الخميس 10 أكتوبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

50 عامًا على محاكمة توفيق الحكيم

توفيق الحكيم
توفيق الحكيم

لم يتعرض كاتب روائى، أو شاعر، أو مسرحى، أو قاص، مثلما تعرض الكاتب المسرحى الكبير توفيق الحكيم من هجوم يكاد يكون كاسحًا، ولم يترفق الناقدون من الكتّاب والصحفيين والمفكرين برجل له رصيد من الإبداع المسرحى والروائى والقصصى والفكرى على مدى أكثر من نصف قرن من ناحية، ومن ناحية أخرى كان الحكيم قد تجاوز الخامسة والسبعين من العمر المديد، إذ كانت الحملة التى اندلعت دون تنظيم أو تمهيد غير طبيعية، للدرجة التى جعلت الحكيم يتراجع، ويكشف عن أوراق وأحداث قديمة لم تكن الأجيال الجديدة تدركها، ولا تعرف عنها شيئًا.

هل كان الأمر سيكون مختلفًا لو حدث مع آخرين، مثل نجيب محفوظ، أو طه حسين، أو يحيى حقى، وهذا افتراض يكاد يكون سيرياليًا، لأن هؤلاء الثلاثة على وجه التحديد كانت سيرتهم معتدلة، ولا يوجد فيها أى خروج عن المألوف، ولم تتسم بالشطط فى أى يوم من الأيام، وهذه أمثلة عشوائية، لكننا اخترناها لأنها نماذج تعادل توفيق الحكيم فى القيمة، والتجربة، وربما بعض الأفكار، وحياة ما قبل ثورة يوليو، وفى اعتقادى أو ظنى أن طه حسين الذى كان قد بلغ من العمر سنوات تجعله بعيدًا عن الإدلاء بأى آراء سياسية، ويحيى حقى طوال مسيرته وهو معتدل، وكان يرفع شعار «ابعد عن السياسة، وغنّ لها»، لذلك لم يكن محل أى جدل سياسى فى حياته، أو بعد رحيله، رغم أنه عمل دبلوماسيًا فى مرحلة ما من حياته الأولى حتى عام ١٩٥٣، بعد ذلك تم تنصيبه فى عدد من المناصب الحكومية المهمة، مثل ترؤسه مصلحة الفنون، ثم جاء رئيسًا لتحرير مجلة «المجلة»، وكان يكتب مقالات بغزارة فى عدد من الصحف والمجلات، إلا أنه لم يحد، ولم يشتط، كذلك نجيب محفوظ الذى عمل موظفًا كبيرًا فى مجال السينما، ولكنه كان مثل يحيى حقى لا يشاكس فى كتاباته النثرية، ولكنه كان يقول كل ما يريد فى إبداعاته، ربما جاء تعبيره الإبداعى فى «ميرامار» أو «ثرثرة فوق النيل» أقوى بكثير جدًا مما كان سيعبر عنه نثرًا.

والإجابة عن رد الفعل الذى كان متوقعًا لو أن هؤلاء كتبوا مثلما كتب توفيق الحكيم، هل ستكون متشابهة أو متساوية، ونفترض جدلًا أن هؤلاء كتبوا مثلما كتب توفيق الحكيم، أعتقد أن الحملة كانت ستأتى أقل بكثير مما ووجه به توفيق الحكيم، لأن الحكيم كان شخصية جدلية طوال حياته، فضلًا عن الشائعات التى كانت تتناثر حوله، رغم خفة تلك الشائعات، مثل بخله، وعدائه للمرأة، وهكذا، لكنه بعيدًا عن تلك الأشياء الهامشية كان «الحكيم» طودًا ثقافيًا وأدبيًا وفكريًا وسياسيًا أيضًا، منذ روايته «عودة الروح» التى تأثر بها الرئيس جمال عبدالناصر شخصيًا، وصرّح بذلك كثيرًا، وكان طوال حياة جمال عبدالناصر معززًا مكرمًا مدللًا مكرسًا بشكل لم يحدث لذويه، فهو الملهم الأول للزعيم، لذلك كان الهجوم عليه غير سابق، باعتباره الكاتب الذى خان الأمانة، والذى نشر فى عهد الزعيم ما لم ينشره آخرون، وحصل على أجور ومكافآت لم يحصل عليها أحد من قبل، ولمح ببعض آراء له تناطح نظام الحكم، دون تصريحات واضحة، وكانت مسرحيته «السلطان الحائر»، ثم النص الذى أطلق عليه مصطلحًا غريبًا «مسرورواية»، وهو «بنك القلق»، والذى ناقش فيه كثيرًا من مجريات السياسة آنذاك، لكنه لم يتجاوز تلك الأمور، ولم يستطع أن يعبر الخطوط الحمراء التى كانت مرسومة للكتاب، مثله مثل كتاب كثيرين عاشوا تلك المرحلة.

البداية كانت مصطفى محمود

لكن متى بدأ الكتّاب والمثقفون مهاجمة جمال عبدالناصر والفترة الناصرية، ووضع تجربة الـ١٨ عامًا منذ ١٩٥٢ حتى ١٩٧٠ فوق صفيح ساخن؟، ورغم أن كثيرًا من الكتاب والمفكرين والصحفيين هاجموا جمال عبدالناصر القائد والزعيم والرمز بأشكال ليست واضحة وضوحًا كبيرًا، إلا أن كل هؤلاء لم يكونوا فى أهمية ولا فى قامة أو قيمة توفيق الحكيم، لكن الأمر بدأ منذ أن أعطى الرئيس محمد أنور السادات إشارات لذلك، ففى ١٥ مايو ١٩٧١، أعلن الرئيس فى خطاب له عن إحباط عملية انقلاب كاملة، وبالتالى تم القبض على كل من لهم علاقة بتلك المؤامرة المزعومة، أو الحقيقية، وكل ما فى الأمر أن الرئيس السادات كان يريد التخلص من صقور الناصرية، وممثليها الأساسيين، فقبض على رموزها الكبار، مثل شعراوى جمعة، وعلى صبرى، وكل ممثلى الحقبة الناصرية ومهندسيها، وبالطبع أعلن أننا مقبلون على عصر جديد من الحريات، لا تلصص ولا رقابة ولا تسجيلات ولا قمع ولا سجون، وهكذا، والحدث بالطبع أصبح معروفًا للقاصى والدانى، وأطلقوا على ذلك «ثورة التصحيح»، ولا ننسى فى تلك الفترة أنه انطلقت كتابات إبداعية كثيرة حول عمليات التعذيب التى كانت شائعة فى الفترة الناصرية، فقرأ الناس على صفحات مجلة «الإذاعة والتليفزيون» سلسلة روايات للكاتب والأديب حسن محسب، الذى سجل رحلة التعذيب منذ ١٩٦٧ حتى الوقت الذى كتبت فيه الرواية.

فى أول مقال لمصطفى محمود فتح الباب على مصراعيه لمهاجمة جمال وعهده

والذى فجّر بشكل واسع وقوى سلسلة الهجوم، كان الدكتور مصطفى محمود فى مجلة «صباح الخير»، وكان مصطفى محمود نجمًا أدبيًا وصحفيًا ومسرحيًا فى ذلك الوقت، ولم يكن من محبى جمال عبدالناصر ولا عهده ولا مرحلته، وفى تلك الآونة الجديدة بدأت خيوط جديدة تنشأ بينه وبين العهد الجديد، ففى ٢٠ مايو ١٩٧١ نشرت مجلة «صباح الخير» على غلافها العنوان الذى صدر به دكتور مصطفى محمود مقاله الأول «شكرًا يا أنور السادات»، وكان هذا المقال الذى أتى من أحد رجال أو أبواق العهد الجديد بمثابة إشارة لما سيأتى بعد ذلك، وتكرر ذلك الأمر فى مطبوعات أخرى كثيرة، رغم أن شركات ومؤسسات كثيرة كانت تنشر إعلانات بصيغة شبه موحدة، وعلى سبيل المثال: «رئيس وأعضاء مجلس الإدارة والعاملون بشركة الإسكندرية للأدوية، يؤيدون الرئيس المناضل أنور السادات فى الإجراءات الثورية التى اتخذها للقضاء على مراكز القوى حماية لأمن الفرد وحرية الوطن والمواطن من أجل دعم الجبهة الداخلية، خلف قواتنا المسلحة الرابضة على خط النار لتحقيق النصر، وعلى طريق القائد الخالد: جمال عبدالناصر»، بالطبع تلك الإعلانات التى كانت تنشر فى كل المطبوعات، وترفع اسم جمال عبدالناصر، جاءت بمثابة أن الذى حدث هو امتداد لخطه، وبالطبع لم يكن ذلك صحيحًا، ففى أول مقال لمصطفى محمود فتح الباب على مصراعيه لمهاجمة جمال عبدالناصر وعهده، يبدأ مصطفى محمود مقاله: «شكرًا يا أخى وحبيبى وزعيمى، لقد عرفت الطريق إلى قلب مصر، وأعطيت للزعماء الدرس الأول فى الزعامة، فالزعامة ليست سلطة، ولا تسلطًا، وإنما قدوة وخلق، والزعيم الحق ليس هو الذى يجمع حوله الملايين بالخوف والملق، وإنما هو الذى يعقد لهم لواء الأمان، ويجمعهم بالحب والإخاء..»، وكرّس الدكتور مصطفى محمود سلسلة من الأوصاف المادحة للرئيس السادات، وفى المقال الثانى الذى نشرته «صباح الخير» فى ٢٧ مايو جاء عنوانه «عودة الروح»، ولم يكن ذلك العنوان محض صدفة من الدكتور مصطفى محمود، ولكنه يعبّر أو يلمّح إلى أن ما حدث ما هو إلا العودة الحقيقية للروح، وراح مصطفى محمود يصف مشاعره وهو يستمع إلى كلمات الرئيس مع بعض ذويه، وهم يلتفون حول راديو صغير، وكان المقال تتفتح فى سطوره مجموعة من الافتراءات، أو الكلمات التى كانت مكبوتة، حتى وصل المقال إلى حالة من التصريح الواضح: «.. كنت أسمع هذه الكلمات المضيئة، وأتذكر أيامًا مظلمة مضت كانت الأسوار الخفية مضروبة حولنا، والآذان تتسمع علينا، والعيون تعد علينا الأنفاس، وكنا جميعًا نحن الثلاثين مليونًا ملقى بنا فى قفص اتهام دائم، بدون ذنب، وبدون إثم، سوى أننا أحسنا النية، وصرفنا كل الفكر والهم إلى عدو واحد خارجى بطول خط الجبهة..»، ثم يضيف: «.. كنا نسير إلى هلاكنا دون أن ندرى، سوس الداخل ينخر فى النخاع، كما ينخر سوس الخارج فى الجلد..»، واسترسل مصطفى محمود العزف على سيمفونيته الجديدة، بعد أن صمت طويلًا، فالمتابع لكتابات الدكتور مصطفى محمود على عقدى الخمسينيات والستينيات سيلاحظ أنها كتابات أدبية أو فنية، أو ثقافية، أو فكرية، حتى جاء عام ١٩٦٩ وانقلب انقلابًا كبيرًا، قفزة عالية فى الهواء، وضعته عندما سقط من أعلى على بساط البحث الدينى الفلسفى، وهو كتاب «التفسير العصرى للقرآن»، وقد بدأ به حياة جديدة استمرت معه حتى النهاية، ورافق ذلك المنحى الجديد، التحالف مع صديقه وزعيمه وقائده محمد أنور السادات، وبعد تلك البوابة التى فتحها مصطفى محمود، دخل باب هجاء عهد عبدالناصر، ومديح العهد الجديد، رهط لا يستهان به من كتاب وصحفيين ومبدعين كبار، حتى وصل الأمر إلى توفيق الحكيم.

عودة الوعى

فى ذات يوم من شهر أغسطس عام ١٩٧٤، أى منذ خمسين عامًا بالتمام والكمال، استيقظ الناس صباحًا على لغط شديد يخص الكاتب العجوز توفيق الحكيم، هناك منتصرون له، يقولون: «والله الراجل بيقول الحق، وطول عمره بيقول كلمة الحق، ومقالاته فى الأهرام دايمًا جريئة، ويكتبها ولا يهمه أى حد»، وهناك ناقمون يقولون:» الراجل ده اتجنن، مفروض يمنعوه عن الكتابة، طب ليه ماقالش الكلام ده أيام عبدالناصر، طبعًا كان مستحيل»، وهكذا اختلط الحابل بالنابل، وانقسم الناس حول كتاب صغير للغاية اسمه «عودة الوعى» من تأليف الأستاذ توفيق الحكيم، وكتبت جريدة «الأهرام» خبرًا صغيرًا لا يوحى بأى شىء، لكن صاحب الخبر اقتباس صغير من غلاف الكتاب يقول: «هذا التحدى الذى كتب على أمتنا العربية، ولم يعد لها إزاءه بديل أو خيار.. وباختصار .. كيف كنا، وكيف يمكن أن نكون..»، وبقية الاقتباس يقول إن الكاتب الكبير توفيق الحكيم يكشف، بشجاعة عهدناها فيه، كل الأخطاء الجسيمة، لكى نستشرف مستقبلًا مشرقًا فى عهد جديد نأمل أن نتجاوز فيه كل المحن التى مررنا بها.

اعتبر الحكيم أن ثمة تشابهًا بين تنصيب نجيب كقائد للثورة وبين مسرحيته «بيجماليون»

فقط علم الناس بأن الكتاب صدر عن دار الشروق، وتداول البعض بأن الكتاب نشر على غير رغبة الحكيم، ولكنه كان مجموعة ملاحظات كتبها الحكيم، وطلبها منه أحد الأصدقاء، ولكن ذلك الصديق أعطاها لصديق، وتسربت المخطوطة، ونشر الكتاب فى إحدى الصحف العربية دون إذن من مؤلفه، وهنا وجد الحكيم نفسه أنه لا بد من نشر الكتاب، فالموضوعات التى نشرتها الصحف هى موضوعات كتبها الحكيم فعلًا، ولو رفض نشرها فى كتاب، من الممكن أن يقال إن الحكيم تراجع عنها، أو إنه خائف من المنحازين للتجربة، وبالتالى سارع هو بنشر الكتاب فى دار الشروق. وأيًا كان توفيق الحكيم قد صدق أو راوغ، أو أخفى بعض الكواليس، إلا أن الرصاصة قد خرجت بالفعل، وأصبح الكتاب فى أيدى الناس، ليصبح ذريعة قوية لأعداء المرحلة الناصرية، بما فيهم جماعة الإخوان المسلمين، وبالتأكيد هذا لم يُرده توفيق الحكيم، ولكن آراء الكتاب وجدت هوى وقبولًا عند فرق كثيرة، من بينها بالطبع كبار حزب الوفد القدامى، وعلى رأسهم فؤاد سراج الدين باشا، الذى ظل يناصب ثورة يوليو العداء طيلة حياته حتى رحيله، وحتى بعد أن أنشأ منبرًا، ثم حزب الوفد الجديد فى عام ١٩٧٧، وأصدر كتابًا كان عنوانه «لماذا حزب الوفد الجديد»، كال فيه كل اللكمات التى كانت مؤجلة لجمال عبدالناصر، ولرجاله، ولكل رجال الثورة، والثورة نفسها.

والذى يقرأ كتاب توفيق الحكيم سيلاحظ أنه يطرح بعضًا من ذكرياته الخاصة فى مستهله، ذكريات تشى بأنه كان مع الذين فرحوا بقيام الثورة فى البداية، حيث إن عهد ما قبل الثورة كان قد أفلس تمامًا، وأصبحت المفاسد فيه غير معقولة، وكان لا بد من شىء يخلص الشعب من ذلك العبث المنتشر، حتى جاءت تلك الثورة، ووضعت ضابطًا برتبة لواء على رأسها، وهو اللواء محمد نجيب، وهو الشخص الوحيد الذى يعرفه توفيق الحكيم، واعتبر الحكيم أن ثمة تشابهًا بين تنصيب نجيب كقائد للثورة، وبين مسرحيته «بيجماليون»، إذ يقول إن الضباط هم الذين وضعوا محمد نجيب على رأس الحركة، وعندما بدأ نجيب يمارس مهامه، ويعلو شأنه، حاولوا التخلص منه، لأنهم هم الذين صنعوه، وهذا يشبه كثيرًا ما حدث فى مسرحيته «بيجماليون».

ويحكى الحكيم مجموعة حكايات صغيرة حدثت بينه وبين بعض الوفديين، وبعض السعديين، حكايات ليست ذات شأن، لكنها نوع من التوابل التى يحب الحكيم دائمًا أن يرشها على وش الكتابة، ويلاحظ القارئ للكتاب أن الكتابة لم تكن بقوة ما كان يكتبه منذ زمن بعيد، بعيدًا عن كتاباته الفنية الخاصة بالمسرح أو السرد، كانت كتاباته السياسية أيضًا جيدة، فى كتابه «تأملات فى السياسة»، و«شجرة الحكم»، و«التعادلية»، وغيرها من كتب كثيرة، لكن هذا الكتاب فيه لغة ركيكة للغاية، ولكن ما أثار احتجاج وثورة مهاجميه هو الضرب فى ثوابت ثورة يوليو، مثل قرارات التأميم، واعتبر أن حرب ١٩٥٦ لم تكن نصرًا، بل هزيمة منكرة، ولولا الأمريكان والروس، لكانت مصر راحت فى خبر كان، ونهاية الحرب لم تكن بإرادة المصريين، ولا بإرادة قياداتهم، لأن عبدالناصر كان عاطفيًا للغاية، ولم يكن قادرًا على ضبط الأمور سياسيًا، فهو لا يصلح للعمل السياسى، ولكنه كان يصلح ككاتب روائى، لذلك عندما عقد العزم قبيل ١٩٦٧ كان يضع فى بطنه بطيخة صيفى، أى لو حدثت أى توابع جسيمة، هناك الروس جاهزون لإيقاف أى حرب، وهذا حسب تصور عبدالناصر العاطفى، فتحققت الهزيمة الساحقة، التى هى امتداد لهزيمة ١٩٥٦، فعبدالناصر العاطفى عندما استعد لحرب ١٩٦٧ لم يكن حكيمًا على وجه الإطلاق، خاصة أن جيشه كان ضعيفًا بعد حرب اليمن الخاطئة، التى لم تعبر إلا عن حس «الزعامة» الذى جلب علينا كثيرًا من المآسى، فجرى ماجرى فى ١٩٦٧، ولم يستطع الإعلام أن يعترف بالهزيمة، فظل على مدى ثلاثة أيام يذيع الانتصار الوهمى لنا على جيوش العدو، وكان من المنتظر أن نكون فى مساء ٥ يونيو فى تل أبيب، وهكذا يسترسل توفيق الحكيم فى عرض مثالب وأخطاء وكوارث الثورة- من وجهة نظره- طيلة الكتاب، ومن بين الكوارث التى رصدها «السد العالى»، وحكى مجموعة حكايات أيضًا تفتقر إلى التوثيق العلمى، فما كتابته إلا كتابة أديب ومسرحى فى خريف العمر، عن مسائل معقدة للغاية، واعتبر الحكيم أنه كان غائبًا عن الوعى، وها هو يعلن عن بعض خطئه، ولا يبرئ نفسه، ولكن التاريخ سوف يحكم بقدر من الموضوعية.

هذا باختصار ما جاء فى كتاب الحكيم، وأهال عليه كمية من الاحتجاج والمناقشات التى صدرت فى كتب، مما سنعرض له لاحقًا إن شاء الله.