السبت 27 يوليه 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

أميرة عبدالحكيم محمود تكتب: بعض النساء قاتلات

النساء قاتله
النساء قاتله

أغطى روحى بدمائك يا حبيبى، وصمة حبنا محفورة على قلبى، رقصنا المُتبادل على موسيقى لا تناسب خطواتنا تحول ببطء إلى ساحة قتال، أحيانًا أضع يدى على صدرك نتبادل الحب بشغف، وأحيانًا يداك على خصرى نتبادل طعنات الشرف.

كان دائمًا يأتى هاجس فى عقلى هل أقتله الآن أم أنتظر سببًا أكثر حماقة؟ 

كى أكون مقتنعة بأن التخلص منك، ومن حماقاتك شرط للنجاة، لم أنتظر أن يكون السبب أكبر لأستمتع أكثر، إن قتلك لأنك لم تلقِ القمامة لا يفرق متعة عن قتلك حين تحتقر مهنتى ووجودى، قتلك فى أى وقت ولأى سبب متعة تنقصنى.

بعض النساء قاتلات ليس من الغيرة ولا من الحب ولا من الكره ولا من الإهانة، بل من لا شىء؛ هكذا يقتلنْ يمسكنْ السكين يطعنْ بلا توقف لأنهنْ مجنونات، هذا تفسير محامى الخصم الذى سمعته بالصدفة فى تحقيقات لمتهمة قتلت مديرها فى العمل، عندما لا تكون المرأة جميلة تنتظر الإهانات جميعها من زوجها ومديرها فى العمل حتى سائق التاكسى؛ هكذا كان تبرير القاتلة.

شعرتُ بالانتصار حينما رأيتُ غيرى غارقة فى الذنب نفسه حينما قابلتُ فى ممرات المحكمة امرأة لا تلتوى من الذنب، ولا تصلى كى يُغفر لها، تُشعرك بأنها قتلت قطة أثناء قيادتها، كانت جريئة فى سحب السكين مثلى تمامًا، لكن لم أتوقع أن تقتل امرأة رجلًا لأنه جميل كتمثال يونانى فى صورة هرمون «التستوستيرون»، إنه رجل تتهافت عليه النساء، تنام زوجته مساءً على رائحة عطرهُ، وتستيقظ على رائحة عطورهنْ أثناء دخوله الغرفة بسرية صباحًا، يشبعها من الحب وكذلك هُنْ، إنه مِلك للجميع، حينما كانت تحكى رأيتُ فى عينيها أنه أسوأ ما يُشعر المرأة بنقصها أنها لا تكفى، ليس للسرير فقط، بل للمشاعر أيضًا.

أثناء انتظارى حكم المحكمة، رأيتُ فى الداخل كثيرًا من النساء القاتلات دخل المطر فى أعينهنْ وأصبحنْ رمادًا، مَن دافعت عن شرفها؛ لأنها قد تقتل ولا تصبح فريسة تسير تحت تهديد العذرية، ومَن فرطتْ فيها، وأصبح قناصها المُخادع هو الفريسة لتسترد دماء شرفها، مَن أصبحنْ عرائس لمَن يكبرهنْ بعقود مزقنْ التنورات وفرشنْ مكانها كرههنْ، منهنْ مظلومات يأسنْ أن تنام ليلة دون تضميد جسدها، ومنهنْ مَن يأسنْ أن ترى الخوف فى عيون أطفالها.

حين حققتْ النيابة معى لماذا حاولتِ قتله لم أنكر؛ حتى رغم خوفى من السجن، لكن السجن مكانًا قد شُوهت سمعته ظلمًا- كالذين داخله- تأكل وتسكن مجانًا تشعر بأنك بلا قيود، العالم خارج السجن هو القيود، كزواجى بك مثلًا لأنك أغنى من فلان وعلان وتلان، ولو عدنا إلى الوراء قليلًا؛ أردت دوما دراسة الأدب، فأقحمتنى عائلتى فى فئة الأطباء، أى مكان أنت وعائلتى فيه، أو حتى مجتمعى المُختل هو السجن، ليست هذه القضبان إطلاقًا. لا أدرى كيف أنجاك الله من تلك الطعنة، لم أفرح لأننى سأخرج من السجن، فرحتُ لأننى وعدت نفسى أنها ستستمتع المَرة المقبلة بقتلك حقًا.