الإثنين 20 مايو 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

نصوص روائية غير منشورة لـ4 أدباء من المغرب

حرف

تتعدد مراكز إنتاج الثقافة العربية وتخلق فيما بينها حالة من التنوع الخلاق، وانحيازاتنا فى «حرف» جمالية ومعرفية بالأساس إلى كل ما يعزز ثقافتنا الوطنية، ويكرس للثقافة العربية فى مشهد الثقافة فى العالم. من هنا تأتى هذه المساحة لنتماس فيها مع الرواية المغربية فى الآن وهنا، حيث تطالعنا مقاطع سردية من نصوص روائية غير منشورة لأربعة من الكُتّاب والروائيين المغاربة، وهم: خالد أقلعى، والبشير الدامون، وفضيلة الوزانى، ويوسف كرماح. نجد فيها تباينات متعددة فى صيغ الحكى، وطرائق السرد بين الروائيين الأربعة، وقد أسهم برحابة صدر، ومحبة تليق به وبنا، الصديق العزيز البلاغى الكبير والأكاديمى المغربى البارز الدكتور محمد مشبال فى التواصل مع الكتّاب المذكورين. 

فى «العين» ليوسف كرماح، حيث المكان مركزًا للسرد، و«العين» نداهة أخرى، عبر حضور متواتر للخيال الشعبى، من خلال الحكاية الشعبية الخرافية عن تلك المرأة التى تظهر وتختفى عند العين، والتى صارت حكاياتها مجالس لتخويف الصبية، ومن بينهم السارد البطل الذى يستذكر مراتع الطفولة، ومن ورائها يستذكر تاريخ أولئك المنسيين فى المكان. فى المقطع السردى المنشور ستجد حكاية العين وتجلياتها داخل سيكولوجية بشر متعددين، مغاربة وأجانب، من الطفل إلى الجد كريميش إلى مالك المزرعة مينيو الذى ترك إدارتها فيما بعد إلى جيرمان، وكلاهما حاصرته لعنة العين بعد أن سخر منها، وظن أن لا شىء هناك. إن جدل الواقعى والمتخيل الشعبى النابع من حكايا المكان ذاته بنية مركزية هنا.

وفى «فتنة»، للروائى المغربى خالد أقلعى، ثمة معاينة لأجواء مركبة جامعة بين فتنة وعزوز، تستحضر فيها البطلة المركزية «صورة دوريان جراى»، ويوظف «أقلعى» المتماس مع السينما عنوان رواية أوسكار وايلد، والفيلم الشهير الذى حمل العنوان ذاته فى بنية الرواية، وفى المقطع السردى المنشور، ويلعب على استخدام الوظيفة التحليلية للسرد فى الكشف عن المشاعر المركبة لبطلته الإشكالية «فتنة»، فضلًا عن الاستخدامات الدالة للغة، واتساع محيطها الدلالى، والمجارى، والبصرى.

وخالد أقلعى من الكتّاب الذين يعنون كثيرًا بالتوصيفات النفسية للشخوص، وهذا ما عاينته من قبل فى خطابى النقدى عن روايته «خريف العصافير» التى كانت من أهم النصوص التى تسائل التطرف فى الرواية العربية الجديدة.

أما المقطع المنشور من رواية الكاتب الروائى والسيناريست البشير الدامون «فى انتظار الأطباق الطائرة»، فتلوح أربع وحدات سردية: السارد البطل، وثلاث نساء: إحسان، ونعيمة، والأم، ويمثل التخييل الذاتى مركزًا للسرد، بدءًا من «طيف إحسان»، و«تفاحة نعيمة» العصية على القضم، وضربة الأم وصراخها فى وجه الذات الساردة، ويبرز تكنيك الجملة المدهشة فى المقطع، حيث يبنى جملته السردية هكذا «فى الليل كنت أواجه ثلاثة وجوه نسائية، إحسان ونعيمة وأمى»، ويتناص البشير الدامون فى بدء المقطع السردى مع الكتاب الشهير «الذين هبطوا من السماء». إن اللعب على الفضاء المكانى والمتخيل النابع من صداه وأثره فى الشخوص ظل هاجسًا للكاتب كما عاينت من قبل فى نصه الممتع «أرض المدامع».

ويلفت الانتباه فى المقطع السردى المنشور من رواية «باب إفريقيا»، للكاتبة الروائية المغربية فضيلة الوزانى التهامى، هذا التدفق الحكائى الذى يهيمن على السرد، حيث الجمل التى تمنح من تكنيك القص، والأقرب للطرق السريع، الذى يخلق حالة من التوتر الدرامى، والتشويق معًا، عبر حكاية الذات الساردة «الصبية التى تجد نفسها فى ورطة حقيقية حيث مقتل أخيها الصغير بالخطأ»، وتمارس الكاتبة لعبة الاحتمال والمراوغة فيما يمكن أن تقوله للأب، وتستخدم الكاتبة فى مقطعها الروائى تكنيك الانتقال بين الضمائر، الذى يعيدك لآلية الالتفات البلاغى الكلاسيكية، حيث تبدأ الحكى بضمير المخاطب «تتمنين»، ثم تلجأ إلى ضمير المتكلم بحثًا عن بوح أشد يتسق والطرق السريع الذى أشرنا إليه.

هذا جانب من المشهد الروائى المغربى نقدمه هنا فى «حرف»، إيمانًا منا بالدور الثقافى والإبداعى الذى تلعبه الصحافة الثقافية والأدبية فى مصر والعالم العربى فى الآن وهنا.

واظبت على صعودى على السطح

باب إفريقيا

العين

حب ونضال