عواقب زينب فواز

تبنين فى جبل عامل، اسم مكان فى لبنان، بلد صغير، فيها أسرة بسيطة، اتولدت لهم بنت سموها زينب، زينب فواز. الكلام دا كان فى منتصف القرن الـ١٩، وتبنين دى كانت تحت إمارة عائلة عريقة اسمها آل الأسعد، اللى عرفت زينب نتيجة ذكائها ولباقتها تكوّن معاهم معرفة، تقدر تقول صداقة، ومن هنا بدأت الحكاية.
طبيعى إن الترقى اللى حصل لـ زينب يخليها على موعد مع زواج يرفعها اجتماعيًا، ودا اللى حصل لما اقترنت بـ صقار من حاشية آل الأسعد، صقار يعنى مربى صقور، مش أمير ولا شىء من دا لكن يظل مركز مرموق اجتماعيًا، فـ الجوازة دى تقربها أكتر من دواير النفوذ، وتفتح عينيها على عالم أوسع، العالم دا بقى ممهد ليها أكتر لما اتطلقت من الراجل الصقار دا وبدأت تشوف حياتها.
هنا فيه روايتين، الأولى إنها سابت لبنان وجات هنا مصر، فى الإسكندرية تحديدًا، وبدأت تعيش بين مصر والشام، دمشق تحديدًا، لـ حد ما استقرت نهائيًا فى مصر. والرواية التانية إنها راحت مع أبوها دمشق، واتجوزت تانى واتطلقت تانى، واتجوزت تالت من رجل جيش مصرى وجابها إسكندرية.
على أى حال هى بقت فى مصر، واهتمت جدًا بـ تعليم نفسها، وبـ التثقيف، وما اكتفتش بـ التعلم الذاتى، اتلمذت على إيد الشيخ حسن الطويرانى صاحب جريدة النيل، وغيره من أكابر الثقافة المصرية، وبعد ما عرفت القراية عرفت الكتابة، وبدأت تسعى لـ النشر.
نافذة النشر الأولى وقتها كانت الصحف السيّارة، كلها كانت جرايد لكن الرتم وقتها ما كانش الإيقاع الإخبارى زى النهاردا، وفيه صحف كتير بـ تنشر أدب، وشعر كمان، وزينب كانت اتعلمت كل فنون الكتابة المتاحة وقتها، أدب ومقالات وأشعار واتعلمت أوزان الشعر، ونشطت هى فى الكتابة وإرسال إنتاجها لـ الصحف، اللى كتير منها رحب بـ قلم زينب وبقت معروفة مع عائشة التيمورية بـ إنهم أصحاب الأقلام الأنثوية فى عالم كان يسيطر عليه الرجال بـ الطبع.
بس هل الصحف هى الوسيلة الوحيدة لـ النشر؟ ماذا عن الكتب؟
الواقع إن زينب نشرت عدد من الكتب، اشتهر منها ولـ فترة من الزمن كتاب اسمه «الدر المنثور فى طبقات ربات الخدور»، كتبت فيه سير مختصرة لـ ستات معاصرات ليها أو أقدم من الشرق والغرب وكان كتاب ضخم، تحس فيه ميل لـ حس نسوى لكن بدائى ومبكر وعلى استحياء، إنما دا مش العمل الأهم فى مسيرة زينب فواز، كان فيه كتاب تانى صدر ١٨٩٩، خلينى أكلمك عنه شوية.
الكتاب دا رواية، صحيح من حيث البناء والسرد لسه مش رواية بـ المعنى المتداول حديثًا، إنما هى رواية، وكونها صدرت فى الوقت دا، يعنى ١٥ سنة قبل رواية زينب لـ محمد حسين هيكل، فـ هى فى نظر الكثيرين أول رواية عربية، وكان عنوانها «حسن العواقب».
رواية «حسن العواقب» ما أخدتش شهرة أو حيز كبير من الفضاء الثقافى زى ما عملت رواية هيكل بعدها، لـ أسباب كتير لا مجال لـ الخوض فيها، إنما شهرة رواية هيكل «اللى ما وقعش اسمه عليها فى بادئ الأمر» كانت حدث كبير، وفضل يتأرخ لها بـ اعتبارها الرواية الأولى، لـ حد ما حصلت مراجعة لـ الأمر بعد أكتر من سنة على صدور الرواية.
مكتبة الأسرة أصدرت رواية زينب فواز ٢٠٠٤، مع دراسة لـ حلمى النمنم بـ يأكد أسبقية عواقب زينب فواز على زينب حسين هيكل، وعلى إنها رواية مكتملة الأركان، والواقع إنى متفق تمامًا مع النظرة دى، ومش عارف ليه حتى بعد المراجعة والتصحيح ما أخدش اسم زينب فواز الحيز المناسب من الفضاء الثقافى فى يومنا هذا؟
تفتكر ليه؟.