الكورة المصرية

كتاب عن «الكورة»! يعنى إيه؟
كنا فى السبعينيات، وصحيح كرة القدم نفسها كانت هوس عند معظم المصريين، ونادر لما يكون فيه حد مالوش انتماء، أهلاوى أو زملكاوى، أو بـ درجات متفاوتة ترساناوى، إسماعيلاوى، اتحاداوى... إلخ إلخ. لكن ما كانش فيه تصور إنها تكون مادة لـ كتاب.
صحيح كمان إنه الجرايد والمجلات كانت بدأت تزود مساحة تغطية كرة القدم، لكن الكتاب مختلف، الصحيفة بـ تتكلم عن حدث آنى وتنقل أخبار وممكن القليل جدًا من التحليلات والنادر من «الأفكار»، لكن دا ما يصلحش لـ تأليف كتاب، هـ تقول فيه إيه؟ توصف فاول ولا تتكلم عن فلسفة رمية التماس؟
فى الوقت دا كان عندنا الكابتن لطيف، ومحمد لطيف كما هو معروف شيخ المعلقين، لكن علاقته بـ كرة القدم المصرية تتجاوز الحتة دى بـ كتير أوى، لطيف كان شاهد عيان على مراحل مبكرة جدًا من الكرة المصرية، بعد النشأة بـ سنوات قليلة «مواليد ١٩٠٩»، ثم إنه تاريخه كـلاعب ما كانش عادى.
سيبك من الخبرة الدولية العريضة «لعب فى كاس العالم والأليمبياد»، إنما كمان احترف فى بريطانيا، أسكتلندا تحديدًا، وفى رينجرز أحد أقوى أندية البلد العريق فى كرة القدم، ولما رجع كمّل مسيرته مع المختلط ثم فاروق.
بعد الاعتزال، تقريبًا لطيف عمل كل حاجة فى الكورة، حكم وإدارى ومدرب، ثم إنه كان ما يمكن اعتباره الدراع اليمين لـ محمود بدرالدين، أبوالدورى المصرى، وكان له دور فى التخطيط لـ إقامة دورى عام، ودى كانت حاجة صعبة جدًا، استنادًا إلى خبرته فى بريطانيا.
لطيف شاف، وإحنا فى السبعينيات، إنه فيه حاجات كتير ممكن تتقال عن الكورة المصرية وتاريخها، يمكن مش بـ الوضوح ولا العمق الكبيرين، إنما بـ السليقة كدا، فيه خلفيات اجتماعية واقتصادية وربما أحيانًا سياسية لـ اللعبة الشعبية الأولى، وفيه تاريخ الناس ما تعرفش عنه حاجة تقريبًا، من هنا كان الكتاب اللى بـ نتكلم عنه.
لطيف استعان فى الكتاب بـ كادر كروى مهم، وإن كان اسمه مش معروف أوى، هو اللوا عبدالله رفعت، فـ تشاركوا سوا إعداد المادة، واسمهم الاتنين اتكتب على الغلاف دون تمييز بينهم.
ما كنتش معاصر أنا وقت صدور الكتاب، فـ مش قادر أكوّن فكرة عن رد الفعل اللى صاحبه، لكن ما نعلمه إنه الكتاب فتح الباب لـ التأليف فى الكورة وظهرت بعده كتب مش قليلة تنوعت فى مستواها وطبيعتها، وإن كنت أرى إنه مفيش كتاب منهم قرب فى أهميته من كتاب لطيف ورفعت.
لـ سوء الحظ، مع مرور الزمن الكتاب اتنسى، وبعد ما نفدت طبعاته وما بقاش بـ يوزع كويس، ما عادش موجود ثم إنه اتنسى، وجوده نفسه اتنسى، لـ حد ما ظهرت منه فى الكام سنة الأخيرة بعض النسخ المحدودة فى سور الأزبكية، ويبدو إن النسخ دى كان ليها مصدر واحد من أحد المخازن أو ما شابه.
لما اكتشفنا الكتاب، تسابق على النسخ دى المهتمين بـ تاريخ الكورة وإحصائياتها، زى ياسر أيوب، وخالد أبو العيون، وأنور العشرى وجمال عبدالحميد «مع حفظ الألقاب»، وكانت فترة مثيرة إنك توصى بياع يوصى بياع يوصى بياع لـ حد ما تلاقى نسخة بعد شهور.
مش عارف ليه مفيش دار نشر تحمست فى إنها تطبع منه نسخة، خصوصًا إنه بقى مصدر مهم أو مدخل حتى لـ كل اللى كتبناه فى الكام سنة الأخيرة عن بدايات كرة القدم ونشأة مسابقاتها المختلفة، أو حتى معرفة إنه المسابقات دى حصلت؟
لو كنت صاحب دار نشر هـ يكون الكتاب دا على رأس أولوياتى، والله الموفق والمستعان.