الأربعاء 04 ديسمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

من «مواجهة الرؤساء» إلى «صانع الملوك».. مـاذا يقرأ العالم الآن؟

حرف

فى إطار عملها الصحفى والثقافى، تحرص «حرف» على استكشاف ومطالعة كل ما هو جديد فى ساحة النشر الدولية والإقليمية، فى توجه تنحاز إليه لتعريف القارئ المصرى والعربى بكل ما ينتجه العالم من معارف وثقافات وكتابات أيًا كان نوعها ومجالها ما دامت تصب فى صالح الإنسانية وتثقيف العقل البشرى.

فى هذا العدد، نتناول ملامح من كتاب «مواجهة الرؤساء: تقييمات صريحة من واشنطن إلى بايدن»، للإعلامى والصحفى الأمريكى الشهير بيل أوريلى، الذى يقيم فيه تجربة رؤساء الولايات المتحدة على مدار نحو 248 عامًا، من جورج واشنطن إلى جو بايدن، وكتاب «التكوين: الذكاء الاصطناعى، الأمل، والروح الإنسانية»، الذى يتحدث فيه وزير الخارجية الأمريكى الأشهر هنرى كيسنجر عن رؤيته للذكاء الاصطناعى، فضلًا عن كتاب «صانع الملوك: الأسرار والأكاذيب والحقيقة حول 5 رؤساء وزراء»، الذى يكشف فيه السير جراهام برادى، رئيس اللجنة المكلفة بتحديد رئيس حزب «المحافظين» البريطانى، أسرارًا تنشر لأول مرة عن 5 رؤساء وزراء بريطانيين.

Confronting The Presidents.. بيل أوريلى: بايدن يأخذ قيلولة كل 3 ساعات

أصدرت دار نشر «سانت مارتن» كتاب «Confronting the Presidents: No Spin Assessments from Washington to Biden» أو «مواجهة الرؤساء: تقييمات صريحة من واشنطن إلى بايدن»، للإعلامى والصحفى الأمريكى الشهير بيل أوريلى، فى منتصف سبتمبر الماضى.

يضع المؤلف فى كتابه كل رئيس أمريكى حكم الولايات المتحدة على مدار نحو ٢٤٨ عامًا تحت المجهر، من جورج واشنطن إلى جو بايدن، فى محاولة لتقييم فترات حكمهم، دون زيف وبمنتهى الصراحة، وذلك رفقة مارتن دوجارد، الذى شارك «أوريلى» فى الكتابة.

ويعتمد «أوريلى» و«دوجارد» فى ذلك على أبحاث مكثفة أجرياها عن حقائق تاريخية، بناءً على المراسلات الخاصة لأكثر من ٤٠ رئيسًا أمريكيًا، والوثائق المكتشفة حديثًا التى تسرد إنجازاتهم وإخفاقاتهم وتأثيرات قراراتهم المتخذة خلال فترات توليهم الحكم، فى الداخل والخارج.

ويُلقى الكتاب المكون من ٤٣٢ صفحة بالوحل على رءوس معظم رؤساء الولايات المتحدة، وفقًا لوصف صحيفة «نيويورك بوست»، مع وضعه قائمة حول «أسوأ ٥ رؤساء فى تاريخ الولايات المتحدة».

جاء فى المركز الخامس الرئيس فرانكلين بيرس، الذى قال «أوريلى» عنه: «الرئيس الرابع عشر لأمريكا كان فاشلًا لأنه لم يفعل أى شىء. خلال فترة ولاية الرئيس المولود فى نيو هامبشاير، زرع السخط فى جميع أنحاء أمريكا بمعالجته للعبودية من خلال قانون كانساس نبراسكا، ونهجه غير الحساس تجاه السياسة»، مضيفًا: «فرانكلين بيرس كان سكيرًا، وأثر ذلك حقًا فى قدرته على اتخاذ القرارات، وحتى العمل فى بعض الأيام. كان يجلس ويسكر كل ليلة على حساب دافعى الضرائب».

واحتل جون تايلر المرتبة الرابعة فى قائمة «أسوأ رؤساء فى تاريخ أمريكا»، الذى يعتبر أول نائب رئيس يتولى المنصب، ووصفه «أوريلى» بأنه «رئيس الصدفة»، معتبرًا أنه لم يقدم شيئًا للولايات المتحدة، والجميع كانوا يكرهونه، بمن فيهم حزبه، وكان السبب الوحيد لوجوده فى إدارة سلفه ويليام هنرى هاريسون هو أنه كان مؤيدًا للعبودية، وكان «هاريسون» بحاجة إلى بعض الولايات الجنوبية.

الثالث فى القائمة من وجهة نظر «أوريلى» هو ليندون جونسون، الذى قال عنه «إنه نائب رئيس آخر صعد إلى منصبه فى البيت الأبيض، إذ تولى السلطة بعد مقتل جون كينيدى بالرصاص عام ١٩٦٣، ودافع عن تشريعات حقوق مدنية تاريخية، وأجندات إصلاح اجتماعى شاملة. لكن العلامة السوداء فى إرثه هى دوره فى إشعال حرب فيتنام. لم يرد أن يخسر حربًا، ولم يهتم بعدد الأطفال الأمريكيين الذين قُتلوا أو أصيبوا، وقرر فى النهاية عدم الترشح لإعادة انتخابه».

أما ثانى أسوأ رئيس أمريكى على الإطلاق فى قائمة «أوريلى»، كما وصف فى كتابه «مواجهة الرؤساء»، فهو الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، معتبرًا أن «عقود الخبرة السياسية التى اكتسبها بايدن لم تكن كافية لتخفيف قراراته العنيفة، مثل قرار سحب القوات الأمريكية من أفغانستان عام ٢٠٢١، أو سياساته المتعلقة بالحدود».

وأضاف «أوريلى»: «كل ما رأيته من جو بايدن، منذ سنواته العديدة فى مجلس الشيوخ إلى منصب نائب الرئيس ثم الرئيس، هو (سأفعل ما يريد الحزب الديمقراطى منى أن أفعله). لم أر قط فكرًا مستقلًا. لم أرَ قط قناعة بأننا يجب أن ننجز هذا الأمر. لم أرَ قط محاولة لتعافى البلاد، كما وعد. لا أرى شيئًا واحدًا فعله لمحاولة تعافى أمريكا، ولا يوجد شىء واحد. أعتقد فقط أن بايدن كان كارثة للبلاد».

رغم ذلك، أشاد «أوريلى» بالرئيس باراك أوباما، الذى كان «بايدن» نائبًا له فى وقت من الأوقات، قائلًا: «لا أعتقد أن أوباما كان رئيسًا سيئًا على الإطلاق. فى الواقع، يمكنك وضعه فى فئة جيدة. رفع شأن جزء من السكان الذين كانوا بحاجة إلى رفع شأنهم، الأشخاص الملونون. يمكن اعتباره الرئيس الأكثر اجتهادًا فى التاريخ الحديث».

بيل أوريلى

وأضاف «أوريلى» عن «أوباما»: «كانت لدينا علاقة جيدة معه. كنت أعرف ما كان يفعله، ولماذا كان يفعل ذلك. ولم يكن فى ذهنه أن يلحق الضرر بالبلاد. هو الرئيس الحديث الأكثر اجتهادًا فى العمل. لكن مساوئه أكثر من محاسنه».

وكانت وجهة نظر «أوريلى» عن «أوباما» أنه مختلف عن الرئيس «بايدن»، الذى قال عنه ساخرًا: «يمكن العثور عليه يأخذ قيلولة كل ٣ ساعات، خلال عمله فى البيت الأبيض».

وجاء الرئيس جيمس بيوكانان فى صدارة قائمة «أسوأ رؤساء الولايات المتحدة»، خلال فترة توليه المنصب بين عامى ١٨٥٧ و١٨٦١. وألقى «أوريلى» اللوم عليه فى اندلاع الحرب الأهلية، لأنه «كان متخاذلًا عن اتخاذ أى خطوات لمنع الصدامات، ولم يتدخل عسكريًا، وحين حوصرت قوات الاتحاد فى فورت سمتر، امتنع عن إرسال المساعدات، ما أدى إلى تصعيد الأزمة واشتعال الحرب».

هنرى كيسنجر

Genesis.. كيسنجر: «AI» فرصة البشر لصناعة عالم خالٍ من القوى المظلمة

رغم وفاته قبل عام، انتظر العالم بترقب صدور آخر كتب وزير الخارجية الأمريكى الأسبق هنرى كيسنجر، الذى يحمل عنوان «Genesis: Artificial Intelligence, Hope, and the Human Spirit» أو «التكوين: الذكاء الاصطناعى، الأمل، والروح الإنسانية»، وطُرح فى المكتبات، أمس، عن دار نشر «ليتل براون آند كومبانى».

وكُشف عن مقتطفات من الكتاب، الذى تعاون فيه «كيسنجر» مع عمالقة التقنية: إريك شميت، الرئيس التنفيذى السابق لشركة «جوجل»، وكريج موندى، كبير الباحثين فى «مايكروسوفت»، ليستكشف التحديات والفرص التى تثيرها ثورة الذكاء الاصطناعى، بكل ما تحمله من آفاق جديدة للبشرية وأسئلة ملحة حول مستقبل الإنسان.

الكتاب يتكون من ٢٨٨ صفحة، ويلقى الضوء على قدرات الذكاء الاصطناعى وإمكاناته فى معالجة التحديات الكبرى التى تواجه العالم، من تغيّر المناخ إلى الصراعات الجيوسياسية، وصولًا إلى حل بعض من أعظم ألغاز الكون، ورفع الروح البشرية إلى آفاق جديدة غير مسبوقة قد تقود إلى مرحلة جديدة فى تطور الإنسان. ومع ذلك، تبرز المخاوف لأن الذكاء الاصطناعى قد يسلب البشر قدراتهم فى العمل واتخاذ القرار، ويثير تساؤلات عن علاقة البشر بالله.

وقد يكون الذكاء الاصطناعى إحدى أضخم الثورات التكنولوجية التى عرفتها البشرية. والسؤال المحورى هنا يكمن فى كيفية تكيّف البشر مع هذه التحولات. ويقدم كتاب «كيسنجر» رؤية عميقة ونظرة استشرافية فريدة نحو مستقبل يتسم بإمكانات واسعة غير محدودة، وبالتوازى يواجه تحديات معقدة جدًا.

ويتناول الكتاب العلاقة المتشابكة بين الذكاء الاصطناعى والمعرفة والقوة والسياسة، ويدعو القارئ إلى التأمل فى المخاطر والفرص التى قد يحملها الذكاء الاصطناعى للبشرية.

ويتناول «كيسنجر» و«موندى» و«شميت»، بعمق، الفرص والتحديات التى يفرضها النظام العالمى الجديد الذى يتشكل تحت مظلة الذكاء الاصطناعى، ويؤكدون حاجة العالم إلى تطوير مفاهيم جديدة تواكب هذا التطور الجذرى للعقل البشرى والإنسانية ذاتها.

عنوان الكتاب «التكوين» يستمد معناه من الكلمة اللاتينية الدالة على «الخلق»، ويطرح تساؤلات جوهرية لا تكتمل الإجابة عنها إلا بتمكين البشر عبر أدوات ذكية تعزز من قدراتهم وثقتهم بأنفسهم وسيطرتهم على مسار حياتهم، مع رسم خارطة طريق للمستقبل القريب، حيث باتت أنظمة الذكاء الاصطناعى المستقلة منتشرة فى شتى المجالات.

ويحدد الكتاب استراتيجية شاملة للتعامل مع عصر الذكاء الاصطناعى، مُعدًّا صنّاع القرار فى الحاضر لاتخاذ الخيارات الضرورية للمستقبل، ومساهمًا فى تزويد البشر بقدرة على اغتنام الفرص التى يتيحها الذكاء الاصطناعى، دون الوقوع تحت هيمنة القوى المظلمة التى أطلقتها هذه الثورة.

ويُعدّ هذا الكتاب امتدادًا لإصدار سابق بعنوان «عصر الذكاء الاصطناعى»، صدر عام ٢٠٢١ بجهود تعاون بين «كيسنجر» و«شميت» ودانييل هوتنلوشر. ورغم رحيله، استمر الدبلوماسى المخضرم، بالتعاون مع «شميت» و«موندى»، فى معالجة الآثار الفلسفية والواقعية لهذا الواقع الجديد، فى كتاب «التكوين».

يبحث كتاب «التكوين» فى كيفية إعادة تشكيل تقنيات الذكاء الاصطناعى للتجارب البشرية، وتحدى المفاهيم التقليدية للوعى والهوية. ويقول المؤلفون إن الذكاء الاصطناعى لديه القدرة على تعزيز القدرات البشرية، لكنه يطرح أيضًا معضلات.

ويبحث الكتاب فى كيف تعيد تقنيات الذكاء الاصطناعى تشكيل التجربة الإنسانية، وتتحدى مفاهيمنا التقليدية عن الوعى والهوية. ويرى المؤلفون أن الذكاء الاصطناعى قادر على تعزيز القدرات البشرية، لكنه يثير فى الوقت ذاته قضايا أخلاقية معقدة تتطلب معالجتها.

ويناقش الكتاب مفهوم الأمل فى زمن تهيمن عليه التطورات التكنولوجية السريعة، ويتساءل عن إمكانية تسخير الذكاء الاصطناعى لمواجهة التحديات الملحّة التى تعصف بالبشرية، مثل تغير المناخ وتقديم الرعاية الصحية.

وفى جوهره، يعد كتاب «التكوين» تأملًا عميقًا فى ماهية الإنسانية وسط عالم بات فيه تأثير الآلات هائلًا. ويغوص المؤلفون فى الأسئلة الفلسفية حول الإرادة الحرة والإبداع وجوهر الروح البشرية فى ظل هيمنة الذكاء الاصطناعى.