المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

الاتزان بالشمعة والمسدس.. قصيدة للشاعر الإماراتى عادل خزام

عادل خزام
عادل خزام

اتزان

توضأ بالهواء، وسترضى عنك العاصفة

اعترف بخطاياك للشمعة، وستغفرُ لك النار

وإذا جاء شرطىٌ ودقّ بأدبٍ باب بيتك

أطلق عليه الرصاص

وإذا جاء مدرّبُ السيرك ودق باب بيتك بأدب

امنحه أطفالك وزوجتك

لأن الثواب والعقاب

الضحك والبكاء

هما اتزانك

ومخادعٌ من يوهم روحك

بأن تتخلى عن أحدهما

شعرة

المجدُ خلودٌ مؤقت

الذكرياتُ حذاء مثقوب

يقف الرجلُ وجهًا لوجه أمام الشجرة

تقف المرأةُ وجهًا لوجه أمام الجدار

وطفلهما يلعب بخصيتيه كأنه اكتشف جرسًا

بعد حينٍ

تصير المرأةُ هى الشجرة

والرجلُ هو الجدار

والزمن هو الشعرة المشدودة بينهما

ورغم ذلك لا تنقطع

ولا تُرى فى الليل، ولا فى وضح النهار 

دم

أسيّجُ رأسى بعمامةٍ حمراء

ألقى خطبى النارية ليلًا فى المقابر

أكتبُ بالدم بدلًا من التبرع به للمساكين

نعم آمنتُ بالحرية

لكنى كافرٌ برسلها جميعهم

نعم أحب أبى وأمى

ولكن أكره أنهما أنجبانى

ثم ماتا سريعًا فى قطارٍ سريع

ولم يتركا لى سوى إرث الكارثة

وبعض ترابٍ من جنّاتٍ بعيدةٍ

لا وجود لها على الخارطة

مسدس

على طاولتى العناصرُ كلها

الوردةُ والمسدس والقلم

سأكتب لمن يأتون بعدى: الحبُّ طلقة

والوردةُ منديل وداعٍ، فلا تحملوها

لا تضعوها على القبور لا ترموها فى البحر

أعرف عاشقًا أكل الوردة فمات

أعرف حصانًا داس على الوردة، فسقط فى النهر النارى

أما المسدس، فهو ساعى بريد الموت

لكنه لا يعرف بالضبط

أين عنوانى فى الآخرة

تفاحة

بطلٌ من يُقفلُ باب غرفته عليه، ويبتلع مفتاحها

الوحدةُ وجودٌ لا نراه حتى ونحنُ فيه

الجلوسُ على النقطة، تفجيرٌ لنبعها

هل تعجبك الوحدة فعلًا؟

لماذا إذن تدخل السينما؟

ما الفرقُ فى الرؤيا بينك وبين أعمى؟

الأبواب مجرد ستائر من خشب

المفاتيحُ أصابع الأمكنة الميتة

ادخل أو اخرج لا فرق

الزمن مجرد تفاحة فى يد امرأة وأنت تظنه نهدها

وأنا مثلك عطشانٌ

وقابلٌ مثلك للمعصية،

وراضٍ بأن أحمل صخرة آثامها

سرير

الوجودُ كله

بصلابته وبإسفنج ما فيه

اختصرناه فى سرير

دعوتكِ للحب، وقصدى أن أهتكَ ثيابكِ

وقبّلتك لسانًا بلسانٍ لأنك طابع بريد المعجزة

مددتُ جسدى جسرًا لتعبرى البداية والنهاية

وكانت الغرفةُ ضجيج زمنٍ حذر

أوقف لسانك: قال نهدك الخائف

دع الدائرة تكتمل: قال العقلُ

لكن، فى العالم الذى اسمه السرير الهزّاز

لا قانون يبقى

لا شىء سوى انتمائنا للتغيير

مثل قطعتى حطبٍ رُميتا فى نار مدفأةٍ لا تنطفئ أبدًا

معرفة

أعرفُ رجلًا وامرأة

مارسا الحب على قبرٍ، فصفّق لهما ملاك الموت

أعرف بائعة هوى

تُدير مدينة بأكملها فى الليل

نجارًا صار فى الحرب طبيب أسنان

وسائق باص حلمه الوحيد أن يرقّى إلى سائق قطار

لكننى لا أعرف الوقت.. ولا طبيعة المادة

ولا الفراغ الذى تتحركُ الأشياءُ فيه

وهو لا شىء فيه

C.V

شاعر ومؤلف ينتمى إلى الجيل المؤسس لأدب الحداثة فى الإمارات الذى برز فى مطلع الثمانينيات. تُرجمت نصوصه الشعرية إلى عدة لغات. وأصدر حتى الآن نحو ٢٠ كتابًا موزعةً ما بين الشعر والرواية والفلسفة والروحانيات والدراسات والترجمة. أصدر أنطولوجيا «شجرة شعراء العالم» خلال معرض إكسبو دبى ٢٠٢٠ بمشاركة أكثر من ٤٠٠ شاعر من القارات الخمس، وفاز «خزام» بعدد كبير من الجوائز العالمية فى الشعر، منها جائزة توليولا الدولية للشعر فى إيطاليا ٢٠٢٠، وجائزة أفضل شاعر دولى للعام ٢٠٢١ من مركز أبحاث وترجمة الشعر فى الصين، وجائزة شاعر العام من مهرجان بواو ٢٠٢٢، وجائزة الشعر والسينما فى مهرجان طريق الحرير فى الصين، ومؤخرًا الميدالية الذهبية من منظمة كتّاب العالم عن كتابه «بريد الفيلسوف». وصف الشاعر أدونيس مجموعة عادل خزام «الربيع العارى» بأنه الكتاب الأكثر جدة واستبصارًا من بين معظم الكتب الشعرية العربية فى الربع الأول من القرن ٢١.