الإرهابى الأكبر.. القصة الكاملة لـ«الإسلامبولى».. قاتل السادات الذى يمجده المتطرفون ويمدحه اليساريون

- خالد الإسلامبولى كان يعتبر ما فعله بطولة وليس جريمة تعادى الإنسانية وتتنافى مع كل معانيها
- الإسلامبولى كان يقرأ كتب ابن تيمية وهى الفتاوى والجهاد للمسلمين
لم يكن خالد أحمد شوقى الإسلامبولى هو وحده من قام بتنفيذ عملية اغتيال الرئيس السادات فى العرض العسكرى فى 6 أكتوبر 1981.
بل لم يكن صاحب الرصاصة الأولى التى استقرت فى جسد الرئيس.
كانت الرصاصة لرفيقه حسين عباس الذى استقبل عنق السادات رصاصته الحارقة الخارقة، وكانت السبب الرئيسى فى مقتله.
لكن كانت هناك رغبة واضحة من خالد- باعتباره صاحب الفكرة والمبادر بها والمخطط لها- فى تصدير نفسه ليحتل الصورة كاملة، وليقف كل من شاركوه فى جريمته فى خلفية المشهد.
بداية صناعة أسطورة خالد الإسلامبولى كانت من عنده هو.
فى قاعة المحكمة التى نظرت قضية اغتيال السادات، وفى الجلسة الأولى، وبينما يقف الصحفيون وكاميرات التليفزيون فى انتظار دخول القتلة إلى قاعة القفص الحديدى، إذا بخالد يتوجه إليهم جميعًا رافعًا يده وصارخًا وبقوة: أنا خالد الإسلامبولى... أنا قاتل السادات... أنا قاتل الفرعون، فاستقرت لدى الجميع صورته، وحفظ الجميع اسمه.. وحفروا فى ذاكرتهم ملامحه.
بعد إعدامه فى 15 أبريل من العام 1982، حاول مناصروه ومريدوه أن يصنعوا منه أسطورة حية.
قالوا إنه رفض وضع العصابة السوداء على عينيه أثناء تنفيذ الحكم عليه رميًا بالرصاص، وإنه بعد إطلاق 10 رصاصات عليه اكتشفوا أنه لا يزال حيًا، وبدأت يده اليمنى تتحرك، فأسرع أحد الضباط نحوه وأمسك بيده اليسرى ليقيس نبضه، وعندما اكتشف أنه لا يزال حيًا، أخرج مسدسه وشد أجزاءه ووجهه إلى رأس خالد لينهى حياته، لكن ضابطًا زميله صرخ فيه وقال له: اتركه سيموت الآن.
شىء من هذا نفاه عبود الزمر- رغم إعجابه الشديد بخالد- فى حواره الطويل الذى أجراه معه الكاتب الصحفى محمود فوزى فى السجن وأصدره فى كتاب مهم بعنوان «كيف اغتلنا السادات؟».
الزمر أكد، من خلال شاهد عيان على تنفيذ حكم الإعدام فى خالد، أنه رفض وضع العصابة على عينيه، لكنه مات على الفور من أول رصاصة أطلقت عليه، لم يقاوم الموت ولم يتحايل عليه.
لما يقترب من خمسة وأربعين عامًا هى عمر عملية اغتيال السادات، حرصت الجماعات المتطرفة على خداعنا بحقيقة خالد الإسلامبولى.
لعبت هذه الجماعات معنا لعبتها المفضلة، عندما بدأت ترسم صورة لخالد على أنه شاب مصرى عادى جدًا- عمره وقتها كان 26 عامًا- يخدم فى القوات المسلحة المصرية، وليس له أى انتماء دينى، ولا يدين بالولاء إلى أى جماعة تنظيمية، ولا يحمل أفكارًا دينية تكفيرية، بل حدد موقفه من السادات بدوافع شخصية منها القبض على شقيقه محمد شوقى الإسلامبولى، الذى كان يدرس فى كلية التجارة وينتمى إلى الجماعة الإسلامية.
اللعبة التى أقصدها وتجيدها الجماعات الدينية، أنها تدفع دائمًا بمن لا ينتمون إليها إلى مقدمة صفوف الغضب، للإيحاء بأن الشعب كله غاضب، والدليل أن هذا شاب لا يحمل على كتفيه الأيديولوجية الدينية يقرر من تلقاء نفسه ودون أن يكلفه أحد باغتيال الرئيس.
يمكن أن يكون هذا مقبولًا من هذه الجماعات الإرهابية.
فليس غريبًا عليها الخداع.
وليس بعيدًا عنها الكذب.
وليس مستغربًا منها خلق الأساطير حول من تستخدمهم لتغرى بذلك آخرين، ليسيروا على نهجهم، وفى النهاية هى التى تربح دائمًا.
كان أول من سقط أسيرًا لرواية الجماعات الدينية هو الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل

لكن المؤسف أن كتابًا كبار ومثقفين معتبرين ومبدعين مشهودًا لهم بالوعى وقعوا فى الفخ، وابتلعوا الطعم.. وساروا فى نفس الطريق.
كان أول من سقط أسيرًا لرواية الجماعات الدينية هو الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل.
فى كتابه «خريف الغضب» يحكى ما جرى.
فقد كان خالد الإسلامبولى على موعد فى ملوى يوم ٣ سبتمبر ١٩٨١، أرسل له والده خطابًا يقوله له فيه إنه ينوى إضافة حجرة إلى بيته فى قطعة أرض فضاء ورائه يملكها، وأنه يريده إذا استطاع أن يجىء ليساعده فى ذلك، ويشترك معهما ابنه الأكبر محمد.
عندما وصل خالد إلى بيت والده لم يجد هناك غير والدته وإحدى شقيقاته البنات، وكلتاهما كانتا تذرف الدموع، وقالت له والدته إن البوليس جاء فاعتقل محمد فى منتصف الليل، وأنهم انتزعوه من البيت دون أن يسمحوا له بطعام أو شراب أو ملابس.
بكى خالد وهو يسمع رواية أمه عن اعتقال أخيه.
كان يعرف أنه واجه مشكلة مع البوليس قبل عدة شهور عندما اتهموه بأنه مزق إحدى صور الرئيس السادات المعلقة فى محطة القطار، كذلك كان محمد موضع شبهة من البوليس، لأن وجوده فى مكة للحج فى ديسمبر ١٩٧٩ تصادف مع الهجوم الذى قادته إحدى الفرق الدينية بقيادة جهيمان العتيبى من أجل احتلال الحرم الشريف، ويحتمل أن يكون محمد هو الذى أعطى لخالد نسخة من كتاب العتيبى «الرسائل السبع» الذى وجد فيما بعد فى حوزته.
كان محمد شابًا متدينًا، وقد تعطل فى دراسته سنة كاملة لاشتراكه فى معسكر دينى، وفيما بعد فإن والدة خالد ذكرت أن ابنها- خالد- راح يحاول تسكين خواطرها قائلًا لها: إن هناك نهاية لكل ظالم، ثم صحبها معه إلى القاهرة فى محاولة للتسرية عنها، وأيضًا على أمل أن يرتب لها زيارة لابنها المعتقل، وذهبت معه إلى القاهرة ونزلت ضيفة على ابنتها فى مصر الجديدة.
لم تستطع الأم أن تنسى، ولم يستطع خالد أن يرتب لها زيارة لابنها، فقد كانت الزيارات ممنوعة لجميع المعتقلين، وبينما كانت والدة خالد تقيم فى مصر الجديدة، بدا لها أن ابنها مشغول بالكامل فى شئونه، وقد أرجعت ذلك إلى ما كانت تعرفه من أنه كان يستعد لدخول امتحان الترقية لرتبة أعلى.

وبالتأكيد فإنها لم تكن تعرف أيضًا بأمر ما كتبه خالد بخط يده فى دفتر مذكرات كان يحتفظ به ويسجل عليه ما يعجبه من مأثورات القول، فى ذلك اليوم كتب خالد فى دفتر مذكراته ما نصه: إن الغنيمة الكبرى لأى مؤمن وخلاصه هى أن يقتل أو يقتل فى سبيل الله.
يرسم هيكل صورة لخالد وكأنه شخص بعيد تمامًا عن أفكار أخيه المتطرفة، وأنه ما فكر فى اغتيال السادات إلا من أجل دموع أمه، وحتى عندما وصل إلى علاقته بمحمد عبدالسلام فرج صاحب كتاب «الفريضة الغائبة» وأحد قادة تنظيم الجهاد الذى شارك فى اغتيال السادات، تعامل مع الموضوع على أنه جرى بمحض الصدفة، عندما كان يبحث عن شقة فى منطقة بولاق الدكرور، فوجد من يدله على فرج، ومن هنا بدأت العلاقة بينهما.
فى بداية التحقيقات بعد القبض على فرج أنكر تمامًا معرفته بخالد.
المحقق: ألا تعرف خالد أحمد شوقى الإسلامبولى؟
فرج: لا... ولم أره إلا فى الجرائد فى حادث مقتل السادات.
المحقق: قرر خالد الإسلامبولى وعطا طايل وعبدالحميد عبدالسلام أنك اشتركت معهم فى تدبير تآمر لاغتيال رئيس الجمهورية وأنك أعنتهم عليه.
فرج: لم يحدث.
المحقق: هل هم كذابون فجار افتروا عليك بالكذب؟
فرج: هذا فى علم الله؟
المحقق: وهم قد اعترفوا بجرمهم تفصيلًا وأشركوك فيه، فهل قارفوا إثمًا ورموا به بريئًا هو أنت؟
فرج: الله أعلم.

وبعد أن عرف فرج أن خالد ورفاقه اعترفوا عليه، وأقروا بمعرفتهم الوثيقة به، عاد واعترف بدوره الكامل فى اغتيال السادات.
يقول فرج: أنا أعترف أنى المشارك الرئيسى فى عملية اغتيال رئيس الجمهورية، وأن هذا كان وسيلة أبغى من خلالها تطبيق شرع الله عز وجل لإزالة الحكم الكافر، وقد عرض علىّ الأخ خالد الإسلامبولى أمر الاغتيال وأقررته وشجعته عليه، وقمت بتكليف كل من عطا طايل وحسين عباس بالاشتراك فى الاغتيال، وقمت بتوفير الذخيرة اللازمة للعملية بما فى ذلك القنابل اليدوية، وقد عرض علىّ الفكرة قبل الاغتيال بـ٩ أيام، وقابلت الأخ كرم زهدى وفؤاد الدواليبى وعاصم عبدالماجد وأسامة حافظ وكلفتهم بعمل ثورة شعبية فى الصعيد تصاحب عملية الاغتيال، وقالوا إنهم سيكونون مستعدين للثورة الشعبية خلال أسبوع.
كان عادل حمودة أكثر وعيًا من هيكل فى رسم صورة القاتل قبل أن يقدم على القتل
لم يكن خالد مجرد شخص عابر فى حياة محمد عبدالسلام فرج، ولكنه كان عضوًا من أعضاء جماعته، وهو ما يحتاج إلى تفصيل قادم.
فى كتابه «اغتيال رئيس» يرسم عادل حمودة نفس الصورة بتفاصيل أكثر.
فعندما عاد خالد إلى ملوى بالمنيا لم يجد فى البيت سوى أمه وإحدى شقيقاته، وكانتا تذرفان الدموع بحرقة، وفى حالة أشبه بالانهيار.
قالت الأم: إن البوليس اقتحم البيت فى منتصف الليل، وأخذوا محمد منه، دون إحم ولا دستور، ودون أن يسمحوا له بطعام أو بشراب أو بثياب.
حدث ذلك رغم توسلات الأم وحدة الأب، ورغم أن محمد كان سيقدم الشبكة لعروسه بعد ساعات.

تولى الجيران شرح باقى التفاصيل، وكانت أهم هذه التفاصيل أن رجال الأمن قبضوا على محمد وهو نائم فى فراشه.
بكى خالد وهو يسمع رواية أمه، وسألها: وأين أبى؟
قالت: لا أعرف.. لقد خرج يحاول أن يعرف أين ذهبوا بمحمد.
سكت خالد قليلًا ثم قال لأمه: اصبرى يا أمى.. فلكل ظالم نهاية.
وأقسم لها أنه لن يرتاح ولن يهدأ له بال قبل أن ينتقم من الحكام الكفرة.
يعلق عادل حمودة على كلام خالد بقوله: أغلب الظن أن خالد قال هذا الكلام فى لحظة غضب، فلا هو كان يعرف كيف سينتقم، ولا كان يعرف كيف يمكن القضاء على الحكام الكفرة.
كان عادل حمودة أكثر وعيًا من هيكل فى رسم صورة القاتل قبل أن يقدم على القتل، ربما لأن هيكل كان يكتب «خريف الغضب» بدافع تصفية حساباته مع السادات على خلفية سجنه فى سبتمبر ١٩٨١، بينما كان عادل يكتب «اغتيال رئيس» بروح المحقق الصحفى الذى يهمه أن يبحث عن الحقيقة بعيدًا عن تصفية الحسابات، أو مجاملة قاتل على حساب دم رئيس قُتل غدرًا.
وفى كتاب «من قتل السادات» الذى كتبه حسنى أبواليزيد، أضاف إلى الصورة تفاصيل أخرى، بحكم قربه من ملوى فقد كان أحد أبنائها، كما كان يعرف خالد الإسلامبولى وأسرته جيدًا.

يقول أبواليزيد: كان الملازم أول خالد الإسلامبولى لم يتوقع أن يجد فى زيارته لبلدته ملوى فى إجازته القصيرة هذا الحزن الكبير فى منزل الأسرة، خاصة أنه حضر للمشاركة فى خطبة شقيقه الأكبر محمد، أو الحاج محمد كما يحلو لوالدته أن تناديه.
قالت الأم: لقد قبضوا على شقيقك فى عزم النوم.
اتجه خالد إلى أبيه وسأله: كيف تكون محاميًا فى درجة مستشار وتترك رجال الشرطة يقبضون على ابنك من منزله وهو نائم.. أى جرم ارتكبه؟ وأقسم أنه لو كان موجودًا لضربهم بالنار.
أدباء ومبدعون جعلوا منه بطلًا تكتب من أجله القصائد والمقالات الحماسية
لا يمكن أن نشكك فى دوافع هيكل وعادل حمودة وحتى حسنى أبواليزيد فيما كتبوه عن خالد.
فأغلب الظن أنهم استسلموا للروايات المتوافرة عنه وقتها، خاصة أنهم أنتجوا كتبهم فى النصف الأول من الثمانينيات، ولم يتوافر لهم ما يمكن أن يعرفوا من خلاله كيف كان خالد؟ ولا كيف ارتبط بالجماعات المتطرفة؟
لكن كان هناك ما هو أخطر من نسج هذه الصورة البريئة الساذجة لخالد الإسلامبولى.
فقد وقع أدباء ومبدعون فى الفخ، فجعلوا منه بطلًا تكتب من أجله القصائد والمقالات الحماسية.
لم يكن أحمد فؤاد نجم وحده من فعل ذلك.
الروائى جمال الغيطانى وصف خالد الإسلامبولى بـ«الشهيد»
كتب نجم قصيدته «خالد الإسلامبولى» التى أصبحت مشهورة الآن، والتى يقول فيها: خالد يا ابن الربيع والأمل/ والشمس والزينة/ مين يا فتى أعلمك/ فعل الخريف فينا/ وكبرت بره الزمن/ اللى ابتلاك بينا/ نايمين على ودننا/ مع أننا عارفين/ صاح من سكون الخرس/ كروان بغنيوة/ الملك لك يا فتى/ يا مصرى يا حليوة.
وكتب الأبنودى أيضًا قصيدته المتهم.
والتى يقول فيها فى حالة أعتقد كانت جنونية: واقف سعيد/ قاضى يخوف القاضى/ وعينيه مهيش للأرض/ ياللى ما فهمتش ابتسامة الشهيد/ إحنا بنفهم بعض/ الشهيد إحنا/ ومهما نتباعد ما يغنى واحد فينا عن واحد/ تحت الهدد فى العالم الموبوء بيهتف الزاهد/ ودنيته شمس الفقير/ والفجر لما يهب ع الوديان/ وطلعة الرهفان بظل يقول ويطول/ أسمر ولا يسابقه الحديد فى الطول/ القاضى يستغبى والمتهم بيصر/ شمس الحقيقة تحر/ والمتهم صامد/ كل القضاة زايلين/ والمتهم خالد.

وفى كتابه «التجليات» وصف جمال الغيطانى خالد الإسلامبولى بالشهيد، وكتب فيه ما لا يمكن لأحد أن يتوقعه من الغيطانى.
يقول «الغيطانى» فى مطلع نصه عن الإسلامبولى: لم أعرفه إلا فى صور المحاكمة المطبوعة والمرئية، مدثرًا بالبياض، يلف قضبان القفص الحديدى، كذا صور الهجوم، يندفع فى قلب النهار، عبر مركز الضوء، معه صحبة صدورهم عارية داخل مرمى الخطر كله، يقتحم المنصة ليلخص زمنًا، وينقذ أمة، عرفته فى الصور المرئية التى التقطت على عجل، ينزل من عربة النقل، يلقى القنبلة، ثم يعود فى ثوان ليمسك المدفع، عرفته بخيالى وها هو أمامى حرًا من كل قيد، مكشوفًا من كافة الحجب، طائرًا أخضر من ضوء، ها هو يثبت جناحيه حتى يستمر معلقًا فى الفراغ.
أقول بحنان عظيم: خالد.. تكلمت أنا وفعلت أنت.. تمنيت أنا وتمنى غيرى.. وأديت أنت.
وفى حنان متواصل يقول الغيطانى: رأيت فجوة حمراء فى مقدمة صدره، بقعة ضوء قان تقطر دمًا حقيقيًا، وكأن للضوء عروق، بالضبط فى موضع القلب.
صحت: هل تألمت؟
جاءنى صوته من موضع شروق الشمس: أعطانى الله من هذه القوة لكن الله قوانى عليها.
ويضيف «الغيطانى»: رأيت قطرات الدم تندمج بالفضاء الكونى، تدور مع الأفلاك، تولد مع جديدها ولا تندثر مع قديمها الذى حان أوان فنائه، رأيتها تمد الحمرة المصاحبة لبزوغ الفجر على ضفتى النيل، تصبغ أطراف النخيل، وشواشى الأشجار الفارهة، وفى عتمة الليل تستقر قطرة على هيئة نجم فى السماء، نجم صغير بين النجوم التى تزحم السماء، لكنه ينفرد عن غيره بأمور جمة، وخصائص دقيقة، منها ما يظهر، ومنا ما يخفى، من ذلك أنه لا يرى إلا فى سماء وادى النيل، ولا يمكن رصده إلا من فوق تلال الوادى، وجبل المقطم، وجبل عتاقة، وجبل الجلالة، وجبل موسى، ومن ذرى كثبان الصحراء الغربية، لا يختفى طوال فصلى الربيع والخريف وينأى قليلًا، قليلًا فى فصلى الصيف والشتاء، يلمع عند تمام نضج المحاصيل، واكتمال خضرة الشجر، ولمعان عروق المناجم فى ضوء النجوم، وبخلاف النجوم كلها، يمكنك تحديد موضعه وضوئه القانى عبر السماء الغاصة بالأفلاك.

ويختم الغيطانى تجلى خالد الإسلامبولى عليه وغناءه فى حضرته بقوله: أيها القارئ الحميم، هذا جزء من كل وما أوردته كل من بعض، فالسر عظيم، ارفع البصر، حدق إلى الشرق ستراه، لا تمل النظر، ضوؤه الراهن سيلفت انتباهك، وكلما أطلت النظر اتضح لك كنهه واسفر لك عن نتف من سره.
فى عدد «الأهرام» الصادر فى 16 أبريل 1982 كتب أحمد بهجت فى زاويته اليومية «صندوق الدنيا» مقالًا عنونه بـ«الشهداء» تحدث فيه عن بطولات قتلة السادات
ويضيف: وأذكر أن هذا النجم الوليد قطرة من دماء خالد الذى خلصك وخلصنى، هذا ما عرفته فى طفوى ورحيلى عبر الفراغات والفضاءات، ومما أود قوله، أنه سيأتى حين من الدهر يهتدى به كل من يسعى فى البر، أو يخوض مياه النيل مسافرًا، غير أن اكتشافه كعلامة ثابتة يحتاج إلى زمن وخبرة وعلم وطول دراية ودقة ملاحظة.
ويؤكد: ها أنا أنبه وأشير، لا أضن بمعارفى، ولا أبخل بما اطلعت عليه، وخصصت به فى ذروة محنتى بعد انفصال رأسى عن جسدى، هأنذا أصرخ، عسى أن يرى أهلى وقومى ما رأيت، وأن يعرفوا ما عرفت، وأن يهتدوا إلى موقع ذلك النجم كما اهتديت، فانتبه يا غافل.
وفى اليوم التالى لتنفيذ الإعدام فى خالد ورفاقه، وفى عدد «الأهرام» الصادر فى ١٦ أبريل ١٩٨٢ كتب أحمد بهجت فى زاويته اليومية «صندوق الدنيا» مقالًا عنونه بـ«الشهداء»، تحدث فيه عن بطولات قتلة السادات، نشر المقال فى الطبعة الأولى، لكن تم رفعه من الطبعة الثانية، وأثار عاصفة فى الأهرام تم تداركها بصعوبة.

تباينت مواقف من كتبوا يمجدون قاتل السادات الإرهابى.
امتنع الأبنودى بعد نشره القصيدة عن نشرها فى أى ديوان من دواوينه أو إلقائها فى أى محفل شعرى يشارك فيه.
وأذكر أن الكاتب الصديق مؤمن المحمدى قال لى إنه كان يحضر ندوة شعرية نظمها المركز الثقافى الروسى لعبدالرحمن الأبنودى فى منتصف التسعينيات، وطلب عدد من حضور الندوة من الأبنودى إلقاء قصيدة المتهم، لكنه تجاهلهم، فقاطعوه وهو يلقى قصائد أخرى له وهتفوا: المتهم.. المتهم، لكنه أصر على عدم التجاوب معهم، حتى قام مؤمن وسط القاعة وبدأ يلقى قصيدة المتهم التى كان يحفظها عن ظهر قلب.. وهو ما أحرج الأبنودى الذى لاذ بالصمت ولم يعلق.
الذين يحبون الأبنودى يذهبون إلى أنه تجاهل هذه القصيدة وحاول أن يمحوها تمامًا من تاريخه، لأنه راجع نفسه وأدرك أن دعمه للإسلامبولى كان موقفًا مشينًا منه.
أما الذين لا يحبونه فيذهبون إلى أنه كان يفعل ذلك حتى لا يخسر نظام مبارك، وهو النظام الذى قربه منه وتضاعفت نجوميته بدعمه.
المفاجأة أن الأبنودى ظل مصرًا على موقفه من قصيدته، وهو ما ظهر فى العام ٢٠١٠.

كان الأبنودى يتحدث مع أحد المواقع الإلكترونية بعد حادثة خالد سعيد، الشاب السكندرى الذى مات فى حادث اشتباك مع رجال الشرطة.
قال الأبنودى: أهدى قصيدتى «المتهم» للشاب خالد سعيد الذى كان يمتلئ بالحياة والنضارة، وقد أهديتها فيما سبق إلى كل شهداء العالم العربى فى السابق والحالى، وبالتالى أرى أن هذا الشاب الشهيد هو واحد من هؤلاء المغدورين.
أحمد بهجت تراجع عن موقفه من السادات وندم على ما كتبه
وأضاف الأبنودى: أعتقد أن هذه الحادثة كثيرًا ما تتكرر، ولولا أنها اكتُشفت، وتم تصوير الضحية لكانت اختفت وتم التعتيم عليها مثلها مثل غيرها، لكن تصويرها ونشرها على الإنترنت فضح الجناة، وأرى أنه لا بد أن يحاكم هؤلاء المجرمون على جريمتهم البشعة، وأن تأخذ العدالة مجراها لكى يشعر الناس بالأمان فى وطنهم.
ظل الأبنودى متمسكًا بقصيدته حتى النهاية إذن، لكنه كان يفعل ذلك فى الخفاء.
أحمد بهجت تراجع عن موقفه من السادات وندم على ما كتبه.
فى شبابه كان بهجت ناقدًا للسادات ورافضًا لكل ما يقوم به، وكان كثيرًا ما يختلف مع خاله الكاتب والأكاديمى الدكتور رشاد رشدى الذى كان يعمل مستشارًا ثقافيًا للرئيس السادات.
كان بهجت يرفض كل ما يقوله خاله عن الرئيس السادات، بل وكان يهاجمه بحدة، ويناقشه بعنف، ولم يكن رشدى يزيد على القول لابن شقيقته: غدًا ستفهم.. غدًا ستعرف ما الذى سيقوله التاريخ عن السادات.
قناعة أحمد بهجت بالسادات ومواقفه دفعته لأن يكتب سيناريو وحوار الفيلم الذى أدى فيه أحمد زكى شخصية السادات، وهو الفيلم الذى أنصف السادات ونال عنه بهجت تكريمًا رسميًا من الرئيس مبارك.

على عكس بهجت، لم يتراجع أحمد فؤاد نجم عن موقفه فى قصيدته، وظل الغيطانى متمسكًا بما كتبه عن خالد الإسلامبولى، ومات كل منهما وفى رقبته مسئولية مدح إرهابى ومحاولة تخليد قاتل.
لكن هل ما استقر خلال العقود الماضية عن خالد الإسلامبولى قاتل الرئيس السادات حقيقى؟
هل كان مجرد مواطن عادى لا أفكار دينية لديه ولا أهداف تنظيمية تحركه، إنما كان ما فعله مجرد رد فعل على دموع أمه التى سالت بسبب حبس أخيه؟
هل كان بعيدًا عن هذه الجماعات الإرهابية التى صنعت منه بعد ذلك أيقونة ورمزًا وقدوة، ليسير الشباب على طريقه؟
أعتقد أن الأمر لم يكن كذلك، وأن كل الذين كتبوا عنه من خارج إطار الجماعات الدينية وقعوا فى الفخ ورددوا نفس الكلام، وكان طبيعيًا أن تزداد الهوة فيتغنى شعراء المفروض أنهم محسوبون على اليسار المصرى الذى يعادى التيار الدينى بخالد وبطولته، وهو ما جعله يستقر فى بطن الأسطورة ولا يغادرها، رغم أن الأسطورة كانت كاذبة.
خالد الإسلامبولى كان ابن الجماعات الإرهابية المتطرفة
ستسألنى وما الذى لديك يمكن أن يبدد هذه الأسطورة، أو يجعلها كأن لم تكن؟
ما الذى تملكه لتقول لنا إن خالد الإسلامبولى كان ينتمى إلى الجماعات الجهادية؟
وأى جماعة تلك التى بايعها وجلس أمام أميرها ليأخذ عليه العهد؟
لن أقول لك فقط إن لدى إشارات عابرة، تناثرت بين الكتابات هنا وهناك تتحدث عن التزام خالد الدينى، فقد يكون المواطن ملتزمًا دون أن يكون متورطًا فى أى جماعة تنظيمية.

ولن أعتمد على بعض الإشارات إلى أنه كان يستمع إلى الشيخ الفلانى أو الداعية العلانى، لأصفه بأنه ما كان يفعل ذلك إلا لأنه كان خاضعًا لأفكار الجماعات المتطرفة التى كانت تدعو أفرادها إلى الاستماع لهذا الداعية أو ذاك.
اختار شباب الجماعة الإسلامية الشيخ عمر عبدالرحمن ليكون واجهة لهم
إننا سنفتش معًا تحت جلد خالد الإسلامبولى، ففى أرشيفه ما يدلنا على أنه كان ابن الجماعات الإرهابية المتطرفة، وأنه ما أقدم على اغتيال السادات إلا لأن الفكر المتطرف الإرهابى تمكن منه حتى سيطر عليه تمامًا.
لم يكن والد خالد المحامى أحمد شوقى الإسلامبولى بعيدًا عن جماعة الإخوان المسلمين.
انضم إليها فى شبابه، لكنه تركها بعد أن تورطت فى محاولة اغتيال الرئيس عبدالناصر فى حادث المنشية فى أكتوبر ١٩٥٤، وبعد حل الجماعة اتجه إلى ممارسة العمل السياسى من خلال الاتحاد القومى ومن بعده الاتحاد الاشتراكى، لكنه جمد نشاطه السياسى بعد هزيمة العام ١٩٦٧.
تحدث الإسلامبولى الأب إلى جريدة «الأنباء» الكويتية فى ١٥ سبتمبر ١٩٨٤ عن علاقته بالسياسة والإخوان وتربيته لابنه خالد.
قال: عملت بالسياسة من خلال تنظيمات الثورة، لكننى كنت أتخذ من العمل السياسى الرسمى مستشارًا أستطيع من خلفه الاتصال والاختلاط بالإخوة فى الله.
حاول أحمد شوقى الإسلامبولى تبرئة نفسه وتبرئة ابنه من انتهاج خط العنف.
قال: لم يكن لى هدف سياسى بحت، وإنما كان هدفى هو ربط الإخوة فى الله معًا، لقد كان النظام الحاكم يرغمنا على أن نتواصل كإخوة فى الإسلام من خلال أشكال يرضى عنها، وكانت مهمتى هى إنشاء وتكوين روابط مهنية، مثل «رابطة الحلاقين، ورابطة صانعى الأحذية، ورابطة الترزية»، ولكن حينما قرروا محاربة النظام، استقلت وتركت عمل الروابط فى عام ١٩٦٧.
ويقول الإسلامبولى الأب عن ابنه خالد: لم ينعكس ما مارسته من عمل فى هذا الاتجاه على تربية أولادى، حيث كانوا صغارًا، وقد ربيتهم على كل حال تربية دينية، كان بالإمكان تعليمهم التوحيد، وأن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله.
ليس صحيحًا أن خالد لم يتأثر بتوجه أبيه الدينى.

وليس صحيحًا أنه لم يتأثر بانضمام أخيه الأكبر محمد إلى الجماعة الإسلامية.
وهو ما يبدو لنا من استدعائه من قِبل المخابرات الحربية للتحقيق فى أكتوبر ١٩٨٠ وقبل عام كامل من اغتياله للسادات.
جرى التحقيق حول ما توافر من معلومات عن تردد خالد على بعض المساجد التى تسيطر عليها التيارات المتطرفة، ومن بين ما حدث فى التحقيق.
المحقق: هل تعرف عبدالله السماوى؟
خالد: لا.
المحقق: هل سبق وترددت على مسجد أنصار السنة المحمدية؟
خالد: نعم.
المحقق: لماذا؟
خالد: للصلاة وعبادة الله سبحانه وتعالى.
المحقق: هل التقيت هناك أحدًا من أعضاء الجماعات الإسلامية؟
خالد: ربما قابلت بعضهم بالصدفة، لا أدرى، فهم لم يقدموا لى أنفسهم على أنهم أعضاء فى الجماعات الإسلامية.
المحقق: فى أى شىء تحدثتم؟
خالد: فى أمور الدين؟
المحقق: فقط؟
خالد: فقط.
أنهى المحقق التحقيق مع خالد بنصيحة قدمها إليه بعدم التردد على مسجد أنصار السنة المحمدية، حتى لا يجره الآخرون إلى أعمال قد يندم عليها، ونصحه بأن يتفرغ لمستقبله العسكرى فى الجيش.

لم يكن خالد الإسلامبولى صادقًا فيما قاله فى التحقيق، فقد كان يعرف عبدالله السماوى جيدًا.
لكن من هو عبدالله السماوى؟
الإجابة عن هذا السؤال تؤكد لنا أن خالد كان منخرطًا فى تنظيم متطرف.
يعرف أبناء الجماعات المتطرفة السماوى باعتباره المؤسس الحقيقى للجماعة الإسلامية، هو نفسه قال ذلك: أنا الذى أسست «الجماعة الإسلامية» وكان هناك آخرون، ولكن لم أطلق عليها هذا الاسم، وبايعنى المعروفون بقيادتها ومنهم كرم زهدى وناجح إبراهيم، وكانا وقتها طالبين وغيرهما الكثيرون.
يضيف السماوى ما هو أكثر.
يقول: اختار شباب الجماعة الإسلامية الشيخ عمر عبدالرحمن ليكون واجهة لهم، وأنا لم يكن يهمنى أن أكون مؤسسًا أم لا، إنما كل الذى كان يهمنى أن أدعو إلى الله والإسلام، وكنت أتردد عليهم أنا والشيخ عمر فى وقت واحد معًا، وليس اتفاقًا، وكانوا يلتفون حولى ولم يكن أحد منهم يلتف حول الشيخ عمر، وأذكر فى إحدى المرات أن دعيت لإلقاء محاضرة فى مبنى من مبانى الجامعة فى أسيوط، والشيخ عمر كان مدعوًا فى مبنى آخر، وسمعت بذلك، وقلت للإخوة لماذا حلقتان ودعوتان فى وقت واحد، لماذا لا نكون جمعًا واحدًا ونذهب إليهم أو يأتون هم إلينا ونكون جمعًا واحدًا، ويستفيد هذا الجمع الواحد من الشيخ عمر ومنى؟، فذهبوا إلى الشيخ عمر وأتوا به إلينا هو وجمعه لأنه لم يكن معه سوى عدد قليل يسمع له، وجاءوا إلينا وانضموا إلى مجموعتنا.
ما علاقة خالد الإسلامبولى بعبدالله السماوى الرجل الذى يعتبره المتطرفون أباهم الروحى.
لقد اعترف السماوى بأن خالد الإسلامبولى كان تلميذه، وأنه بايعه؟ لم يقل السماوى ذلك فى كتاب أو مذكرات أو حتى تحقيقات رسمية.
الباحث والكاتب ماهر فرغلى خلال فترة سجنه التقى عبدالله السماوى، وسمعت من ماهر ما دار بينهما من أحاديث كثيرة ومتنوعة.
قال لى ماهر: أذكر أنه كان فى مرة يتحدث عن وجوب العمل الجماعى ووجوب بيعة لأمير الجماعة، وهو كان متعودًا على أخذ البيعة ممن ينضمون إليه على الفور، ثم يكتب أسماءهم فى كشكول بيده، فقلت له إن هؤلاء الأفراد الذين تريدهم أن يبايعوك يتبعون الجماعة الإسلامية، مما جعله يرد علىّ بغضب قائلًا: كرم زهدى تلميذى، وناجح إبراهيم تلميذى، وخالد الإسلامبولى تلميذى، كلهم خرجوا من تحت يدى.
قبل شهور من اغتيال السادات كان خالد الإسلامبولى يعيش أزمة نفسية طاحنة
لم يكن خالد مجرد تلميذ عابر للسماوى، ولم يكن صديقًا وفيا فقط، بل كان من مريديه وممن بايعوه على السمع والطاعة، وهو ما جعله طرفًا فى التحقيق الذى أجرته المخابرات الحربية مع خالد، فقد كانت هناك شكوك حول علاقتهما.
قبل شهور من اغتيال السادات كان خالد الإسلامبولى يعيش أزمة نفسية طاحنة.
كان يرى نفسه فى حياة الجندية، ويحلم بالترقى فى الجيش، لكنه فى الوقت نفسه كان يريد أن يكون عضوًا مكتملًا فى جماعة السماوى، وعندما عرض حيرته أمام شيخه، نصحه بأن يترك الجيش ويخلع بدلته العسكرية، لأن الجيش الذى يخدمه جيش جاهلى.
لم ينقذ خالد من هذه الحيرة إلا عندما تعرف على محمد عبدالسلام فرج صاحب كتاب «الفريضة الغائبة» وقائد تنظيم الجهاد الذى كان يرى أنه لا بد أن يكون لتنظيم الجهاد قوة فى الجيش للاستعانة بها فى الوقت المناسب، فكان خالد يرتاح لهذا التخريج التنظيمى ويقمع فى داخله الأصوات التى كانت تنادى عليه بأن يتبعه شيخه طه السماوى.
لم يكن خالد الإسلامبولى وحده من بايع طه السماوى، بل كان هناك اثنان ممن شاركوه فى اغتيال السادات من أتباعه، وهما عبدالحميد عبدالسلام، وحسين عباس.
عبدالحميد عبدالسلام كان مطيعًا أكثر من خالد، حيث أعفى لحيته بعد أن ألح عليه السماوى بذلك، ولما خيروه فى الجيش بين أن يحلق لحيته وأن يترك الجيش ترك الخدمة لأنه بذلك كان يرضى شيخه وينزل على أوامره.
نفس الأمر تكرر مع حسين عباس، فقد بايع السماوى وكان من تلاميذه ولم يكن يكتفى بالتردد على المساجد التى كان يخطب فيها السماوى بل كان يزوره فى بيته.
وقد تسأل: هل أفتى السماوى لمريديه الثلاثة بشكل مباشر بقتل السادات؟
الحقيقة أن هذا لم يحدث، ولا يستطيع أحد أن يحصل على فتوى مكتوبة أو مسموعة وينسبها للسماوى تقول هذا الكلام.
ما حدث أن مجموعة خالد الإسلامبولى سألت طه السماوى عن رأى الدين فى قتل السادات، لكن ولأنه كان ذكيًا إلى حد بعيد، فقد تحدث معهم حديثًا عامًا لم يذكر فيه اسم السادات، لكنه وصل بهم إلى وجوب قتل الحاكم الظالم، ولما كان السادات بالنسبة لهم حاكمًا ظالمًا فقد قتلوه بمباركة فتوى السماوى غير المباشرة.
ويشهد على العلاقة بين السماوى وخالد الإسلامبولى أيضًا محمد سالم رحال وهو واحد من أوائل مؤسسى تنظيم الجهاد.
بعد اغتيال السادات كتب رحال: نُشر فى الصحف وأنا فى الكويت أن خالد الإسلامبولى كان فى بداية الأمر مع عبدالله السماوى، وقد كنت أعرف ذلك وأنا فى مصر، وأن خالدًا ترك السماوى بسبب عدم نشاطه الجهادى، لكننى تأكدت من ذلك عندما نشر الخبر وأنا فى الكويت، لكن السماوى تكلم وكأن جماعته هى المسئولة عن اغتيال السادات.
المفارقة هنا أن السماوى الذى كان واحدًا من وجوه الإرهاب والتطرف والعنف، تركه خالد الإسلامبولى، كما يقول رحال، لأنه رأى أنه غير ناشط جهاديًا.
وقد تعتقد أن خالد الإسلامبولى لم تكن له علاقة بجماعة الإخوان المسلمين.
هنا يمكن أن نتوقف قليلًا.
أعرف - كما تعرف- أن خالد الإسلامبولى لم ينتم تنظيميًا إلى جماعة الإخوان فى أى وقت من الأوقات، لكن ذلك لا يمنع أنه كان يرتبط معهم بعلاقات ود.
مجلة «الدعوة»: خالد ابن من أبناء الإخوان المسلمين باعتبار أن أباه كانت له خلفيات إخوانية
فبعد اغتيال السادات والحكم على من قتلوه بالإعدام، قاد المستشار على جريشة القيادى الإخوانى وكان يعيش فى ألمانيا، مظاهرة أمام السفارة المصرية فى بون للمطالبة بعدم تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة ضد قتلة السادات.
بل حدث ما هو أكثر، فمجلة الدعوة التى كان السادات قد منع صدورها فى مصر قبل اغتياله، كانت تصدر فى ألمانيا، وقد كتبت عن خالد الإسلامبولى وأشادت به باعتباره واحدًا من أبناء الجماعة، وقالت نصًا: خالد ابن من أبناء الإخوان المسلمين باعتبار أن أباه كانت له خلفيات إخوانية.
الإسلامبولى ترك نفسه تمامًا لمحمد عبدالسلام فرج
لم يكن خالد الإسلامبولى منخرطًا فى تنظيم عبدالله السماوى فقط، ولكنه ترك نفسه تمامًا لمحمد عبدالسلام فرج، ولم تكن العلاقة بينهما عابرة كما قال هيكل فى «خريف الغضب».
فالذين تتبعوا هذه العلاقة خدعونا بأن خالد تعرف على فرج بالصدفة، عندما كان يبحث عن شقة ليتزوج فيها فى المنطقة التى يعيش ويمارس فيها فرج نشاطه، وأن خالد دخل المسجد الذى يصلى فيه فرج، وهناك تعرف عليه وأخبره بما يبحث عنه، وأن فرج وعده أن يساعده.
وعندما نتتبع ما جرى سنكتشف أن خالد الإسلامبولى كان قد قام بخطبة فتاة من بولاق الدكرور بالفعل، ولذلك فإن بحثه عن شقة فى المنطقة كان طبيعيًا، فقد أراد أن تعيش زوجته فى بيت قريب من بيت أسرتها، وهو ما يعنى أنه كان يتردد كثيرًا على المنطقة، والطبيعى أيضًا أنه كان يعرف عبدالسلام فرج قبل أن يلتقى به، ليس لأنه لم يكن مشهورًا فقط، ولكن لأن أسرة خطيبة خالد الإسلامبولى كانت قريبة من التنظيمات الجهادية.
المفاجأة الأكبر أن الفتاة التى خطبها خالد كانت شقيقة زوجة محمد عبدالسلام فرج، بما ينسف الحكاية المتداولة من أصلها، فالمعرفة كانت عائلية ولم تكن عابرة.
من أخبرنا بهذا الكلام؟
يمكننا أن نفتح معًا كتاب منتصر الزيات «الجماعات الإسلامية... رؤية من الداخل» لنجد مفاجأة كبيرة أخرى فى انتظارنا.
يقول منتصر: بمجرد وصولى إلى القاهرة توجهت إلى منزل السيدة والدة محمد وخالد الإسلامبولى التى استقبلتنى استقبالًا حارًا، ففاتحتها فى أمر العروس التى كان محمد عبدالسلام فرج قد اختارها لخالد الإسلامبولى، كانت أسرة هذه الفتاة لا تزال على علاقة بأسرة خالد، فاتفقنا على زيارتهم بعد يومين فى منزل محمد عبدالسلام فرج فى بولاق الدكرور وهى معقل الجهاديين، وفى منزل فرج وبحضور عدد من الإخواة منهم مجدى غريب شقيق العروس الذى اتهم فى محاولة اغتيال وزير الداخلية حسن أبوباشا وقد ثبتت براءته بعد إدانة تنظيم «الناجون من النار»، وجدنا أم العروس مثل أم خالد الإسلامبولى تمامًا، زوجها توفاه الله منذ فترة طويلة وزوج ابنتها أعدم وهو محمد عبدالسلام فرج وأربعة من أولادها مقبوض عليهم على ذمة قضية اغتيال السادات.
يضيف منتصر: قدمتنى أم خالد للسيدة التى رحبت بى وجاءت العروس التى كانت منتقبة، وحدث بيننا توافق منذ اللحظة الأولى، وفى الأسبوع التالى تمت الخطبة، وكان عقد الزواج والفرح يشبه المؤتمر السياسى، فقد حضره الشيخ عمر عبدالرحمن ومحمد شوقى الإسلامبولى والشيخ حافظ سلامة والشيخ عبدالله السماوى والأستاذ محمد عبدالقدوس، فضلًا عن آلاف من المهنئين، وعقد نكاحى الشيخ عمر عبدالرحمن، وبحضور كل قيادات الجماعات الإسلامية، وبعد ستة أشهر تم الزواج بعد أن استطعت ترتيب أوضاعى وأمورى المالية.
لم تكن العلاقة بين خالد الإسلامبولى وعبدالسلام فرج علاقة عالم أو فقيه- كما يراه خالد- بمواطن استمع إليه وأعجبه ما يقوله، فقد كان مقربًا منه إلى الدرجة التى سعى فيها إلى أن يزوجه من شقيقة زوجته، بمعنى أن الثقة فيه كانت مطلقة، ومن ظاهر كلام خالد أيضًا عن فرج أنه كان عضوًا تنظيميًا فى مجموعته، لأنه تعامل معه نفس تعامله مع أتباع تنظيمه والذين بايعوه، فقد دفعه إلى أن يقرأ نفس الكتب التى كان يتعامل معها على أنها منهجه، وهى الكتب التى أخذ منها مرجعية أساسية فى تأليف كتابه «الفريضة الغائبة» وهو الكتاب الذى اعتبرته مجموعة فرج قرآنها الذى لا بد أن تلتزم بكل ما جاء فيه.
هذا الإعداد المعرفى الذى قام به فرج تجاه خالد لم يكن يقل أبدًا عن الإعداد المعرفى الذى تلقاه كل أعضاء مجموعة فرج، وأعتقد أن محمد عبدالسلام لم يكن ليقرب خالد إليه بهذه الدرجة وهو ليس عضوًا من أعضاء جماعته، خاصة أن فرج كان مثله مثل بقية أبناء الجماعات الإرهابية يحرص على السرية، ولا يقرب منه إلا من يثق فيهم كل الثقة.
ويمكننا أن نراجع نص ما قاله خالد فى التحقيق، فقد بدأ الكلام مع فرج، وأخبره أنه سيشارك فى العرض، وأنه «لازم أقوم بأى حاجة تخلصنا من هذا الحاكم الظالم».
قد لا تكون فكرة الاغتيال تبلورت فى ذهن خالد، وأغلب الظن أن فرج هو الذى قام ببلورة مسألة الاغتيال، وبذلك كان القتل تكليفًا من فرج لخالد، من قائد تنظيم لأحد أعضائه الذين يدينون له بالولاء والطاعة، والدليل على ذلك أن فرج تولى بعد ذلك كل شىء من توفير الرجال المشاركين فى عملية الاغتيال، والأسلحة والذخيرة التى طلبوها.
الآن يمكننا أن نصل إلى بعض أقوال خالد الإسلامبولى فى أوراق تحقيقات قضية اغتيال السادات، فمن كلامه يتضح لنا ما الذى جرى على وجه الدقة.

تعالوا نستمع إلى ما دار بين خالد والمحقق فى غرفة مغلقة، وهو الحوار الذى لم ينكره أو يكذبه أحد، ولم يقل أحد إنه تحدث تحت وطأة التعذيب، فلم يكن الإسلامبولى فى حاجة إلى أى شكل من أشكال الضغط ليعترف على نفسه وعلى الآخرين، لأنه كان يعتبر ما فعله بطولة وليس جريمة تعادى الإنسانية وتتنافى مع كل معانيها.
فى أوراق التحقيقات جاء توصيف خالد على النحو التالى: خالد أحمد شوقى الإسلامبولى ملازم أول عامل بالقوات المسلحة، كان غير مكلف أصلًا بالاشتراك فى العرض العسكرى، ولكن لغياب ضابط آخر كلفه قائد الكتيبة الرائد مكرم عبدالعال بالاشتراك يوم ٢٣ سبتمبر ١٩٨١ أى قبل العرض بـ١٣ يومًا، وحضر أول بروفة، وكان قد اشترك فى العرض العسكرى فى العامين السابقين.
الآن يبدأ التحقيق.. الذى يمكننا أن نتعامل معه على أنه حوار هادئ جدًا.
المحقق: كيف نشأت فكرة استغلال ظروف تعيينك فى العرض لاغتيال الرئيس؟
خالد: إحنا بدأنا الكلام عن أحوال المسلمين مع محمد عبدالسلام فرج، وأنا كانت نفسيتى متأثرة بما يحدث فى البلد وأما قلت له إنى مشترك فى العرض، ولازم أقوم بأى حاجة تخلصنا من هذا الحاكم الظالم، ذهب بهذه الفكرة وأبدى استعداده لأى مساعدة أحتاجها من الأفراد أو الذخيرة.
المحقق: وما الذى دعاك إلى عرض هذه الفكرة على محمد عبدالسلام فرج بالذات؟
خالد: هو فقيه، عنده علم بالأمور الدينية، ربنا فتح عليه ويعتبر عالمًا، وكنت أستريح له.
المحقق: وكيف عرفت أنه عالم؟
خالد: من جلساتى معه والاستشارة فى الأمور الدينية وهو يخطب الجمعة ويلقى الدروس فى مسجد صغير أهلى بجوار منزله، واسم المسجد عمر بن عبدالعزيز أو عمر بن الخطاب «المسجد كان اسمه عمر بن عبدالعزيز».
المحقق: هل كان يشير عليك بقراءة كتب معينة؟
خالد: نعم.. كتب ابن تيمية وهى الفتاوى والجهاد للمسلمين، وكتاب الجهاد فى سبيل الله لأبى الأعلى المودودى ونيل الأوطار للشوكانى.
المحقق: وهل تحدث معك بشأن التتار وجنكيز خان؟
خالد: نعم، قال لى إن هؤلاء الناس، أى التتار، أظهروا إسلامهم وقاموا بحكم البلاد بقانون يسمى الياسق، وأخذوا بعض الشريعة وتركوا البعض الآخر، وكانوا ينطقون بالشهادتين ولكنهم أفسدوا فى البلاد.
المحقق: ولماذا التحدث عن التتار بالذات؟
خالد: كمثال لما يحدث فى بلادنا من حيث الحكم بغير كتاب الله.
المحقق: كم مرة تدارس معك محمد عبدالسلام موضوع التتار؟
خالد: مرة أو مرتين تقريبًا من مدة ثلاثة أشهر أو أربعة هذا العام.
المحقق: وهل نصحك بقراءة كتاب بعينه بشأن ما فعل التتار؟
خالد: نعم أشار علىّ بقراءة كتاب مجموعة الفتاوى لابن تيمية.
المحقق: وماذا قال ابن تيمية فى شأن هؤلاء التتار؟
خالد: قال إنهم يقاتلون ولو نطقوا بالشهادتين.
لقد قام خالد الإسلامبولى باغتيال السادات، ليس لأنه كان يعانى نفسيًا بسبب اعتقال شقيقه محمد، ولا لأنه رأى أمه وهى تبكى فقرر أن ينتقم ممن قهرها، ولكن كانت لديه فكرة شحنه بها محمد عبدالسلام فرج، وهو ما نجده فى بقية اعترافاته.
المحقق: وماذا قرأت أيضًا فى موضوع الجهاد؟
خالد: قرأت بشأن محاربة أبى بكر الصديق لمانعى الزكاة رغم نطقهم بالشهادتين وكثرة قيامهم الليل حتى قيل إن ركبتهم كانت كركبة البعير.
المحقق: وما الحكم الشرعى المستخلص مما تقدم؟
خالد: وجوب محاربة الحاكم الذى لا يحكم بما أنزل الله.
المحقق: تقصد أنه يكون حلال الدم شرعًا.
حالد: نعم ولو نطق الشهادتين، وقام يصلى مثل مسيلمة الكذاب الذى كان يصلى ويصوم ولكنه تبرج عن الإسلام بقوله إنه رسول الله، والقاعدة الشرعية أن كل من يتبرج من باب لا بد أن يعود منه والمولى سبحانه وتعالى يقول «ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون» كما قال سبحانه «ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يقبل منه».
المحقق: وما قانون الياسق الذى أشرت إليه؟
خالد: هو قانون من وضع البشر، أدخلوا فيه بعض شريعة الله من نواحٍ مختلفة.
المحقق: وما وجه الاحتجاج بذلك القانون المسمى بالياسق؟
خالد: إن قوانينا الوضعية تشبه هذا القانون وكلها من وضع البشر ونحن نحاول تعطيل الشريعة وندعى أننا نقننها.
المحقق: أنت متهم بأنك خططت ودبرت لاغتيال الرئيس وأسهمت فى تنفيذ المخطط؟
خالد: أنا اعترفت بكل شىء، وما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
المحقق: ما الذى كنت تقصده؟
خالد: ردع أى حاكم لا يلتزم بكتاب الله.
المحقق: وما الذى كنت ترجوه من قتل الرئيس؟
خالد: إن كل واحد يأتى بعده يرتدع ويأخذ عبرة.
المحقق: لماذا وجهك محمد عبدالسلام لقراءة تاريخ التتار وفتوى ابن تيمية فى موضوعهم بالذات، دون سائر السير والفتاوى؟
خالد: كنا نتكلم فى القوانين التى تحكم البلاد وأننا نرى ما هو مشابه لهذا العصر وهو عصر التتار.
المحقق: وما فتوى ابن تيمية فيهم؟
خالد: وجوب قتالهم.
المحقق: ومن فى مصر مثل التتار؟
خالد: الحكام.
المحقق: من أى وجه؟
خالد: الحكم بغير كتاب الله.
المحقق: التتار كانت لهم مذابح وفظائع مثل حرق المدن وقتل النساء والأطفال الأبرياء وإلقاء المراجع الإسلامية فى نهر دجلة، حتى اسودت منها مياه النهر من الحبر الذى دونت به هذه المراجع، فهل فى زماننا من يفعل ذلك؟
خالد: يكفى عدم الحكم بكتاب الله.
المحقق: ولكن الرئيس، رحمه الله، هو الذى أدخل فى الدستور لأول مرة فى تاريخ البلاد أن الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع وترك لمجلس الشعب واجب تنفيذ هذا النص الدستورى، فكيف نشبهه هكذا بالتتار سواء أنت أو محمد عبدالسلام أو غيركما؟
خالد: هذا الكلام ليظهر أنه حاكم مسلم يريد أن يطبق الشريعة وليضحك بها على الشعب.
ينتقل المحقق بخالد الإسلامبولى إلى مساحة جديدة، نعرف منها انتماءه للجماعات واقتناعه بأفكارهم، حيث يدور الحوار على النحو التالى:
المحقق: لماذا كنت تتوجه إلى مسجد عمر بن عبدالعزيز الذى تحدثت عنه؟
خالد: المساجد كثيرة ولكن مساجد الإخوة قليلة وأنا لا أصلى إلا فى مساجد الإخوة.
المحقق: ما الذى تقصده بمساجد الإخوة؟
خالد: أقصد الإخوة الملتزمين بالإسلام قلبًا وقالبًا.
المحقق: وكيف تعرفهم؟
خالد: يطلقون اللحية ويلبسون قميصًا وسيماهم فى وجوههم من أثر السجود.
المحقق: ومتى اهتديت إلى معتقداتك الحالية؟
خالد: منذ سنة ونصف السنة تقريبًا.
المحقق: وقبل ذلك؟
خالد: كنت شابًا عاديًا.
المحقق: وما الظروف التى غيرت فيها مسارك الفكرى؟
خالد: بالاستماع إلى الإخوة فى مسجد نجع حمادى، وربنا سبحانه وتعالى يسر لى الطريق.
المحقق: ومن العلماء الذين توقرهم؟
خالد: الأستاذ عمر التلمسانى، والشيخ حافظ سلامة الذى يخطب فى مسجد بالعباسية وبتاع السويس الذى قيل عنه إنه مجنون، والشيخ كشك.
المحقق: هل سبق استدعاؤك لإدارة المخابرات الحربية؟
خالد: نعم.
المحقق: متى ولماذا؟
خالد: من سنة تقريبًا... وكان سبب استدعائى هو معرفة نشاطى الدينى.
المحقق: وماذا قالوا لك؟
خالد: نبهوا علىّ بالابتعاد عن مساجد معينة وعن أشخاص معينين والبُعد عن التزمت.
المحقق: من هم الأشخاص الذين نبهوا عليك بالابتعاد عنهم؟
خالد: عبدالله السماوى، وهو من التكفير والهجرة.
المحقق: وما المساجد التى أمروك بالابتعاد عنها؟
خالد: المساجد التى يتردد عليها عبدالله السماوى مثل مسجد أنصار الإسلام فى مصر الجديدة.
هذه هى اعترافات خالد الإسلامبولى كما قالها بنفسه، ولا يمكن أن نغض الطرف عنها، كما فعل آخرون، واعتبروه شخصًا عاديًا، فهو وباعترافه «إرهابى مكتمل»، يعمل تحت قيادات إرهابية وينقاد لهم، فكيف يمكن أن نقبل ما قالوه عنه، وكيف يمكن أن نقبل تمجيد قاتل مثله؟