الإثنين 12 مايو 2025
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

أسرار «مقابلة ديانا».. العار الذى يلاحق «BBC» إلى الأبد

ديانا
ديانا

فى إطار عملها الصحفى والثقافى، تحرص «حرف» على استكشاف ومطالعة كل ما هو جديد فى ساحتى النشر الدولية والإقليمية، فى توجه تنحاز إليه لتعريف القارئ المصرى والعربى بكل ما ينتجه العالم من معارف وثقافات وكتابات، أيًا كان نوعها ومجالها، ما دام يصب فى صالح الإنسانية وتثقيف العقل البشرى.

ومن خلال زاوية «ماذا يقرأ العالم الآن؟»، تأخذ «حرف» قراءها فى جولة خاصة داخل أبرز المكتبات ودور النشر العالمية، لتعريفهم على المنتج الإبداعى الغربى، وأبرز الأعمال الجديدة التى تصدر فى مجالات الرواية والسياسة والثقافة والسينما والمغامرة.

فى هذا العدد، نسلط الضوء على كتاب «دياناراما». فعلى وزن «دراما» و«بانوراما»، يصدر كتاب: «Dianarama: Deception, Entrapment, Cover-up, The Betrayal of Princess Diana» أو «دياناراما: الخداع، الإيقاع، التستر، خيانة الأميرة ديانا»، عن دار «بنجوين» للنشر، فى نوفمبر المقبل.

الكتاب يكشف المزيد عن فضيحة المقابلة التليفزيونية الشهيرة التى أجراها المحاور البريطانى مارتن بشير مع الأميرة الراحلة ديانا، بالتزامن مع الذكرى الـ٣٠ لها فى برنامج «بانوراما» على قناة «بى بى سى».

مؤلف الكتاب هو آندى ويب، الذى عمل مراسلًا فى تليفزيون «بى بى سى» لأكثر من ١٥ عامًا، قبل أن ينطلق فى مسيرته المهنية كمخرج أفلام وثائقية حائز على جوائز، وكانت أعماله الصحفية على مدى ١٥ عامًا هى التى كشفت، لأول مرة، الحقيقة وراء مقابلة «بى بى سى» الشهيرة مع الأميرة ديانا، التى تعد «أكبر فضيحة فى تاريخ هيئة الإذاعة البريطانية».

وبالإضافة إلى ثقل مؤلف الكتاب، وعمله الذى منحه إمكانية وصول لا مثيل لها إلى وثائق سرية وشخصيات رئيسية داخل عائلة الأميرة ديانا، وهيئة الإذاعة البريطانية، أُعد الكتاب بالتعاون مع تشارلز سبنسر، شقيق «ديانا»، الذى قدم الكثير من الوثائق والمواد غير المنشورة، التى تكشف عن الأساليب الخداعية التى استخدمها صحفى «بى بى سى»، مارتن بشير، فى المقابلة الشهيرة، ليصبح الكتاب بمثابة إعادة تقييم جذرية لحدث سيئ السمعة فى تاريخ العائلة المالكة البريطانية، وتحقيق جديد تواجهه «بى بى سى» بشأن هذه الفضيحة.

وقال مايكل جوزيف، وهو متحدث باسم دار نشر «بينجوين»: «بعد ٣٠ عامًا بالضبط من بث المقابلة، من النادر أن تجد كتابًا يقدم إعادة تقييم جذرية لحدث تاريخى هام، فما بالك بكتاب كتبه شخص، بمثابرته الدءوبة، كشف عن هذا التاريخ»، مضيفًا: «هذه قصة (داود ضد جالوت). صحفى وحيد يُحاسب إحدى أعرق المؤسسات البريطانية، إلى جانب شخصياتٍ رفيعةٍ فيها».

ويكشف آندى ويب، الذى حصل على الملفات السرية التى كشفت قصة خيانة الصحفى مارتن بشير للأميرة ديانا، فى هذا الكتاب حصريًا، المدى الحقيقى للخداع الذى تعرضت له الأميرة قبل إجرائها المقابلة التليفزيونية الشهيرة عام ١٩٩٥، وكيف دبرت جهات رئيسية فى هيئة الإذاعة البريطانية عملية تستر متقنة لإخفاء ما حدث، تاركةً «ديانا» لمصيرها المحتوم. 

وفى كتابه المكون من ٣٢٠ صفحة، يقول «ويب» إنه حاول اكتشاف حقيقة الحيل القذرة لمارتن بشير، لأول مرة، فى عام ٢٠٠٧، أثناء مشاهدته مسرحية بعنوان «فروست نيكسون» مستوحاة من المقابلة الشهيرة بين الرئيس الأمريكى السابق ريتشارد نيكسون والمحاور ديفيد فروست.

ويضيف: «كنتُ أعلم أنه إذا كان لدىّ أى أمل فى كتابة مسرحية ذات معنى عن مقابلة (ملكة القلوب)، فعلىّ أن أكتشف حقيقة ما حدث. لذلك راسلتُ هيئة الإذاعة البريطانية عام ٢٠٠٧، مقدمًا طلبًا بموجب قانون حرية المعلومات، للاطلاع على جميع الوثائق المتعلقة بذلك التحقيق الداخلى، بعدما نشرت (ديلى ميل)، بعد وقت قصير من بث مقابلة بشير، أدلةً تثبت أن الصحفى استخدم وثائق مصرفية مزورة لكسب ثقة ديانا. ووقتها أجرت (بى بى سى) تحقيقًا داخليًا، رفضت فيه أى تلميح إلى سوء التصرف، ثم طواه النسيان التام»

ويشير المؤلف إلى تحقيق أُجرى عام ٢٠٢١، خلص إلى أن «بشير» زوّر وثائق للحصول على المقابلة التاريخية فى برنامج «بانوراما»، التى تحدثت فيها «ديانا» بصراحة عن انهيار زواجها، ومعاناتها مع «الشره المرضى».

وسبق أن أخرج المؤلف «ويب» فيلمًا وثائقيًا يحقق فى أساليب «بشير»، عُرض على القناة الرابعة عام ٢٠٢٠. وفى عام ٢٠٢١، قدّم طلبًا للحصول على معلومات إلى هيئة الإذاعة البريطانية بشأن رسائل بريد إلكترونى تتعلق بـ«بشير»، مُرسلة بين رؤساء الشركات على مدار ٣ أشهر، وفى النهاية، أُرسلت إليه أكثر من ٣ آلاف رسالة، بلغ مجموعها ١٠ آلاف صفحة.

وتكشف إحدى هذه الرسائل أن هيئة الإذاعة البريطانية لم تُصدر جميع وثائق التحقيقات الداخلية فى الوقت الحالى. وقال المؤلف إن «بى بى سى» أقرت بوضوح بحجب الوثائق، وهو ما يُمثل تسترًا، واصفًا كتابه «دياناراما» بأنه القصة الحقيقية لإحدى أكبر الفضائح فى الحياة العامة وتاريخ البث التليفزيونى.

وخلال المقابلة التاريخية فى برنامج «بانوراما»، الذى يعد أطول برنامج إخبارى تليفزيونى فى العالم، اعترفت الأميرة الراحلة ديانا بخيانة زوجها قائلة: «كنا ثلاثًا فى هذا الزواج»، مشيرة إلى علاقة الملك الحالى تشارلز بـ«كاميلا باركر بولز» آنذاك، وهو ما دفع الملكة إليزابيث إلى إصدار خطابات تنصح الزوجين بالطلاق.

ومع ذلك، فى السنوات التى تلت وفاة «ديانا» عام ١٩٩٧، أثيرت مخاوف بشأن أخلاقيات المقابلة، واعترف «بشير» بتزوير كشوفات حسابات مصرفية فى محاولة للضغط على العائلة المالكة والأميرة ديانا للمشاركة فى البث، الذى شاهده ٢٣ مليون شخص آنذاك. وأدان الأميران ويليام وهارى، ابنا «ديانا»، هذه المقابلة، ووصفها الأخير بأنها «نتيجة لثقافة الاستغلال والممارسات غير الأخلاقية التى أودت بحياتها فى النهاية».

وبهذا الكتاب الجديد، تواجه هيئة الإذاعة البريطانية تدقيقًا جديدًا بشأن خداعها للحصول على مقابلة تاريخية مع «ديانا»، والتى أثارت جدلًا واسعًا على مر السنين، وهو أمرٌ سيُمعِن المؤرخون النظر فيه لقرون مقبلة، خاصة فيما يتعلق بخداع «بى بى سى» وأكاذيبها حول المقابلة، فى عملية تستر استمرت لـ٣٠ عامًا، ستظل عارًا يطارد «بى بى سى» إلى الأبد.