إيمان من يعتقد أن كتابًا يمكنه أن يغيّر الحياة بصمت.

حزن خفيف... لكنه دالّ، اللافت فى ردود فعل القراء ليس الغضب، بل ذلك الحزن الهادئ، وكأن المرء يشهد اختفاء مكان مألوف. الكلمات المتكررة بسيطة: «يا للخسارة»، «يا للأسف»، «كل الدعم».

كثيرون قالوا إنهم لم يعودوا يدخلون شبكات التواصل إلا لمتابعة منشورات هذه المكتبة، لاكتشاف جديد، أو قراءة مقتطف، أو الشعور بذلك الرابط الهش بين المدينة والكتب.

آخرون رفضوا التسليم بالنهاية، واقترحوا بدائل: الاستمرار عبر الإنترنت، الحفاظ على الصفحة، البيع عن بعد. وكأن الجميع يحاول إنعاش كائن أنهكته الظروف الاقتصادية حتى الركوع.

هذا الجوق من الأصوات يرسم مشهدًا واضحًا: بلدٌ فيه قرّاء حقيقيون، وفيه محبة عميقة للكتب، لكن الأمكنة المخصصة لهم تتقلص كجلد الحزن.

الإغلاق ليس أبدًا مجرد حادث عرضى، قد يُغرى البعض اختزال القصة فى تفاصيل عملية: إيجار مرتفع، نفقات متزايدة، ميزانية لا تصمد، إدارة مرهقة. وهذه طريقة مريحة لإغلاق الملف وتصنيفه ضمن «الظروف».

سعيد شيمى.. مصور سينمائى

سعيد شيمي

الزمن الجميل

من ٥٣ سنة عام ١٩٧٢ تخرجت فى معهد السينما ١٩٧١.. وأول فيلم تسجيلى أصورة وأنا خريج محترف تصوير سينمائى كان أيام حرب الاستنزاف باسم «بورسعيد ٧١» إخراج أحمد راشد.. وذهبت لحفل توزيع الجوائز وأنا لا أعلم أنى حصلت على جائزة تصوير بالملابس الصيفى، وفجأة سمعت اسمى وأنى حصلت على جائزة أحسن تصوير.. تسلمت الجائزة من يوسف السباعى، ولكن «الشهادة ممضية» من د. عبدالقادر حاتم الذى كان وزيرًا للإعلام والثقافة. فى العام التالى ١٩٧٣ أخذت نفس الجائزة عن فيلم «رحلة سلام».. فى عام ١٩٧٤ اخذت نفس الجائزة عن فيلم «أبطال من مصر».. وفى عام ١٩٧٥ نفس الجائزة عن فيلم توفيق الحكيم «عصفور من الشرق».

المخرج أحمد فؤاد شاهد أحد أفلامى، وطلبنى لتصوير فيلم روائى.. ولكن الفيلم لم ينفذ..وكان أول أفلامى الروائية قد عُرض عام ١٩٧٦ «بيت بلا حنان»، إخراج على عبدالخالق.

لم أهمل أبدًا عملى فى تصوير وإخراج الأفلام التسجيلية... نحو ٧٥ فيلمًا.. والروائية الطويلة ١٠٨ أفلام.. الحمد لله.. حب السينما.. تحبك.

مسعود شومان.. شاعر 

مسعود شومان

صلاة الجمعة من مسجد سيدى أبى الحجاج الأقصرى.. طراز فريد لا مثيل له فى الكون.. عراقات حضارية تتحاور وتعلن عن وجه مصر العظيمة.. صوت الترانيم/ الأذان.. توزيع الهبات من مشروبات وأطعمة تحوطها الأذكار والمدائح.. نعم الدين والسعادة يسيران يدًا بيد.. مداااااد.. آميييين.. آمون.. كريم يا رب.

إبراهيم فرغلى.. كاتب وروائى

إبراهيم فرغلى

أحيانًا أتأمل المسافة الشاسعة بين الزمن الذى نشأتُ فيه والزمن الذى يعيشه الجيل الجديد اليوم. مسافة لا تُقاس بالسنوات بقدر ما تُقاس بكمّ الجهد الذى كان يُبذل فى سبيل معلومة واحدة، أو كتاب واحد، أو تقرير صحفى من صفحتين فقط.

فى ذلك الوقت، كان الحصول على كتاب واحد أحيانًا يقتضى انتظار معرض الكتاب. نُعدّ قائمة طويلة بما نريد. لم تكن المواقع الإلكترونية تشبه المكتبات المفتوحة، ولم يكن الوصول إلى كتابٍ مسألة ضغط زرّ، بل رحلة بحث وطويلة فى كثير من الأحيان وربما مستحيلة أيضًا. أما الحصول على المعلومة، فكان أشبه بمغامرة.

أذكر تقريرًا صحفيًا من صفحتين فقط عن العلاقات التجارية بين مصر وإسرائيل نُشر عام ١٩٩٣ تقريبًا فى مجلة روزاليوسف استغرق حوالى خمسة أسابيع بين المقابلات والاتصالات وزيارة الجهات المختلفة. كان الصحفى يتنقّل من مكتب إلى آخر، ومن شارع لآخر، ومن شخص لآخر، ليجمع خيوطًا صغيرة تشكّل فى النهاية مادة قابلة للنشر. وحتى الكتابة نفسها لم تكن مجرّد مهارة تُلتقَط من مقطع فيديو؛ أو عدة ورش.

كانت تتطلّب قراءة مطوّلة، ومقارنات بين أساليب كتّاب مختلفين، والغوص فى كتب النقد، ثم الإنصات الجيد للكتّاب الكبار والتعلّم من خبراتهم.

اليوم تغيّر كل شىء. جيل جديد يملك إمكانية الوصول إلى ما ناضلنا لأجله سنوات.. بضغطة زر. كتاب؟ يُقرأ لحظيًا. معلومة؟ تُختصر فى ثوانٍ. المقابلات الصحفية. يمكن أن تُجرى عن بُعد. التفنيد والتحليل؟ هناك اليوم أدوات جاهزة كثيرة.

وأما عملية البحث فهى تقريبًا اليوم تشبه شرب الماء. لكن فى الحقيقة لست متأكدًا من الإجابة عن سؤال: من الأكثر حظًا؟

هل جيلنا والأجيال المعاصرة لخبرتنا. عمومًا، حيث تربّينا ونشأنا على البطء، وعلى لذّة السعى، وعلى قيمة المعرفة التى ندفع ثمنها وقتًا وصبرًا؟

أم هذا الجيل الذى يعيش فى زمن مذهل تُنجَز فيه المهام خلال ساعات بدلًا من عدة أسابيع، فيتسع الوقت للإبداع ومراكمة الخبرات بشكل أسرع مما كان متخيلًا قبل سنوات.

ولعل الفارق الزمنى غير الطبيعى بين إنجاز شىء اليوم وإنجازه فى الماضى ليس دليلًا على تطوّر ما أو تراجع أو تأخر، إطلاقًا، بقدر ما قد يمثل «تحولًا» ما. تحوّلًا فى أدواتنا، فى إيقاع حياتنا، وفى معنى أن نعرف وأن نتعلّم وأن ننجز.

لا أعرف حقًا أيًا الأكثر حظًا. لكنّى على يقين، «إن كان هناك يقين» أننا نحمل تجربةً تجعلنا ندرك قيمة السعى عمومًا والمعرفة خصوصًا، سواء جاءت بعد خمسة أسابيع من السعى، أو فى ثانية واحدة من البحث.

محمود عبدالشكور.. كاتب وناقد سينمائي

محمود عبدالشكور

من أطرف ما ذكره المخرج الكبير داود عبدالسيد، فى الندوة التى أدرتها فى مهرجان القاهرة السينمائى منذ أربع سنوات عن فيلم «الكيت كات»، أنه أراد ألا يصبح أسيرًا لنجاح الفيلم المدوى، فكان يكرر لنفسه كل يوم عبارة واحدة هى: «الكيت كات فيلم ردىء»، لدرجة أنه صدق فعلًا أنه صنع فيلمًا رديئًا، لكى يصنع عملًا جديدًا مختلفًا، فلا يتوقف عند نجاح «الكيت كات».

كثيرون ظلوا أسرى نجاح عمل واحد، فأخذوا يقلدونه ويكررونه، حتى انطفأوا سريعًا. هذا درس عظيم: تجاوز النجاح أكثر أهمية من تجاوز الفشل.

وليد ثابت.. كاتب وشاعر

وليد ثابت

السادة/ هيئة تحرير مجلة الثقافة الجديدة..

تحية طيبة وبعد..

إيماءً إلى المقال المرسل لحضراتكم منذ شهر مارس 2025م، والذى يدلف الآن شهره العاشر دون نشر أو إبلاغ بمصيره المعقد سوى جملة مقتضبة من يونيو الماضى تزف إلىّ بسعادة غامرة أن «المقال مقبول ولكن لم يتحدد موعد نشره بعد»..!

فإنى أبلغ حضراتكم أنه فى ظل سياسات النشر لديكم، والتى تعتمد على النشر المتكرر والممنهج لبعض الأسماء من الأصدقاء والكتاب الكرام.. فإننى أسحب مقالى المرسل من النشر لديكم طالما أن حضراتكم لا تعرفون أو تقدرون إلا محيطكم والمحظيين والموصى بهم فقط..

وأعِد حضراتكم رعاكم الله ألا أزعجكم مرة أخرى بمقال أو قصيدة أو دراسة نقدية قد تؤرق سياسات النشر الموقرة لديكم.

ولننعى معًا إلى التاريخ حال النشر الثقافى فى مصر..!

خالص التحية والتقدير..

30 نوفمبر 2025

د. إيهاب بديوى.. روائى وشاعر وقاص

إيهاب بديوى

 

شركات تضررت فقدمت بلاغًا استجابت له الشرطة وتم القبض على الشباب. لماذا هذه المرة بالذات رغم أنهم قدموا تقييمات صادمة كثيرة قبل ذلك لمنتجات غذائية فى السوق؟ السؤال الأهم هل تم سحب عينات عشوائية سرية من منتجات الشركات التى جاء ذكرها للتأكد من صلاحيتها؟ مصر من أهم مصدرى المنتجات الغذائية الطازجة والمصنعة والمجمدة فى العالم. ويتم إجراء تحليلات لمتبقيات المبيدات ومسببات الأمراض الميكروبيولوجية الدقيقة وغيرها قبل الموافقة على التصدير فى معامل محلية حاصلة على كل الاعتمادات الدولية. تخضع الشركات الغذائية المرخصة لرقابة صارمة من عدة جهات حكومية وخاصة. ويعمل فريق فنى متخصص تابع لهيئة سلامة الغذاء والحجر الزراعى فى هذا المجال بخلاف شركات التفتيش الخاصة. لذلك أى منتج تصديرى بالذات تأكد أنه قد مر بمراحل رقابة وجودة وتحليل متعددة وفق قواعد تنظيمية عالمية للتأكد من صلاحيته. ننتظر ونرى..