نوبل السلام.. الناجون من «هيروشيما وناجازاكى» يحذرون العالم: «الدور عليكم»
جاء فوز منظمة «نيهون هيدانكيو» اليابانية للناجين من القنابل النووية الأمريكية على مدينتى هيروشيما وناجازاكى بجائزة «نوبل» للسلام لعام 2024، ليبعث برسالة مناهضة للأسلحة النووية، خاصة بين الجيل الجديد من الشباب.
وتمكنت المنظمة اليابانية من حصد جائزة «نوبل» للسلام هذا العام تكريمًا لنشاطها على مدار عقود ضد انتشار الأسلحة النووية. واعتبر الناجون من القنبلة النووية، المعروفون باسم «هيباكوشا»، أن هذه الجائزة والاهتمام الدولى يشكلان «فرصة أخيرة لنقل رسالتهم إلى الأجيال الشابة».
تيرومى تانكا
قال تيرومى تانكا، ٩١ عامًا، الذى نجا من قنبلة «ناجازاكى» وهو فى عمر الـ١٣ فقط، فى مؤتمر عُقد بالعاصمة طوكيو، بمناسبة فوز المنظمة اليابانية بجائزة «نوبل» للسلام: «آمل فى أن تساعد الجائزة على رفع الوعى العام بشأن الحاجة إلى التعاون من أجل تحقيق عالم خالٍ من الأسلحة النووية».
واعتبر «تانكا»، فى المؤتمر الصحفى الذى نقلت تفاصيله وكالة «أسوشيتيد برس» الأمريكية، أن الرغبة الملحة لدى «هيباكوشا» فى القضاء على الأسلحة النووية لا تزال غير مفهومة تمامًا، على الرغم من الانخفاض السريع فى عددهم.
وأضاف الناجى من القنبلة النووية: «الآن نواجه أزمة قد تُستخدم فيها الأسلحة النووية بالفعل، وهى الأزمة التى لم تحل حتى الآن. نحن بحاجة إلى التواصل بشكل صحيح مع الشباب، وتعليمهم عن الأسلحة النووية، والآثار التى تترتب على استخدامها، لكى يتمكنوا من التفكير فيما يمكن فعله».
وواصل: «لقد قُدنا نشاطات مناهضة للأسلحة النووية، لأننا كنا ضحايا هذه القنابل، لكن يجب أن أقول إن جميعكم مرشحون فى المستقبل لأن تكونوا هيباكوشا. لذا يجب عليكم أن تفهموا تمامًا ما يعنى أن تكونوا هيباكوشا، وأن تعملوا معًا».
وجاء تكريم جائزة «نوبل» للسلام أعضاء منظمة «نيهون هيدانكيو» بفضل إصرارهم على سرد قصصهم باستمرار، على الرغم من أن ذلك يتطلب استذكار تجارب رهيبة خلال وبعد القصف، ومواجهة التمييز والمخاوف المتعلقة بصحتهم نتيجة تأثير الإشعاع المستمر، بهدف وحيد يسعون إليهم، وهو عدم السماح بحدوث ذلك مرة أخرى.
والآن، مع بلوغ متوسط أعمار «هيباكوشا» ٨٥.٦ عام، يشعرون بشكل متزايد بالإحباط، لأن مخاوفهم من التهديد النووى المتزايد والدعوة للتخلص من الأسلحة النووية لا تفهمها الأجيال الشابة بشكل كامل.
وانخفض عدد مجموعات «هيباكوشا» على مستوى المحافظات من ٤٧ إلى ٣٦، وفقًا لـمنظمة «نيهون هيدانكيو». ورفضت الحكومة اليابانية، تحت مظلة الحماية النووية الأمريكية، التوقيع على معاهدة حظر الأسلحة النووية.
وقال رئيس الوزراء اليابانى الجديد، شيجرو إيشيبا، فى مناظرة لقادة الأحزاب عُقدت فى العاصمة طوكيو، الجمعة الماضى: «بينما تحتاج اليابان إلى مواصلة نقل مأساة الأسلحة النووية إلى العالم، من الضرورى فى الواقع تحقيق التوازن بين ردع الأسلحة النووية، والحاجة إلى تحقيق عالم خالٍ من الأسلحة النووية».
لكن «تانكا» رفض مبررات رئيس الوزراء لاستخدام الأسلحة النووية كوسيلة ردع، وفكرته فى مشاركة القدرة النووية الأمريكية فى المنطقة، معتبرًا أن هذا «غير مقبول». وأضاف الرجل، الذى تحدث لفترة قصيرة مع «إيشيبا»، عندما اتصل لتهنئته، صباح السبت: «آمل فى لقاء رئيس الوزراء لإجراء محادثات أكثر تفصيلًا».
جيروهاما سومى
أما جيروهاما سومى، أحد المسئولين فى «نيهون هيدانكيو»، الذى نجا أيضًا من قصف «هيروشيما» وهو داخل رحم أمه، فقال إن الناجين يواجهون تراجعًا فى عددهم، وصعوبات مالية، مشيرًا إلى سعى المنظمة لجذب مؤيدين أصغر سنًا، و«هيباكوشا من الجيل الثانى»، للحفاظ على استمرار نشاط المنظمة.
لكن يبدو أن هناك أملًا، وأن حركة شبابية بدأت تتشكل، وفقما أشارت لجنة جائزة «نوبل»، خاصة مع وقوف ٣ طلاب من المرحلة الثانوية، فى المؤتمر الصحفى، ووعدهم بالحفاظ على نشاط المنظمة اليابانية مستمرًا.
وقالت واكانا تسوكودا، إحدى هؤلاء الطلاب: «أصبت بقشعريرة عندما سمعت إعلان فوز نيهون هيدانكيو بجائزة نوبل للسلام. أيضًا شعرت بالإحباط بسبب الآراء السلبية المتعلقة بنزع السلاح النووى. لكن الجائزة جعلتنى أجدد التزامى بالعمل من أجل إزالة هذه الأسلحة». وأضافت طالبة ثانوية أخرى، تدعى ناتس كاى: «سأواصل جهودى حتى نتمكن من الإيمان بأن نزع السلاح النووى واقع وليس حلمًا».
وفى «ناجازاكى»، احتفلت مجموعة من الطلاب بفوز منظمة «نيهون هيدانكيو»، ومن بينهم يوكو أوهارا، البالغة من العمر ١٧ عامًا، التى شكرت الناجين على جهودهم المستمرة لسنوات، رغم كل الصعوبات، مضيفة: «سمعت جدى وجدتى، الذين نجوا من قصف ناجازاكى، يكررون دعوتهم إلى السلام فى الحياة اليومية. أريد أن أتعلم المزيد، وأواصل نشاطهم».
وفى أبريل الماضى، دشنت مجموعة من المواطنين اليابانيين ما أطلقوا عليه «الحملة اليابانية لحظر الأسلحة النووية»، بهدف «ربط الأجيال الشابة فى جميع أنحاء البلاد بعمل الناجين».
وتزايدت الجهود فى السنوات الأخيرة لتوثيق قصص الناجين وأصواتهم فى جميع أنحاء اليابان، بما فى ذلك هيروشيما وناجازاكى وطوكيو. وفى بعض الأماكن، يعمل متطوعون شباب مع «هيباكوشا» لاستكمال سرد قصصهم الشخصية، بعد رحيلهم عن الحياة.
وأسفر القصف النووى الأمريكى الأول عن مقتل ١٤٠ ألف شخص فى مدينة هيروشيما. بينما أدى الهجوم النووى الثانى على ناجازاكى، فى ٩ أغسطس ١٩٤٥، إلى مقتل ٧٠ ألف آخرين.
تأسست منظمة «نيهون هيدانكيو» بعد ١١ عامًا من الهجوم الأمريكى، فى عام ١٩٥٦. وهناك حركة متزايدة مناهضة للأسلحة النووية فى اليابان، ردًا على اختبارات القنبلة الهيدروجينية الأمريكية فى المحيط الهادئ، التى أدت إلى سلسلة من حالات التعرض للإشعاع فى القوارب اليابانية، ما زاد من المطالب للحصول على دعم حكومى للمشاكل الصحية.
وحتى مارس من هذا العام، كان هناك ١٠٦ آلاف و٨٢٣ ناجيًا معتمدين، وهو أقل بـ٦٨٢٤ من العام الماضى، ويشكلون نحو ربع العدد الإجمالى فى الثمانينيات، علمًا بأنهم يحصلون على دعم طبى حكومى، وفقًا لوزارة الصحة والرعاية الاجتماعية فى اليابان. لكن لا يزال العديد من الآخرين، بمن فيهم الذين يقولون إنهم كانوا ضحايا «المطر الأسود» الإشعاعى، الذى سقط خارج المناطق المحددة فى هيروشيما وناحازاكى، دون أى دعم.