الجمعة 03 أكتوبر 2025
المحرر العام
محمد الباز

مكتبتي..

رباعية الإسكندرية

جورج داريل
جورج داريل

فى ١٩١٢ كانت الهند هى درة التاج البريطانى، وكان إنجليز كتير بـ يعيشوا فى بلاد السحر والخيال، منهم راجل اسمه جورج داريل ومراته، وفى السنة دى خلفوا ابن صغير وسموه لورانس. عادى مولود زى عشرات الآلاف من المواليد، ومش منظور إنه هـ يبقى له بينا علاقة فى يوم من الأيام.

١٩٢٣ الأب والأم يقرروا إنهم يبعتوا ابنهم لورانس يتعلم فى بلده الأم، إنجلترا، ورغم إنه دى حاجة المفروض تكون نقلة فى صالحه لكن الواقع كان غير كدا، هو ما حبش إنجلترا ولا جوها، ولا حتى أحرز تقدم فى مسيرته التعليمية وفشل فيما بعد يجتاز اختبارات قبول الجامعة، واتجه لـ الشعر والأدب عمومًا، وبدأ يفكر يسيب جزيرة البودينج «زى ما كان بـ يسمى إنجلترا».

١٩٣٥، هـ يحقق رغبته ويروح اليونان تحديدًا فى جزيرة كورفو، جو جميل وتكلفة معيشة أقل كتير، وبـ مناسبة الجو، فـ الموضوع هنا متعلق بـ البحر الأبيض المتوسط اللى تأثر بيه لورانس ووقع فى غرامه، وتفاعل مع مدنه كما لم يتفاعل مع بلده إنجلترا، أو مسقط رأسه فى الهند، وحب الإقامة فى اليونان كتير، لكن موسولينى كان له رأى تانى.

١٩٤٢، وفى قلب أحداث الحرب العالمية التانية، الملف الأبرز فى تاريخ البشرية، موسولينى الفاشى الإيطالى بـ يقرر يغزو اليونان، ولـ إن لورانس إنجليزى «أى من الحلفاء» كان ضرورى يسيب البلد، لكن مش بـ الضرورة يسيب البحر المتوسط كله، وهكذا حط رحاله فى الإسكندرية ١٩٤٢ واشتغل كـ ملحق صحفى لـ السفارة البريطانية.

تلات سنين بس هى كل ما قضاه لورانس فى عروس البحر الأبيض، لكنها كانت أكتر من كافية لـ إلهامه العمل الأدبى الأبرز فى حياته، واللى حقق له شهرة عالمية ما اتحققتش حتى من خلال صداقته المعروفة بـ هنرى ميلر، العمل دا كان «رباعية الإسكندرية».

رباعية الإسكندرية عمل واحد من أربع روايات: جوستين، بلتازار، ماونت أوليف، كليا. ويمكن اعتبارها عمل تجريبى «وقتها على الأقل» لـ إن الكتب التلاتة الأولى بـ تقول نفس الأحداث الأساسية، بس من وجهات نظر مختلفة، بـ شكل يشبه النظر إلى الواقع من زوايا متعددة أو عبر مراية مكسورة، بينما الجزء الرابع بـ يتابع القصة اللى بـ يستكشف من خلالها مواضيع الحب والجنس والواقع والغموض فى مدينة الإسكندرية الكوزموبوليتانية خلال فترة الحرب.

طبعًا الرواية صدرت بـ الإنجليزية فى أوروبا عن دار فابر أند فابر، كل جزء صدر لـ وحده ما بين ١٩٥٧ لـ حد ١٩٦٠، ثم عملوا لها طبعة مجمعة فى مجلد واحد ١٩٦٢، وحققت شهرة كبيرة من أول ما صدرت، اتوزعت كتير والنقاد رحبوا بيها، وعملت لـ داريل اسم كبير فى الأدب العالمى.

هنا، كنا نسمع عنها، لكنها مش منتشرة، وما كانش فيه ترجمة تقدر تقراها من خلالها، رغم إنه البعض حاول يترجمها لكن مفيش حاجة اكتملت وفضلنا كدا تلاتين سنة لـ حد ما أخيرًا ترجمها فخرى لبيب، وما زالت ترجمة لبيب هى اللى قرينا من خلالها العمل.

أنا بس اندهشت من كام سنة، لما عاصم الدسوقى هاجم الرواية، ما اندهشتش من الهجوم هو حر فيه، إنما لما قال إنه سأل فخرى لبيب إنت ليه ترجمت الرواية دى رغم إنها بـ تروج أكاذيب عن «مجتمعنا»، ونقل عن لبيب قوله: ترجمتها علشان أكشف أكاذيبه!

الصراحة ما فهمتش النظرة لـ الرواية كدا من بابها، ولا فهمت إزاى ممكن تكشف أكاذيب حد «لو إنت شايفها كدا» بـ إنك تترجمها وتصدرها فى كتاب من غير ما تدون ما تراه أكاذيب وترد عليه.

تقديرى إنه كان عمل جميل ومهم، ودمتم! مش لازم يعنى نكبر المواضيع.