الأحد 15 يونيو 2025
المحرر العام
محمد الباز

فى آخر حوار لها مع إذاعة «القاهرة الكبرى»

سيدة الأثير.. الإذاعية الكبيرة هدى العجيمى: «كل ما زرعته فى حياتى حصدته»

حرف

قبل 3 سنوات، استضافت الإعلامية الدكتورة صفاء النجار، فى حلقة مميزة من برنامج «ضى القناديل» على إذاعة «القاهرة الكبرى»، الإذاعية المخضرمة هدى العجيمى، أحد أبرز الأصوات التى تركت بصمة واضحة فى المشهد الإذاعى المصرى. 

الحلقة كانت بمثابة رحلة عبر الزمن، استعرضت فيها هدى العجيمى مسيرتها الحافلة التى امتدت لعقود، وتطرقت إلى ذكرياتها مع برنامجها الشهير «مع الأدباء الشبان»، الذى كان منبرًا لاكتشاف المواهب الأدبية الجديدة ومناقشة قضايا الإبداع والفكر. 

تحدثت عن بداياتها فى الإذاعة، وكيف تحول شغفها بالأدب والصوت إلى مسيرة مهنية غنية. كما كشفت عن التحديات التى واجهتها فى تقديم برنامج أدبى فى وقت كانت فيه البرامج الترفيهية تحتل الصدارة، مؤكدة أن إصرارها على تقديم محتوى راقٍ كان سر بقاء البرنامج فى ذاكرة المستمعين. 

ولم تخلُ الحلقة من لحظات مؤثرة، خاصة عندما تذكرت الإذاعية الكبيرة بعض الأدباء الذين انطلقوا من برنامجها ثم أصبحوا نجومًا فى عالم الأدب، قائلة: «أشعر بالفخر كلما رأيت أحد هؤلاء الأسماء يحقق نجاحًا، لأننا كنا شركاء فى بدايتهم».

كل هذه اللحظات المؤثرة والكواليس المثيرة فى حياة هذه الإعلامية الاستثنائية، تقرأونها فى نص الحلقة التى تنشرها «حرف» خلال السطور التالية:

صفاء: أعزائى المستمعين أهلًا بكم معنا وحلقة جديدة من «ضى القناديل» فى ضيافتنا الليلة الإذاعية الكبيرة وصاحب فضل عظيم على عدد كبير من المبدعين، إنها الإذاعية الكبيرة الأستاذة هدى العجيمى صاحبة البرنامج الشهير «مع الأدباء الشبان».

خاضت رحلة طويلة عبر الإذاعة المصرية تنقلت فى كل الأقسام الإذاعية تقريبًا من قسم الاجتماع السياسى إلى قسم المنوعات إلى قسم المرأة وكان الاستقرار والبيت الذى اشتهرت منه فى كل البيوت المصرية هو «مع الأدباء الشبان».. فى ضيافتنا الليلة الأستاذة هدى العجيمى.. أستاذة هدى أهلًا بكِ.

هدى: أهلًا بكِ.

صفاء: النهارده أنا خايفة وعندى إحساس بالمسئولية إن أنا بأحاور أستاذة وعلمًا من أعلام الإذاعة المصرية وصاحبة بصمة شهيرة ودور حيوى، تأثر بها الكثيرون من خلال برنامجك الشهير «مع الأدباء الشبان».

هدى: أنتِ يا حبيبتى أستاذة فى الإعلام، أنا لم أدرس الإعلام أنا مارست الإعلام.

صفاء: إحنا اتعلمنا من خلال حضرتك ومن خلال كل الإذاعيين الكبار والإعلاميين والتليفزيونيين الكبار، الإذاعة المصرية هى بيت الإعلام العربى.

هدى: فعلًا الإذاعة المصرية مؤسسة، وبعدين أنا حظى إن أنا اشتغلت مع الكبار مع المؤسسين للإذاعة «بابا شارو، وعبدالحميد الحديدى، من غير ألقاب، ومدام صفية المهندس».

صفاء: أستاذة هدى إزاى اكتشفت موهبة التقديم الإذاعى؟ وهل كان العمل بالإذاعة حلمًا بالنسبة لحضرتك؟

هدى: أبدًا ماكانش حلم، بالعكس يعنى أنا كنت قارئة جدًا وبعدين كنت بسمع الإذاعة فعلًا، الإذاعة كانت أيامها حلم من أحلام كل الناس، كان فى برنامج بيقدمه الأستاذ فاروق خورشيد المذيع الأديب، كان اسمه «مع الطلبة» وكان بياخد الهوايات بتاعة الطلبة فى الكتابة سواء قصة أو شعر أو خواطر، فأنا كنت باحاول أكتب شعر، وكنت بكتب شعر عمودى، فكنت ببعتله أشعار، وفوجئت إنه بيذيعها على طول، وقال اسمى فسعدت جدًا، وبقيت باستمرار أبعتله خواطر وأبعتله كتابات من عندى، واتعرفت على بعض الناس اللى بيكتبوا زيى واتقابلنا بعد كده فى الجامعة فى كلية الآداب.

صفاء: الدراسة فى كلية الآداب.. حضرتك اخترت قسم إيه؟

هدى: قسم اللغة العربية ده عن عمد أنا كنت أحب أقرأ كتابات قديمة، فحسيت إن أنا عايزة أتطور، وأعرف الأشعار القديمة والأدباء القدام فدخلت قسم اللغة العربية.

صفاء: يعنى كان الحلم إن حضرتك تكونى كاتبة أو أديبة؟

هدى: كنت عاوزة أبقى أديبة وكان حلمى إنى أكون شاعرة.

صفاء: فدخلت قسم اللغة العربية علشان تدعيم اللغة العربية؟

هدى: مش القسم هو اللى مكنى من اللغة العربية، اللى بنى شخصيتى كان من خارج القسم، شخصية عظيمة جدًا، أستاذ رجاء النقاش الناقد الكبير، أول يوم دخلت فيه الإذاعة اتعرفت عليه، وبعدين بقينا أصدقاء، هو كان خلص جامعة وبيعمل دراسات عليا، لما عرفنى وعرف أنا بكتب تبنانى وكان بيشوف أشعارى وكتاباتى وكان بيشجعنى.

صفاء: وبعد تخرجك فى كلية الآداب قسم اللغة العربية إزاى توجهتى للإذاعة؟

هدى: وأنا بنتظر نتيجة الليسانس، الإذاعة أعلنت عن مسابقة، عاوزين فى قسم الأخبار محررين يكتبوا الأخبار ويكتبوا التعليقات السياسية، ودخلت الامتحان وكان اتقدم آلاف، فوجئت إن النتيجة طلعت ولقيت حد بيكلمنى بيقولى أنتِ الأولى، مكنتش مصدقة الحقيقة، وروحت بقى الامتحان الشفوى عملوا معايا مقابلة شخصية، الحمد لله نجحت برضه وطلعت الأولى، نجح معايا ٤ شباب فدخلنا قسم الأخبار لقيتم بيشغلولى حاجة اسمها استماع سياسى حتى مش تحرير، استماع سياسى إن أنا أقعد أسمع نشرات العالم كله وأكتبها يعنى، مكنتش سعيدة مش لاقية نفسى، لدرجة إن أنا مرة أخطأت فى حاجة سمعتها كتبت بلد مكان بلد، أنا بحب ساعات الفهلوة دى.. أتصرف يعنى، فأنا غلطت فى كده بس الغلطة كانت خطيرة إنها تتذاع ع الهوا، ذاعوا اسم بلد غير البلد التانية، فطبعًا عاقبونى وعملوا لى إنذار وخصموا منى فلوس.

صفاء: بس بالتأكيد التجربة دى أثرت فيك وعلمتك؟

هدى: علمتنى مفيش فهلوة فى الشغل، الفهلوة كده فى أى حتة تانية، بعدها الإذاعة أعلنت مسابقة للمذيعين فدخلت امتحان المذيعين، وكان بيقعد ٣ أشهر امتحان تحريرى، نجحنا فيه روحنا بقى الإذاعة عشان المقابلة الشخصية الشفوى بقى، اللجنة كان فيها أستاذ عبدالحميد الحديدى وبابا شارو محمد محمود شعبان وفى أستاذ من الجامعة، أستاذ عظيم جدًا فى اللغة العربية والإنجليزية وكله، اسمه مهدى علام، الدكتور مهدى علام كل الإعلاميين بيعرفوه، وكان يحضر اللجنة معانا مهندسين كبار بتوع الإذاعة، فقبل ما أدخل اللجنة كنت قاعدة بره مع شباب بآلاف، خوفونى الحقيقة ويقولوا امتحان صعب، ده الأستاذ الحديدى بيسأل أسئلة فى الجغرافيا وبتاع، قلتله جغرافيا إيه؟ قال ده يعنى أبسط سؤال بيسأله عن شوارع القاهرة، قلتلهم أنا ساقطة ١٠٠٪ مش هنجح لأن أنا جايه من بورسعيد بقالى ٤ سنين بس فى القاهرة، ومن بيت الطالبات للجامعة ومن الجامعة لبيت الطالبات، دخلت وأنا يائسة، أول ما دخلت اللجنة لقيت الدكتور مهدى علام قال لى أهلًا يا ست هدى، قلتله أهلًا يا فندم، قال لى تعرفى الست هدى، قلتله طبعًا أعرفها، دى مسرحية أمير الشعراء أحمد شوقى، قلتها وحكيتها شعر، ففرح جدًا وكلهم سكتوا، مكانوش متصورين إن أنا هجاوب، فسكتوا كلهم وفى الآخر بقية الامتحان قالولى أقرأى قطعة إنجليزى، قريتها وخلاص نجحت.

وبعد كده دخلونى الاستديو طبعًا صوت، وهم بيوزعوا بقى المذيعين نجح معايا ١٩ شاب وأنا البنت الوحيدة، فى كل حتة أنا البنت الوحيدة باستمرار، فنجحت معاهم وبصيت لقيتهم بياخدوا مجموعة «البرنامج العام» على الهوا، صالح مهران وعبدالوهاب قتاية ومحمد مرعى، الكبار دول كلهم الحقيقة، أخدوهم على جنب حوالى ١٠ وأنا ما وزعونيش لسه، قلتلهم أروح معهم، قالولى لأ إحنا بنختار الأصوات، دول أصواتهم صالحة للنشرة، أصواتهم عريضة وكده ورجالة يعنى، أنت هنوديكى حتة تانية. فعملولى لجنة خاصة فيها الأستاذ عبدالحميد الحديدى والأستاذ جلال معوض، يعنى أعظم المذيعين، بعد ما سمعونى قالوا لى أنت هتصلحى لإدارة المنوعات، فبكيت، وقلت عايزة أروح أنا طالعة من الأوائل عايزة أروح مع زملائى النشرة، قالوا لى لا دى أصوات، لازم تعرفى إن فى أصوات. 

حتى أستاذ جلال معوض طبطب عليا وقالى أنت عندك شك إن آمال فهمى أعظم مذيعة؟ قلتله لا. بسمعها، قالى: أهى دى فى المنوعات، سكت ومعيطتش وبعدين قالولى روحى قابلى الأستاذة صفية المهندس هى مديرة المنوعات لو عجبتيها هتاخدك ما عجبتيهاش ارجعيلنا تانى.

أنا دخلت لوحدى فى المنوعات مش جيل، أنا واحدة وهم نجوم، يعنى كانوا يبصولى من فوق طبعًا، ما هو محدش عايز يمدلى إيده كمان، فضلت بقى مدام صفية الوحيدة الحقيقة اللى هى كانت يعنى طيبة جدًا وحمتنى وبقت بعتبرها أمى الروحية.

صفاء: والأستاذة صفية المهندس هى أول سيدة للإذاعة المصرية.

هدى: وكانت تستحق كل شىء، إنسانة عظيمة من كله يعنى إنسانة ظريفة، أنا لما رحت قابلتها قالولى قبليها شوفى هتعينك ولا لأ، فدخلت مكتبها لقيتها قاعدة مع عواطف البدرى، المذيعة العظيمة، اتكلمنا، يمكن أول ما تكلمنا حصل نوع من الكيميا بينى وبينها، بقينا بنضحك ونحكى حكايات فى الآخر بعد ده ما قالتليش أنا عينتك ولا لأ، أنا عايزاكى ولا لأ، مقالتش قرار، بصيت لقيتها بتقولى قومى يا هدى بقى، خدتنى ورتنى مكتب صغنن كده قالتلى اقعدى بقى ده مكتبك.

صفاء: ما أول برنامج قدمتهِ فى المنوعات؟

هدى: اللى بيشتغل مع الأستاذة صفية المهندس بيشتغل فى «إلى ربات البيوت»، هى تبنتنى واشتغلت معاها وعلمتنى إزاى الإلقاء، يعنى أتكلم إزاى، مخارج الحروف والحاجات دى كلها.

صفاء: «إلى ربات البيوت» برنامج يشبه المجلة، لأنه منوع، يعنى فقرات منوعة وأغانى مختلفة، ومسلسل «عيلة مرزوق» على سبيل المثال.

هدى: أيوه هى اللى اقترحت مسلسل «عيلة مرزوق»، وهو مشابه لمسلسل كان يُذاع فى «بى بى سى» البريطانية يوميًا للمرأة وللأسرة.

صفاء: وأوكلت لحضرتك فى فترة إخراج «عيلة مرزوق».

هدى: هى كانت بتخرجها وبعدين لما طبعًا الأعباء زادت عليها قالتلى اخرجيها إنتِ، مكنتش أعرف الإخراج، إنما أنا لقيت «عيلة مرزوق» فيه فنانين كبار جدًا مش محتاجين حد يقولهم اعملوا إيه، يعنى فؤاد المهندس وعزيزة حلمى ومحمود عزمى وعايدة كامل، أنا كنت بقعد بس فى الاستديو كده وهما يتكلموا خلاص انتهى ده الإخراج بس يعنى وأقول اسم الحلقة، الحلقة الخامسة السادسة وخلاص.

صفاء: ومتى بدأتِ تقديم البرنامج؟

هدى: بصيت لقيت بابا شارو جاتله فكرة حلوة أوى اسمها «إذاعة ترانزستور»، وهو مدير الإذاعة، فلقى إذاعة ترانزستور صغيرة وأنا كمان صغيرة، فندهلى وقالى تعالى اعملى ده.

صفاء: ده برنامج كان مسايرة ومجاراة لفكرة «الراديو الترانزستور» الصغير اللى كل واحد ماسكه وماشى بيه.

هدى: كان أيامها اختراع الترانزستور زى الكمبيوتر دلوقتى والحاجات دى كلها، كان زمان الترانزستور مالى الدنيا الفلاح حاطط الترانزستور على الحمار بتاعه، فإذاعة ترانزستور اتشهرت شهرة رهيبة بسرعة، ناس كتير تكلمنى ناس كتير تبعتلى.

صفاء: كان إيه محتواه؟

هدى: كان إنى أقدم فقرات قصيرة جدًا يعنى دقيقتين ثلاثة، لأن البرامج نص ساعة، كنا نبتدى بآيات قرانية وبعدين نعمل حديث أو حوار مع شخصية ما، وبعدين نحط دراما أو نقرأ قصة، بعدين نعمل غنوة ٣ دقايق متزيدش عن كده.

وفى يوم جانى واحد منولوجست اسمه حمادة سلطان، قال لى عاوز أعملك فكرة محصلتش قولتله إيه الحكاية قال لى برنامجك قصير، قال لى أنا أقدر أعملك ٢٠ نكتة فى دقيقة واحدة فعمل الفكرة دى فى دقيقتين قال ييجى عشرين تلاتين نكتة واتذاعت، هو بقى خد الفكرة دى وبقى ماشى بيها فى المسارح، بس أول مرة كانت عندنا، ودخلت بقى بعديها فى البرامج كلها عملت أفكار كتيرة جدًا.

صفاء: الإذاعة فى الفترة دى كانت بتتسم بالمرونة يعنى كان ممكن تغير الموضوعات وتغير الأفكار والبرامح.

هدى: فى دورة كل ٣ أشهر نعمل أفكار جديدة، فأنا فكرت فى برنامج اسمه «من سور الأزبكية» برنامج نص ساعة متنوع، بنجيب كتاب عن المزيكا إلى جانب كتاب علمى أو رواية، فعرضت الفكرة ووافقوا عليها، وبعدين زمان كان بيسمعوا البرامج قبل ما تتذاع، فبرنامجى سمعه بابا شارو رئيس مجلس إدارة الإذاعة، وعجبه جدًا، وكان أيامها بتيجى بعثات وكان فى منحة جاية لألمانيا لإذاعة برلين فهو كان طالع من اللجنة مبسوط من البرنامج فافتكرنى فراح مرشحنى للبعثة.

صفاء: أستاذة هدى بعد برنامج «سور الأزبكية» تم ترشيحك للسفر لبعثة للإذاعة الألمانية فى برلين.. كانت تجربة مهمة فى حياة هدى العجيمى لكن هناك تحديات واجهتها فيما يتعلق بدورك كزوجة وأم.. كيف واجهت هذه التحديات؟

هدى: فعلًا أنا كنت زوجة ويعنى زواجى كان حديث يعنى، فكان عندى طفل عنده مكملش السنتين كانت دى عقبة بالنسبالى لكن يعنى ربنا أتاح لى الفرصة إنى أتدرب فى ألمانيا وأروح.. زوجى كان متفاهم وعارف طبيعة شغلى، وربنا رزقنى إن أمى موجودة فى القاهرة وكانت أيامها فيه حرب، وكان فى هجرة من بورسعيد إلى القاهرة، فهى اعتنيت بالطفل وأنا سافرت قعدت هناك حوالى ٥ أشهر تدريب فى إذاعة برلين من أجمل ما يمكن، إذاعة عريقة.

صفاء: هل فيه فكرة لبرنامج استلهمتيها من إذاعة برلين؟ وقدمتيها هنا فى إذاعة القاهرة؟

هدى: قدمت فكرة برنامج اسمه «الناس والصيف» ده يتعمل كل يوم من المصايف، جاءت مجموعة جديدة بعدى بسنتين أو تلاتة، مجموعة كبيرة جدًا أستاذ عمر بطيشة ونادية صالح ونجوى الطوبى وصبرى ياسين وآيات الحمصانى، فعملنا برنامج «الناس والصيف» يوميًا كل واحد يروح مصيف ويقابل الناس فى مرسى مطروح وبورسعيد وراس البر ويحط أغانى حلوة.. والكلام ده يبقى فى فترة الضحى. 

صفاء: هل كان فى فرق ما بين الأجواء فى إذاعة القاهرة وإذاعة برلين؟

هدى: التكنولوجيا، هما عندهم التكنولوجيا أحدث بكتير يعنى إحنا كنا ننزل نشيل الشرايط بإيدينا ونطلعها، هم كانت بتيجيلهم الشرايط بشكل تكنولوجى يعنى تلف فى الاستديو وتنزل على المكنة.

صفاء: لكن ما أساليب التقديم وكيف تمت الاستفادة منها؟

هدى: استفدت منها.. كان عندهم حرية فى التقديم يعنى مكانش حرية سياسية طبعًا كانت ألمانيا الشرقية، لكن كان عندهم حرية فى المنوعات.. حرية فى الفن، يعنى أنا أقولك استفدت منهم إيه.. يعنى كان المذيع ياخد عربية الإذاعة ويسافر بها ست سبع ساعات، عشان يسجل مع عامل فى مصنع اخترع حاجة.

صفاء: يبقى دى نقطة مهمة فى مسألة الانتقال بالإذاعة من مركزية العاصمة إلى الأقاليم المختلفة.

هدى: يعنى برافو عليك، بابا شارو كان توصيته الوحيدة اللى وصانى بها لما سافرت ألمانيا إنى أكتب تقرير عن الإذاعات المحلية مكنش لسه عندنا إذاعات محلية، قال لى اكتبيلى تقرير عن الإذاعات المحلية عندهم، وقوليلهم إنتم هدفكم إيه سألتهم قالوا لى هتطوفى بإذاعات المحليات، أخدونى وشوفت الإذاعات المحلية، الإذعات المحلية دورها كان قوى جدًا جدًا فى تنمية الإقليم اللى هى فيه.

صفاء: نصل الآن للمحطة الرئيسية فى حياة الأستاذة هدى العجيمى برنامج «مع الأدباء الشبان».. كيف جاءتك الفكرة؟

هدى: والله الفكرة مكانتش فكرتى أنا، كانت فكرة الأستاذ فاروق شوشة هو كان نفسه يعمل برنامج للهواة للأدباء اللى بيحاولوا يكتبوا شعر أو يكتبوا قصة، فاختارنى أنا من المنوعات، عشان أقدم برنامج ثقافى سماه «زهور وبراعم»، قدمت البرنامج ده على إنه زهور وبراعم سنًا، والجماعة بتوع الصعيد كانوا شعراء كبار جدًا وكتاب قصة بعتولى قالولى إحنا مش زهور ولا براعم إحنا أدباء. فبرنامجك لازم تغيرى اسمه بس نحتفظ به، فقلت للأستاذ فاروق أنا هغير الاسم فكرنا سوا وقلنا «مع الأدباء الشبان».

صفاء: هذا يعكس الاهتمام بالجمهور ورغبات المستمعين.

هدى: كمان أنا كنت بهتم برغبات البرنامج، وميزة نجاحه التجاوب مع الجمهور مع المتلقى.. المتلقى اللى هو الأدباء والشعراء.

صفاء: برنامج «مع الأدباء الشبان» استمر حوالى ٤٠ سنة من بعد حرب ٧٣.

هدى: يعنى أقل شوية. 

صفاء: يعنى ٣٩ سنة من بعد ٧٣ لسنة ٢٠١٢.. خلال الأربعين سنة تقريبًا تقدم من خلال البرنامج أسماء ونماذج وأعلام من الكتاب والنقاد.

هدى: مئات من الشبان ومئات من النقاد أيضًا لدرجة إن أنا ابتديت من النقاد الكبار أوى، يعنى أول من ابتدى كان معى كان أستاذ عبدالفتاح مصطفى الشاعر العظيم، وكان معنا الأستاذ طاهر أبوفاشا، بعد كده لما البرنامج استمر كتير بقى بيتنوع طبعًا فى النقاد والنقاد الجداد اللى ظهروا على الساحة، زى الدكتور سيد حامد النساج وغيره وغيره، بعد كده دخلت بعد جيل الشباب، لغاية سنة ٢٠٠٠ لقيت الدنيا اتغيرت قوى فى الحقل الثقافى، ابتدت بقى فى الحداثة والحاجات الجديدة زى قصيدة النثر يعنى أنا ما ادتهاش أهمية غير بعد سنة ٢٠٠٠ ابتديت أحس إنها ماشية والناس بتكتب فابتديت ألجأ لنقاد شباب حداثيين، يعنى كان عندى ناقد اسمه محمود الحلوانى كان لسه شاب صغير وخد فرصته فى البرنامج، يعنى زى ما قدمت الأدباء قدمت النقاد.

صفاء: كيف كان يتم اختيار الأدباء والأعمال؟

هدى: بيبعتولى، البرنامج ابتدى يبقى مشهور بيتسمع كويس جدًا، أنا مش بختارهم هم اللى بيختارونى.. هم بيبعتولى.

صفاء: كانوا يرسلون النصوص لك؟

هدى: أو كانوا بيجوا لغاية الإذاعة.. يعنى أنا حصلت لى حادثة هحكيهالك.. جانى مجند لابس لبس التجنيد وكده وجاب كراسة معاه، فأنا خدتها.. أنا عندى أعداد مهولة من الإبداع.. المكتب مليان يعنى، فخدتها وحطيتها فقلتله هنبقى نرد عليك، وجالى الأستاذ عبدالفتاح مصطفى وكان يتردد عليا دايمًا ويعمل برامج، فقلتله أستاذ عبدالفتاح جاتلى الكراسة دى ممكن تشوفها؟ قال لى حاضر، لقيته جالى تانى يوم قال لى إيه ده مين الشاب ده؟ قلتله ده شاب مجند. قال لى ده رائع ده عظيم ده فتح، ده من أحسن الناس اللى بيكتبوا شعر عامية، قلتله والله خلاص أنا هوجه له كلمة على الهوا ويجيلنا، وجهت كلمة على الهوا وجه، قلتله الأستاذ عبدالفتاح مصطفى مبسوط منك جدًا، جبته وقعدنا فى الاستديو وعملنا ندوة هو والأستاذ عبدالفتاح وأنا، وقعد يقرأ شعر، هذا الإنسان يعنى كان فى الثانوية العامة وبعد كده دخل الجامعة واتخرج ودخل امتحان المذيعين. وبقى زميلى فى البرامج الثقافية وهو الأستاذ عبدالحميد زقزوق.

صفاء: أستاذة هدى البرنامج استضاف وسجل لعدد كبير من الكتّاب الكبار زى الأستاذ يحيى حقى وغيره من الأسماء اللامعة.

هدى: أنا فكرت إنى أستضيف الأستاذ يحيى حقى والأعلام الكبار زى نجيب محفوظ عشان يقدموا أحاديث مباشرة للشباب مش يعملوا نقد لأ، يقدموا حديث مباشر، كيف يكتب القصة؟ كيف يكتب الرواية؟ فأستاذ يحيى حقى ابتدى يقول كيف يكتب الإنسان قصة قصيرة؟ كنت بقدمه ٥ دقايق كل حلقة كان يتكلم كتير قوى عن ماذا يقرأ الشاب؟ عشان يكتب قصة، حتى كيف يبدأ القصة ويبدأ القصة بفعل مضارع؟ نقول إيه؟ أنا أفتكر كأنى أنظر من ثقب الباب، أنظر من ثقب الباب على العيلة دى عشان أتكلم عنها.

صفاء: ما أهم الملاحظات التى كان يوجهها نجيب محفوظ للشباب؟

هدى: أهم حاجة عدم اليأس فى النشر، قالهم أنا قعدت سنين طويلة أكتب ولا أنشر.

صفاء: لكن لم يكن يتكلم عن تقنيات الكتابة؟

هدى: اتكلم عن استغلال التكنولوجيا الجديدة، قال لازم تستغل بقى دلوقتى أنا أيامى ما كانش فيه تليفزيون.. دلوقتى فيه تليفزيون اكتبوا للتليفزيون، اكتبوا دراما للتليفزيون بدل القصة.

صفاء: استضفت يوسف إدريس؟

هدى: يووه يوسف إدريس استضفته أكتر من مرة وكان صديق، وكان لى معاه قصة كنت سجلتله برنامج مشوار حياتى.

صفاء: برنامج «مشوار حياتى» كان بيرصد مسيرة القمم فى كل المجالات يعنى فى مجال الكتابة، فى مجال الأدب، فى مجال الفن.

هدى: يعنى فى الفن استضفت يحيى شاهين. 

صفاء: ما هى ذكرياتك وانطباعاتك عن هذه الشخصيات الكبيرة؟

هدى: تسجيلاتى معهم ممتعة، حلقات يوسف إدريس لها طابع مختلف، هو اتكلم عن إزاى تحول إلى الأدب وهو كان طبيب واتكلم عن قصصه، وآخر جملة قالها لا أنساها هو الوحيد اللى قال عن مشوار حياته «هذا هو الجزء الأول من قصة حياتى» لأنه كان يا عينى بيطمع فى جزء تانى، لم يمكنه الحظ من ذلك وتوفى بعد كده، ليا حكاية تانية معاه.. كنا فى العراق كان بيعملوا مؤتمر اسمه مؤتمر «المربد».

صفاء: كان مهرجانًا شعريًا كبيرًا.

هدى: جدًا وشامل لكل الأمة العربية.. يعنى من المغرب ومن تونس ومن الجزائر ومن العراق ومن القاهرة، من كل مكان، استفدت جدًا من المؤتمرات دى، وكان بييجى بقى كبار الأدباء معانا، يعنى كان هناك بيجى نزار قبانى وسعاد الصباح وكلهم كانوا بيبقوا عندنا. 

كان الوفد بتاعنا مثلًا رئيسه الدكتور عبدالقادر القط ورجاء النقاش وجابر عصفور، وكان الوفود بتاعتنا محترمة. فكان فيها يوسف إدريس، فمرة اتعزمنا عند عيلة عراقية على نهر دجلة وكانت ليلة من ألف ليلة، يعنى مزيكا وكده. أنا لقيته فى وسط ده كله بيندهلى يقولى يا هدى قلتله أيوه، قال لى عايزك تعمليلى حلقة فى «مع الأدباء الشبان» أقعد مع الكتاب الشباب.

صفاء: كتاب القصة الشباب اللى موجودين فى المهرجان ولا بصفة عامة.

هدى: لأ بصفة عامة.

صفاء: يعنى هو اللى طلب.

هدى: يعنى بدل ما أنا اللى أجرى وراه وأقوله.. هو اللى طلب.. قلتله حاضر يا أستاذ يوسف، يا ريت.. قال لى نرجع القاهرة ونعمل الحلقة دى إن شاء الله، معملهاش الحقيقة معرفش الدنيا جريت بينا، لكن الجميل فيها إن هو اللى طلب يقعد مع الشباب.

صفاء: لك تجارب فى التغطيات الإذاعية الخارجية وخاصة مؤتمرات المرأة فى نيروبى وبكين، نريد أن نلقى الضوء على هذه التجربة وإزاى فى الفترات الأخيرة أصبح هناك اهتمام إعلامى عالمى بالمرأة؟

هدى: هو كان فى فترات معينة كانوا بيعملوا فيها مؤتمر فى العقد العالمى للمرأة. العقد اللى هو كل ١٠ سنين.. اتعمل فى البداية سنة ٧٥ واتعمل فى المكسيك أنا ما حضرتوش حضرته الأستاذة صفية المهندس، بعد كده سنة ٨٥ أنا كنت مدير عام المرأة، فسافرنا نيروبى فى كينيا فى العقد العالمى للمرأة ومؤتمر كان كبير جدًا، وكان معايا الأستاذة مشيرة نجيب وكاميليا الشنوانى ومجموعة من الصحفيات ممتازات يعنى أيامها، عملنا شغل حلو قوى الحقيقة، بعد ١٠ سنين سنة ٩٥ رُشحت مرة تانية للسفر إلى بكين عشان المؤتمر العالمى هناك، كان مؤتمر رائع الحقيقة والمؤتمر كبير جدًا وحضرته أعداد كبيرة من النساء فى كل أنحاء العالم، كل العالم كانت معنا حرم رئيس الجمهورية أيامها.. وكنت ببعت رسالة يومية تذاع فى «البرنامج العام» وفى برنامج «إلى ربات البيوت» يوميًا أقولهم حصل إيه.. الرسالة اليومية دى كنت مهتمة بها وبجيب فيها ضيوف كتير، لما رجعنا عملوا مسابقة عن أحسن تغطية إعلامية للمؤتمر، فقالوا قدموا أعمالكم أنا قدمت العمل اللى أنا عملته وهو الرسالة اليومية.

صفاء: دى كانت مسابقة أحسن تغطية على مستوى العالم. 

هدى: على مستوى الإذاعة والتليفزيون كمان، وبعتوا التسجيل بتاعى لنيويورك وبعدين من نيويورك لتونس.. واختارونى كأحسن تغطية إعلامية.

صفاء: بعد العمل الإذاعى حضرتك إزاى بتقضى وقتك؟

هدى: والله بعد العمل الإذاعى اكتشفت إن أنا كنت بكتب زمان قبل الإذاعة.. كنت أكتب شعر وكنت أكتب قصة وشغلنى برنامج «مع الأدباء الشبان»، وكل البرامج اللى قدمتها عن الكتابة لما تقاعدت تذكرت إن أنا لازم أكتب يعنى أو هو ده اللى هيضيع وقتى. فابتديت أكتب فوجدت إن الكتابة هى أحسن شىء الإنسان يعيش فيه ويكتبه ويطلع كل اللى جواه ويعالج نفسه، ويعالج حالته النفسية.

صفاء: أستاذة هدى حضرتك أصدرت كتابين «رؤى نقدية» و«الإذاعة المصرية قصة عشق» وحاليًا تكتبين رواية.. ممكن نطلع على بعض أجوائها؟

هدى: يعنى المفروض إن الواحد يعنى زى الكتاب الكبار ما بيقولوا «مفيش داعى إنى أحرق الرواية» لكن أنا قصدت إنى زى ما كتبت رحلتى المهنية أكتب رحلتى الشخصية، هى مش رحلتى الشخصية أنا، كمان هى رحلة أمى، لأن أمى بذلت مجهود كبير جدًا فى فترات حياتنا، وبعدين إحنا الأسرة عندى هُجرت من بورسعيد يعنى حصل تهجير سنة ٥٦ وبعدين سنة ٦٧ وبعدين ٧٣ كل السنين دى ٣ هجرات، كان لازم نكتب عنهم. الهجرات دى سبنا بيوتنا وعائلتنا كل واحد راح فى مكان، يعنى الأسرة تشتت نصها هنا ونصها هنا، فأنا حبيت إن أنا أكتب عن أمى بقى فى فترة ٥٦، وكانت الأولاد الصغار بتمشى تحت أزيز الطائرات عشان توصل لبحيرة المنزلة تركب مركب أو لانش أو حاجة توديها فى حتة أمان، حبيت إن أنا أسجل دا فى الرواية.

صفاء: هل اخترت عنوانًا للرواية؟

هدى: اسمها «سنوات الحرب والحظ».

صفاء: ذكرياتك ممتدة مع شخصيات كثيرة ويبقى برنامجك دائمًا هو الأهم فى ذاكرة الأدباء والنقاد.. فى نهاية اللقاء أنا سعيدة بوجودك معنا فى «ضى القناديل» وأتمنى دايمًا لك مزيدًا من العطاء، وفى انتظار روايتك، وفى انتظار أن تحظى بنفس شهرة برنامجك «مع الأدباء الشبان».

هدى: يعنى أنا بكتب لنفسى.. أنا بكتب لإسعاد نفسى أولًا، الكتابة بتسعدنى، بكتب هذه الرواية عن أسرتى.. فيا رب تلقى قبول لدى القراء يعنى ويجدوا فيها حاجة جديدة.. أنا مش عايزة أكتب كلام تقليدى، فيا رب إن شاء الله تلقى القبول وكل اللى أنا قدمته أو زرعته بحصده دلوقتى.. وأنا قاعدة فى بيتى وشايفة المحبة موجودة لأنى بدخل على «فيسبوك» يوميًا وأوطد العلاقة بينى وبين كل من قدمتهم يوميًا.. أسمع كلامهم ويبعتولى يكلمونى.. ومفيش أحلى من إن الإنسان يحصد المحبة اللى أصلًا كان زرعها زمان، شكرًا دكتورة صفاء الحقيقة هذا البرنامج رجعلى ذاكرتى كلها.. وأنا بعتذر عشان أنا عندى برد شوية. لكن أنا سعدت جدًا بأنك نشطت ذاكرتى وخلتينى أتذكر أشياء بحبها جدًا وملتصقة بها.. وهى دى كل عمرى.. دى كل حياتنا المهنية وحياتنا الشخصية.. شكرًا لإذاعة القاهرة الكبرى إنها إدتنا هذه الفرصة الجميلة أن نتحدث معًا.

صفاء: بنشكر حضرتك وفى انتظار روايتك وفى انتظار المزيد من الإبداع على كل المستويات المختلفة الروحية والإنسانية.. وعلى وعد بلقاء قادم فى الحلقة القادمة وضيف جديد و«ضى القناديل».