الخميس 10 أكتوبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

60 عامًا من الإبداع

علاء الديب.. العالم السرى لجمهورية الصحافة والأدب

علاء الديب
علاء الديب

- كان النقاد يتعاملون مع الأدباء الذين يكتبون بالصحافة بطريقة أقل اهتمامًا

لم يكتب علاء الديب كثيرًا عن تفاصيل التحاقه وتحققه وإثبات ذاته الأدبية والثقافية والصحفية فى مؤسسة «روزاليوسف»، واكتفى فى سيرته الذاتية أو الموضوعية بأن يتحدث بشكل عام ومختصر عن تلك المتاعب التى كان يواجهها فى مسيرته الصحفية بين الحين والآخر، وكان يستفيض قليلًا فى سرد بعض المواقف المؤلمة، مثل اضطراره السفر إلى بلاد الخليج، وكانت تجربة مؤلمة ولا تناسبه، ولا تناسب روحه التى لا تعرف الاستسلام أو الخضوع أو ممارسة تلك الأفعال الوضيعة التى كان يقوم بها البعض، وهذا يعود لتكوينه الثقافى العميق الذى كان متعدد الجوانب فى الفلسفة والأدب والسياسة، كذلك المزاج الفنى الذى كان يهيمن على أدائه، ذلك المزاج الذى دفعه للكتابة الإبداعية طوال حياته، كذلك لم يكن يحتاج بشكل ملح إلى تلك الأسفار التى تأخذ من الإنسان أكثر مما تعطى، وتلحق به الإهانة، وعليه أن يرضى بذلك حتى يحصل على ما يريد، لكن الفعل الأكثر ألمًا هو نظرة المصرى المستقر والقديم، هناك، للمصرى الوافد الجديد، وكأنه جاء لكى يأكل رزقه، ورغم أن الديب لم يكتب بالتفصيل عن تلك الرحلة المؤلمة فى سيرته الذاتية، لكنه استفاض فى تفصيلها إبداعيًا فى رواياته البديعة التى كتبها فى وقت متأخر جدًا، مثل «قمر على مستنقع، وعيون البنفسج، وأطفال بلا دموع»، ولكنه آثر أن يشير باقتضاب إلى بعض آلامه ومتاعبه الصحفية التى واجهته بكثير من الهموم فى تفاصيل عمله، ولكنه واجهها بالعمل الدءوب منذ بدايته الأولى.

هيكل بريشة رجائى ونيس ١٩٦١

عندما التحق علاء بمؤسسة روزاليوسف، كان يكتب فى منبرى المؤسسة الكبيرين: صباح الخير، وروزاليوسف، وقلنا سابقًا إن موضوعه الأول فى صباح الخير كان فى شهر أبريل ١٩٦١، أما موضوعه الأول فى روزاليوسف فكان فى «٦ أكتوبر ١٩٦١»، وكان رئيس تحرير روزاليوسف إحسان عبدالقدوس، ورئيس تحرير صباح الخير فتحى غانم، وكان فتحى وإحسان اثنين من عمالقة مؤسسة روزاليوسف، وكذلك من عمالقة الصحافة، وأستاذين فى المهنة بمعنى ومضمون الكلمة بالفعل، وأساتذين فى التبويب واختيار المادة المنشورة وتدريب الصحفيين على كل أشكال الصحافة: التحقيق والحوار والمقال وتغطية المؤتمرات وعرض الكتب، هذا عدا نشر النصوص الأدبية السردية والشعرية وأحيانًا المسرحية، وفى المجلتين نشر فتحى غانم روايته الأولى الجبل، ثم الساخن والبارد، ثم إلى أين وغيرها من الروايات، وكان فتحى غانم ينافس إحسان فى نشر الروايات، وكانت المجلة تحقق توزيعًا ضعفًا للتوزيع الذى كانت تحققه المجلة عند نشر رواية لإحسان، كما ذكر فتحى غانم فى كتابه «معركة مع المثقفين»، ولذلك- حسب- فتحى غانم، أصدر إحسان قرارًا بمنعه من الكتابة، وعندما علمت السيدة روزا بذلك، أحضرت «إحسان» وأمرته بالرجوع عن ذلك القرار، وقد زعم إحسان أن فتحى غانم شتمه.

بالطبع كانت روزاليوسف تنشر لإحسان رواياته منذ رواياته «أنا حرة»، و«لا أنام»، و«الطريق المسدود»، وهكذا، وكان وجود فتحى غانم ككاتب صحفى، لا يشكل أى قلق لإحسان، ولكن ككاتب روائى كان يقلقه جدًا، هذا التنافس المتنوع القائم فى المجلة كان فاعلًا ومحرضًا، كما أنه كان مكتشفًا لكثير من المواهب فى كل الفنون، ومنذ العدد الأول فى مجلة «صباح الخير» الذى صدر فى ١٢ يناير ١٩٥٦، وخصص إحسان الصفحات الأولى لباب اسمه «حكاية»، كتب فيه واحتكره لمدة تزيد على العام إحسان وحده، ثم كتب فى ذلك الباب معظم محررى المجلة، حتى صلاح عبدالصبور الذى كان شاعرًا، كتب أربع حكايات أو قصص، وكتب كذلك صبرى موسى، ومصطفى محمود، وفتحى غانم وغيرهم، وللأسف معظم تلك الحكايات أو القصص، لم تجمع فى كتب، نأمل فى أن نستطيع ذلك فى وقت لاحق.

علاء الدين بريشة بهجت عثمان ١٩٦٣

وإذا كان طابع مجلة روزاليوسف العام، سياسيًا، رغم أنها لم تتخل عن نشر نصوص أدبية فى كل عهودها، لكن مجلة «صباح الخير»، كانت شبه متخصصة ومتفردة فى نشر تلك النصوص، ويكفى أن الشاعر ورسام الكاريكاتير صلاح جاهين، قدّم فى المجلة أهم شعراء العامية فى مصر، مثل عبدالرحمن الأبنودى، وسيد حجاب، ومجدى نجيب، وفؤاد قاعود، وفؤاد بدوى قبل أن يتحول إلى الفصحى، وفريدة إلهامى ورزق هيبة ومحمود العفيفى قبل أن يصمتوا تمامًا، وكتب لكل شاعر من هؤلاء وغيرهم مقدمات نقدية وافية، تظل حتى الآن صالحة للإفادة، كان جاهين يلتقط العناصر التى جذبته فى كل شاعر، وتحدث عن تلك الرسائل التى كان يرسلها الأبنودى من قنا، وفيها قصائده التى كتبها بخط أنيق، وكان يعمل «كاتب محكمة»، قبل أن يدخل القوات المسلحة، وبعد انتهاء خدمته استقر فى القاهرة، وأصبح شاعرًا مرموقًا، كذلك الشاعر الشاب سيد حجاب، الذى جاء من المطرية دقهلية، وكان قد ترك كلية الهندسة مبكرًا، ولم يكمل ليتفرغ للشعر، وكتب عنه جاهين كتابة مبشرة جدًا، وحكى عن مشاريعه المقبلة، أما الشاعر فؤاد قاعود الذى كانت الصدفة هى التى قادته إلى صلاح جاهين، وكان فؤاد يعمل فى سويتش، وأثناء مكالمة عمل لصلاح جاهين، أخبره قاعود بأنه زجال، فقال له: احضر فورًا، فحضر إلى القاهرة بالفعل، وسمعه صلاح جاهين، وقرر تعيينه شاعرًا فى المجلة، وهذا كان قرارًا غريبًا على الصحافة، لأنه لم يكن قد حدث من قبل، وصار كل هؤلاء شعراء مصر الكبار الذين ملأوا الدنيا شعرا وبهجة، وكانوا يفرحون لانتصاراتها، ويبكون ويحزنون لهزائمها.

كانت هذه هى الحركة الموارة فى مؤسسة روزاليوسف بجناحيها «روزاليوسف وصباح الخير»، التى ضمت فى إهابها كثيرًا من الأدباء الشباب، مثل عبدالله الطوخى، وصالح مرسى، وأحمد عبدالمعطى حجازى، وزينب صادق، ومحمود السعدنى، فضلًا عن الأسماء التى ذكرناها سابقًا، وكذلك كان رسامو الكاريكاتير من أبرع وأمهر رسامى مصر، مثل رجائى ونيس، وصلاح جاهين، وبهجت عثمان، وأحمد إبراهيم حجازى الشهير بحجازى، ومحيى الدين اللباد، ورءوف عياد ودياب وإيهاب شاكر، ويوسف فرنسيس وغيرهم، أضخم وأمهر فريق كاريكاتير فى مصر، ذلك المناخ الذى تنفست فيه خطوات علاء الديب الأولى، لذا قرر أن يكون الأدب فى عمومه ونقده وتقديمه وترجمته هو طريقه الأهم والأجدر بالانشغال، بعدما كانت السياسة محبطة له بشكل ما، وخطفت منه رفاقه الذين صادقهم وصدقهم وتعلم من بعضهم وأحبهم، وانتمى إلى كثير من أفكارهم، وغيبتهم خلف القضبان، وهو لا يملك شيئًا للدفاع عنهم، أو لاستعادتهم، فكانت الكتابة الأدبية فى شتى صورها هى مساهمته فى تشكيل وعى القارئ من ناحية، والتعبير عن نفسه من ناحية أخرى.

روزاليوسف بريشة ناجى

ولذا كتب مانوهنا عنه فى الحلقة السابقة مثل بابه الممتع والمفيد «جديد»، الذى أفضى فيه بالكتابة عن كل جديد يصدر فى الغرب، وكان بين الحين والآخر، يسرّب نقدًا لرواية أو لمسرحية، ويشير بشكل رمزى إلى بعض عناصر فى تلك المقالات، وبعيدًا عن ذلك كان يقدم مادة صحفية جيدة، وكما أخبرنا فى مقاله «لا بد لذلك التنظيم أن ينجح»، بأن الاتحاد الاشتراكى قرر أن يجوب الصحفيون كل ربوع مصر، محافظة محافظة، وقرية قرية، وهكذا سافر علاء إلى عدة محافظات، وأنجز ذلك، وكانت مجلتا صباح الخير روزاليوسف مثل كل الصحف، وجهتا بعض النداءات للقراء بأن يبلغوا عن أى سلوك غير اشتراكى يلاحظونه على أى شخص أو ظاهرة أو سلوك، وكان يتلقى الرسائل بشكل رئيسى مفيد فوزى، ومعه علاء الديب، وكانا يقدمان ردودًا حاسمة، بالتالى كانا ينبهان إدارة الإقليم بأى انحراف، كذلك كان هناك من لا يثقون فى الرسائل، فكانوا يحضرون بأنفسهم، ويطلبون مقابلة رئيس التحرير شخصيًا، وزادت ظاهرة الرسائل التى كان يتلقاها علاء الديب بشكل مكثف، فكان يحولها إلى كتابة صحفية بديعة ومكثفة، أفادته فيما بعد فى الكتابة السردية.

ولا بد أن نشير هنا إلى ظاهرة غريبة حدثت فى تصنيف جيل الستينيات، عندما كان النقاد يتعاملون مع الأدباء الذين يكتبون بالصحافة بطريقة أقل اهتمامًا، وربما أقل تقديرًا، وكثيرًا ما كانت الملفات التى كانت تتناول ظاهرة جيل الستينيات القصصى، يتجاهلون كتّابًا من الذين كانوا فى مجلتى صباح الخير، روزاليوسف، ولدىّ شواهد كثيرة، منها العدد الخاص من مجلة المجلة التى كان يرأس تحريرها أستاذنا يحيى حقى، الذى صدر فى أغسطس ١٩٦٦، فلم يتضمن أيًا من كتاب صباح الخير، رغم أن علاء الديب- مثلًا- كان الأسبق من كل زملاء الجيل فى نشر مجموعته «القاهرة» عام ١٩٦٤، ما عدا صبرى موسى الذى كان قد أصدر مجموعته الأولى «القميص» عام ١٩٥٨، وهذا يجعله محسوبًا على جيل الخمسينيات، وهكذا نشر علاء مجموعته قبل كل الذين تشكلت منهم ظاهرة جيل الستينيات، مثل بهاء طاهر وإبراهيم أصلان، ويحيى الطاهر عبدالله، ومحمد البساطى، وصنع الله إبراهيم وغيرهم، وأمثلة الملفات التى تجاهلت الأدباء الذين كانوا يعملون فى الصحافة كثيرة، ربما لأن سبل النشر كانت ميسرة لهم أكثر من هؤلاء الذين لم يعملوا فى الصحافة.

ولو تتبعنا نشر قصص علاء الديب فى مجلة «صباح الخير»، كان فى وقت مبكر بالطبع عن نشر المجموعة التى تضمنت أربع عشرة قصة، نشر معظمها عام ١٩٦٣، ولم ينشر علاء قصصه فى المجموعة بالترتيب الزمنى الذى نشرت فيه فى المجلة، إذ إن القصة الأولى التى نشرها فى المجموعة، وهى العاصفة، نشرت فى ١٨ أبريل ١٩٦٣، بينما نشرت أول قصة له على الإطلاق، وهى قصة «التراب يغطى وجهك» فى ١٣ يناير ١٩٦٣، وهى القصة العاشرة، وذلك لأن علاء الديب آثر أن يرتب القصص فى المجموعة ترتيبًا فنيًا، يخضع لقياسات تخصه، وتخص رؤيته الفنية، أما القصة التى حملت اسم المجموعة وهى «القاهرة»، فنشرت على ست حلقات فى المجلة، بداية من ٢٦ سبتمبر ١٩٦٣، وأود أن أشير إلى أن كاتبنا نشر عشرًا من القصص عام ١٩٦٣، ونشر أربع قصص عام ١٩٦٤، وصدرت المجموعة فى أكتوبر عام ١٩٦٤، وأشير أيضًا إلى أن بعض تلك القصص نشر فى باب «حكايات» الذى احتضن كل أدباء وكتاب وقصاصى مؤسسة روزاليوسف، وذلك الأمر جعل لقصص علاء الديب حضورًا جماهيريًا أوسع من أى كاتب لا تضمه مؤسسة صحفية، علمًا بأن سلسلة الكتاب الذهبى التى نشرت فيها المجموعة القصصية، كانت من أنجح السلاسل فى نشر الإبداع.

وأود الإشارة إلى ملاحظة أخرى سنتوسع فى درسها فى الحلقة المقبلة، إن شاء الله، وهى تخص طابع الكتابة السردية عند علاء، التى اكتسبت طرقًا متطورة عن كثير من زملائه، وذلك يعود إلى ثقافته الغربية الواسعة والعميقة، التى كادت تكون ممنهجة، ويكاد علاء الديب ينفرد بها هو وبهاء طاهر الذى كان يتقن اللغتين: الإنجليزية والفرنسية، وكان علاء وبهاء لا يقرآن الأدب الغربى فقط، بل كانا يمارسان الكتابة النقدية وفقًا لما استقياه وتعلماه من أصول المناهج الغربية بلغاتها، وكذلك كانت بداية بهاء القصصية متقاطعة مع بداية علاء، حيث إن القصة الأولى التى نشرها بهاء طاهر، وهى قصة «المظاهرة»، نشرت فى مجلة الكاتب فى مارس ١٩٦٤، ومن يقرأ علاء وبهاء، سيلاحظ أن بعدًا وجوديًا كان فاعلًا وظاهرًا عند الاثنين، وذلك مما سنتحدث عنه لاحقًا إن شاء الله.

وقبل أن أغادر مقام تأثر علاء بمناخ روزاليوسف وصباح الخير، لا بد أن أشير إلى أن أول مقال كتبه كاتبنا الشاب فى مجلة روزاليوسف، فى ٧ نوفمبر ١٩٦١، وكان العدد مخصصًا للذكرى الـ٣٧ لصدور المجلة عام ١٩٢٧، وبالطبع كتب فى العدد كثيرون، وفى العدد أجرت مهجة عثمان وعادل الحسينى تحقيقًا واسعًا عنوانه «كيف تأثروا بروزاليوسف»، والتقى مهجة عادل بكثير من الكتاب، وهنا تشغلنى شهادة محمد حسنين هيكل- بمناسبة ذكرى ميلاده- وعلاقته بمجلة روزاليوسف، وذلك عندما التقى- كما قال لمهجة- السيدة فاطمة اليوسف فى شرفة البرلمان عام ١٩٤٢، الشرفة الخاصة بالصحافة، وقد جاء مقعده بجوارها، ونتركه هو يقول: «عندما عرفت أننى هيكل، قالت لى إنها تقرأ ما أكتبه فى آخر ساعة، وشعرت بسعادة غامرة واحترام كبير لهذه السيدة المتواضعة التى تحدثنى ببساطة وتقول بتواضع إنها تقرأ لى، وفى هذه الأيام كانت روزاليوسف تقف فى صف المعارضة، وكانت تعانى من مصادرة الحكومة لها، ولم يكن فيها ما يكفى من المحررين، وكان (سانو)- الاسم الذى كان ينادى بها إحسان من أيام الصبا- أيامها يعمل فى آخر ساعة، المهم أنها عرضت علىّ العمل فى روزاليوسف، وقبلت، فقد غرتنى المساحات التى تحتاج إلى تحرير أن أملأها..»، ويسترسل هيكل فى رصد خطواته فى روزاليوسف، إلى أن يصل إلى أن أحد الأعداد الرقابة شطبت منه أكثر من نصفه فى الساعة الواحدة صباحًا، وجاءت أوامر الرقابة بألا يصدر العدد وبعض صفحاته بيضاء، وهنا قرر هيكل أن يكتب نصف الجريدة وحده فى وقت قياسى، وكان مريضًا، ودرجة حرارته وصلت إلى أربعين درجة، وعندما علمت السيدة روزا بتعليمات الرقابة، جاءت إلى المجلة، ورأت «هيكل» فى حالة مرضية متأخرة، فنهرته لكى يعود إلى منزله لكى يرتاح، ولكنه رفض، وأصر على تكملة المساحة وهو فى درجة حرارة أربعين..، وهكذا يضرب هيكل نموذجًا للصحفى المسئول فوق العادة، والقادر على تغيير مصير الصحيفة فى لحظات وبدأب لا يعرفه سوى الكبار، وبالطبع كان الاحتفال مظاهرة شارك فيها التابعى ومصطفى أمين ونور الدين طراف، وكذلك كتاب المجلة إحسان وفتحى غانم، وغيرهم.

كان ذلك العدد هو أول عدد يكتب فيه علاء الديب بجوار كل هؤلاء الكبار، وتم تكليفه بكتابة موضوع عن الكاريكاتير عنوانه «رسوم روزاليوسف وصباح الخير بين الصحافة والفن»، وأعد علاء قراءة سريعة، ولكنها مكثفة عن توجهات تلك الرسوم وتطورها منذ أن صدر العدد الأول فى ٢٩ أكتوبر عام١٩٢٦، حتى الذكرى الـ٣٧، فرصد كثيرًا من إنجازات رسامى المؤسسة، فى الإخراج الصحفى، كما رصد بعض ملامح الصراع الحاد الواضح بين قيم الفن التشكيلى، وقيم الفن الصحفى، كما أنه عرض للقيم التى كان يحملها الفنان التشكيلى، تلك القيم التى لا بد أن ترضخ أو تتقولب بشكل ما أمام الرسم الصحفى، وأظن أن هذا المقال الأول الذى كتبه علاء الديب، كان فاتحة لدراسات كثيرة أتت بعد ذلك، وطرحت سؤالًا جوهريًا لا بدأن يكون فاعلًا فى الصحافة: هل هناك ذلك الصراع المشار إليه بين الفن التشكيلى والصحافة، أم أنه من الممكن أن تنشأ علاقة بين الاثنين؟، وكان رأى علاء فى ذلك الأمر، أن الرسم الصحفى والفن التشكيلى لا بد أن تكون بينهما علاقة جديدة، وبهذا المقال، رسخ علاء الديب مكانته فى المجلة ككاتب مقال مهم بجوار كل من ذكرناهم سلفًا.