حمدى الجزار: قدّمت مقترحًا بإنشاء وحدة متخصصة لـ«السوشيال ميديا» داخل القناة
يقول الكاتب والروائى حمدى الجزار إنه بدأ عمله فى قناة النيل الثقافية مع انطلاقتها الأولى فى مايو عام ١٩٩٨، بالتزامن مع البث التجريبى ومرحلة إنشاء القنوات المتخصصة، ويصف نفسه بأنه من «الرعيل الأول» الذى شارك فى تأسيسها وبنائها، واستمر فى عمله داخل القناة حتى اليوم، إذ يُعد حاليًا برنامج «السيرة»، محتفظًا بإيمانه بدورها الثقافى رغم كل التحولات التى مرّت بها.
يرى الجزار أن الانطباع السائد بانصراف الجمهور عن التليفزيون المصرى ليس دقيقًا، فالقناة برأيه لا تزال تحتفظ بجمهور مخلص ومتعطّش للمحتوى الجاد. وهذا الجمهور، وإن بدا محدودًا فى ظاهره، يتزايد مع مرور الوقت، لأن محبى الثقافة، والراغبين فى التعرف على الأدب والفكر والفلسفة والفنون التشكيلية والموسيقى، موجودون دائمًا، وربما يزداد عددهم اليوم مع تزايد عدد السكان واتساع قاعدة التعليم.
ويشير إلى أن القناة منذ نشأتها كانت تتمتع بخصوصية جعلتها تحتل مكانة مميزة فى العالم العربى، إذ كانت أول قناة ثقافية فى الشرق الأوسط تُبنى على نموذج قناة ARTE الفرنسية الشهيرة، ومن ثم كانت سابقة لعصرها، وتلقّت على مدى سنوات مداخلات ومشاركات كثيرة من مختلف البلدان العربية، وأصبحت وجهة مفضلة للمثقفين العرب الذين يزورون القاهرة، حريصين على الظهور عبر شاشتها. كما أنها استضافت رموز الإبداع العربى فى مختلف المجالات.
ويتذكر الجزار فترة كان فيها فريق القناة يسافر إلى بلدان عربية وأوروبية وأمريكية لتسجيل حلقات خاصة عن المبدعين هناك، خصوصًا فى عهد الشاعر والإعلامى جمال الشاعر الذى كان يرأس القناة، حيث صُوّرت حلقات عديدة عن المثقفين العرب فى المهجر وفى العواصم الأوروبية.
ويوضح الجزار أن هذه الأنشطة الخارجية تراجعت لاحقًا بسبب الظروف الثقافية العامة ووضع مبنى ماسبيرو. ومع ذلك، فالقناة برأيه لا تزال تمتلك أكبر تراث ثقافى مرئى فى العالم العربى، إذ تحتوى مكتبتها على أرشيف ضخم من التسجيلات والحوارات مع الأدباء والمبدعين المصريين والعرب، وهذا الأرشيف يشكّل ثروة لا تقدّر بثمن، إذ يحتفظ بتوثيق حى للمشهد الثقافى المصرى والعربى على مدى ما يقارب ثلاثة عقود.
ويضيف أن القناة، رغم ما تمرّ به من صعوبات، تحاول مواكبة التطورات الحديثة فى الاتصال، فأصبحت تستعين بالمداخلات المصوّرة التى يرسلها ضيوفها من الخارج، سواء من مثقفين مصريين مقيمين فى دول أخرى أو من أدباء عرب وأجانب، ليتم دمجها داخل الحلقات. وهذا ما أتاح مرونة أكبر فى الإنتاج، فلم يعد تسجيل الحوارات مرتبطًا بالسفر أو اللقاء المباشر، بل أصبح ممكنًا أن تُجرى هذه المشاركات عبر الوسائط الرقمية بسهولة. وعن الانتقادات الموجهة للقناة بأنها لا تزال تعتمد على صيغ تقليدية فى تقديم برامجها، لا تناسب الجيل الجديد الذى يتلقى الثقافة عبر وسائل التواصل الاجتماعى، يرى الجزار أن المشكلة الأساسية ليست فى المضمون وإنما فى الإمكانيات التقنية. فالقناة، كما يقول، قدّمت منذ تأسيسها محتوى متنوعًا ولم تحصر الثقافة فى شكلها الكلاسيكى فقط. فقد كانت سبّاقة إلى تناول موضوعات التكنولوجيا والإنترنت والمستقبليات، من خلال برامج متخصصة، وبمشاركة كوادر تمتلك اهتمامًا حقيقيًا بهذا المجال. كما أن القناة اهتمت بالجانب الدولى والثقافات الأخرى عبر التعاون مع السفارات العربية والأوروبية فى القاهرة، وقدّمت برامج لتعريف المشاهد بثقافات الشعوب المختلفة من خلال الأدب والموسيقى والفنون والعادات اليومية والمطبخ وغير ذلك من مكونات الحياة. ويشير الجزار إلى أن القناة ينقصها الحضور الرقمى الفعّال على وسائل التواصل الاجتماعى، وهو ما يُعدّ اليوم ضرورة لا يمكن تجاهلها. ويكشف عن أنه قدّم بالفعل اقتراحًا بإنشاء وحدة متخصصة للسوشيال ميديا داخل القناة، تتولى إنتاج مقاطع قصيرة من البرامج «مدتها بين دقيقتين وثلاث دقائق» تتناسب مع طبيعة المنصات الحديثة مثل تيك توك ويوتيوب وغيرهما، لتكون بمثابة نوافذ صغيرة تجذب المشاهد إلى مشاهدة الحلقات الكاملة، وهو ما يتطلب فقط قرارًا إداريًا وتخصيص فريق صغير من المعدين والمخرجين لتنفيذها بانتظام، بما يسهم فى حضور القناة فى الفضاء الرقمى.