السبت 27 يوليه 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

بستانى النداف يكتب: تعويذة

تعويذة
تعويذة

يتمتم بكلمات مبهمة ثم يتحول البطل لطائر أسطورى ذى جسد حديدى. 

الرصاصات المنطلقة من الغابة لا تستطيع أن تنال منه، يلتقط الصور وأماكن التجمعات بين أشجار الغابة ثم يعود للوقوف أمام المرآة ويفك طلاسم التعويذة بتعويذة أخرى ويعود لوضعه الطبيعى.

يخبرهم.

تنطلق الطائرات فتهجم على أوكارهم وتدمرهم، يقبل البطل حبيبته فى النهاية.

«أنهار» ذات الجسد المكتنز قبل أن تقضى على صحن الفول المقشور لحقت بالقلم وكتبت التعويذة الثانية لتلحقها بالأولى ثم أغلقت التليفزيون.

ابتسامة عريضة ترتسم على وجنتيها المنتفختين حين شعرت أنها وجدت ضالتها المنشودة فى الفوز بحبيبها، حبيبها الذى لا يشعر بها مطلقًا ويهيم عشقًا فى بنت الجيران.

تغمض عينيها، ثم تبوح بكلمات للفراغ المحيط بها.

الآن فقط أستطيع أن أحصل عليه، سأقرأ التعويذة على شرفتنا الضيقة، أريدها واسعة، أريدها أن تمتد لأمتار؛ كى تتناسب مع جسدى الرخو.

تحتضن وسادتها بقوة ثم تلقى بجسدها على السرير، تبتسم، تستلقى على ظهرها، تنظر للسقف، حقل من الأمنيات ينمو داخل بؤبؤ عينيها، تتكلم بصوت مرتفع وكأنها تحادث شخصًا أخر.

سأراه وهو يطل من شرفته، وسوف أغلق شرفتها التى ينظر إليها دائمًا.

تفتح ألبوم صورها، تحملق فى صورة جارتها ذات الجمال الأخاذ، ينتابها سيل من الأحزان، تتغير ملامحها، تصطك أسنانها كأن برودة شديدة تسرى فى جسدها، تُتمتم بكلمات غاضبة.. 

هذه التى تشبه غصن سيسبان جاف، ماذا يعجبه فيها إنها لا تستطيع أن تأكل رغيفين «فينو» فى الوجبة الواحدة، أو ربما أنها عملت له عملًا لينشغل بها عنى!.

تجرى، تقف أمام المرآة، تحملق فيها بنظرات حادة، تقرأ التعويذة، ترددها لمرات عديدة، تستمر فى الترديد للمرة المائة، زغللة تصيبها غلظة تعلو صوتها وشارب ينبت فى وجهها، جسدها البدين يتحول لعود خيزران ممشوق القوام، قشعريرة تسرى فى وجدان المكان من فرط ضحكاتها المرتفعة، تنظر بعينين شربتا كأسين من الدماء، ثم تزعق بكلمات شرهة بعد أن تمسح بمخالبها كم الدماء السائل من فمها.

الآن أصبحت رجلًا مثلك يا حبيبى، سوف اختطفها منك، سأستعمل فهمى للنساء، سأهديها زهور الياسمين التى تحبها، سأعتلى السور من أجلها، سأكون بطلها الذى تتمناه فى مخيلتها وبعدها سأقرأ تعويذتى مرة أخرى وأعود إليك لأكون حبيبتك أنا فقط... والآن سأنطلق، نعم سأنطلق، اكتملت رجولتى، سأسمى نفسى حاتمًا، وحتمًا سأنجح فى الوصول لقلبك يا حبيبى بعد أن أحطم معشوقتك التى شغلتك عنى.

الزغاريد المنطلقة من النوافذ المجاورة لعمارتها تخترق أذنيها، تجرى ناحية الشرفة وتدخلها بصعوبة، الزينات معلقة على النافذتين، الحبيبان يرسلان القبلات عبر الهواء؛

الدموع تنهمر من عينيها، تعود للمرآة، لا تجده.