السبت 02 أغسطس 2025
المحرر العام
محمد الباز

منصور أفندى الإنجليزى

حرف

ثيوفليس لين، كاهن من هارفارد، خلف ولد سنة ١٨٠١ سماه إدوارد ويليام، الولد اتعلم كويس، وكان المفروض يبقى ليه مستقبل فى الفنون، لكن صحته ما كانتش مساعداه، فـ قرر ما يكملش فى الفنون، ويروح الشرق حيث الجو أفضل كتير، ولما بـ نقول الشرق فـ إحنا بـ نقول يا مصر.

كنا ساعتها ١٨٢٥، وكان محمد على باشا بقى له ٢٠ سنة بـ يبنى فى دولة مصر الحديثة، اللى طبعا ما اتبنتش فى يوم وليلة ولا عقد وعقدين، كنا لسه فى مرحلة البنا، ومع وصول إدوارد لـ المحروسة بقى مستشرق، وقرر يلف القطر كله، وعمل دا كذا مرة على مدار تلات سنين، وكان المحصول شنطة فيها كتابات وأكتر من ١٠٠ رسم، ودى كانت بداية تسجيله الملاحظات عن مجتمعنا اللى كان فى طور التحول.

الكلام دا ما نشروش فى كتاب، إنما الكتابات نشرها كـ مقالات فى جمعية نشر المعرفة المفيدة، وعلى أى حال هو كان وقتها عمل غير مكتمل بـ سبب إنه ساب مصر سنة ١٨٢٨، لكنه فضل متعلق بـ إتمام عمله، ولما بقى عنده فرصة رجع مصر تانى سنة ١٨٣٣، والمرة دى بقى كان عنده سابق خبرة، وعارف هو هـ يعمل إيه؟

استقر فى أحد أحياء القاهرة، وسمى نفسه منصور أفندى، وعاش كـ أحد أبناء المحروسة، وفضل حوالى سنتين ونص يدرس ويكتب ويكمل ما بدأه، لـ حد أواخر ١٨٣٥ لما ساب مصر تانى، وكان نتيجة دا كتابنا «عادات المصريين المحدثين» وتقاليدهم.

اتنشر الكتاب ١٨٣٦، وكتير اعتبروه من أهم الكتب إن لم يكن أهمها اللى اتكلمت عن المجتمع المصرى فى فترة تحول شديدة الحساسية، وآخر طبعة صدرت عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، كانت بـ ترجمة عدلى طاهر نور. 

فى الكتاب هـ نلاقى بـ شكل مفصل وشامل مختلف جوانب الحياة المصرية، بما فى ذلك الحياة اليومية، مع وصف دقيق لـ حياة المصريين العادية، من الأكل والشرب واللبس لـ المساكن والأسواق.

هـ نلاقى كمان العادات والتقاليد الاجتماعية، لـ إنه بـ يوثق عادات الجواز والولادة والموت والجنازات، دا غير الأعياد والمناسبات الاجتماعية والدينية زى شهر رمضان. وإزاى إنه الشوارع كانت بـ تبقى فاضية فى النهار، وبـ الليل تتملى بهجة واحتفالات بعد الإفطار.

فى الدين والممارسات الدينية، هـ نلاقيه بـ يتكلم عن الإسلام وممارسات المسلمين، ودور الشيوخ والفقهاء. هـ نلاقى كلام فى القانون والحكم، فى الموسيقى والرقص والفنون، فى العالم الروحى والسحر، وكلام عن الشخصيات والطبقات الاجتماعية.

إجمالًا هـ نلاقى الكتاب توثيق تاريخى وإثنوغرافى، وهو عمل رائد فى علم الأنثروبولوجيا الثقافية، لـ إنه بـ يقدم صورة نادرة وحية لـ مصر قبل ما تطرأ عليها التغييرات الجذرية للعصر الحديث. وهـ نشوف بـ حيادية الملاحظة بتاعة الراجل.

علاقة لين بـ مصر ما انتهتش عند كدا رغم إنه سابها فى ١٨٣٥، لـ إنه لقى سبونسر هو اللورد برودهو، اللى بقى بعد كدا دوق نورثمبرلاند. فـ رجع مصر لـ المرة التالتة سنة ١٨٤٢، وقعد فيها المرة دى سبع سنين على بعض، اشتغل فيها عدة مشاريع بـ اعتباره مستشرق مهتم، منها ترجمته لـ ألف ليلة وليلة، اللى ما كانتش مجرد ترجمة لكن تقدر تعتبرها موسوعة لـ إنه كان بـ يذيل المتن بـ ملاحظات عن العادات والتقاليد والخلفيات الاجتماعية والثقافية، وغيرها من المشروعات المهمة اللى هـ يفوتك كتير لو ما عرفتش حاجة عنها.

فى ١٨٤٩ ساب منصور أفندى مصر لـ المرة الأخيرة، وكان عمره ٤٨ سنة، ولـ حسن الحظ عاش كتير بعدها وساب لنا كتير من اللى ما نعرفوش عننا، ربنا يرحمه ويرحم الجميع.