الأربعاء 04 ديسمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

دانا ماتيولى: «أمازون» أخطبوط له كثير من الأذرع.. والحل فى التدخل الحكومى

دانا ماتيولى
دانا ماتيولى

تمتد مسيرتها المهنية لأكثر من 18 عامًا كمحررة أعمال فى صحيفة «وول ستريت جورنال»، ومنذ عام 2019 تخصصت فى كتابة قصص استقصائية عن شركة «أمازون»، الأمر الذى أهلها لتكون أحد المرشحين النهائيين لجائزة بوليتزر فى الصحافة الاستقصائية.

وفى عام 2021، حصلت تغطيتها لشركة أمازون أيضًا على جائزة «جيرالد لوب»، وهى إحدى أبرز الجوائز المقدمة للصحافة النوعية فى مجال الأعمال التجارية والمالية والاقتصاد منذ عام 1957.

وفى نفس العام، حصلت على جائزة «ويرت»، وهى جائزة تكرّم تغطيات المرأة فى الصحافة التجارية، وذلك عن تحقيقاتها الخاصة بأمازون، بالإضافة إلى جائزة الصفحة الأولى التى يقدمها نادى أخبار النساء فى نيويورك لتكريم الإنجازات الصحفية للنساء، وذلك أيضًا عن تغطيتها لأمازون، بجانب عدة جوائز أخرى.

عن أهم الأفكار التى جاءت فى كتابها «حرب كل شىء: سعى أمازون القاسى لامتلاك العالم وإعادة تشكيل قوة الشركات»، كان لـ«حرف» هذا الحوار مع دانا ماتيولى.

■ فى البداية.. هل شركة «أمازون» قوية جدًا بحيث لا يمكن إيقافها؟

- جزء من أسباب كتابتى لهذا الكتاب هو أننى أردت الكشف عن حقيقة القوة التى تتمتع بها أمازون، وأعتقد أن معظم الناس يفكرون فقط فى هيمنتها عندما يتعلق الأمر بالتسوق عبر الإنترنت، ولكن بمجرد أن بدأت التحقيق فى أمازون فى صحيفة «وول ستريت جورنال» وإعداد هذا الكتاب، فهمت أن قوتها تأتى من أنها الأكثر انتشارًا. إنها أقوى شركة فى العالم من حيث مدى انتشارها والعدد الهائل من الصناعات التى حققت هيمنتها فيها. 

أحد الأسئلة المركزية فى الكتاب هو ما إذا كان الوقت قد فات لإصلاح الأضرار التى نتجت عن أمازون، فلقد تسببت فى إفلاس عدد لا يحصى من المنافسين، وأضرت بالابتكار، وسرقت الأفكار، وجمعت الكثير من البيانات، هذا فى الوقت الذى يعتقد فيه الخبراء الذين أتحدث إليهم أن الطريقة الوحيدة التى يمكن من خلالها إيقاف أمازون هى التدخل الحكومى.

■ كيف تم التخطيط لحالة الاحتكار التى تتمتع بها أمازون؟ كيف اكتشفت ذلك؟

- هناك مشهد فى الكتاب أعتقد أنه يتحدث عن طموحات «جيف بيزوس» لشركة أمازون، حدث ذلك فى عام ٢٠٠٦، وأمازون كانت مجرد شركة تجزئة تبلغ قيمتها السوقية ١٩ مليار دولار، ولا أحد يعتقد أن هذه الشركة يمكنها السيطرة على العالم، ولا يعتقد رؤساء شركات الملابس حتى أن المتسوقين سيشترون الملابس من أمازون. 

وهنا يحضر «بيزوس» حفلًا ضخمًا للبيع بالتجزئة فى «مانهاتن»، والجميع فى حيرة من أمره بشأن سبب وجود بائع الكتب، وفى هذه اللحظة يصطدم أحد مصادرى ببيزوس ويسأله عن سبب وجوده هناك، ويرد بيزوس: «هامشك هو فرصتى».

كان لدى «جيف» رؤية لهذه الشركة لتكون ما أسماه «العادة اليومية» منذ البداية، وكانت الكتب هى حالة الاختبار، كما كان الحال بالنسبة للبيع بالتجزئة، لكن أهدافه بالنسبة لشركة أمازون كانت الهيمنة على العالم.

وما رأيناه يحدث هو أنه بينما كان «بيزوس» يبنى احتكاره، كان يفعل كل الأشياء التى يفعلها المحتكرون فى طريقهم إلى القمة، لقد عرض أسعارًا منخفضة- باستخدام «التسعير المفترس» فى بعض الأحيان- لسرقة حصة السوق من المنافسين وإخراجهم من العمل. 

كانت لديه خدمات للعملاء تبدو جيدة جدًا، لدرجة يصعب تصديقها، للحصول على ولائهم وحملهم على الدفع مقابل اشتراكاتهم فى نظام «برايم»، وجعل من الصعب جدًا على منافسيه التنافس معه، لذلك بدأوا فى التلاشى، وأعلنوا عن إفلاسهم. 

بمجرد أن حققت «أمازون» المركز الأول وأصبح لديها عدد أقل من المنافسين، كان بإمكانها تغيير الشروط، ورفع الرسوم على بائعيها، وبالتالى رفع الأسعار على عملائها، وغمر تجربة التسوق بالإعلانات المزعجة، وجعل المنتج أقل جودة مع فرض رسوم على ما يسمى «الإيجار الاحتكارى»، لأنه فى تلك المرحلة، يكون هناك عدد أقل من الأماكن التى يلجأ إليها كل من البائعين والمتسوقين.

■ ماذا تعنى البيانات بالنسبة لأمازون؟ وكيف تعتبر الشركة أكبر جامع لها؟

- يمكن القول إن «أمازون» لديها بيانات أكثر من أى شركة فى العالم، حيث إن لديها كنز من بيانات التسوق من عملائها، وبيانات من بائعيها، وبيانات من ٥٠٠ مليون جهاز يدعم «أليكسا» فى المنازل، و«أليكسا» هو مساعد ذكى افتراضى طورته أمازون يمكنه التحكم فى عدد من الأجهزة كنظام أتمتة منزلى.

كما أنها أكبر شركة للحوسبة السحابية فى العالم، حيث تضم بيانات منافسيها وحتى الوكالات الحكومية مثل وكالة الاستخبارات المركزية، وتعتبر هذه البيانات قوية للغاية بالنسبة لشركة أمازون، وهى الشركة التى تفتخر باتخاذ القرارات بناء على البيانات. 

حيث يمكنهم استهداف العملاء وتطوير المنتجات من خلال البحث فى هذه المجموعة الضخمة من البيانات، ولكن هناك شيئًا آخر لا يتم الحديث عنه وهو نوع البيانات التى تمتلكها أمازون- والتى يركز عليها كتابى- وهى البيانات المنافسة.

تتمتع أمازون بموقع فريد من حيث اضطرار منافسيها الرئيسيين إلى الاعتماد على أمازون للوصول إلى السوق، حيث يجب على الكثير منهم البيع على موقع الشركة، مثل «أبل» و«نتفيلكس»، فهُما من عملاء أمازون السحابيين.

ما اكتشفته خلال إعداد كتابى هو أن البيانات التى تتم مشاركتها غالبًا مع أمازون بشكل سرى ولأغراض محدودة، تتم مشاركتها بعد ذلك مع أجزاء من أمازون التى تتنافس بشكل مباشر مع الشركة التى شاركت المعلومات، ويحدث هذا غالبًا من خلال عملية الاندماج والاستحواذ.

يتم بعد ذلك نسخ هذه الشركات، وفى كثير من الأحيان يتم إيقافها عن العمل، وكانت تقاريرى فى تلك الأقسام من الكتاب مفجعة، وأظهرت تداعيات وجود شركة واحدة لديها الكثير من البيانات.

■ كيف اكتشفت أن الشركة لا تدفع الضرائب؟ وما المفاجآت الأخرى فى بياناتها المالية؟

- لقد تحدثت إلى أكثر من ٦٠٠ شخص فى هذا الكتاب، وكانت لدى مئات الصفحات من وثائق أمازون الداخلية، وما أصبح واضحًا لى على الفور عند التحدث مع المديرين التنفيذيين وتصفح رسائل البريد الإلكترونى الخاصة بهم، هو أنه لولا ميزتان، ربما لم تكن أمازون موجودة حتى اليوم.

إحداها كانت ميزتها فى سوق الأوراق المالية، وتمكن «بيزوس» من إقناع «وول ستريت» بأنه لا ينبغى الحكم على أمازون على أساس أرباحها، بل على أساس نموها، فلم يكن هذا هو المعيار بأى حال من الأحوال عندما أصبحت أمازون شركة عامة، لكن هذا أعطى أمازون سنوات من القدرة على تحمل الخسائر، وتقويض المنافسين فى الأسعار، وسرقة حصة السوق وإعادة الاستثمار فى أعمالهم الخاصة. وكانت هذه ميزة استراتيجية هائلة لم يتمتع بها أى من منافسى أمازون.

الميزة الثانية هى أنهم تمكنوا من استغلال ثغرة ضريبة المبيعات التى تعنى أنهم لم يضطروا إلى تحصيل ضرائب المبيعات فى معظم الولايات فى أمريكا، وفى الواقع لم يكن الأمر كذلك حتى عام ٢٠١٧ عندما قامت أمازون بدفع ضرائب المبيعات فى بعض الولايات، وقد منحهم هذا مرة أخرى ميزة سعرية، لأن التكلفة الإجمالية للمنتجات- مخصومًا منها ضريبة المبيعات- كانت أقل من المنافسة، مما أدى إلى تدمير بعض تجار التجزئة الذين تنافسوا معها، مثل «سيرس».

■ ما توقعاتك لقضية لجنة التجارة الفيدرالية؟ وكيف يمكن لتقسيم الشركة أن يفيد سوق التجزئة؟

- من غير المقرر أن يتم عرض قضية لجنة التجارة الفيدرالية على المحكمة حتى عام ٢٠٢٦، ولكن فى هذه الأثناء ستحدث تغييرات كبيرة، ومن المرجح أن يتم استبدال رئيسة لجنة التجارة الفيدرالية، «لينا خان»، التى رفعت الدعوى القضائية.

وتشير الدعوى القضائية إلى احتمال تفكيك أمازون، حيث يفترض المهتمون بشكل وثيق أن الأمر سيتطلب من أمازون فصل ذراعها اللوجستية، وعلى الرغم من أن ذلك من شأنه أن يخفف بعض المشكلات فى السوق التنافسية، إلا أنه لن يحل جميع المشكلات بأى حال من الأحوال. 

حيث إن شركة أمازون هى أخطبوط متعدد المجسات، يستمد قوته من امتلاكه الكثير من الأذرع، ومن غير المتوقع أن يؤدى قطع واحدة فقط من تلك المجسات إلى معالجة العديد من المشكلات.

■هل يؤثر فوز «ترامب» على التجارة الفيدرالية؟

- بالتأكيد، ومن المرجح أن يقوم «ترامب» بإقالة رئيسة لجنة التجارة الفيدرالية «لينا خان» وتعيين رئيس جديد للجنة، ومع ذلك، فمن المثير للاهتمام أن ترامب كان منتقدًا كبيرًا لكل من أمازون وبيزوس، لذا سأفاجأ إذا لم يتم المضى قدمًا فى القضية، حيث بدأت اللجنة التحقيق مع أمازون خلال فترة ولاية ترامب الأولى، وقد وصف ترامب أمازون علنًا بأنها احتكارية.